الرئيس اللبناني جوزاف عون مستقبلا المبعوثة الأميركية مورغان أورتاغوس
أورتاغوس التقت الرئيس اللبناني جوزاف عون في بيروت في فبراير الماضي

علمت "الحرة" من مصادرها أن الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس ستصل إلى لبنان خلال اليومين المقبلين.

ولم يعلن بعد عن هذه الزيارة عبر الجهات الرسمية في الولايات المتحدة أو لبنان.

وحسب معلومات "الحرة" فإن أورتاغوس ستشدد على ضرورة قيام لبنان بجهود إضافية وجدية لنزع سلاح حزب الله وتشكيل اللجان المدنية للتفاوض مع الجانب الإسرائيلي.

وعلى الرغم من مرور أشهر على دخول اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل حيز التنفيذ في 27 نوفمبر، لم يلتزم حزب الله حتى الآن بتسليم سلاحه للجيش اللبناني. 

بل على العكس، يحاول حزب الله التملص من الاتفاق بذريعة أن القرار 1701 ينص على تسليم السلاح غير الشرعي فقط في جنوب نهر الليطاني، متجاهلاً أن القرار يتضمن أيضاً القرار 1559 الذي ينص على سحب سلاح الميليشيات من جميع الأراضي اللبنانية.

وللمرة الثانية في أقل من أسبوع، استهدفت إسرائيل الضاحية الجنوبية لبيروت، وهذه المرة لم يكن الهدف ضرب مخزن أسلحة لحزب الله، بل اغتيال أحد قادته حسن علي محمود بدير "أحد عناصر الوحدة 3900 في حزب الله الإرهابي وفيلق القدس"، كما أعلن الجيش الإسرائيلي.

وفي وقت سابق، قالت الخارجية الأميركية، إن من واجب الحكومة اللبنانية نزع سلاح الجماعات المسلحة في لبنان مثل جماعة حزب الله.

وجاء تعليق الخارجية بعد إطلاق قذائف على إسرائيل من جنوب لبنان يوم الجمعة الماضي، وتلا ذلك غارات إسرائيلية على أهداف في الجنوب وضاحية بيروت الجنوبية لأول مرة منذ هدنة نوفمبر.

علي - حزب الله

"أنا مين؟" سأل نفسه، عائدا، على حدود الوطن.

لم يجد جوابا.

منذ غادر لبنان، لم يكن الاسم وحده ما تغيّر.

علي، الشاب الشيعي المنتمي لحزب الله منذ الطفولة، لم يقرر أن يولد عليًّا، ولم يكن يتخيل يومًا أن يصير إيلي، يقول.

من الكشافة إلى القتال

في بيت فقير، في جنوب لبنان، وُلد علي يتيمًا بين عشرة.

أمه، بلا سند، لم تجد ملاذًا سوى في الحزب الذي يفرض حضوره على كل تفصيل في المجتمع: من المدرسة إلى المستشفى، من الطفولة إلى السلاح.

هناك، لم تكن الحياة مجرد حياة؛ بل عقيدة. "نحن على الحق"، يرددونها صباحًا ومساءً. ومنذ الطفولة، صارت البندقية جزءًا من المنهج.

في عمر العاشرة، انضم علي إلى "كشافة الإمام المهدي"، حيث يبدأ الغرس العقائدي والعسكري معًا. "دورة محو الأمية" لم تكن كما توحي تسميتها؛ بل تدريبًا أوليًا على حمل السلاح. في الثانية عشرة، كان الطفل الصغير يعرف كيف يفكك البندقية، وفي الثالثة عشرة، كان يفتخر باستشهاد أصدقاء في التدريبات.

يصف علي دورات القتال بأنها "مزج من العسكر والعقيدة"، لكن العقيدة كانت الغالبة دائمًا. يتعلم المنتسبون أنهم يدافعون عن "أمة، عن شرف، عن طائفة"، وأن كل ما هو خارج هذا المسار مشبوه، خطر، أو "كفر".

 

عالم بالألوان

لكن العالم ليس أبيض وأسود. في سن الثامنة عشرة، بدأت تظهر تصدعات الشك. تعرّف علي على أصدقاء خارج "الخط"، وبدأ يرى شيئًا مختلفًا: حياة أخرى، حوارات، ضحك، نساء، ملابس ملونة، وموسيقى. كلها ممنوعة.

في إحدى الليالي، عاد إلى البيت متأخرًا، فصفعته أمه بركوة قهوة. تلك الصفعة لم تكن مجرد غضب أم، بل لحظة صدع.

"هل هذا هو الحق؟"، تساءل لأول مرة.

ومن هذا السؤال، بدأ كل شيء يتغير.

الهروب من القدر

رفض علي دعوة الحزب للانضمام إلى دورة تؤهله ليصبح "متفرغًا". كان يعلم أن القبول بها يعني بلوغ نقطة اللاعودة. فقرر أن يغادر. هرب من عائلته، من أصدقائه، ومن اسمه.

سافر إلى تركيا، ومنها حاول عبور البحر إلى أوروبا على "قوارب الموت". غرق ثلاث مرات. في كل مرة، كان الموت قريبا وكان كأنه يولد من جديد. أعادته النجاة إلى السؤال الأصلي: من هو؟ وماذا يريد أن يكون؟

من علي إلى إيلي

بعد فشل محاولة اللجوء، عاد إلى لبنان. في مطار بيروت، وقف حائرًا: لا أهل، لا أصدقاء، ولا خط عودة إلى الحزب. دق باب صديق قديم، فأتاه الجواب:

"في عائلة بدها حدا يساعدها... بس في مشكلة: اسمك علي".

ضحك، وقال: "خليه إيلي".

هكذا بدأ فصلاً جديدًا من حياته، يعيش مع عائلة مسيحية، يذهب معهم إلى الكنيسة، يشاركهم التراتيل، ويشعر لأول مرة بأنه إنسان، فقط إنسان.

"أنا مين؟" يعيد السؤال، هذه المرة بثقة أكبر. لا يريد أن يكون تابعًا، ولا أن يُملى عليه ما هو الحق وما هو الباطل. "بدي أكون إنسان يقرر، يشوف، يعرف".

تغير الاسم، بقي السؤال، لكن صارت لديه حرية البحث عن إجابة.