وزير الدفاع اللبناني
ميشال منسى (الصفحة الرسمية لوزارة الدفاع اللبنانية على منصة إكس)

ذكرت مصادر لقناة "الحرة"، الأربعاء، أن زيارة رسمية إلى دمشق كان من المقرر أن يجريها وفد لبناني أمني رفيع المستوى، برئاسة وزير الدفاع ميشال منسى، قد تأجلت إلى وقت وقت لاحق.

وحسب المصادر كان من المتوقع أن  تتناول المباحثات مع القيادة السورية الجديدة، سبل الحدّ من التوتّرات الحدودية، وتعزيز التعاون والتنسيق الأمني بين البلدين.

وأوضحت مصادر مطلعة لـ"الحرة"، أن تلك المباحثات كانت ستتطرق أيضا إلى طرق مكافحة التهريب وضبط المعابر غير الشرعية.

وأعلن الجيش اللبناني في وقت سابق، إغلاق 6 معابر غير شرعية على الحدود الشمالية والشرقية مع سوريا، ضمن جهود مكافحة أعمال التسلل والتهريب بين البلدين.

وكان عناصر من الأمن العام السوري قد تعرضوا لإطلاق نار على الحدود اللبنانية، من قِبَل جماعات مسلحة تنشط في مجال التهريب.

واتهمت وزارة الدفاع السورية "ميليشيات تابعة لحزب الله" بخطف عناصر بالجيش السوري على الحدود اللبنانية، قبل أن يتم اقتيادهم للأراضي اللبنانية وقتلهم، وهو ما نفته تلك الجماعة.

وزادت حدة التوتر لاحقا بعدما أعلن الجيش اللبناني عن تعرض مواقع في منطقة الهرمل لقصف من الجانب السوري، قبل أن يرد على مصادر النيران بعدما أوعز الرئيس اللبناني جوزاف عون بذلك.

وقال الجانب السوري إن الهدف من عملياته الأخيرة عند الحدود هو طرد مسحلي حزب الله من القرى والمناطق السورية، التي يتخذها أماكن مؤقتة لـ"عمليات التهريب وتجارة المخدرات".

علي - حزب الله

"أنا مين؟" سأل نفسه، عائدا، على حدود الوطن.

لم يجد جوابا.

منذ غادر لبنان، لم يكن الاسم وحده ما تغيّر.

علي، الشاب الشيعي المنتمي لحزب الله منذ الطفولة، لم يقرر أن يولد عليًّا، ولم يكن يتخيل يومًا أن يصير إيلي، يقول.

من الكشافة إلى القتال

في بيت فقير، في جنوب لبنان، وُلد علي يتيمًا بين عشرة.

أمه، بلا سند، لم تجد ملاذًا سوى في الحزب الذي يفرض حضوره على كل تفصيل في المجتمع: من المدرسة إلى المستشفى، من الطفولة إلى السلاح.

هناك، لم تكن الحياة مجرد حياة؛ بل عقيدة. "نحن على الحق"، يرددونها صباحًا ومساءً. ومنذ الطفولة، صارت البندقية جزءًا من المنهج.

في عمر العاشرة، انضم علي إلى "كشافة الإمام المهدي"، حيث يبدأ الغرس العقائدي والعسكري معًا. "دورة محو الأمية" لم تكن كما توحي تسميتها؛ بل تدريبًا أوليًا على حمل السلاح. في الثانية عشرة، كان الطفل الصغير يعرف كيف يفكك البندقية، وفي الثالثة عشرة، كان يفتخر باستشهاد أصدقاء في التدريبات.

يصف علي دورات القتال بأنها "مزج من العسكر والعقيدة"، لكن العقيدة كانت الغالبة دائمًا. يتعلم المنتسبون أنهم يدافعون عن "أمة، عن شرف، عن طائفة"، وأن كل ما هو خارج هذا المسار مشبوه، خطر، أو "كفر".

 

عالم بالألوان

لكن العالم ليس أبيض وأسود. في سن الثامنة عشرة، بدأت تظهر تصدعات الشك. تعرّف علي على أصدقاء خارج "الخط"، وبدأ يرى شيئًا مختلفًا: حياة أخرى، حوارات، ضحك، نساء، ملابس ملونة، وموسيقى. كلها ممنوعة.

في إحدى الليالي، عاد إلى البيت متأخرًا، فصفعته أمه بركوة قهوة. تلك الصفعة لم تكن مجرد غضب أم، بل لحظة صدع.

"هل هذا هو الحق؟"، تساءل لأول مرة.

ومن هذا السؤال، بدأ كل شيء يتغير.

الهروب من القدر

رفض علي دعوة الحزب للانضمام إلى دورة تؤهله ليصبح "متفرغًا". كان يعلم أن القبول بها يعني بلوغ نقطة اللاعودة. فقرر أن يغادر. هرب من عائلته، من أصدقائه، ومن اسمه.

سافر إلى تركيا، ومنها حاول عبور البحر إلى أوروبا على "قوارب الموت". غرق ثلاث مرات. في كل مرة، كان الموت قريبا وكان كأنه يولد من جديد. أعادته النجاة إلى السؤال الأصلي: من هو؟ وماذا يريد أن يكون؟

من علي إلى إيلي

بعد فشل محاولة اللجوء، عاد إلى لبنان. في مطار بيروت، وقف حائرًا: لا أهل، لا أصدقاء، ولا خط عودة إلى الحزب. دق باب صديق قديم، فأتاه الجواب:

"في عائلة بدها حدا يساعدها... بس في مشكلة: اسمك علي".

ضحك، وقال: "خليه إيلي".

هكذا بدأ فصلاً جديدًا من حياته، يعيش مع عائلة مسيحية، يذهب معهم إلى الكنيسة، يشاركهم التراتيل، ويشعر لأول مرة بأنه إنسان، فقط إنسان.

"أنا مين؟" يعيد السؤال، هذه المرة بثقة أكبر. لا يريد أن يكون تابعًا، ولا أن يُملى عليه ما هو الحق وما هو الباطل. "بدي أكون إنسان يقرر، يشوف، يعرف".

تغير الاسم، بقي السؤال، لكن صارت لديه حرية البحث عن إجابة.