استهدفت إسرائيل الضاحية الجنوبية لبيروت على مدار أشهر - رويترز
استهدفت إسرائيل الضاحية الجنوبية لبيروت على مدار أشهر - رويترز

لأول مرة منذ هدنة نوفمبر الماضي، أعلنت إسرائيل، الجمعة، ضرب هدف في الضاحية الجنوبية لبيروت.

وقال الجيش الإسرائيلي إنه شنّ غارة قبل قليل، على هدف في الضاحية الجنوبية ببيروت، استهدفت بنية تحتية لتخزين طائرات مسيّرة تستخدمها الوحدة الجوية التابعة لحزب الله (الوحدة 127).

وقال المتحدث باسم الجيش إن البنية المستهدفة كانت تقع داخل منطقة سكنية مكتظة، معتبرًا أن ذلك يُعد "مثالًا إضافيًا على استخدام حزب الله للمدنيين دروعًا بشرية".

وأضاف أن الجيش الإسرائيلي وجّه تحذيرًا مسبقًا للسكان بضرورة الإخلاء قبل تنفيذ الضربة، مشيرًا إلى أن الهجوم يأتي ردًا على إطلاق النار صباح الجمعة باتجاه الجليل الأعلى، والذي وصفه بأنه "خرق فاضح للتفاهمات بين إسرائيل ولبنان وتهديد مباشر لأمن المدنيين الإسرائيليين".

وأكد الجيش أنه سيواصل العمل لإزالة أي تهديد موجه ضد إسرائيل.

وكان المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، قد وجه إنذارا عاجلا للمتواجدين في حي الحدث بالضاحية الجنوبية لبيروت.

وقال "لكل من يتواجد في المبنى المحدد بالأحمر وفق ما يُعرض في الخارطة والمباني المجاورة له: أنتم تتواجدون بالقرب من منشآت تابعة لحزب الله".

وأضاف "من أجل سلامتكم وسلامة أبناء عائلاتكم أنتم مضطرون لإخلاء هذه المباني فوراً والابتعاد عنها المسافة لا تقل عن 300 متر وفق ما يُعرض في الخارطة".

ويأتي ذلك بعدما قال الجيش الإسرائيلي، الجمعة، إنه قصف أهدافا تابعة لحزب الله في جنوب لبنان بعدما اعترض صاروخا أُطلق من لبنان، ونفت جماعة حزب الله مسؤوليتها عن ذلك.

وتوعدت إسرائيل برد قوي لحماية أمنها، فيما يمثل ضربة أخرى لاتفاق وقف إطلاق النار الهش الذي أنهى حربا استمرت عاما وكانت امتدادا للصراع بين إسرائيل وحركة حماس في غزة.

ونفى قيادي كبير في حزب الله في بيان أي علاقة للجماعة بالإطلاق الصاروخي، الذي جاء بعد إطلاق صواريخ على شمال إسرائيل في 22 مارس، ونفت الجماعة المدعومة من إيران مسؤوليتها عنه أيضا.

وأضاف "هذه الحوادث تأتي في سياق افتعال ذرائع مشبوهة ‏لاستمرار العدوان الإسرائيلي على لبنان".

وصرح وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، بأن إسرائيل تحمل لبنان المسؤولية عن الإطلاق الصاروخي باتجاه منطقة الجليل في شمال إسرائيل.

الرئيس اللبناني يجري مباحثات في فرنسا وسط تزايد التوتر مع إسرائيل
بدأ الرئيس اللبناني جوزاف عون، الجمعة، محادثات في باريس مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون لمناقشة إصلاحات اقتصادية وجهود تحقيق الاستقرار في البلاد، في ظل تزايد الضغوط على الهدنة الهشة بين إسرائيل وجماعة حزب الله اللبنانية.

وقال في بيان "سنضمن أمن سكان الجليل، وسنعمل بقوة ضد أي تهديد".

وقالت وسائل إعلام لبنانية إن طائرات حربية إسرائيلية حلقت في أجواء البلاد، الجمعة.

وذكر الجيش الإسرائيلي أن مقذوفا ثانيا أُطلق الجمعة وسقط داخل الأراضي اللبنانية.

وتزامنت التطورات التي تمثل تهديدا لوقف إطلاق النار مع استئناف إسرائيل للحرب في قطاع غزة، لينتهي بذلك اتفاق وقف إطلاق النار الذي استمر شهرين مع حماس بعدما أخفق الجانبان في الاتفاق على شروط تمديده.

وشنت إسرائيل قصفا مدفعيا وجويا على جنوب لبنان، السبت الماضي، بعد أن أعلنت إسرائيل اعتراضها صواريخ أُطلقت عبر الحدود، مما أسفر عن مقتل ثمانية أشخاص على الأقل.

ونفى حزب الله مسؤوليته عن إطلاق الصواريخ يوم السبت أو وجود صلة له بعمليات الإطلاق قائلا إنه لا يزال ملتزم بوقف إطلاق النار.

