يواجه المهاجرون غير النظاميين في ليبيا مخاطر متعددة

سجال سياسي بين السلطات الليبية في غرب البلاد وشرقها حول ملف الهجرة غير النظامية، ودعوات لمحاسبة كل من يحرض على المهاجرين غير النظاميين تقابلها دعوات أخرى تطالب بعدم توطينهم.

ورفض رئيس الحكومة الليبية المكلف من مجلس النواب الليبي أسامة حماد (شرق البلاد)، إعلان رئيس حكومة الوحدة الليبية عبد الحميد الدبيبة (غرب البلاد) رغبته بإرسال قوات إلى جنوب ليبيا للحد من تدفق المهاجرين غير النظاميين، ووصف هذه الخطوة بالخطيرة.

هذه التصريحات تزامنت مع حملات إعلامية على وسائل التواصل الاجتماعي بشأن رفض توطين المهاجرين في ليبيا وسط تحذيرات من منظمات حقوقية من مخاطر تصاعد خطاب الكراهية والتمييز.

وأثار هذا الموضوع ردود فعل متباينة وجدل مستمر إزاء حملات رفض توطين المهاجرين غير النظاميين في ليبيا. جدل احتدم ويحول إلى خلاف معلن بين حكومتي غرب ليبيا وشرقها، وسط مخاوف من تحول هذا الخلاف إلى حرب جديدة.

أسامة حمّاد رئيس الحكومة الليبية المكلف من مجلس النواب قال في بيان "إن مجرد تحريك أي وحدات مسلحة نحو الجنوب سيتم مواجهتها بقوة رادعة وصارمة".

من جهته اتهم الدبيبة عددا من دول جوار ليبيا بأنها لا تنفذ ما عليها فعله لتأمين حدودها وتصدّر مشاكلها إلى ليبيا، وقال في اجتماع حكومي عقده مؤخرا "النيجر متورطة بهذه الهجرة من خلال عدم حماية حدودها وتأمينها، ونحن مستعدين للتعاون مع أي جهة لحسم هذا الموضوع".

منظمات حقوقية حذرت من جهتها من مخاطر حملات التحريض ضد المهاجرين غير النظاميين ما قد يفاقم الأزمة ويعقدها.

وقال أحمد حمزة، رئيس المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان "إن الاندفاع وراء حملات التحريض وتجييش الشارع وتشجيع الاعمال الانتقامية وممارسة العنف ضد المهاجرين، كلها أفعال لا تخدم ليبيا وستفاقم من الأزمة".

مهاجرون أفارقة في ليبيا
رغم النفي.. مخطط "توطين المهاجرين" يثير جدلا في ليبيا
تصاعد الجدل في ليبيا مجددا حول قضية توطين المهاجرين غير النظاميين، بعد تداول تصريحات منسوبة إلى وزير الحكم المحلي بدر الدين التومي، تزعم موافقته على مشروع يحول البلد إلى مكان استقرار دائم للمهاجرين الراغبين في العبور نحو أوروبا.

في الأثناء تتواصل الدعوات لترحيل المهاجرين غير النظاميين من ليبيا مع العمل على تقنين أوضاع من يطلبهم سوق العمل في البلاد.

وحذرت وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية وبناء السلام، روزماري ديكارلو، في فبراير، من استمرار الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان التي يتعرض لها المهاجرون وطالبو اللجوء في ليبيا.

وأشارت ديكارلو إلى الاكتشاف "المثير للقلق والمأساوي" للمقابر الجماعية في إجخرة والكفرة، التي عُثر عليها بعد مداهمات استهدفت مواقع للاتجار بالبشر.

وقالت إن "هذه الحوادث تعكس حجم الخطر الذي يواجهه المهاجرون في البلاد".

وفي وقت سابق من الشهر الجاري، أعلنت المنظمة الدولية للهجرة اكتشاف 19 جثة في منطقة إجخرة، التي تبعد حوالي 400 كيلومتر جنوب بنغازي، وما لا يقل عن 30 جثة أخرى في مقبرة جماعية في صحراء الكفرة في جنوب شرقي البلاد، وقالت إنها قد تحتوي على ما يصل إلى 70 جثة.

ووفقا لمشروع المهاجرين المفقودين التابع للمنظمة الدولية للهجرة، فإنه من بين 965 حالة وفاة واختفاء مسجلة في ليبيا في عام 2024، حدث أكثر من 22% منها على الطرق البرية.

وقالت المنظمة إن هذا يسلط الضوء على المخاطر التي يواجهها المهاجرون على الطرق البرية التي غالبا ما يتم التغاضي عنها، حيث لا يتم الإبلاغ عن الوفيات بشكل متكرر.

مبنى مصرف ليبيا المركزي في طرابلس (رويترز)
مبنى مصرف ليبيا المركزي في طرابلس (رويترز)

قرر مجلس ادارة مصرف ليبيا المركزي، تخفيض سعر صرف الدينار الليبي مقابل العملات الأجنبية بنسبة 13.3 بالمئة. 

وبموجب هذا القرار، تصبح قيمة الدينار مقابل الدولار الأميركي 5.5677 دينار لكل دولار.

وتضاف لهذه القيمة، نسبة 15 بالمئة مفروضة من قبل مجلس النواب الليبي على بيع العملات الاجنبية، لتكون قيمة الدينار مقابل الدولار الأميركي 6.4 دينار تقريبا.

وقال محافظ مصرف ليبيا المركزي ناجي عيسى، إن المصرف "اضطر إلى استخدام جزء من احتياطاته الأجنبية، للحفاظ على استقرار سعر صرف الدينار الليبي".

وأشار في بيان، الأحد، إلى حدوث عجز بين النفقات والإيرادات بأكثر من 100 مليار دينار (20 مليار دولار تقريبا).

وبلغت النفقات العامة خلال 2024 نحو 224 مليار دينار، فيما بلغت الإيرادات 123 مليار دينار، مما أدى إلى عجز كبير، حسب البيان.

وأوضح المحافظ أن "التوسع في الإنفاق العام وزيادة في عرض النقود، تسببا في ضغوط على سوق النقد الأجنبي، وساهما في انخفاض قيمة الدينار الليبي".

وحذر من أن استمرار هذا الاتجاه في الإنفاق العام، سيؤدي إلى تفاقم العجز بحلول 2025 ليصل إلى 94 مليار دينار، وديون تتجاوز 330 مليار دينار.

ودعا المصرف إلى "التنسيق بين السلطات التنفيذية والتشريعية ومؤسسات الدولة، لوضع خطة اقتصادية واضحة وشاملة".

وتعتمد ليبيا في إيراداتها على بيع النفط الخام، الذي تراجعت أسعاره خلال العام الجاري إلى 65 دولارا للبرميل.

وصنفت ليبيا من ضمن أسوأ 10 دول في العالم على مستوى مؤشر مدركات الفساد العالمي لعام 2025.

يذكر أن أنه تتنافس على السلطة في ليبيا حكومتان، إحداها في طرابلس (غرب) برئاسة عبدالحميد الدبيبة، ومعترف بها من الأمم المتحدة، وأخرى في بنغازي شرقا ويرأسها أسامة حماد، وهي مكلفة من مجلس النواب ومدعومة من القائد العسكري خليفة حفتر.