بعد ثلاثة أيام من اتفاق جنيف الذي تم التوصل إليه بين طرفي النزاع في ليبيا برعاية الأمم المتحدة، وقعت حكومة الوفاق اتفاقية أمنية مع قطر، ما أثار مخاوف لدى مراقبين حول مدى مخالفتها للاتفاق الذي تم التوصل إليه في جنيف.
مذكرة تفاهم في مجال التعاون الأمني بين #وزارة_الداخلية بحكومة الوفاق ووزارة الداخلية بدولة #قطر pic.twitter.com/V2QVEXF82u
— قناة ليبيا الأحرار (@libyaalahrartv) October 26, 2020
وسرعان ما دان الجيش الوطني الليبي، بقيادة خليفة حفتر الاتفاقية، واعتبرها "تقويضا للجهود الرامية لوقف إطلاق النار والتصعيد في ليبيا".
واستنكر بيان صادر عن رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب الليبي، طلال عبدالله الميهوب، ما وصفه بـ"خرق الاتفاق من طرف حكومة الوفاق بالتوقيع مع دويلة قطر".
لجنة الدفاع والأمن القومي في البرلمان الليبي: نستنكر رد فعل المجلس الاستشاري تجاه اتفاق جنيف وخرقه من جانب حكومة الوفاق بتوقيع مذكرة تفاهم أمنية مع قطر#ليبيا #الشاهد pic.twitter.com/viakocPUgF
— صحيفة الشاهد الليبية (@LyWitness) October 27, 2020
وتدعم تركيا وحليفتها قطر حكومة الوفاق في غرب ليبيا التي تعترف بها الأمم المتحدة، في النزاع ضد رجل شرق ليبيا القوي المشير، خليفة حفتر، الذي يحظى بدعم مصر والإمارات والسعودية وروسيا.
واستقبل رئيس الوزراء القطري الذي يشغل أيضا منصب وزير الداخلية، خالد بن خليفة آل ثاني، وزيري الخارجية، محمد سيالة، والداخلية، فتحي باغاشا، في حكومة الوفاق، الاثنين، ووقعوا على مذكرة تعاون في المجال الأمني.
ويأتي توقيع الاتفاق مع الدوحة بعدما وقع طرفا النزاع في ليبيا الجمعة "اتفاقا دائما لوقف إطلاق النار" بـ"مفعول فوري"، وفي نفس اليوم الذي انطلقت فيه المشاورات السياسية بين الفرقاء الليبيين، بهدف إيجاد توافق حول سلطة تنفيذية موحدة للبلاد.
ويقول الكاتب الصحفي المصري المتخصص في الشؤون الليبية، عبد الستار حتيتة، لـ"موقع الحرة" إن "حكومة الوفاق بدلا من أن تبدي حسن نوايا وتستعد للرحيل وفتح المجال أمام قيادات جديدة، ذهبت ووقعت اتفاقية أمنية مع قطر، كما أن تركيا لديها قاعدة عسكرية ووجودا عسكريا حاليا في شمال غرب ليبيا".
وأضاف "أعتقد أن هناك كثيرا من الأمور الخاطئة تحدث، وتحتاج إلى تفسير وعليها علامات استفهام كثيرة".
"بإيعاز تركي"
ويرى عضو مجلس النواب الليبي في طبرق، إبراهيم الدريسي، في حديث لـ"موقع الحرة" أن " الاتفاقية بين حكومة الوفاق وقطر تمت بإيعاز تركي لأغراض الكل يعلمها وليست خفية".
ويقول "ما الذي يرغم حكومة الوفاق على الجلوس للمفاوضات سواء بشقها العسكري 5+5 أو شقها السياسي؟ لماذا هذه الاتفاقية خاصة؟ إذا علمنا أن اتفاق جنيق العسكري ينص على تجميد كل الاتفاقيات الأمنية السابقة، وعدم توقيع اتفاقيات جديدة لحين إنشاء أو تشكيل حكومة أو برلمان منتخب".
