هناك على الأقل قبول مشترك للمركز الوطني لمكافحة الأمراض في طرابلس
هناك على الأقل قبول مشترك للمركز الوطني لمكافحة الأمراض في طرابلس

بعد سنوات من الجهود الدولية الفاشلة حتى الآن، قد يكون فيروس كورونا، الذي بات على أعتاب ليبيا، فرصة لتعاون قد ينهي الحرب الأهلية التي تسببت في تشريد الآلاف، وفق تقرير لفورين بوليسي.

وأشار التقرير إلى أنه من الواضح أن الجانبين بحاجة إلى وقف القتال والبدء في التعاون، رغم أن نداء إنساني من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس وطلب من السفير الأميركي لدى ليبيا ريتشارد نورلاند لم يلقيا حتى الآن آذانا صاغية.

واستدرك التقرير أنه لا يزال هناك وقت لحشد الفصائل الليبية نحو التعاون، ولكن فقط إذا صاغ الدبلوماسيون على وجه السرعة خطة مبنية حول المصير المشترك للبلاد وسط الوباء.

وتوقع تقرير المجلة أن يجلب فيروس كورونا السلام إلى ليبيا بعدما فشلت سنوات من الدبلوماسية الدولية في ذلك.

وقال التقرير إن السبب الرئيسي لاستمرار القتال هو أن كل طرف يعتقد أنه على أعتاب النصر، لكن مع الفيروس الذي يستعد للتفشي في البلاد، هناك حاجة ماسة إلى نهج أكثر واقعية .

ولحسن الحظ، يقول التقرير، فذلك متاح، وفي بلد منقسم بحكومتين، هناك على الأقل قبول مشترك للمركز الوطني لمكافحة الأمراض في طرابلس.

ويمكن لهذا الكيان، بل وينبغي له، أن يصبح مركز التنسيق للتعاون في مجال مكافحة الفيروس بين غرب ليبيا وشرقها، ونقطة التنسيق للمجتمع الدولي لتوجيه رسائله ودعمه.

 وينبغي أن يخفف وجود المركز الوطني للتعاون الاقتصادي في طرابلس من أي مخاوف بين الدبلوماسيين بشأن الخروج عن اتفاقية الاعتراف بحكومة الوفاق الوطني المحاصرة – دون أن يعادي "الجيش الليبي" في الوقت نفسه.

وبدعم من بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا، ينبغي على المجلس الوطني للتعاون الاقتصادي والاجتماعي أن يعقد على وجه السرعة "لجنة وطنية لأزمة الفيروس" تضم خبراء رئيسيين ومسؤولين من جميع المناطق الليبية الثلاث.

وبدعم مباشر من الأمم المتحدة، سرعان ما يصبح المنسق المركزي للجهود الرامية إلى تحديد العجز الحرج، وتخصيص توزيع الإمدادات، ووضع لوائح موحدة ذات صلة بالجائحة مثل حظر التجول، الذي فُرض بشكل عشوائي ولا يحظى باحترام جيد.

وسيطلب من كل جانب أن يقوم ببادرة إنسانية إضافية واحدة. يجب أن تسمح ليبيا الشرقية بتدفق كمية محدودة متفق عليها من النفط من أجل دعم مكافحة الفيروس بشكل مباشر. وفي المقابل، ستوافق غرب ليبيا على أن الإيرادات المخصصة من النفط ستدخل إلى البنك المركزي الليبي تحت رقابة صارمة من الأمم المتحدة.

وبهذه الطريقة المعقولة – بعيداً عن الإدانات الحادة أو المطالب المبالغ فيها – يمكن أن تشهد ليبيا التي مزقتها الحرب تحسناً بين عشية وضحاها في دفاعاتها الوبائية. وفي اللحظة التي يبدأ فيها التعاون، ستتحسن آفاق وقف إطلاق النار.

ويخلص تقرير المجلة إلى أنه مع بعض الحظ وحسن النية، قد تؤدي الحاجة إلى محاربة عدو فيروسي مشترك إلى وقف صراع داخلي استمر لفترة طويلة جدا.

صورة لمدينة درنة الساحلية الشرقية الليبية في 9 سبتمبر 2024 بعد عام من فيضانات تسببت في دمار كبير
صورة لمدينة درنة الساحلية الشرقية الليبية في 9 سبتمبر 2024 بعد عام من فيضانات تسببت في دمار كبير

بينما تستمر جهود إعادة الإعمار في ليبيا، وسط دعوات من الأمم المتحدة ومنظمات حقوقية للسلطات بعدم التقاعس عن تقديم التعويض والدعم الكافيَيْن لإعادة الإعمار، تواصل الحكومة الأميركية اتصالاتها مع السلطات في ليبيا، من أجل توظيف مقدرات البلاد لإعادة الإعمار.

وفي هذا الإطار، يزور بلقاسم حفتر (43 عاما) مدير صندوق التنمية وإعادة إعمار ليبيا، ونجل قائد الجيش الوطني الليبي خليفة حفتر، الولايات المتحدة بناء على دعوة من وزارة الخارجية الأميركية للقاء مع مسؤولين أميركيين والتنسيق معهم في الأمور التي تتعلق بإعمار ليبيا، بحسب تصريحات بلقاسم حفتر في مقابلة خاصة مع قناة "الحرة" الاثنين خلال زيارته للعاصمة الأميركية واشنطن.

