شهدت طرابلس اشتباكات مسلحة بين مليشيات ما أثار مخاوف بشأن "انهيار الهدنة"
شهدت طرابلس اشتباكات مسلحة بين مليشيات ما أثار مخاوف بشأن "انهيار الهدنة"

بعد أيام قليلة من "اجتماع نادر بين قادة عسكريين كبار من غرب ليبيا وشرقها لتسمية رئيس أركان واحد لتوحيد المؤسسة العسكرية"، شهدت طرابلس، الخميس والجمعة،  اشتباكات مسلحة بين مليشيات، أعقبها اشتباكات أخرى، السبت، على مشارف مصراتة، ما أثار مخاوف بشأن "انهيار الهدنة".

وعلى مشارف مدينة مصراتة، اندلعت اشتباكات مسلحة، السبت، بين الفصائل المتناحرة بالقرب من تقاطع الطريق الساحلي الرئيسي المؤدي إلى طرابلس، وقال سكان المنطقة لـ"رويترز"، إن القتال استمر أقل من ساعة بين فصيلين مسلحين.

وحسب ما نقلته "رويترز"، فإن أحد الفصيلين المتورطين في اشتباكات، السبت، هما "قوة العمليات المشتركة المرتبطة بدبيبة"، وجماعة محلية أخرى لم تعلن عن انتمائها في الأزمة السياسية.

من جانبها أعلنت قوة العمليات المشتركة، اعتداء مسلحين على الدوريات التابعة لها في منطقة زريق عند بوابة الدافنية التابعة لمدينة مصراتة، كاشفة عن "وقوع إصابات بين عناصر القوة"، وفقا لموقع "بوابة أفريقيا".

بيان لقوة العمليات المشتركة

وفي بيان لها، قالت قوة العمليات المشتركة إن "قوات تابعه لها تعرضت لاعتداء مسلح في منطقة زريق خلال قيام مجموعة مسلحة تابعة لحكومة ،فتحي باشاغا، بعمل استيقاف غير مصرح به على الطريق الساحلي"، ظهر السبت.

وقبل ذلك، شهدت العاصمة الليبية، اشتباكات بين جهاز الردع لمكافحة الجريمة المنظمة والإرهاب و"كتيبة ثوار طرابلس"، بدأت ليل الخميس، وتجددت الجمعة، قبل أن يعلن الناطق باسم حكومة الوحدة، محمد حمودة، التوصل إلى اتفاق لوقف الاشتباكات بينهما، وفقا لموقع "الوسط" الليبي.

ووصفت "رويترز" تلك الاشتباكات بأنها "الأسوأ بالعاصمة الليبية منذ عامين مع تفاقم المواجهة السياسية".

ونقلت وكالة "الأناضول" التركية عن مسؤول أمني ليبي، قوله إن "سبب الاشتباكات "كان اعتقال جهاز الأمن الرئاسي للعقيد عصام عياد هروس التابع لجهاز الردع"، مؤكدا أن الإشكال "زال بالإفراج عنه بعد تدخل الدبيبة".

الاشتباكات تعد "الأسوأ بالعاصمة الليبية منذ عامين مع تفاقم المواجهة السياسية"

وأضاف المسؤول الأمني: "أظن أن الأمر خرج من دائرة الاعتقال وأصبح بسبب الدماء التي سالت، فالطرفان وقع منهما ضحايا"، وفقا لـ"الأناضول".

وقال الناطق باسم جهاز الإسعاف والطوارئ، أسامة علي، إن الحصيلة النهائية للقتلى جراء الاشتباكات التي شهدتها  طرابلس، بلغت 16 قتيلا منهم 6 مدنيين، بحسب حصيلة جديدة أصدرتها وزارة الصحة السبت. 

وقالت الوزارة في بيان إن "إحصائيات الوفيات والجرحى نتيجة الاشتباكات التي حصلت يومي الخميس والجمعة في طرابلس وعين زارة بلغت 16 قتيلا و52 جريحا"، موضحة أن إصاباتهم "متفوتة" الخطورة.

بينما أعلنت الشركة العامة للكهرباء تضرر المواصلات الهوائية، وتوقف دائرة النقل الرئيسية جهد 220ك ف  رقم 2 الرابطة بين محطة بئر الاسطى ميلاد  ومحطة عين زاره، بسبب الاشتباكات، بحسب بيان على "فيسبوك".

أعربت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا عن "قلقها البالغ" بسبب الاشتباكات

وبسبب الاشتباكات، قالت شركة الاتصالات إن "اتصالات الهاتف المحمول انقطعت بسبب الاضطرابات"، وفقا لرويترز

وأوقفت الرحلات في مطار معيتيقة الرئيسي بطرابلس لساعات، قبل أن تعلن السلطات في وقت لاحق "استئناف العمل بالمطار".

وأعربت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا عن "قلقها البالغ" ودعت "جميع الليبيين لكي يبذلوا كل ما بوسعهم للحفاظ على الاستقرار الهش للبلاد في هذا التوقيت الحساس وممارسة أقصى درجات ضبط النفس ومعالجة خلافاتهم عبر الحوار"، وفقا لـ"فرانس برس".

وعلى أثر الاشتباكات، عقد رئيس المجلس الرئاسي الليبي، محمد المنفي، والدبيبة، اجتماعا مع عدد من القادة العسكريين، وأشارت "بوابة إفريقيا" إلى إقالة وزير الداخلية، خالد مازن.

