أحمد قذاف الدم ابن عم العقيد الليبي السابق (يمين) بعد القبض عليه في القاهرة
أحمد قذاف الدم ابن عم العقيد الليبي السابق(يمين) بعد القبض عليه في القاهرة

قضت محكمة مصرية يوم الأربعاء بإبطال إجراءات تتخذها السلطات المصرية لتسليم أحمد قذاف الدم، ابن عم العقيد الراحل معمر القذافي، إلى ليبيا لمحاكمته هناك بتهم فساد مالي.

وقال المستشار عبد المجيد المقنن رئيس المكتب الفني لمحاكم القضاء الإداري لوكالة رويترز إن محكمة القضاء الإداري بالقاهرة قالت في أسباب الحكم إن الدستور الجديد لمصر يوفر الحماية لمن يعيش على أرض البلاد ما لم يرتكب ما يعكر صفو السلم والأمن.

وأضاف أن المحكمة استندت أيضا إلى الاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها مصر والتي تحمي الأجانب وأنها استندت لآية في القرآن تجير المستجير حتى وإن لم يكن مسلما.

وكان مسؤول قضائي مصري قد ذكر يوم 19 مارس/آذار الماضي أن النيابة العامة حبست قذاف الدم، الذي عمل منسقا للعلاقات المصرية الليبية في عهد القذافي، 30 يوما للنظر في تسليمه لبلاده بعد ساعات من إلقاء القبض عليه.

وقال مدير الأمن العام اللواء أحمد حلمي إن قذاف الدم سلم نفسه للشرطة بعد محاصرة منزله وتبادل لإطلاق النار معه استمر ساعات مشيرا إلى أن الشرطة كانت تنفذ طلبا من الإنتربول الدولي بإلقاء القبض عليه بطلب من ليبيا.

وكان قذاف الدم أقام دعوى أمام محكمة القضاء الإداري طالبا وقف إجراءات تسليمه قائلا إنه يحمل الجنسية المصرية وطلب اللجوء السياسي لكن المحكمة قالت إنها تجيبه إلى طلب إبطال إجراءات التسليم بصرف النظر عن هذين الاعتبارين.

وقال المقنن إن المحكمة أحالت المنازعة بشأن الجنسية المصرية التي يدعيها قذاف الدم وطلب اللجوء السياسي إلى هيئة المفوضين بها لإعداد تقرير قانوني يعرض عليها بشأن هذين الأمرين.

وكانت الشرطة المصرية ألقت القبض في نفس اليوم على محمد علي إبراهيم منصور القذافي وهو قريب للعقيد الراحل وشغل في عهده منصب مدير إدارة صندوق التمويل الإنتاجي وعلي محمد الأمين ماريا القائم بأعمال سفير ليبيا السابق بالقاهرة.

وقامت مصر بتسليم الرجلين إلى ليبيا بعد أسبوع من احتجازهما. وقالت النيابة العامة إن تسليم قذاف الدم ينتظر محاكمته على تبادل إطلاق النار مع الشرطة وورود أدلة اتهام تفصيلية ضده من ليبيا.

وقال شهود عيان إن القذافي وماريا قاوما ترحيلهما وتصايحا قائلين إن حياتهما معرضة للخطر في ليبيا.

ويقول نشطون حقوقيون إن الإجراءات القانونية في ليبيا لا تفي بالمعايير الدولية بسبب ضعف الحكومة المركزية وتراجع حكم القانون عقب الانتفاضة التي اطاحت بالقذافي أواخر عام 2011.

لكن النيابة العامة المصرية قالت إن مصر وقعت مذكرة تفاهم مع ليبيا تضمن تطبيق معايير حقوق الإنسان بشأن القذافي وماريا خلال نظر القضايا التي اتهما فيها.

ليبيات في العاصمة طرابلس
ليبيات يرتدين اللباس التقليدي المحلي أثناء الاحتفال باليوم الوطني في وسط العاصمة طرابلس

أثارت تصريحات وزير الداخلية المكلفة في حكومة الوحدة الوطنية الليبية، عماد الطرابلسي جدلا وقلقا حقوقيا في البلاد بعد إعلانه عن قرب تفعيل شرطة خاصة بالآداب ستسند لها مهمة "صد" ما سماه السلوكيات التي تتعارض مع قيم المجتمع.

وقال الطرابلسي في مؤتمر صحفي عقده، الأربعاء، لاستعراض مستجدات عمل لجنة معالجة أزمة الوقود والغاز، إن وزارته ستفعل إدارة متخصصة بالآداب (الأخلاق) في كل مديرية أمن ابتداء من الشهر المقبل.

