مدينة درنة أصبحت منكوبة
مدينة درنة أصبحت منكوبة

لقي آلاف الأشخاص مصرعهم جراء فيضانات وسيول ناجمة عن أمطار غزيرة هطلت على شرق ليبيا خلال الأيام الماضية، بعدما اجتاحت العاصفة "دانيال" بعض المناطق المطلة على البحر المتوسط، وفق ما أفاد مسؤولون، الثلاثاء.

ونتيجة العدد الكبير للضحايا بالإضافة إلى آلاف المفقودين، تطرح تساؤلات عن الأسباب الحقيقية وراء تلك الحصيلة الكبرى، فيما أوضح مسؤولون لموقع "الحرة" طبيعة ما حصل وجغرافية تلك المنطقة التي تأثرت بشدة.

ووصف خبراء العاصفة دانيال التي ضربت أيضا أجزاء من اليونان وتركيا وبلغاريا في الأيام الأخيرة حيث أسفرت عن سقوط 27 قتيلا على الأقل بأنها "شديدة للغاية من حيث كمية المياه التي تساقطت خلال 24 ساعة"، وفقا لفرانس برس.

العاضفة شديدة للغاية من حيث كمية المياه التي تساقطت خلال 24 ساعة

وضربت العاصفة شرق ليبيا بعد ظهر الأحد، لا سيما بلدة الجبل الأخضر الساحلية إضافة إلى بنغازي حيث تم إعلان حظر تجول وإغلاق للمدارس لأيام.

انهيار سدود

لكن ما حصل في مدينة درنة التي تعد 100 ألف نسمة وتقع في وادي نهر يحمل الاسم نفسه، كان كارثيا بامتياز.

وذكر وزير الصحة في الحكومة المكلفة من البرلمان الليبي، عثمان عبد الجليل، الثلاثاء، لـ"الحرة"، أن عدد الوفيات في المناطق المتضررة من العاصفة دانيال تجاوز الـ 3 آلاف قتيل.

مدينة درنة تقع في وادي نهر يحمل الاسم نفسه

وأضاف أن الكارثة أتت بعد انهيار السدود فوق درنة، لتجرف أحياء بأكملها وبسكانها إلى البحر.

موقع منخفض

ومن الأسئلة الواقعية أيضا معرفة حالة البنية التحتية في المدينة وتأثير موقعها الجغرافي على عدد الضحايا.

وفي هذا الشأن يقول مدير مكتب الإعلام بوزارة الداخلية الليبية في شرق ليبيا، الرائد محمد أبو لموشة، إن موقع درنة الجغرافي هو الذي جعلها تتأثر أكثر من باقي المناطق التي ضربها دانيال.

وأوضح المسؤول الحكومي، في حديثه لموقع "الحرة"، أن "درنة هي مدينة ساحلية وتقع في موقع منخفض جغرافيا".

وقال إن "هذه المنطقة منخفضة جدا وهي محاطة بالجبال، ونتيجة الأمطار الغزيرة والسيول انجرفت الكثير من المنازل".

موقع درنة الجغرافي هو الذي جعلها تتأثر أكثر من باقي المناطق

ولدى سؤاله عما إذا كانت هناك عشوائيات أو بنية تحتية متهالكة، أكد أن "المباني في حالة جيدة ولا وجود لمناطق عشوائية، والبنية التحتية بحالة سليمة وجيدة، لكن كمية الأمطار والسيول والفيضانات كانت كبيرة جدا وغير مسبوقة وقوية".

ولو كانت البنية التحتية بـ"حالة ممتازة لما تحملت ذلك"، وفقا لحديثه.

وأشار إلى أن "الوضع كارثي ومأساوي"، وإلى أنه "تم تحذير السكان من العاصفة قبل وصولها لكن لم يستجيبوا للنداءات".

منظور علمي

ومن ناحية علمية، ترى الخبيرة بالطقس والتغير المناخي، شادن دياب، أن "المناطق التي يمكن أن تتعرض لأمطار يجب أن تكون مجهزة ببنية تحتية مناسبة".

وقالت في حديثها لموقع "الحرة" إنه "عند دراسة الكوارث الطبيعية، نقوم دائما بدراسة السيناريوهات، وفي المناطق المعرضة للأمطار، يجب أن تكون البنية التحتية مهيأة لتصريف مياه الأمطار".

