الفيضانات تسببت بخسائر فادحة في درنة
الفيضانات تسببت بخسائر فادحة في درنة

تضم الحصيلة الضخمة للفيضانات التي ضربت درنة، عددا من الضحايا من غير الليبيين، وقد تم الإعلان عن مقتل عديد المصريين والسودانيين حتى الآن.

وفي حين لا تزال عمليات البحث عن جثث أخرى بين الوحل الذي خلفته الفيضانات، وعلى ضفاف الشواطئ المحيطة لهذه المدينة الساحلية، يبدو أن حصيلة القتلى من الجنسيات غير الليبية مرشحة للارتفاع.

والأربعاء، قال المتحدث باسم وزارة الداخلية في الحكومة التابعة للسلطات في شرق البلاد، طارق الخراز، إن هناك على الأقل 400 ضحية أجنبية "غالبيتهم من المصريين والسودانيين.

المصريون

تم الإبلاغ عن مقتل أكثر من 11300 شخص في درنة حتى الآن، وفقا للهلال الأحمر الليبي، منهم عشرات المصريين الذين عاشوا وعملوا في درنة لسنوات.

في غضون ذلك، أكد بيان لوزارة الخارجية المصرية، الأربعاء، أنه تم التعرف على هوية 84 شخصا من الضحايا المصريين.

لكن السلطات الليبية، قالت الجمعة، إنه تم حتى الآن العثور على جثث 145 مصريا قتلوا في درنة. 

وقالت وزارة الخارجية المصرية إن العشرات دفنوا في ليبيا بينما نُقل 84 إلى مدينة طبرق القريبة جواً.

EDITORS NOTE: Graphic content / This image grab from footage published on social networks by Libyan al-Masar television channel…
"من جحيم الفقر إلى فيضانات درنة".. أهالي مصريين مفقودين في ليبيا يترقبون أخبارهم
ما إن تطأ قدماك قرى كفر ميت سراج وجريس وشما بمحافظة المنوفية في مصر ستشعر بالحزن والخوف الذي يملأ قلوب الأهالي الذين يترقبون أي معلومة عن أبنائهم الذين فُقدوا في الفيضانات التي ضربت مدينة درنة الليبية خلال الأيام الماضية والتي تعرف بإعصار دانيال.

وقتل ما لا يقل عن 74 رجلا من قرية مصرية واحدة كانوا جميعهم يعملون في درنة "بعضهم لا يتجاوز عمره 17 عاما" وفق وكالة أسوشيتد برس.

وكان المزارع أشرف سعداوي عبد الفتاح يسقي محاصيله بجوار نهر النيل جنوبي العاصمة، القاهرة، ويتصفح هاتفه المحمول عندما علم بوفاة اثنين من أبنائه في الفيضانات التي اجتاحت ليبيا.

واطلع عبد الفتاح على قائمة أرسلت على وسائل التواصل الاجتماعي بأسماء المصريين الذين قتلوا في الفيضانات المروعة التي اجتاحت مدينة درنة في ليبيا، مساء الأحد، وفقا لوكالة "أسوشيتد برس".

وكان اسما ابنيه محمد، 23 عاما، وعبد الرحمن، 19 عاما، على القائمة، إلى جانب ستة أقارب، وعشرات الرجال الآخرين من قريتهم.

وقال عبد الفتاح، الخميس، : "إنها ليست صدمة كبيرة للعائلة فقط، بل للقرية بأكملها".

وقال رشاد عزت عبد الحميد، وهو مصري يبلغ من العمر 45 عاما نجا من الكارثة: "كان الأمر أشبه بالجحيم"، وأضاف أنه وسبعة مصريين آخرين هرعوا إلى سطح مبنى مكون من ثلاثة طوابق عندما اجتاح جدار المياه شارعهم بوسط المدينة.

ويوجد في درنة آلاف المصريين، معظمهم يعملون في مشاريع البناء في المدينة والمناطق المحيطة بها.

السودانيون

وذكرت وسائل إعلام ليبية أن عشرات المهاجرين السودانيين لقوا حتفهم في الكارثة. 

ولم ترد بعد أرقام دقيقة عن عدد القتلى السودانيين في درنة، ويبدو أن أغلبهم كان يعمل هناك منذ سنوات، وفق أسوشيتد برس.

وأصبحت ليبيا  نقطة عبور رئيسية للمهاجرين من الشرق الأوسط والأفارقة الفارين من الصراع والفقر بحثا عن حياة أفضل في أوروبا.

السوريون

أصبح  العشرات من السوريين الذين فروا من بلادهم هم أيضا إلى ليبيا، بحثا عن "الأمان" في عداد المفقودين ويخشى أن يكونوا لقوا حتفهم" تقول أسوشيتد برس.