وكشفت وسائل إعلام ليبية تكليف الدبيبة لوزير الحكم المحلي، بدر الدين الصادق التومي، بتسيير مهام وزارة الداخلية، اعتبارا من الجمعة.

وجاء ذلك التصعيد، بعد أيام من خطوات لـ"توحيد المؤسسة العسكرية"، وحديث عن "جمع شمل الفرقاء الليبيين"، عقب اجتماعات بين وفد يرأسه الفريق أول، عبد الرزاق الناظوري، رئيس أركان قوات المشير، خليفة حفتر، في شرق ليبيا، وآخر برئاسة الفريق أول، محمد الحداد، رئيس أركان القوات العسكرية في غرب ليبيا.

وفي أعقاب الاجتماعات، تم إصدار بيان، يؤكد "إقرار تفعيل القوة المشتركة التي تم الاتفاق بشأنها في اتفاق وقف إطلاق النار الساري بين الطرفين".

واتفق الطرفان على وضع خطة لبدء تسيير دوريات حدودية لحماية الحدود الليبية ومنع الهجرة غير الشرعية والجريمة المنظمة ومكافحة الإرهاب.

جاء التصعيد بعد أيام من خطوات لـ"توحيد المؤسسة العسكرية"

ويتفاقم الانقسام في ليبيا مع وجود حكومتين متنافستين، الأولى في طرابلس انبثقت من اتفاق سياسي قبل عام ونصف عام يرأسها، عبد الحميد الدبيبة، الذي يرفض تسليم السلطة إلا إلى "حكومة منتخبة".

والحكومة الثانية برئاسة فتحي باشاغا عينها البرلمان في فبراير ومنحها ثقته في مارس وتتخذ من سرت (وسط) مقرا موقتا لها بعد منعها من دخول طرابلس رغم محاولتها ذلك، وفقا لـ"فرانس برس".

ليبيا تعاني فوضى سياسية وأمنية منذ إسقاط القذافي. ـ صورة تعبيرية.

أعربت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا عن ذعرها وقلقها من "موجة الاحتجازات والتوقيفات التعسفية نفذتها أجهزة إنفاذ القانون وأطراف أمنية" في عموم البلاد.

وأضافت البعثة، في بيان على منصة "إكس"، أن هذه الأطراف "تستغل سلطة الاحتجاز والتوقيف المناطة بها لاستهداف أفرادٍ على ضوء انتماءاتهم السياسية المزعومة وتكميم أفواه كل من ينظر إليه كمعارض وتقويض استقلال القضاء".

وأشارت البعثة الأممية إلى أن "هذه الممارسات غير القانونية تتسبب في خلق مناخ من الخوف وتحجيم الحيز المدني وتهالك سيادة القانون".

حالات "احتجاز تعسفي"

وعدّدت البعثة الأممية بعض أعمال العنف والاحتجاز التعسفي للعاملين في مجال القانون وأعضاء هيئة القضاء، إذ تعرض القاضي علي الشريف لتوقيف "اتسم بالعنف" في مدينة طرابلس في 10 مارس.

وأشارت إلى أن "الاحتجاز التعسفي المستمر لكل من المحامي منير العرفي، في بنغازي منذ 12 مارس، وكذلك اثنين من المدعين العسكريين وهما منصور داعوب ومحمد المبروك الكار منذ 2022 في طرابلس، يسلط الضوء على الارتفاع في وتيرة التهديدات التي تطال العاملين في مجال القانون والنيل من استقلاليتهم".

وفي طرابلس، أشارت البعثة الأممية إلى أن عضو مجلس النواب، علي حسن جاب الله "ما زال قابعًا في الاحتجاز التعسفي"، لما يزيد على عام بأكمله قبل صدور الحكم عليه في أكتوبر 2024 في "محاكمة عسكرية مشوبة بالمخالفات وحرمانه من الحق في إجراءات التقاضي السليمة".

كما أوضحت البعثة أن "مدير عام مكتب استرداد أموال الدولة الليبية وإدارة الأصول المستردة محمد المنسلي تعرض للاحتجاز التعسفي منذ 7 يناير الماضي".

وقالت البعثة الأممية إن المئات "يحتجزون بشكل غير قانوني" معتبرة أن مثل هذه الممارسات "أصبحت أمرًا طبيعيًا في ليبيا، إذ يحتجز مئات غير هؤلاء بشكل غير قانوني في عموم ليبيا".

وأعربت البعثة عن "قلقها إزاء ظاهرة الاعترافات المسجلة حيث يحتجز الأفراد ويجبرون على الاعتراف بارتكاب جرائم مزعومة، ومن ثم تنشر هذه الأفلام التسجيلية عبر الإنترنت، بحيث تستخدم هذه الاعترافات المسجلة لترهيب الأفراد المستهدفين وإهانتهم".

فيما رحبت البعثة بتمكنها مؤخرا من دخول مرافق الاحتجاز ولو جزئيا في عموم البلاد، قائلة إن هذا "يمكنها من التواصل الملموس للتصدي للانتهاكات والإساءات الممنهجة في إطار الاحتجاز"، مطالبة بإتاحة دخولها لمرافق الاحتجاز كافة في عموم ليبيا دون أي عوائق.