سبف في رحلة إلى موسكو في يونيو 2010
سبف في رحلة إلى موسكو في يونيو 2010

كشفت رسائل اطلعت عليها صحيفة "الغارديان" البريطانية أسرارا من حياة البذخ والترف التي كان يعيشها سيف الإسلام القذافي قبل سنوات من الثورة التي أطاحت بوالده.

كان سيف الإسلام حينها هو الوريث الظاهر لديكتاتورية والده معمر القذافي ووجهها الدولي المقبول، حيث كان يقود المفاوضات مع بريطانيا بشأن تفجير لوكربي، وأطلق عليه المنتدى الاقتصادي العالمي لقب "القائد العالمي الشاب"، وفي أوقات فراغه، كان يدرس للحصول على درجة الدكتوراه في الفلسفة في كلية لندن للاقتصاد.

سبف في رحلة إلى موسكو في يونيو 2010

استمرت الأوقات المثالية للشاب الطامح، أربع سنوات أخرى، قبل اندلاع الثورة، بسبب سياسات والده، وتتحول إلى حرب أهلية ويقوم المتمردون بقتل القذافي بوحشية، قبل القبض على سيف الإسلام ، الذي اختفى بعد ذلك عن الأنظار.

بعد عقد من الزمان ، خرج سيف الإسلام من الأسر في معقل المتمردين في الزنتان ليعلن أنه سيرشح نفسه للرئاسة. 

وقع أوراق ترشيحه بيد أصيبت في الغارات الجوية التي أطاحت بنظام والده. 

قرار قضائي أعاد سيف الإسلام القذافي لسباق الانتخابات الرئاسية

وأدت الخلافات بين الفصائل المتناحرة إلى تأخير الانتخابات، مما أثار موجة من الاحتجاجات هذا الشهر، وتضغط الأمم المتحدة من أجل الاتفاق على موعد اقتراع جديد. 

وعندما يبدأ السباق على الرئاسة، يبدو أن العديد من الليبيين مستعدين لمنح سيف الإسلام أصواتهم، بحسب تحليل لصحيفة "الغارديان". 

يعود ذلك إلى أن الليبيين مصدومون من سنوات الحرب الأهلية، ويتوقون إلى الاستقرار النسبي الذي عهدوه في سنوات القذافي. 

لكن لن يكون الطريق ممهدا بالورود لسيف الإسلام، الذي من المقرر أن يمثل أمام محكمة الجنايات الدولية بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، مما يثير تساؤلات حول لياقته للمنصب. وهو مسؤول عن جرائم القتل والاضطهاد التي ارتكبتها قوات الأمن الخاضعة لسيطرته خلال الحرب، حسب الصحيفة البريطانية.

لكن يظل سيف الإسلام مرشحا بارزا للعودة على رأس هرم بلاد غنية بالنفط، ما جعل "الغارديان" تسلط الضوء على أنشطة الحاكم المحتمل في الوقت الذي بدأ دخول الحياة العامة، مما أدى إلى تقارب مع الحكومات الغربية، بحسب ما تبرزه رسائل بريد إلكتروني ووثائق اطلعت عليها الغارديان. 

مراسلات

وتقدم المراسلات بين سيف الإسلام ورفاقه لمحة نادرة من داخل نظام القذافي، خلال لحظة محورية في علاقة ليبيا ببريطانيا.

فعندما انتقل نجل القذافي إلى العاصمة البريطانية، عام 2002، اجتمع مع فريق مخصص لإدارة شؤونه، من قبل شركة الاستثمار الأجنبي الليبية (LFIC) في لندن. 

تمت إدارة الأنشطة من قبل مجموعة من الشباب الليبيين بمن فيهم فيصل الزواوي، منظم حفلة "بونتا ديل إيستي"، الذي كان في ذلك الوقت في الاتحاد الليبي لكرة القدم. 

كانت أوروغواي مجرد واحدة من العديد من الرحلات، حيث تعامل الزواوي مع اليخوت في البحر الأبيض المتوسط ، والنوادي في البحر الكاريبي، وطائرة خاصة ودعوة الفتيات لهذه الحفلات، بحسب "الغارديان". 

في بريطانيا، التقى سيف الإسلام بمسؤولين حكوميين، حيث "كان لديه الكثير ليناقشه". 