السيول جرفت منازل ومركبات

وأضافت أن "هذا النوع من الدراسات يقوم على العمل من جهتين، بمعنى أن نتوقع بداية، وهذا هو دور المراكز المسؤولة عن الكوارث، وثانيا أن نتأقلم ونحضر البنية التحتية".

وتابعت "هناك شيئ اسمه دراسة الخطر، والمشكلة هنا (في الحالة الليبية)، تجمعت كل الأسباب والعوامل الطبيعية وتلك المتعلقة بالبناء والبنية التحتية لتتحول إلى كارثة، وبالتالي أصبحت المنطقة منكوبة".

توقعات

ويتوقع أن ترتفع حصيلة قتلى الفيضانات في شرق ليبيا بشكل هائل في ظل وجود 10 آلاف مفقود، وفق ما حذر الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر، الثلاثاء.

وقال المسؤول في المنظمة، طارق رمضان، للصحفيين في جنيف "لا نملك أرقاما نهائية" لعدد القتلى حاليا لكنه أوضح أن "حصيلة القتلى ضخمة وقد تصل إلى الآلاف"، فيما أكد بأن "عدد المفقودين وصل إلى نحو 10 آلاف شخص".

وأعرب عن أمله في التوصل إلى أرقام أكثر دقة في وقت لاحق، الثلاثاء.

درنة هي مدينة ساحلية وتقع في موقع منخفض جغرافيا

وقال رمضان إن "الاحتياجات الإنسانية تتجاوز بأشواط إمكانيات الصليب الأحمر الليبي وإمكانيات الحكومة".

وتابع أنه "لهذا السبب أطلقت الحكومة في الشرق نداء للحصول على مساعدات دولية وسنطلق نحن نداء عاجلا قريبا أيضا".

وضربت العاصفة دانيال شرق ليبيا بعد ظهر الأحد، خصوصا بلدات الجبل الأخضر الساحلية (شمال شرق) إلى جانب بنغازي حيث تم الإعلان عن حظر للتجول وإغلاق المدارس.

السفن الحربية الروسية قد تحصل على حقوق الرسو الدائم في ميناء ليبي
السفن الحربية الروسية قد تحصل على حقوق الرسو الدائم في ميناء ليبي

نشرت وكالة بلومبرغ تفاصيل اتفاق دفاعي تتم صياغته بين روسيا والقائد العسكري الليبي، خليفة حفتر، يسمح بزيادة التواجد العسكري الروسي في ليبيا.

وقالت الوكالة نقلا عن مصادر مطلعة إن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، وحفتر، القائد العسكري القوي في شرقي ليبيا، يعملان على بلورة اتفاق دفاعي بعد زيارة حفتر لموسكو، في سبتمبر الماضي، ولقاء بوتين.

وذكر الأشخاص المطلعون، الذين طلبوا عدم ذكر أسمائهم، أن الخطة الجديدة قد تفضي إلى إنشاء قاعدة بحرية، مما يمنح موسكو موطئ قدم كبيرا على عتبة أوروبا الجنوبية.

وكان حفتر، الرجل النافذ في شرق ليبيا، زار موسكو، في سبتمبر الماضي، حيث حظي باستقبال رسمي، والتقى بوتين.

وفتحت زيارة خليفة حفتر إلى موسكو باب التكهنات بشأن انخراط روسيا في ليبيا بشكل أكبر، وسط إعادة موسكو سيطرتها على مجموعة "فاغنر" التي سبق لمرتزقتها القتال بليبيا إلى جانب قوات رجل الشرق القوي.

وأقامت موسكو علاقات وثيقة مع حفتر، الذي لجأ إلى مرتزقة "فاغنر" في محاولته التي باءت بالفشل للسيطرة على طرابلس، بين أبريل 2019 ويونيو 2020.

وقالت بلومبرغ إن نشاطات "فاغنر" لتعزيز مصالح الكرملين في أفريقيا والشرق الأوسط سمحت لموسكو بتعزيز وجودها العسكري الأجنبي بسرعة، مشيرة إلى أنها تسعى إلى إنشاء قاعدة بحرية على البحر الأحمر في السودان، مما يتيح لها الوصول الدائم إلى قناة السويس والمحيط الهندي وشبه الجزيرة العربية، على الرغم من أن الصراع الأهلي في السودان قد يؤخر هذه الخطط.

