الخسائر المالية الناجمة عن إغلاق المنشآت النفطية في الشرق تجاوزت 3.5 مليار دولار. أرشيف
الخسائر المالية الناجمة عن إغلاق المنشآت النفطية في الشرق تجاوزت 3.5 مليار دولار. أرشيف

أعلنت حكومة الوحدة الليبية برئاسة عبد الحميد الدبيبة، الأربعاء، أنها عينت المصرفي البارز فرحات بن قدارة، رئيسا للمؤسسة الوطنية للنفط، خلفا لمصطفى صنع الله، الذي سارع إلى رفض قرار إقالته.

وينص القرار الذي وقعه الدبيبة في السابع من يوليو، ونُشر الأربعاء، على تعيين بن قدارة رئيساً لمؤسسة النفط وأربعة أشخاص آخرين أعضاء في مجلس إدارة المؤسسة.

وذكرت صفحة "حكومتنا" التابعة لحكومة الوحدة الوطنية، في منشور على فيسبوك، الخميس، أن "رئيس مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط فرحات بن قدارة، وصل إلى مبنى المؤسسة لاستلام مهامه".

وسارع صنع الله إلى إعلان رفضه قرار إقالته، معتبرا أنه صادر عن حكومة "منتهية الصلاحية".

وقال صنع الله في بيان إن "قرار تشكيل مجلس إدارة جديد باطل قانونا لأنه صادر عن حكومة منتهية الصلاحية، كما أن المؤسسة محمية بموجب القانون الدولي الذي يدعم وحدتها ويطلب عدم إقحامها في السياسة".

وكان الدبيبة أعلن في نهاية يونيو الماضي موافقته على طلب وزير النفط، محمد عون، تعيين مجلس إدارة جديد لمؤسسة النفط.

ودخل عون في خلافات وتبادل للاتهامات مع صنع الله، متهما الأخير بحجب بيانات الإيرادات والإنتاج عن الوزارة وبإصدار أوامر إلى الشركات بعدم الاعتداد بمراسلات وزارة النفط التي تتبع إليها المؤسسة قانونا.

ويرأس صنع الله مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط منذ 2014، وقد تقلد هذا المنصب بعدما تدرج في مناصب عدة في شركات نفطية وطنية.

ولصنع الله علاقات وطيدة مع شركات النفط الأجنبية العاملة في ليبيا.

السفير الأميركي يعلق

وقال سفير الولايات المتحدة لدى ليبيا، ريتشارد نورلاند، إنه "يتابع بقلق بالغ التطورات المحيطة بالمؤسسة الليبية للنفط، والتي تعتبر حيوية لاستقرار ليبيا وازدهارها".

وأضاف نورلاند في منشورات لسفارة الولايات المتحدة لدى ليبيا على تويتر، أنه "يجوز الطعن في قرار استبدال مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط في المحكمة، ولكن يجب ألا يصبح موضوع مواجهة مسلحة".

وأكد نورلاند أن "المؤسسة ظلت مستقلة سياسيا وكفؤة تقنيا تحت قيادة مصطفى صنع الله".

وكانت دول غربية عدة دعت إلى النأي بقطاع النفط في ليبيا عن الصراعات والمحافظة على استقرار إدارة النفط الذي تشكل وارداته أكثر من 96 في المئة من إيرادات ليبيا من العملة الصعبة.

وطيلة السنوات الماضية دخل صنع الله في خلافات كبيرة مع الحكومات المتعاقبة، كما أنه على عداء مع "الصديق الكبير"، محافظ البنك المركزي الليبي، الذي يتهمه بالتصرف بطريقة "غير عادلة" بإيرادات النفط وحجب الميزانيات اللازمة لدعم المنشآت النفطية.

أما فرحات بن قدارة (57 عاما) فهو مصرفي تنحدر أصوله من بنغازي (شرق) وتقلد مناصب عدة في مجال البنوك والمال والأعمال في ليبيا وخارجها. وكان أبرز هذه المناصب توليه منصب محافظ البنك المركزي بين عامي 2006 و2011 في عهد الزعيم الراحل معمر القذافي.

