وسط محاولات برلمانية لإزاحته من السلطة، أقر رئيس الحكومة الليبية المؤقتة، عبد الحميد الدبيبة، الجمعة، سلسلة من خطط الإنفاق التي تحظى بشعبية، في خطوة اعتبرها البعض محاولة منه لتركيز موقعه وعدم استبداله.
ولكن المحلل السياسي، عبد السلام الراجحي، يرفض ربط الخطط الأخيرة بمحاولات الدبيبة لبقائه في رئاسة الحكومة، معتبرا أنه كان "لا بد منها".
ووعد الدبيبة بتقديم مساعدات لليبيين لشراء أراض ومنازل وقال إنه سيرفع بعض الرواتب التي تقدمها الدولة ويواصل دعم حالات الزواج.
وشدد الراجحي، في تصريحات لموقع "الحرة"، على أن "التعهدات المالية والاقتصادية ليست لمواجهة البرلمان المتمركز في شرق البلاد".
ويواجه الدبيبة، الذي تعهد ألا يسلم السلطة إلا بعد إجراء انتخابات، محاولات لإزاحته من حكومة الوحدة الوطنية المعترف بها دوليا، بعد تكليف البرلمان وزير الداخلية السابق فتحي باشاغا بتشكيل حكومة جديدة.
ويوضح الراجحي أن "تصريحات الدبيبة على بعض المشاريع كان قد تحدث عنها منذ فترة وفي عدة لقاءات جماهيرية"، مشددا على أنه "مخطط لها مسبقا، وليست بالجديدة".
وأضاف: "الخطط الأخيرة مرتبطة بالإقراض السكني واستكمال المشاريع المتوقفة منذ عام 2011، خصوصا المشاريع الإسكانية وتوزيع الأراضي".
في المقابل، يتمسك المحلل السياسي، أحمد بوعرقوب، في تصريحات لموقع "الحرة"، بعدم جدية تصريحات الدبيبة معتبرا أنها "مجرد كلام جماهيري شعبوي".
وتابع بوعرقوب: "الوعود التي أطلقها كالتي سبقتها لن تكون مترجمة على الأرض، حيث أنه وعد بحل مشكلة الكهرباء ولكنها لا تزال تنقطع عن طرابلس بحدود خمس ساعات يوميا".
وأشار إلى أن "البلاد تعاني من أزمة مالية معيشية في وقت كانت موازنة الحكومة بالمليارات"، مشددا على أن "هناك شح في السيولة نتيجة الفساد في السلطة".
ويأتي ذلك في لحظة حاسمة من المحاولة الهشة لانتزاع ليبيا من الفوضى والعنف اللذين تشهدهما منذ أكثر من عشر سنوات بعد انهيار الانتخابات العامة المزمعة في ديسمبر ، مع تخوف ليبيين من أن تؤدي الأزمة السياسية الجديدة إلى اندلاع صراع جديد.
وتحرك البرلمان، الذي انحاز في الغالب إلى قوات شرق ليبيا في الحرب الأهلية التي بدأت في 2014، للسيطرة على العملية السياسية بعد انهيار الانتخابات، وفقا لرويترز.
ولكن الراجحي يؤكد أنه "من صعب تصور شكل الصراع المرتقب بعد محاولات البرلمان، ولكن دون أدن شك لن يكون مسلحا"، معتبرا أن "التبادل في السلطة والانسحاب منها يتوقف عند رؤية الدبيبة وباشاغا".
وتوقع الراجحي أن "يتم التوافق بين الطرفين بواسطة عربية وإقليمية".
وكذلك يرى بوعرقوب أنه "من الصعب الحديث عن صراع في تسليم السلطة، ولكن الانتقال سيكون بشكل سلمي وديمقراطي، بعد أن تحظى حكومة باشاغا بثقة البرلمان"، متوقعا أن يحصل ذلك في "جلسة واحدة".
ويقول الدبيبة، الذي أعلن الخطة في كلمة ألقاها بمناسبة ذكرى انتفاضة 2011 التي أطاحت بمعمر القذافي، إنه لن يعترف بشرعية تعيين باشاغا.
ولفت الراجحي إلى أن "الكتل السياسية المشاركة في حكومة الدبيبة لن توافق على استبداله طالما لم تضمن مقاعد لها في الحكومة الجديدة"، مبينا أن "لكل من الأطراف وجهات نظر ومسوغات قانونية وسياسية يستندون عليها".
ويجري باشاغا مشاورات مع الكتل السياسية ومن المقرر أن يقدم تشكيلة حكومة جديدة الأسبوع القادم، في خطوة ستحدد ما إذا كانت مساعي البرلمان في استبدال الدبيبة قد نجحت أم أن مصيرها الفشل.
بينما يؤكد بوعرقوب أن "رئيس الحكومة المكلف يجرى مفاوضات ومباحثات جدية من أجل إرضاء مجلسي الدولة والنواب، وهذا سيشكل الغلبة في المنافسة السياسية الجارية"، معربا عن أمله في أن "تكون الحكومة الجديدة جامعة وموحدة لجميع الليبيين".
ويصر بوعرقوب على أن "التواصل موجود مع جميع الأطراف ذات العلاقة لتقديم التشكيلة الحكومية الجديدة التي ستضم حوالى 20 وزيرا"، مضيفا "الحكومة غير المصغرة هي ضرورة لإرضاء جميع الفرقاء السياسيين".
وكان رئيس البرلمان، عقيلة صالح، قد اعتبر آن حكومة الوحدة الوطنية لم تعد صالحة وأن المجلس وضع خارطة طريق تضمنت إعادة صياغة الدستور المؤقت وتعيين حكومة مؤقتة جديدة وتأجيل الانتخابات.
ويتهم منتقدو صالح بأنه يسعى لتأجيل الانتخابات التي ستغير البرلمان وباستغلال العمليات البرلمانية لإجازة تعيين باشاغا رئيسا للوزراء، وهو ما ينفيه كلاهما.
وكان الدبيبة قد قال إن مجلس النواب انتهت شرعيته بعد ثماني سنوات من انتخابه وتعهد بطرح خارطة طريق في الأيام المقبلة لإجراء الانتخابات العامة في يونيو حزيران.