ويسيطر حفتر على العديد من المنشآت النفطية الرئيسية في ليبيا، ويبحث عن أنظمة دفاع جوي لحمايته من القوات المنافسة له في طرابلس، التي يدعمها الجيش التركي، وفقا لأشخاص مقربين من الجيش الوطني الليبي.

وأضاف هؤلاء الأشخاص أنه يريد أيضا تدريب طياري القوات الجوية والقوات الخاصة. وفي المقابل، سيتم تحديث عدد من القواعد الجوية التي تحتلها حاليا قوات "فاغنر"، لتكون قادرة على استضافة القوات الروسية.

وقد تحصل السفن الحربية الروسية أيضا على حقوق الرسو الدائم في ميناء ليبي، سيكون على الأرجح ميناء طبرق، الذي يقع على بعد بضع مئات من الكيلومترات من اليونان وإيطاليا، وفقا لأشخاص آخرين على علم بالمحادثات، لكنهم قالوا إن هذا قد يكون هدفا طويل الأمد، لأنه سيتطلب تحديثا كبيرا لمرافق الموانئ.

ولا تملك روسيا حتى الآن سوى قاعدة بحرية واحدة في البحر الأبيض المتوسط، في طرطوس السورية.

ولم يرد المتحدث باسم بوتين، ديمتري بيسكوف، على أسئلة بلومبرغ بشأن الصفقة العسكرية المحتملة، ولم تستجب وزارة الدفاع في موسكو لطلبات التعليق، ولم يرد المتحدث باسم الجيش الوطني الليبي، أحمد المسماري، على المكالمات على هاتف،. ولم تستجب الحكومة الليبية، التي تتخذ من طرابلس مقرا لها، لطلبات التعليق.

الموقف لأميركي

وتقول بلومبرغ إن زيادة النشاطات العسكرية الروسية في ليبيا تمثل تحديا جديدا لواشنطن وحلفائها الأوروبيين، الذين يخوضون بالفعل مواجهة مع الكرملين على خلفية غزو أوكرانيا، فضلا عن وجود مخاوف من أن تلعب روسيا دورا أكبر لو تأجج الصراع في الشرق الأوسط من جراء الحرب بين إسرائيل وحماس. 

وقال جوناثان وينر، المبعوث الأميركي الخاص السابق إلى ليبيا، إن الإدارة الأميركية تأخذ هذا التهديد "على محمل الجد"، مشيرا إلى أن إبقاء روسيا خارج البحر المتوسط كان هدفا استراتيجيا رئيسيا للولايات المتحدة، لكن في حال إذا حصلت روسيا على موانئ هناك، فإن "ذلك يمنحها القدرة على التجسس على الاتحاد الأوروبي بأكمله".

ومع القلق من علاقة حفتر وموسكو، أجرى مسؤولون أميركيون كبار سلسلة من الزيارات لليبيا، هذا العام، في محاولة لإقناع حفتر بتغيير مساره.

وقبل أسبوع من محادثاته مع بوتين، التقى قائد القوات الأميركية في أفريقيا، الجنرال مايكل لانغلي، والمبعوث الأميركي الخاص الحالي إلى ليبيا، ريتشارد نورلاند، بحفتر في بنغازي، للضغط عليه من أجل إخراج القوات الأجنبية، بحسب القيادة الأميركية في أفريقيا.

والشهر الماضي، ندد نورلاند بالدور العسكري الروسي في ليبيا، ووصفه بأنه "مزعزع للاستقرار".

وبحسب وينر، المبعوث الأميركي السابق، فإن مشكلة الرئيس الأميركي، جو بايدن، أن روسيا تقدم مساعدة عسكرية لا تستطيع الولايات المتحدة تقديمها بسبب محاولة حفتر الفاشلة الإطاحة بالحكومة المعترف بها دوليا في طرابلس. وقال إنها في الوقت نفسه ليست مستعدة لمناقشة العقوبات، لذلك لا توجد تكلفة واضحة على حفتر في التحول إلى بوتين.

ومن شأن الاتفاق الدفاعي تعزيز الانقسامات بين شرق وغرب ليبيا، وتقليص فرص توحد البلاد بعد أكثر من 10 سنوات على الصراع منذ إطاحة معمر القذافي، بحسب كلوديا جازيني، محللة شؤون ليبيا في "مجموعة الأزمات الدولية".