عماد الطرابلسي يعلن تفعيل شرطة الاداب.. شن رايكم في كلامه؟

Posted by ‎ليبيا تنهض‎ on Wednesday, November 6, 2024

ووصف المسؤول الحكومي موضوع الآداب بـ "الصعب جدا"، موضحا أن مجال تدخل الشرطة سيشمل مراقبة مدى احترام الرجال والنساء لقيم المجتمع الليبي ومنع صيحات الموضة المستوردة ومراقبة محتوى الشبكات الاجتماعية.

وتابع "لن نترك شخصا يجلس مع واحدة بطريقة غير محترمة (...) وسنغلق مقاهي الأرجيلة (الشيشة) ومحال الحلاقة التي لا تلتزم بالعمل والضوابط القانونية والاجتماعية".

كما أكد الطرابلسي عزمه فرض الحجاب في المدارس منوها ببعض المدراس التي بدأت بفرضه ابتداء من المستوى الرابع ابتدائي.

وأضاف "لا حرية شخصية هنا في ليبيا، من أراد الحرية الشخصية عليه بالذهاب إلى أوروبا، أعرف أن هذا الموضوع سيسبب لي المشاكل، ولكن هذا مطلب اجتماعي".

"تهديد وخطاب متخلف"

وأثارت تصريحات الطرابلسي جدلا واسعا في البلاد، حيث اعتبرها مدونون تهديدا وتقييدا للحريات الشخصية، خاصة في ظل الأوضاع السياسية التي تمر بها البلاد.

واعتبر الصحفي الليبي بشير زعبيه أن هذه التصريحات "حساسة" لأنها تهدد الحريات العامة، داعيا رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبد الحميد الدبيبة، إلى التدخل.

وتساءل: "هل البلاد في حاجة إلى مزيد من ضيق خلق العباد؟ (...) هل استتب الأمن في البلاد، بل حتى في الدائرة التي يقيم ويعمل فيها الوزير حتى يقفز بـ+خططه الأمنية المستقبلية+ التي يطرحها في صيغة تهديد".

... اللي مش عاجبه يمشي لأوروبا! هل البلاد في حاجة إلى مزيد من ضيق خلق العباد؟ ألا تكفي كل هذه الضغوطات المعيشية من مشكلة...

Posted by ‎بشير زعبيه‎ on Thursday, November 7, 2024

وتابع "تحدث الوزير عن أشياء لا تدخل في دائرة اختصاصه، وهي شؤون تخص السياحة، والتعليم، والمجلس الأعلى للإفتاء - إن وجد- وربما نسي أن يتحدث في مجال اختصاصه فيخبرنا عما يتعلق بأمن المواطن، والوطن، كأن يفيدنا بإحصاء على سبيل المثال عن معدلات الجريمة، من قتل، وخطف، وسرقة، وفساد".

ووصفت الشاعرة ربيعة بوراص تصريحات المسؤول الحكومي بـ"الخطاب المتخلف"، داعية بدورها رئيس الحكومة إلى التدخل.

بعد خطاب وزير الداخلية هل ستفتح أوروبا طلبات اللجوء الإنساني لليبيين أم سيغرقون في قوارب الهجرة ليس بسبب الفقر والبطالة...

Posted by Rabea Boras on Wednesday, November 6, 2024

وتساءلت "هل اليوم الأسرة الليبية قاصرة على تربية أبنائها وتحتاج إلى وصي، ومن يصفقون لمثل هذه الخطابات ويمدحونها هم من القصر الذين تحدث عنهم وزير الداخلية أم أنهم فوق الوصاية، هل تحويل المجتمع الليبي لمقابر جماعية حية يحقق الاستقرار؟".

وتابعت "أين رئيس حكومة الوحدة الوطنية من هذا الخطاب المتخلف".

وعبر محمد بويصير عن تفهمه لتصريحات الطرابلسي لتماهيها مع "معظم" آراء الليبيين، قبل أن يستدرك أن تحقيق الديمقراطية في بلاده أشبه بـ"هطول الثلج في جهنم".

ماقاله السيد الطرابلسي .. فى مؤتمره الصحفى هو فى الحقيقه تعبير عن راى معظم الليبيين ، الذين يرون الاخلاق من خلال القدره...

Posted by Mohamed Buisier on Thursday, November 7, 2024

وأضاف "إن قيام الديمقراطية في ليبيا أمر مستحيل كهطول الثلج في جهنم، لأن الديمقراطية تقوم على الحرية في إطار القانون، والاعتراف بخصوصية المواطن وعدم انتهاكها إلا لأسباب يحددها القانون (...) وهذا أمر من الصعب تصوره في مجتمع برلمانه يصدر قوانين موضوعها السحر والسحرة، وشرطته تبحث في المقابر عن الأحجبة".