في عام 2003، بعد مفاوضات مطولة، أعلن أن ليبيا "ستقبل المسؤولية" عن تفجير طائرة بوينغ 747 تابعة لشركة "بان أميركان"، المعروفة بحادثة "لوكربي" وستدفع 2.7 مليار دولار كتعويض لأسر الضحايا.

وتعود الحادثة إلى 21 ديسمبر 1988 حين كانت الطائرة تقوم برحلة بين لندن ونيويورك عندما انفجرت فوق بلدة لوكربي الإسكتلندية ما أدى إلى مقتل 270 شخصا. 

تحول اهتمام سيف الإسلام إلى تأمين الإفراج المبكر عن عبد الباسط المقرحي، مفجر لوكربي المدان الذي تم تشخيص إصابته بسرطان البروستاتا أثناء سجنه بالقرب من غلاسكو، وتم تعيين وكلاء العلاقات العامة لإنشاء موقع على شبكة الإنترنت للإفراج عن المقرحي والضغط على الصحافة. 

استغل سيف القانون الاسكتلندي، الذي سمح للسجناء الذين يتوقع أن يموتوا خلال ثلاثة أشهر، بأن يتم الإفراج عنهم لأسباب إنسانية، فاستعان بالأطباء للحصول على تقارير منهم تفيد بأن المقرحي أمامه ثلاثة أشهر ليعيشها بعد أن فحصوه. 

أفرج عن المقرحي بالفعل عام 2009 لأسباب صحية، وتوفي عام 2012 عن ستين عاما في ليبيا حيث استقبل استقبال الأبطال.

تكشف الوثائق أنه بالإضافة إلى أن سيف الإسلام الذي كان يتحدث "لغة إنجليزية سلسة وممتازة"، كان يقود مفاوضات مع السياسيين، فإنه كان في اختلاط مع المجتمع أيضا، وكان له ولمرافقيه سلوكيات غريبة، حسب الغارديان.

في صيف عام 2009، حجز الزواوي يختا بطول 61 قدما بمحرك، مع قبطان واثنين من أفراد الطاقم الآخرين، بتكلفة 55 ألف يورو، ثم قام مدير شركة تأجير اليخوت بوضع الزواوي على اتصال بوكالة تأجير فتيات، حيث تحتوي سلسلة البريد الإلكتروني على صور من الوكالة لنساء عاريات في أوضاع مثيرة. 

وفي مايو 2010، تلقى سيف الإسلام بريدا إلكترونيا يبدو أنه من عارضة الأزياء الشهيرة نعومي كامبل، تتحدث فيه عن أن صديقتها سيدة المجتمع البريطانية، غيسلين ماكسويل، وابنة قطب الإعلام البريطاني، روبرت ماكسويل، تريد الذهاب إلى ليبيا "بقاربها" من أجل "المتعة" في سبتمبر، وتطلب من نجل القذافي جعل ذلك ممكنا. 

يجيب سيف الإسلام على البريد الإلكتروني: مرحبا نعومي  صديقتك مرحب بها في ليبيا. من فضلك اطلبي منها أن تتواصل مع محمد"، وهو اليد اليمنى لسيف. 

وتحاكم ماكسويل حاليا في الولايات المتحدة، بتهمة تقديم فتيات قاصرات لرجل الأعمال الأميركي المنتحر، جيفري إبستين، الذي اعتدى عليهن جنسيا.

كان سيف يختلط أيضًا مع سماسرة النفوذ العالميين في المنتدى الاقتصادي العالمي. 

وفي يناير 2011،  دعا كلاوس شواب،  رئيس ومؤسس المنتدى الاقتصادي العالمي، ، شخصيا سيف لحضور اجتماع دافوس السنوي، واصفا إياه في رسالة بأنه "صانع جسور ومدافع حقيقي عن الحوار". 

ولم يرد سيف الإسلام القذافي وفيصل الزواوي على طلبات التعليق، للصحيفة البريطانية.

وعندما اندلعت الحرب الأهلية في ليبيا بعد أسبوعين من دافوس، تعهد سيف بـ"القتال حتى آخر رجل، وآخر امرأة، وآخر رصاصة"، وقطع المنتدى الاقتصادي العالمي الاتصال به.

