يتعقد المشهد السياسي في ليبيا وسط خلافات بشأن القاعدة الدستورية للانتخابات الرئاسية المقررة في 24 ديسمبر المقبل، خصوصا بعد فشل أعضاء ملتقى الحوار السياسي في التوصل لاتفاق بشأن القاعدة التي سيجرى على أساسها الاستحقاق .
ويلف الغموض مصير الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، التي يعول عليها الليبيون والمجتمع الدولي لبناء ليبيا موحدة تنعم بالسلام والاستقرار، بعد نحو 10 سنوات من الحرب الأهلية التي اندلعت عقب إسقاط نظام الرئيس الراحل معمر القذافي عام 2011.
وفي ملامح انفراجة، خرج قبل أيام رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح بتصريحات قال فيها إن البرلمان سيسعى لتشريع قانون جديد بخصوص الانتخابات الرئاسية، وهو ما يمكن اعتباره قاعدة دستورية يمكن البناء عليها.
وقال صالح عقب لقائه المبعوث الأممي إلى ليبيا يان كوبيتش الأربعاء الماضي إن "البرلمان شرع في تجهيز قانون انتخاب الرئيس بشكل مباشر من الشعب الليبي".
وأضاف أن البرلمان شرع أيضا بـ"توزيع الدوائر الانتخابية في أنحاء البلاد للوفاء بالاستحقاق الانتخابي في موعده". كما أكد صالح على ضرورة إجراء الانتخابات في موعدها في الرابع والعشرين من ديسمبر المقبل.
وقال علي التكبالي عضو مجلس النواب الليبي في حديث لموقع "الحرة" إن قرار البرلمان بتشريع قانون لانتخاب رئيس مباشرة من الشعب "لم يخالف الإعلان الدستوري المؤقت الذي ينص على ذلك، وهو يخطو خطوة صحيحة في هذا الاتجاه".
والإعلان الدستوري المؤقت هو القانون الأسمى الحالي لليبيا، وأقر بعد الإطاحة بنظام معمر معمر القذافي قبل 10 سنوات، وتم الانتهاء من صياغته في 3 أغسطس 2011 من قبل المجلس الوطني الانتقالي، وينبغي أن يكون ساري المفعول حتى يتم كتابة وإقرار دستور جديد للبلاد.
وأضاف التكبالي أن هذه الخطوة التي قام بها البرلمان "هي ما كان يجب أن تفعله البعثة الأممية، التي أخطأت عندما اعتمدت على أعضاء ملتقى الحوار وليس على البرلمان لتشريع قانون الانتخابات، وقد حصل تضارب بالمهام بين الملتقى والبرلمان نتيجة لذلك".
ويتكون ملتقى الحوار من 75 عضوا يمثلون أطياف الشعب الليبي بمختلف فئاته وتقسيماته الجغرافية، ويدور الخلاف بينهم حول إجراء الانتخابات أولا أم الاستفتاء على الدستور.
وتنص خارطة الطريق المتفق عليها بالفعل من قبل أعضاء ملتقى الحوار، على إرساء قاعدة دستورية مؤقتة أولا ثم إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في 24 ديسمبر، ثم كتابة دستور دائم.
ويدور الخلاف أيضا حول كيفية انتخاب رئيس الجمهورية بالاقتراع المباشر من الشعب أم انتخابه من قبل أعضاء البرلمان، بالإضافة إلى شروط الترشح لمنصب رئيس الجمهورية.
وقال المحلل السياسي الليبي حسين مفتاح في حديثه لموقع "الحرة" إن الخطوة التي خطاها مجلس النواب الليبي وهي "تشكيل لجنة برلمانية مهمتها دراسة إمكانية أن يشرع مجلس النواب قانون الانتخابات هي من صلاحيات المجلس ومهامه".
وأضاف مفتاح أن "البرلمان من حقه وقادر على أن يصدر قانون الانتخاب"، وهنا توافق مع التكبالي بالقول إن ذلك "يتماشى مع الإعلان الدستوري الصادر عام 2011 وهو ما نظم كل العملية السياسية طيلة العشر سنوات الماضية، ويمكن الاعتماد عليه كقاعدة دستورية للانتخابات".
مطالب شعبية وتخوفات
وتظاهر عشرات الأشخاص الثلاثاء الماضي أمام مقر المفوضية العليا للانتخابات في العاصمة الليبية طرابلس، مطالبين السلطات بالالتزام بإجراء الانتخابات في موعدها في ديسمبر من هذا العام.
ورفع المتظاهرون شعارات تطالب بإجراء الانتخابات كحق أصيل للشعب الليبي في اختيار من يمثله.
وتتزايد المخاوف في ليبيا من احتمالية إلغاء الانتخابات، وخصوصا أن المشير خليفة حفتر كان قد حذر في نهاية مايو الماضي من "العودة إلى الحرب من جديد في حال فشلت العملية السياسية وتمت عرقلة إجراء الانتخابات".
وتعليقا على فشل أعضاء ملتقى الحوار السياسي الليبي في التوصل لاتفاق بشأن القاعدة الدستورية للانتخابات، خلال الجلسة الأخيرة من الحوار في جنيف، والتي انتهت في 2 يوليو الحالي، قال مفتاح إن "الخلافات على القاعدة الدستورية موجودة وواردة، ويمكن أن تستمر".
وأضاف مفتاح أن "اتفاق الصخيرات عام 2015 جعل مجلس الدولة شريك من ناحية استشارية في اتخاذ القرارات النهائية في مثل هذه الإجراءات (قانون الانتخابات)، وهذا ما قد يعطل الوصول إلى قاعدة دستورية".
ومن أهم البنود التي تضمنها اتفاق الصخيرات تشكيل المجلس الأعلى للدولة من أعضاء المؤتمر الوطني العام، والإبقاء على مجلس النواب الليبي المنتخب في يونيو 2014.
وكان رئيس المفوضية العليا للانتخابات، عماد السائح، أعلن الأسبوع الماضي عن بدء تحديث سجل الناخبين وافتتاح المركز الإعلامي للمفوضية، مضيفا أن "خيار التوجه نحو 24 ديسمبر في أتم الجاهزية وأن ذلك يتطلب بيئة مسؤولة".
من جهته، أكد رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبد الحميد الدبيبة، في منشور على تويتر أن حكومته ستوفر كل الدعم للمفوضية العليا للانتخابات.
نحث كافة الأطراف الوطنية و البعثة الأممية للإضطلاع بمسؤولياتهم و تغليب المصلحة العامة و التوافق حول صيغة كفيلة بإجراء الإنتخابات في موعدها و تمكين الشعب الليبي من ممارسة حقه في الإنتخاب.
— عبدالحميد الدبيبة Abdulhamid AlDabaiba (@Dabaibahamid) July 2, 2021
وأعلنت المفوضية يوم أمس في منشور لها على تويتر عن إحصائيات الناخبين، وأكدت أن أكثر من مليوني "ناخب مسجل قرروا أن يضمنوا حقهم في المشاركة وصناعة التغيير".
إحصائيات تسجيل الناخبين
— المفوضية الوطنية العليا للانتخابات (HNEC) (@LyHNEC) July 11, 2021
2,352,625 مليون مسجل قررو ان يضمنو حقهم في المشاركة وصناعة التغير .
هل انت أحد منهم؟ أو لم تقم بالتسجيل بعد؟ pic.twitter.com/u9eu3IzIlp