مشهد عام من حقل الشرارة
مشهد عام من حقل الشرارة

أمر النائب العام الليبي في طرابلس، الأربعاء، بحبس وزير النفط، رغم أنه لم يكن من الواضح من يشغل هذا المنصب حاليا في الوزارة الحاسمة وسط الاضطرابات السياسية المستمرة منذ فترة طويلة في الدولة العضو بمنظمة "أوبك"، وفقا لوكالة "بلومبرغ".

وجاء في بيان صادر عن مكتب النائب العام أن الوزير - الذي لم يُذكر اسمه - ومدير مكتبه متهمان بسلوك "لا يتفق مع مقتضيات الوظيفة المعهودة إليهما"، وأن "سلطة التحقيق تأمر بحبس وزير النفط في حكومة الوحدة الوطنية -المكلف، ومدير شؤون مكتبه".

وتثير هذه الخطوة حالة من عدم اليقين في صناعة تعاني من الاضطرابات، حيث يقع إنتاج النفط في كثير من الأحيان رهينة للصراعات بين الإدارات المتنافسة في طرابلس والشرق، وفقا لبلومبرغ.

وكان وزير النفط السابق، محمد عون، قد أُوقف عن العمل شهرين في وقت سابق من العام الحالي على ذمة التحقيق في مخالفات مزعومة، وتم تعيين، خليفة عبد الصادق، وزيرا مكلفا، قبل أن تتم تبرئة عون وإعادته إلى منصبه.

وعبد الصادق ورد اسمه في البيانات الوزارية الأخيرة على أنه الوزير، وقال عون الشهر الماضي إنه تم إيقافه عن العمل بعد أن استبعده رئيس الوزراء في حكومة الوحدة الوطنية (غرب)، عبد الحميد الدبيبة. وضغط على الحكومة إما للسماح له بالاستمرار في منصبه أو إقالته رسميا.

ولم ترد السلطات الليبية على الفور على المكالمات التي تطلب التعليق من بلومبرغ، الأربعاء.

وأورد البيان أن المتهمين هددا "مسؤول محاسبة الشركات لحمله على اعتماد مستند يجيز التصرف في 457 مليون و600 ألف يورو (نحو 500 مليون دولار) لفائدة شركة أجنبية بالمخالفة للتشريعات".

إنتاج مضطرب

وتمتلك ليبيا أكبر احتياطيات نفطية في أفريقيا، لكن الصراع السياسي المستمر كان له أثره. إذ انخفض الإنتاج الذي اقترب من 1.8 مليون برميل يوميا في 2008 إلى 100 ألف برميل يوميا بعد مقتل الرئيس الليبي، معمر القذافي، في 2011.

ووقع قطاع الطاقة في كثير من الأحيان في قلب الانقسامات بين كبار المسؤولين. ففي 2021، حاول عون نفسه إيقاف مصطفى صنع الله، رئيس المؤسسة الوطنية للنفط منذ فترة طويلة. وبنهاية المطاف، ترك صنع الله منصبه منتصف 2022 وسط اضطرابات سياسية أدت إلى انخفاض إنتاج النفط إلى ما دون 700 ألف برميل يوميا.

وفي أحدث اضطراب في بنية الطاقة التحتية، أوقف أكبر حقل نفط في ليبيا الإنتاج هذا الأسبوع، مما أدى إلى خسارة أكثر من 250 ألف برميل يوميا. وكانت البلاد تنتج حوالي 1.2 مليون برميل يوميا قبل الإغلاق.

وأعلنت المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا في بيان، الأربعاء، حالة القوة القاهرة في حقل الشرارة.

وقالت المؤسسة إن الظروف الحالية التي يشهدها حقل الشرارة النفطي الذي تبلغ طاقته الإنتاجية 300 ألف برميل يوميا، تمنع الشركة من "القيام بعمليات تحميل النفط الخام".

وأضافت أن الظروف ستؤدي إلى توقف العمليات النفطية وستؤثر أيضا على عمليات تصدير النفط من ميناء الزاوية.

وقالت المؤسسة، الثلاثاء، إنها قلصت إنتاج الحقل تدريجيا بسبب "ظروف القوة القاهرة الناجمة عن اعتصام تجمع حراك فزان".

وكثيرا ما استهدف محتجون محليون حقل الشرارة الذي يقع في جنوب غرب ليبيا ويشغله مشروع مشترك بين المؤسسة وشركة ريبسول الإسبانية وشركة توتال إنيرجيز الفرنسية وشركة أو.أم.في النمساوية وإكوينور النرويجية.

وقالت الشركة في بيانها "المؤسسة الوطنية للنفط ستخطركم بالعودة إلى الوضع الطبيعي فور زوال الظروف التي تسببت في القوة القاهرة".

ووصفت حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس محاولات إغلاق الحقل من محتجين محليين بأنها "ابتزاز سياسي".

وأغلق حقل الشرارة أيضا بسبب احتجاجات في يناير الماضي، وهو أحد الاضطرابات الكثيرة التي شهدها إنتاج النفط في ليبيا في عقد من الفوضى منذ انقسام البلاد عام 2014 بين إدارة في الشرق وأخرى في الغرب بعد الانتفاضة التي دعمها حلف شمال الأطلسي وأطاحت بمعمر القذافي في عام 2011.