في غضون ذلك، قال للمرصد السوري لحقوق الإنسان، إن "أكثر من 200 سوري بين ضحايا ومفقودي إعصار "دانيال".

ويتواجد عدد كبير من السوريين في ليبيا منذ سنوات، بفعل الفرص التي تقدمها البلاد كنقطة عبور إلى أوروبا، حيث أن الانفلات الحاصل هناك منذ عقد ذلّل مراقبة الحدود.

يشتغل السوريون حرفا مختلفة في ليبيا، من البناء إلى الخزف والنجارة، ومنهم من يقوم بأعمال حرة مثل التجارة.

الفلسطينون

أوردت عدة وسائل إعلام ووكالات أنباء أن من بين ضحايا الفيضانات أيضا، فلسطينيون.

وقالت وكالة الأناضول إن عدد الفلسطينيين الذين قضوا في هذه الكارثة بلغ 23 شخصا.

من جانبها، قالت وكالة "قدس برس" للأنباء أن عائلة فلسطينية مكوّنة من أب وزوجته وابنتيهما، لقوا جميعهم حتفهم في إعصار دانيال.

إلى ذلك، نقل ذات المصدر عن المستشار السياسي لوزير الخارجية والمغتربين في السلطة الفلسطينية، أحمد الديك، قوله إن سفارة السلطة الفلسطينية لدى ليبيا وقنصليتها العامة في بنغازي، أفادتا بوفاة أسرة المواطن الفلسطيني ناصر دوحان التي تتكون من خمسة أفراد، لترتفع الحصيلة الإجمالية لـ23 شخصا.

التونسيون

قالت صحيفة تونسية إن من بين ضحايا فيضانات درنة، التي أججها إعصار "دانيال" ثلاثة تونسيين.

ونقلت صحيفة "الشعب نيوز" عمن وصفته بالناشط الحقوقي، مصطفى عبد الكبير أن ثلاثة تونسيين، كهل وزوجته من ولاية نابل وكهل آخر من ولاية مدنين لقوا حتفهم في فيضانات درنة.

سفير تونس في ليبيا لسعد العجيلي: "جار البحث عن مفقودين توانسة في درنة.."

سفير تونس في ليبيا لسعد العجيلي: "جار البحث عن مفقودين توانسة في درنة.." #SbehEnnes☀️

Posted by Mosaïque FM on Thursday, September 14, 2023

من جانبها، لم تعلن السطات التونسية بعد، عن ضحايا، حيث قال سفيرها في ليبيا، لسعد العجيلي، إنه، ورغم وجود احتمال أن يكون تونسيون في عداد القتلى "إلا أنه لم يتأكد ذلك بعد".

صورة لمدينة درنة الساحلية الشرقية الليبية في 9 سبتمبر 2024 بعد عام من فيضانات تسببت في دمار كبير
صورة لمدينة درنة الساحلية الشرقية الليبية في 9 سبتمبر 2024 بعد عام من فيضانات تسببت في دمار كبير

بينما تستمر جهود إعادة الإعمار في ليبيا، وسط دعوات من الأمم المتحدة ومنظمات حقوقية للسلطات بعدم التقاعس عن تقديم التعويض والدعم الكافيَيْن لإعادة الإعمار، تواصل الحكومة الأميركية اتصالاتها مع السلطات في ليبيا، من أجل توظيف مقدرات البلاد لإعادة الإعمار.

وفي هذا الإطار، يزور بلقاسم حفتر (43 عاما) مدير صندوق التنمية وإعادة إعمار ليبيا، ونجل قائد الجيش الوطني الليبي خليفة حفتر، الولايات المتحدة بناء على دعوة من وزارة الخارجية الأميركية للقاء مع مسؤولين أميركيين والتنسيق معهم في الأمور التي تتعلق بإعمار ليبيا، بحسب تصريحات بلقاسم حفتر في مقابلة خاصة مع قناة "الحرة" الاثنين خلال زيارته للعاصمة الأميركية واشنطن.

وبلغت المساعدات الأميركية المقدمة لإعادة إعمار ليبيا نحو 900 مليون دولار حتى الآن، وفق تأكيد القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا "أفريكوم".

وكشف حفتر الاثنين أن المتوفر حاليا في صندوق إعمار ليبيا حسب ما تم تخصيصه من جانب مجلس النواب 10 مليار دينار (حوالي ملياري دولار)، مشيرا إلى أن "هذا المبلغ لا يكفي لإعمار الدولة الليبية بسبب ما حدث من إهمال طوال السنوات الماضية".