ويضيف "أعتقد أن تركيا تضغط على حلفائها في حكومة الوفاق، وتريد تنازلات من القوى المتنافسة مثل روسيا، كما أنها تريد أن تستفيد من المسألة الليبية بأكبر قدر ممكن، فضلا عن أنها تريد الضغط على أوروبا فيما يتعلق بالهجرة غير الشرعية، خاصة إذا علمنا أن تركيا تدرب قوات موالية لحكومة الوفاق تحت ما يسمى بحرس الحدود".
"لا تعارض"
لكن المتحدث باسم وزارة الخارجية في حكومة الوفاق، محمد القبلاوي، أكد لـ"موقع الحرة" أن الاتفاقية لا تتعارض بين ما تم الاتفاق عليه في جنيف ومذكرة التفاهم التي أبرمناها مع قطر".
وأوضح أن "ما حدث في جنيف هو اتفاق على وقف إطلاق النار، لكن هذه مذكرة لبناء قدرات الشرطة والأجهزة الليبية من حيث التدريب والتأهيل ومكافحة الإرهاب، وليبيا عضو في التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب، ونحن منفتحون للتعاون الأمني مع كل دول العالم وليس قطر وتركيا فقط".
وأضاف القبلاوي أن "حكومة الوفاق هي الحكومة الشرعية والهدف الأساسي هو بسط السيطرة الأمنية، لأنه لا استقرار بدون قوات أمنية تحافظ على استقرار الدولة وتحارب الجرائم المنظمة والإلكترونية والإرهاب، وهذا مهم جدا في ظل عدم الاسقرار الذي نعيشه في ليبيا".
الكاتب الصحفي الليبي من طرابلس، عبدالله الكبيبر، علق بالقول إن الاتفاقية "ربما يأتي في إطار خشية حكومة الوفاق ألا تنجح الاتفاقات مع جانب حفتر في التوصل إلى حكومة موحدة ويعود الصراع فيكونوا جاهزين".
وأكد القبلاو أنه "لو تم الاتفاق على تشكيل حكومة وحدة وطنية، فإن أفراد الأمن سيتمتعون بدورات تدريبية تأهيلية خاصة فيما يتعلق بالجرائم الإلكترونية والتعرف على الهوية والجماعات الإرهابية والمتطرفين، الكل ستشمله الاتفاقية".
وبحسب المادة الثامنة من مذكرة التفاهم، فإنها تدخل حيز التنفيذ من تاريخ التوقيع عليها، وتسري أحكامها لمدة ثلاث سنوات تجدد تلقائيا لمدة مماثلة، مالم يخطر أحد الطرفين الطرف الآخر كتابيا عن طريق القنوات الدبلوماسية برغبته في إنهائها قبل ستة أشهر من تاريخ الانتهاء".
ويقول القبلاوي إنها "ستبقى مذكرة تفاهم إلى أن تأتي سلطة تشريعية موحدة من حقها أن تحولها إلى اتفاقية".
من جانبه أكد المتحدث الإقليمي باسم الخارجية الأميركية، سامويل وربيرغ، في تصريحات لقناة "الحرة" رفض الولايات المتحدة لأي تدخل أجنبي في ليبيا من أي طرف، مؤكدا على ضرورة إعطاء الليبيين الفرصة لتقرير مصير مستقبلهم بأنفسهم.
وتعليقا على مذكرة التفاهم قال إن "الولايات المتحدة ضد أي تدخل أجنبي في الأرض الليبية سواء تركيا أو قطر او روسيا أو أي دولة أخرى، ولابد أن يخوض الليبيون الفرصة لإدارة الأزمة بأنفسهم بدون أي تدخل".
ورحب وربيرغ باتفاق وقف إطلاق النار في ليبيا ووصفه بأنه "خطوة مهمة ولكنها الأولى في إطار التوصل للحل السياسي".