وتواجه ليبيا أزمة حادة بسبب تراجع إنتاج النفط، وتغلق مجموعات محلية وقبلية منذ أبريل ستة حقول وموانئ نفطية في الشرق، في منطقة تسيطر عليها القوات الموالية للمشير خليفة حفتر.

وهذه الحقول والموانئ مغلقة احتجاجا على استمرار رئاسة عبد الحميد الدبيبة للحكومة في طرابلس وعدم تسليمه السلطة إلى الحكومة الجديدة المعينة من مجلس النواب.

وقبل أسبوعين أعلنت المؤسسة الوطنية للنفط أن حجم الخسائر المالية الناجمة عن إغلاق المنشآت النفطية في الشرق تجاوزت 3.5 مليار دولار.

ويتفاقم الانقسام في ليبيا مع وجود حكومتين متنافستين، الأولى في طرابلس انبثقت من اتفاق سياسي قبل عام ونصف العام يرأسها عبد الحميد الدبيبة الذي يرفض تسليم السلطة إلا إلى حكومة منتخبة، والثانية برئاسة فتحي باشاغا عينها البرلمان في فبراير ومنحها ثقته في مارس وتتخذ من سرت (وسط) مقرا مؤقتا لها بعدما مُنعت من دخول طرابلس رغم محاولتها ذلك.

تعاني ليبيا من انقسامات ونزاعات مسلحة وصراع سياسي
تعاني ليبيا من انقسامات ونزاعات مسلحة وصراع سياسي

أعربت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا الثلاثاء عن قلقها إزاء مقاطع فيديو متداولة على وسائل التواصل الاجتماعي تظهر "تعذيبا وحشيا وسوء معاملة" لمعتقلين في مركز احتجاز قرنادة في شرق ليبيا، فيما طالبت عدة أطراف حقوقية محلية ودولية بالتحقيق بينما لم يصدر تعليق بعد من السلطات الليبية بشأن تلك المقاطع.

واستنكرت البعثة الأممية ما قالت إنه "تعذيب وحشي وسوء معاملة" لمعتقلين في مقاطع فيديو بمركز قرنادة شرق ليبيا، وقالت في بيانها "في وقت تواصل فيه البعثة التحقق من ملابسات المقاطع المتداولة، فإنها تندد بشدة بهذه الأفعال التي تشكل انتهاكات خطيرة للقانون الدولي لحقوق الإنسان".

ولم يتسن لرويترز التحقق بشكل مستقل من موقع أو تاريخ اللقطات، لكن التفاصيل المعمارية التي ظهرت في المقاطع، بما في ذلك نوع البلاط على الأرض والرسوم على الجدران وقضبان الزنازين، تتماشى مع صور السجن من تقارير مؤكدة.

كما أوضحت البعثة أيضا أن اللقطات تتسق مع ما وصفتها بأنها "أنماط موثقة لانتهاكات حقوق الإنسان في مراكز الاحتجاز في أنحاء ليبيا".

ودعت البعثة الأممية لإجراء تحقيق فوري في الاتهامات، مضيفة أنها تنسق مع القيادة العامة للجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر من أجل "الوصول دون قيود لموظفي حقوق الإنسان التابعين لبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا وغيرهم من المراقبين المستقلين إلى منشأة قرنادة وكذلك مراكز الاحتجاز الأخرى الخاضعة لسيطرتها".

مطالب بالتحقيق

وإلى جانب البعثة الأممية، طالبت عدة أطراف حقوقية محلية ودولية السلطات في شرق ليبيا بالسماح لممثلي تلك الأطراف بزيارة مجمع سجون قرنادة والاطّلاع على أوضاع المحتجزين للتأكّد من سلامتهم والعمل على تقييم الظروف المعيشية والمعاملة التي يلقونها.

ويذكر أن ليبيا تشهد حالة من الفوضى وانعدام القانون بعد الإطاحة بنظام العقيد معمر القذافي عام 2011 وأصبحت البلاد تعيش انقساما سياسيا بين الشرق البلاد وغربها تحت قيادة حكومتين إحداهما في غرب البلاد وتحظى باعتراف دولي والأخرى في شرق البلاد عينها البرلمان الذي يتخذ من بنغازي (شرق) مقرا له.