وتأتي زيارة بلقاسم حفتر مع مرور عام على كارثة درنة عندما ضربت العاصفة دانيال ساحل ليبيا الشرقي، وسببت فيضانات كبيرة في درنة في 11 سبتمبر في 2023 حيث انهار سدّان، ما أسفر وفق حصيلة رسمية عن سقوط نحو أربعة آلاف قتيل وفقدان آلاف الأشخاص ونزوح أكثر من 40 ألف شخص.

تدمرت أجزاء كبيرة من مدينة درنة في سبتمبر 2023

البنك الدولي قدّر من جهته احتياجات إعادة إعمار المدينة وجوارها بنحو 1.8 مليار دولار، وقال إن تأثير الكارثة طال قرابة 1.5 مليون شخص، ما يعادل 22% من سكان ليبيا.

ولإعادة الإعمار، أنشأت حكومة الشرق بقيادة أسامة حماد السنة الفارطة "صندوق إعادة إعمار مدينة درنة والمدن والمناطق المتضررة"، مهمته إعادة بناء وتنمية المناطق المتأثرة جراء إعصار دانيال، ويخضع الصندوق مباشرة لإشراف رئاسة مجلس الوزراء.

وقال بلقاسم حفتر إن نصف المدينة تدمرت حينها، وبعد مرور عام تغير كل شيء "حيث تمت إعادة بناء الوادي الذي تدمر، وبناء وصيانة المستشفيات التي كانت متهالكة منذ سنوات طويلة، وكذلك صيانة المدارس والبنية التحتية وشبكات الكهرباء وكل ما يلزم في المدينة".

جانب من المشاريع الجارية في درنة لإعادة إعمارها بعد عام من الفيضان المدمر

وفي الأشهر الأخيرة، تحوّلت درنة التي كان عدد سكانها يبلغ 120 ألف نسمة قبل الكارثة، إلى ورشة بناء ضخمة، بحسب وصف "فرانس برس".

وبعدما كان يطغى عليها اللون الأبيض مع الخلفية الزرقاء للبحر المتوسط، تحوّلت درنة إلى لوحة رمادية باهتة لكثرة ورش البناء والكتل الخرسانية.

وتظهر لقطات جوية رافعات موزّعة في ورش البناء على جانبي الوادي (النهر الجاف) الذي يعبر المدينة والذي عبرته الفيضانات جارفة الأنقاض وجثث الضحايا إلى البحر.

ومع وجود اتهامات بالفساد واحتمال إساءة استخدام الأموال العامة، قال بلقاسم حفتر لـ"الحرة" إن "الشفافية شيء مهم والصندوق فيه شفافية عن طريق إدارة المراقبة وإدارة المحاسبة، وكل العقود متبعة بشكل قانوني ومعلن".

وأشار بلقاسم حفتر إلى أن الصندوق يعمل على إعادة إعمار كامل البلاد، وأنه سيركز على مدن جنوب البلاد وخاصة في سبها والكفرة اللتين تعاني من "إهمال متعمد" منذ سنوات طويلة من حكومات متعاقبة، بحسب وصفه.

وقال: "يعاني الناس هناك من غياب أبسط الأمور، وقطاع الصحة متهالك ووضعه سيئ للغاية، وكذلك التعليم والكهرباء والطرق".

ومنذ سقوط معمر القذافي في 2011، وليبيا منقسمة إلى معسكرين متناحرين، يتمثل الأول في الحكومة المعترف بها من جانب الأمم المتحدة، والتي تتخذ في طرابلس مقرّا بقيادة عبد الحميد الدبيبة، ويتمثّل الثاني بسلطة تنفيذية مقابِلة يدعمها المشير خليفة حفتر الذي يسيطر على الشرق وجزء كبير من الجنوب.

لكن بلقاسم حفتر قال لـ"الحرة" إن هناك توافقا كبير بين الشرق والغرب في ليبيا بالنسبة للإعمار، مضيفا أن "الشارع الليبي يشعر بالفرق الذي حدث خلال الفترة السابقة في كل القطاعات".

ونفى وجود أي صفقات حاليا مع روسيا أو الصين. لكنه أشار إلى أن "كل دول العالم أتت إلى ليبيا للنقاش معنا في كيفية التعاون في إعادة الإعمار، لأن بلادنا تحتاج إلى شركات كبرى تقوم بأعمال كبيرة في كل المجالات وكل القطاعات، ونحن الآن منفتحون على كل البلدان التي لديها الخبرة والإمكانية".

وأشار إلى أن الفترة الماضية شهدت لقاءات في تركيا للتنسيق مع وزارة الخارجية للتعاون بين البلدين.