وبلغت المساعدات الأميركية المقدمة لإعادة إعمار ليبيا نحو 900 مليون دولار حتى الآن، وفق تأكيد القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا "أفريكوم".

وكشف حفتر الاثنين أن المتوفر حاليا في صندوق إعمار ليبيا حسب ما تم تخصيصه من جانب مجلس النواب 10 مليار دينار (حوالي ملياري دولار)، مشيرا إلى أن "هذا المبلغ لا يكفي لإعمار الدولة الليبية بسبب ما حدث من إهمال طوال السنوات الماضية".

وتأتي زيارة بلقاسم حفتر مع مرور عام على كارثة درنة عندما ضربت العاصفة دانيال ساحل ليبيا الشرقي، وسببت فيضانات كبيرة في درنة في 11 سبتمبر في 2023 حيث انهار سدّان، ما أسفر وفق حصيلة رسمية عن سقوط نحو أربعة آلاف قتيل وفقدان آلاف الأشخاص ونزوح أكثر من 40 ألف شخص.

تدمرت أجزاء كبيرة من مدينة درنة في سبتمبر 2023

البنك الدولي قدّر من جهته احتياجات إعادة إعمار المدينة وجوارها بنحو 1.8 مليار دولار، وقال إن تأثير الكارثة طال قرابة 1.5 مليون شخص، ما يعادل 22% من سكان ليبيا.

ولإعادة الإعمار، أنشأت حكومة الشرق بقيادة أسامة حماد السنة الفارطة "صندوق إعادة إعمار مدينة درنة والمدن والمناطق المتضررة"، مهمته إعادة بناء وتنمية المناطق المتأثرة جراء إعصار دانيال، ويخضع الصندوق مباشرة لإشراف رئاسة مجلس الوزراء.

وقال بلقاسم حفتر إن نصف المدينة تدمرت حينها، وبعد مرور عام تغير كل شيء "حيث تمت إعادة بناء الوادي الذي تدمر، وبناء وصيانة المستشفيات التي كانت متهالكة منذ سنوات طويلة، وكذلك صيانة المدارس والبنية التحتية وشبكات الكهرباء وكل ما يلزم في المدينة".

جانب من المشاريع الجارية في درنة لإعادة إعمارها بعد عام من الفيضان المدمر

وفي الأشهر الأخيرة، تحوّلت درنة التي كان عدد سكانها يبلغ 120 ألف نسمة قبل الكارثة، إلى ورشة بناء ضخمة، بحسب وصف "فرانس برس".

وبعدما كان يطغى عليها اللون الأبيض مع الخلفية الزرقاء للبحر المتوسط، تحوّلت درنة إلى لوحة رمادية باهتة لكثرة ورش البناء والكتل الخرسانية.

وتظهر لقطات جوية رافعات موزّعة في ورش البناء على جانبي الوادي (النهر الجاف) الذي يعبر المدينة والذي عبرته الفيضانات جارفة الأنقاض وجثث الضحايا إلى البحر.

ومع وجود اتهامات بالفساد واحتمال إساءة استخدام الأموال العامة، قال بلقاسم حفتر لـ"الحرة" إن "الشفافية شيء مهم والصندوق فيه شفافية عن طريق إدارة المراقبة وإدارة المحاسبة، وكل العقود متبعة بشكل قانوني ومعلن".

وأشار بلقاسم حفتر إلى أن الصندوق يعمل على إعادة إعمار كامل البلاد، وأنه سيركز على مدن جنوب البلاد وخاصة في سبها والكفرة اللتين تعاني من "إهمال متعمد" منذ سنوات طويلة من حكومات متعاقبة، بحسب وصفه.

وقال: "يعاني الناس هناك من غياب أبسط الأمور، وقطاع الصحة متهالك ووضعه سيئ للغاية، وكذلك التعليم والكهرباء والطرق".

ومنذ سقوط معمر القذافي في 2011، وليبيا منقسمة إلى معسكرين متناحرين، يتمثل الأول في الحكومة المعترف بها من جانب الأمم المتحدة، والتي تتخذ في طرابلس مقرّا بقيادة عبد الحميد الدبيبة، ويتمثّل الثاني بسلطة تنفيذية مقابِلة يدعمها المشير خليفة حفتر الذي يسيطر على الشرق وجزء كبير من الجنوب.

لكن بلقاسم حفتر قال لـ"الحرة" إن هناك توافقا كبير بين الشرق والغرب في ليبيا بالنسبة للإعمار، مضيفا أن "الشارع الليبي يشعر بالفرق الذي حدث خلال الفترة السابقة في كل القطاعات".

ونفى وجود أي صفقات حاليا مع روسيا أو الصين. لكنه أشار إلى أن "كل دول العالم أتت إلى ليبيا للنقاش معنا في كيفية التعاون في إعادة الإعمار، لأن بلادنا تحتاج إلى شركات كبرى تقوم بأعمال كبيرة في كل المجالات وكل القطاعات، ونحن الآن منفتحون على كل البلدان التي لديها الخبرة والإمكانية".

وأشار إلى أن الفترة الماضية شهدت لقاءات في تركيا للتنسيق مع وزارة الخارجية للتعاون بين البلدين.