سيف وسط مؤيديه في طرابلس في أغسطس 2011

بدأ الزواوي على ما يبدو في شراء الخوذات والسترات الواقية من الرصاص والمركبات المدرعة من مجموعة بن جبر في الإمارات العربية المتحدة. وتلقى عرضا بالحصول على 120 مركبة، مقابل 23.8 مليون يورو، حسب صحيفة الغارديان.

لكن الزواوي كان يبحث في نفس الوقت أيضا عن مخرج، فقام باستفسارات حول شراء شقق في وسط لندن، ولاحقًا في وسط مدينة دبي.

بعد أيام قليلة من تلقيه عرض أسعاره من مجموعة بن جبر، غيّر الزواوي موقفه، وأصبح شاهدًا متعاونًا في القضية المرفوعة ضد سيف الإسلام أمام محكمة الجنايات الدولية في لاهاي، ثم أقام علاقات مع المجلس الوطني الانتقالي الذي سيطر على طرابلس بعد الثورة. 

وكان الزواوي، في النهاية، هو الذي كشف عن مكان سيف الإسلام، وأنه كان قريبا من الحدود مع النيجر. 

بعد القبض على سيف في نوفمبر 2011 قبل هربه إلى خارج ليبيا

وصل متمردو الزنتان إلى سيف الإسلام أولا، وتم اقتياده كرهينة ثمينة، قبل أن يطلقوا سراحه في 2017.

ولم يتم الكشف عن طبيعة الصفقة مع خاطفيه السابقين، لكن ابن الديكتاتور الراحل سيئ الصيت له الحرية في الترشح لمنصب الرئاسة حاليا في ليبيا، ولم تكن قضية المحكمة الجنائية الدولية المرفوعة ضده عائقا. 

مبنى مصرف ليبيا المركزي في طرابلس (رويترز)
مبنى مصرف ليبيا المركزي في طرابلس (رويترز)

قرر مجلس ادارة مصرف ليبيا المركزي، تخفيض سعر صرف الدينار الليبي مقابل العملات الأجنبية بنسبة 13.3 بالمئة. 

وبموجب هذا القرار، تصبح قيمة الدينار مقابل الدولار الأميركي 5.5677 دينار لكل دولار.

وتضاف لهذه القيمة، نسبة 15 بالمئة مفروضة من قبل مجلس النواب الليبي على بيع العملات الاجنبية، لتكون قيمة الدينار مقابل الدولار الأميركي 6.4 دينار تقريبا.

وقال محافظ مصرف ليبيا المركزي ناجي عيسى، إن المصرف "اضطر إلى استخدام جزء من احتياطاته الأجنبية، للحفاظ على استقرار سعر صرف الدينار الليبي".

وأشار في بيان، الأحد، إلى حدوث عجز بين النفقات والإيرادات بأكثر من 100 مليار دينار (20 مليار دولار تقريبا).

وبلغت النفقات العامة خلال 2024 نحو 224 مليار دينار، فيما بلغت الإيرادات 123 مليار دينار، مما أدى إلى عجز كبير، حسب البيان.

وأوضح المحافظ أن "التوسع في الإنفاق العام وزيادة في عرض النقود، تسببا في ضغوط على سوق النقد الأجنبي، وساهما في انخفاض قيمة الدينار الليبي".

وحذر من أن استمرار هذا الاتجاه في الإنفاق العام، سيؤدي إلى تفاقم العجز بحلول 2025 ليصل إلى 94 مليار دينار، وديون تتجاوز 330 مليار دينار.

ودعا المصرف إلى "التنسيق بين السلطات التنفيذية والتشريعية ومؤسسات الدولة، لوضع خطة اقتصادية واضحة وشاملة".

وتعتمد ليبيا في إيراداتها على بيع النفط الخام، الذي تراجعت أسعاره خلال العام الجاري إلى 65 دولارا للبرميل.

وصنفت ليبيا من ضمن أسوأ 10 دول في العالم على مستوى مؤشر مدركات الفساد العالمي لعام 2025.

يذكر أن أنه تتنافس على السلطة في ليبيا حكومتان، إحداها في طرابلس (غرب) برئاسة عبدالحميد الدبيبة، ومعترف بها من الأمم المتحدة، وأخرى في بنغازي شرقا ويرأسها أسامة حماد، وهي مكلفة من مجلس النواب ومدعومة من القائد العسكري خليفة حفتر.