ريم البركي، السياسية والباحثة المتخصصة في مجال الهجرة انتقدت بدورها عزم الطرابلسي تقييد لباس النساء وسفرهن ومنع جلوس الأصدقاء من الجنسين في المقاهي.

وكتبت "بالنسبة لفرض الحجاب، فلا أتمنى أنّ يكون هذا الفرض سبب في تخلي العديد من المحجبات (وأنا أولهم) عن حجابهن.. احذر من التصادم مع المجتمع، لا أحد سيسمح لك بفرض شيء على النساء.. أنت ومع كامل احترامي لك، لست رب".

أنا مُنهكة، ولا أريد خوض حروب خارج نطاق حدودي.. ولكن؛ قول السيد وزير داخلية الدبيبة عماد الطرابلسي أن سفر المرأة بدون...

Posted by ‎ريم البركي - Reem Elbreki‎ on Friday, November 8, 2024

وتناقل المدونون تصريح الوزير بكثير من التندر والسخرية أيضا، خاصة أن بلادهم تعاني، وفقهم، من استمرار سيطرة الميلشيات المسلحة على عدد من المناطق، بينها العاصمة طرابلس.

وكتب مدون "كل يوم يتم قتل الليبيين ووزير الداخلية للدبيبة يفرض الحجاب ويمنع بعض التحليقات بالقوة والمواطنين الليبيين يقتلون يوميا أمامه وأمام أعضاء شرطته".

وزير داخلية الدبيبة في طرابلس "عماد الطرابلسي" يطالب بفرض الحجااب على تلميذااات الصف الرابع الإبتداائي كل يوم يتم قتل الليبيين ووزير الداخلية للدبيبة يفرض الحجاب ويمنع بعض التحليقات بالقوة والمواطنين الليبيين يقتلون يوميا أمامه وأمام أعضاء شرطته عليك حالة ياليبيا

Posted by ‎القاضي المعلم‎ on Friday, November 8, 2024

ونشر آخرون صورا ساخرة تفاعلا مع تصريحاته، كما تساءل بعضهم عن إجراءات وموعد الرحلات إلى أوروبا للذين لم يعجبهم تفعيل شرطة الآداب.

توا عماد الطرابلسي لما قال اطلعن الي اوروبا يبي يطلعن هو ولا نطلعو برواحنا ماعطكنش موعد و تاريخ بضبط؟

Posted by ‎ݺ،رندا المنصوري‎ on Thursday, November 7, 2024

"انحراف وتهديد"

وتفاعلا مع الجدال نفسه، استنكرت مؤسسة اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا (مؤسسة مدنية) تصريحات المسؤول الحكومي معتبرة أنها تضمنت مخالفات قانونية وتهدد الحريات.

وطالبت المنظمة الحقوقية النائب العام الليبي بالتحقيق في تصريحات الوزير لأنه "انحرف عن مهامه" وضرب عرض الحائط التشريعات والقوانين النافذة، والاتفاقيات المصادقة عليها ليبيا".

⏹️ #بيـــــــــــان_صحفـــــي 📄:📢 " بيان المُؤسسَّةِ الوطنيّة لحُقوق الإنسَّان بليبيـا، بشأن ماجاء في المؤتمر الصحفي...

Posted by ‎المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا - Nihrl‎ on Thursday, November 7, 2024

وقالت في بيان "تصرح الوزير وهو في منصب مسؤول بأنه سينتهك الحرية الشخصية وحرية الرأي، ملوحا بالهاجرة لأوروبا لمن لا يعجبه ذلك، وكأنه مالك لليبيا، وإقراره بحدوث مخالفات وانتهاكات جراء سلوك وتصرفات شرطة الآداب، وردّه بجملة +الله غالب+ يُعتبر ضوءا أخضر للسماح لهم باستغلال سُلطاتهم، دون واعز أو عقاب أو أسلس قانوني لذلك".

وأضافت "إن ممارسة الإرهاب الأمني والتلويح بالقمع والمصادرة للحقوق الوطنيّة والدستورية والقانونيّة بدعوى المحافظة على الأخلاق فهذا أمر لا يقبله عاقل ولا يمكن قبوله أو تبريره، لأن الشعب الليبي بأخلاقه ومن أكثر المجتمعات العربية محافظة والتزام أخلاقي، ويُدرك الخطأ من الصواب، أما القلة من الخارجين عن القانون، فالقانون كفيل لردع ممارستهم".

المصدر: الحرة