السلطات الليبية تفرج عن عبد الرحمن ميلاد الملقب بـ"البيدجا"
"البيدجا" كان من الشخصيات الليبية الصادرة بحقها قرارات اعتقال دولية (أرشيف)

 أمر النائب العام الليبي، الصديق الصور، الأحد، بحبس "زعيم ميليشيا" وأحد مساعديه على ذمة التحقيق، في واقعة مقتل "أحد أخطر تجار البشر" في البلاد، عبد الرحمن ميلاد، المعروف باسم "البيدجا"، والمدرج على قائمة عقوبات الأمم المتحدة.

وسلم محمد بحرون، آمر ما يعرف بـ"فرقة الإسناد الأولى"، بالإضافة إلى أحد معاونيه، نفسيهما بعد ظهور مزاعم بشأن دورهما في واقعة مقتل آمر "معسكر الأكاديمية البحرية" عبد الرحمن ميلاد، الأسبوع الماضي، في طرابلس.

و"البيدجا" هو من الشخصيات الليبية الصادرة بحقها قرارات اعتقال دولية، بشبهة أنه "ضمن أخطر تجار البشر" في البلاد، وورد اسمه في التقرير الصادر عن مجلس الأمن في يونيو 2018، بوصفه "زعيم أخطر عصابة تهريب بشر في ليبيا".

وقال مكتب النائب العام في بيان بوقت متأخر السبت، إن "الادعاء العام أمر بحبس الرجلين بعد استجوابهما، وظهور أدلة على تورطهما في مقتل ميلاد".

وقتل ميلاد، الذي فرض عليه مجلس الأمن عقوبات وسُجن في ليبيا بتهمة الاتجار بالبشر، عندما تم إطلاق النار عليه من قبل مجهولين، في الأول من سبتمبر، أثناء وجوده في سيارته بمنطقة الصياد، في الجزء الغربي من طرابلس.

وأوضحت مصادر رسمية في الثاني من سبتمبر، أن ميلاد (34 عاما) "اغتيل في كمين نصبه له مسلحون مجهولون" في الصياد على مسافة 25 كلم غرب طرابلس، قرب قاعدة جنزور البحرية التي كان يتولى قيادتها.

وقال رئيس حكومة الوحدة الوطنية المعترف بها من الأمم المتحدة، ومقرها العاصمة طرابلس، عبد الحميد الدبيبة، على منصة "إكس": "تابعت بكل أسى تفاصيل العملية الآثمة التي طالت الرائد البحار عبد الرحمن سالم ميلاد ... وكلفت وزارة الداخلية والأجهزة المختصة بفتح تحقيق عاجل في واقعة استهدافه".

وحسب وسائل إعلام إيطالية وليبية، شارك ميلاد ومهرّبون آخرون عام 2017 في مباحثات مع مسؤولين إيطاليين، ساهمت في تحقيق انخفاض ملحوظ في عدد رحلات القوارب التي تقلّ مهاجرين من السواحل الليبية نحو ايطاليا.

وأوقفته السلطات الليبية في أكتوبر 2020، قبل الإفراج عنه في أبريل 2021.

كما صدرت بحقه مذكرة توقيف عن الانتربول بطلب من لجنة تابعة لمجلس الأمن الدولي الذي فرض في يونيو 2018 عقوبات على 6 زعماء لشبكات لتهريب المهاجرين في ليبيا.

وينحدر ميلاد وبحرون من مدينة الزاوية الغربية، حيث كان ميلاد يقود "وحدة خفر السواحل". وبرز كلاهما خلال الفوضى التي أعقبت الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بالزعيم الليبي معمر القذافي وأدت إلى مقتله عام 2011.

وفي الفترة التي عقبت ذلك، انقسمت الدولة الغنية بالنفط بين حكومتين متنافستين، إحداهما في طرابلس (غرب) برئاسة عبد الحميد الدبيبة، ومعترف بها من الأمم المتحدة، وأخرى في بنغازي شرقا ويرأسها أسامة حماد، ومكلفة من مجلس النواب ومدعومة من القائد العسكري خليفة حفتر.

وشغل كل من ميلاد وبحرون مناصب حكومية في الجزء الغربي من الدولة المطلة على البحر المتوسط.

ومنذ ذلك الحين، برزت ليبيا كقناة رئيسية للأشخاص من أفريقيا والشرق الأوسط الفارين من الحروب والفقر، على أمل الوصول إلى أوروبا عبر البحر المتوسط، من خلال قوارب الهجرة غير الشرعية.

وفي يونيو 2018، فرض مجلس الأمن عقوبات على ميلاد و5 قادة آخرين من الشبكات الإجرامية، لتورطهم المزعوم في تهريب المهاجرين وغيرهم من ليبيا.

في ذلك الوقت، وُصف ميلاد في تقرير للأمم المتحدة بأنه رئيس وحدة خفر السواحل في الزاوية "التي ترتبط باستمرار بالعنف ضد المهاجرين ومهربي البشر الآخرين" من العصابات المتنافسة.

وقال خبراء الأمم المتحدة الذين يراقبون العقوبات، إن ميلاد وأعضاء آخرين من خفر السواحل "متورطون بشكل مباشر في غرق قوارب المهاجرين".