الولايات المتحدة قالت إن إسرائيل تدافع عن نفسها (Reuters)
الولايات المتحدة قالت إن إسرائيل تدافع عن نفسها (Reuters)

قالت وزارة الخارجية الأميركية، الجمعة، إن إسرائيل تدافع عن نفسها ضد الهجمات الصاروخية القادمة من لبنان، وإن من واجب الحكومة اللبنانية نزع سلاح الجماعات المسلحة مثل جماعة حزب الله.

وجاء تعليق المتحدث باسم وزارة الخارجية في مؤتمر صحفي ردا على سؤال حول شن إسرائيل أول غارة لها على الضاحية الجنوبية لبيروت منذ التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق نار هش في نوفمبر.

وشن الجيش الإسرائيلي غارة، الجمعة، على هدف في الضاحية الجنوبية ببيروت، استهدفت "بنية تحتية لتخزين طائرات مسيّرة تستخدمها الوحدة الجوية التابعة لحزب الله (الوحدة 127)."

وقال المتحدث باسم الجيش إن البنية المستهدفة كانت تقع داخل منطقة سكنية مكتظة، معتبرًا أن ذلك يُعد "مثالًا إضافيًا على استخدام حزب الله للمدنيين دروعًا بشرية".

وقبل ذلك قصف الجيش الإسرائيلي أهدافا تابعة لحزب الله في جنوب لبنان بعدما اعترض صاروخا أُطلق من لبنان، ونفت جماعة حزب الله مسؤوليتها عن ذلك.

وتوعدت إسرائيل برد قوي لحماية أمنها، فيما يمثل ضربة أخرى لاتفاق وقف إطلاق النار الهش الذي أنهى حربا استمرت عاما وكانت امتدادا للصراع بين إسرائيل وحركة حماس في غزة.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو  إن بلاده لن تسمح بإطلاق النار عليها حتى ولو بشكل متقطع.

وقال نتانياهو إن "كل من لم يدرك بعد الواقع الجديد في لبنان تلقّى اليوم مثالًا إضافيًا على تصميم إسرائيل"، في إشارة إلى الغارات التي نفذها الجيش في لبنان.

وأضاف رئيس الوزراء الإسرائيلي: "المعادلة تغيّرت – ما كان قبل السابع من أكتوبر لن يتكرر. لن نسمح بإطلاق النار على بلداتنا، حتى لو كان بشكل متقطّع".

وأكد أن إسرائيل ستواصل فرض وقف إطلاق النار "بقوة"، وستستهدف "كل تهديد على الدولة في أي مكان داخل لبنان"، مشددًا على أن حكومته ستضمن عودة جميع سكان الشمال إلى منازلهم بأمان.

بدوره، قال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، الجمعة، عقب الغارة التي نفذها الجيش الإسرائيلي على مبنى في حي الضاحية الجنوبية ببيروت، إن إسرائيل لن تسمح باستمرار الاعتداءات من لبنان، متوعدا برد قاسٍ على أي محاولة للمساس بسكان الجليل.

وأضاف كاتس: "كما قلت من قبل، مصير كريات شمونة كمصير بيروت. إذا لم يسد الهدوء في كريات شمونة وبلدات الجليل، فلن يكون هناك هدوء في بيروت".

وتابع: "على كل محاولة للمساس بالجليل، أسطح المنازل في الضاحية سترتجف"، موجّهًا رسالة إلى الحكومة اللبنانية مفادها: "إذا لم تفرضوا وقف إطلاق النار، سنفرضه نحن".

وشدّد وزير الدفاع على أن حكومته وعدت سكان الجليل بالأمن والهدوء، "وهذا ما سيكون".

علي - حزب الله

"أنا مين؟" سأل نفسه، عائدا، على حدود الوطن.

لم يجد جوابا.

منذ غادر لبنان، لم يكن الاسم وحده ما تغيّر.