وبموجب اتفاق وقف إطلاق النار المبرم في نوفمبر، كان من المفترض أن تبعد جماعة حزب الله أسلحتها عن جنوب لبنان وأن تنسحب القوات البرية الإسرائيلية من المنطقة وأن ينشر الجيش اللبناني قوات فيها.

وينص الاتفاق على أن الحكومة اللبنانية مسؤولة عن تفكيك جميع البنى التحتية العسكرية في جنوب لبنان ومصادرة جميع الأسلحة غير المصرح بها.

ووضع الاتفاق نهاية للقصف الإسرائيلي والعمليات البرية في لبنان وكذلك للهجمات الصاروخية اليومية التي شنها حزب الله على إسرائيل. لكن الجانبين يتبادلان الاتهامات بعدم تنفيذ بنود الاتفاق بالكامل.

وتقول إسرائيل إن حزب الله يحتفظ بمواقع عسكرية في جنوب لبنان. بينما يقول لبنان وحزب الله إن إسرائيل تواصل انتهاك الاتفاق بشن غارات جوية وإبقاء قواتها في خمسة مواقع على قمم تلال قرب الحدود.

علي - حزب الله

"أنا مين؟" سأل نفسه، عائدا، على حدود الوطن.

لم يجد جوابا.

منذ غادر لبنان، لم يكن الاسم وحده ما تغيّر.

علي، الشاب الشيعي المنتمي لحزب الله منذ الطفولة، لم يقرر أن يولد عليًّا، ولم يكن يتخيل يومًا أن يصير إيلي، يقول.

من الكشافة إلى القتال

في بيت فقير، في جنوب لبنان، وُلد علي يتيمًا بين عشرة.

أمه، بلا سند، لم تجد ملاذًا سوى في الحزب الذي يفرض حضوره على كل تفصيل في المجتمع: من المدرسة إلى المستشفى، من الطفولة إلى السلاح.

هناك، لم تكن الحياة مجرد حياة؛ بل عقيدة. "نحن على الحق"، يرددونها صباحًا ومساءً. ومنذ الطفولة، صارت البندقية جزءًا من المنهج.

في عمر العاشرة، انضم علي إلى "كشافة الإمام المهدي"، حيث يبدأ الغرس العقائدي والعسكري معًا. "دورة محو الأمية" لم تكن كما توحي تسميتها؛ بل تدريبًا أوليًا على حمل السلاح. في الثانية عشرة، كان الطفل الصغير يعرف كيف يفكك البندقية، وفي الثالثة عشرة، كان يفتخر باستشهاد أصدقاء في التدريبات.

يصف علي دورات القتال بأنها "مزج من العسكر والعقيدة"، لكن العقيدة كانت الغالبة دائمًا. يتعلم المنتسبون أنهم يدافعون عن "أمة، عن شرف، عن طائفة"، وأن كل ما هو خارج هذا المسار مشبوه، خطر، أو "كفر".

 

عالم بالألوان

لكن العالم ليس أبيض وأسود. في سن الثامنة عشرة، بدأت تظهر تصدعات الشك. تعرّف علي على أصدقاء خارج "الخط"، وبدأ يرى شيئًا مختلفًا: حياة أخرى، حوارات، ضحك، نساء، ملابس ملونة، وموسيقى. كلها ممنوعة.

في إحدى الليالي، عاد إلى البيت متأخرًا، فصفعته أمه بركوة قهوة. تلك الصفعة لم تكن مجرد غضب أم، بل لحظة صدع.

"هل هذا هو الحق؟"، تساءل لأول مرة.

ومن هذا السؤال، بدأ كل شيء يتغير.

الهروب من القدر

رفض علي دعوة الحزب للانضمام إلى دورة تؤهله ليصبح "متفرغًا". كان يعلم أن القبول بها يعني بلوغ نقطة اللاعودة. فقرر أن يغادر. هرب من عائلته، من أصدقائه، ومن اسمه.

سافر إلى تركيا، ومنها حاول عبور البحر إلى أوروبا على "قوارب الموت". غرق ثلاث مرات. في كل مرة، كان الموت قريبا وكان كأنه يولد من جديد. أعادته النجاة إلى السؤال الأصلي: من هو؟ وماذا يريد أن يكون؟

من علي إلى إيلي

بعد فشل محاولة اللجوء، عاد إلى لبنان. في مطار بيروت، وقف حائرًا: لا أهل، لا أصدقاء، ولا خط عودة إلى الحزب. دق باب صديق قديم، فأتاه الجواب:

"في عائلة بدها حدا يساعدها... بس في مشكلة: اسمك علي".

ضحك، وقال: "خليه إيلي".

هكذا بدأ فصلاً جديدًا من حياته، يعيش مع عائلة مسيحية، يذهب معهم إلى الكنيسة، يشاركهم التراتيل، ويشعر لأول مرة بأنه إنسان، فقط إنسان.

"أنا مين؟" يعيد السؤال، هذه المرة بثقة أكبر. لا يريد أن يكون تابعًا، ولا أن يُملى عليه ما هو الحق وما هو الباطل. "بدي أكون إنسان يقرر، يشوف، يعرف".

تغير الاسم، بقي السؤال، لكن صارت لديه حرية البحث عن إجابة.