علي، الشاب الشيعي المنتمي لحزب الله منذ الطفولة، لم يقرر أن يولد عليًّا، ولم يكن يتخيل يومًا أن يصير إيلي، يقول.

من الكشافة إلى القتال

في بيت فقير، في جنوب لبنان، وُلد علي يتيمًا بين عشرة.

أمه، بلا سند، لم تجد ملاذًا سوى في الحزب الذي يفرض حضوره على كل تفصيل في المجتمع: من المدرسة إلى المستشفى، من الطفولة إلى السلاح.

هناك، لم تكن الحياة مجرد حياة؛ بل عقيدة. "نحن على الحق"، يرددونها صباحًا ومساءً. ومنذ الطفولة، صارت البندقية جزءًا من المنهج.

في عمر العاشرة، انضم علي إلى "كشافة الإمام المهدي"، حيث يبدأ الغرس العقائدي والعسكري معًا. "دورة محو الأمية" لم تكن كما توحي تسميتها؛ بل تدريبًا أوليًا على حمل السلاح. في الثانية عشرة، كان الطفل الصغير يعرف كيف يفكك البندقية، وفي الثالثة عشرة، كان يفتخر باستشهاد أصدقاء في التدريبات.

يصف علي دورات القتال بأنها "مزج من العسكر والعقيدة"، لكن العقيدة كانت الغالبة دائمًا. يتعلم المنتسبون أنهم يدافعون عن "أمة، عن شرف، عن طائفة"، وأن كل ما هو خارج هذا المسار مشبوه، خطر، أو "كفر".

 

عالم بالألوان

لكن العالم ليس أبيض وأسود. في سن الثامنة عشرة، بدأت تظهر تصدعات الشك. تعرّف علي على أصدقاء خارج "الخط"، وبدأ يرى شيئًا مختلفًا: حياة أخرى، حوارات، ضحك، نساء، ملابس ملونة، وموسيقى. كلها ممنوعة.

في إحدى الليالي، عاد إلى البيت متأخرًا، فصفعته أمه بركوة قهوة. تلك الصفعة لم تكن مجرد غضب أم، بل لحظة صدع.

"هل هذا هو الحق؟"، تساءل لأول مرة.

ومن هذا السؤال، بدأ كل شيء يتغير.

الهروب من القدر

رفض علي دعوة الحزب للانضمام إلى دورة تؤهله ليصبح "متفرغًا". كان يعلم أن القبول بها يعني بلوغ نقطة اللاعودة. فقرر أن يغادر. هرب من عائلته، من أصدقائه، ومن اسمه.

سافر إلى تركيا، ومنها حاول عبور البحر إلى أوروبا على "قوارب الموت". غرق ثلاث مرات. في كل مرة، كان الموت قريبا وكان كأنه يولد من جديد. أعادته النجاة إلى السؤال الأصلي: من هو؟ وماذا يريد أن يكون؟

من علي إلى إيلي

بعد فشل محاولة اللجوء، عاد إلى لبنان. في مطار بيروت، وقف حائرًا: لا أهل، لا أصدقاء، ولا خط عودة إلى الحزب. دق باب صديق قديم، فأتاه الجواب:

"في عائلة بدها حدا يساعدها... بس في مشكلة: اسمك علي".

ضحك، وقال: "خليه إيلي".

هكذا بدأ فصلاً جديدًا من حياته، يعيش مع عائلة مسيحية، يذهب معهم إلى الكنيسة، يشاركهم التراتيل، ويشعر لأول مرة بأنه إنسان، فقط إنسان.

"أنا مين؟" يعيد السؤال، هذه المرة بثقة أكبر. لا يريد أن يكون تابعًا، ولا أن يُملى عليه ما هو الحق وما هو الباطل. "بدي أكون إنسان يقرر، يشوف، يعرف".

تغير الاسم، بقي السؤال، لكن صارت لديه حرية البحث عن إجابة.