تواجه التجربة المسرحية في موريتانيا تحديات من بينها ضعف الدعم الحكومي. المصدر: شبكات التواصل
تواجه التجربة المسرحية في موريتانيا تحديات كثيرة من بينها ضعف الدعم الحكومي

رغم البدايات المبكرة للمسرح في موريتانيا إلا أن هذه التجربة الفنية ما تزال تواجه تحديات تعرقل ازدهارها وتشكو ضعف الدعم الحكومي وقلة المسارح وفضاءات العرض.

وعرف هذا البلد المغاربي المسرح عامين قبل استقلاله عام 1960، بظهور فرقة "الكيكوطة" على يد همام أفال الذي يلقب بمؤسس "أبو الفنون" في بلاده.

وتوضح المصادر التاريخية التي تناولت هذه التجربة الفنية أن "الكيكوطة" قد لا تكون مسرحا بالمعنى المتعارف عليه اليوم كنمط تعبيري يعتمد على الحوار والحركة والموسيقى والديكور، بل كانت مجرد سهرات يجري فيها تقليد بعض الشخصيات العامة أو محاكاة بعض الأحداث التي شهدتها البلاد.

ورغم بساطة عروض الكيكوطة خلال تلك الفترة، تؤكد المصادر نفسها، أن المختار ولد داداه، أول رئيس لموريتانيا بعد الاستقلال، كان يداوم على حضور هذه السهرات ويجد فيها متعة رغم تهكمها منه ومن حاشيته.

وتوضح وزارة الثقافة الموريتانية في مقال عن المسرح بعنوان "المسرح الموريتاني أوضاع قاتمة وجمهور مريض بالفرجة"، أن هذا الفن "افتقر" خلال تلك المرحلة "للكثير من شروط الفن المسرحي"، قبل أن تستدرك "لكنها (التجربة) مهدت لميلاد مدارس مسرح الهواة لاحقا وجيل الرواد كمحمد ولد ممين، والكاتب محمد فال ولد عبد الرحمن".

ولم تشهد هذه التجربة الفنية أي تطور خلال السنوات الممتدة بين 1960 و1970، بل تحولت إلى مسرح "تحت الطلب" يعرض في الأعياد والمناسبات العامة.

ومع مطلع ثمانينيات القرن الماضي، شهد هذا الفن قفزة نوعية بظهور جيل جديد من الرواد، أمثال محمد الأمين ولد عداهي وأحمد ولد محمد الأمين، وعبد الرحمن أحمد سالم، وتكفل هذا الجيل بتطوير هذه التجربة الفتية لتواكب ما راكمه الجيران ودول المشرق من نجاحات.

وخلال تلك المرحلة شهد "أبو الفنون" تطورا ملحوظا مقارنة ببداياته، وخاصة على مستوى الكتابة والموسيقى والعرض، ثم شهد نقلة نوعية أخرى بظهور عدد من الفرق المسرحية أمثال المرابطون والأصابع وشنقيط، إلى جانب تأسيس اتحاد ضم هواة هذا الفن في البلاد.

ومع ذلك، لم يكن هؤلاء الفنانين يتقاضون أي دعم حكومي، كما كانوا يعانون لإقناع مواطنيهم بجدوى دفع قيمة تذكرة لمتابعة عروضهم الفنية.

في هذا الصدد يقول الكاتب المسرحي الموريتاني بابا ولد ميني في كتابه "المسرح في موريتانيا" إنه وعلى عكس العديد من التجارب المسرحية في العالم العربي "كانت التجربة المسرحية الموريتانية وليدة إيمان رسخه رجال المسرح من هواة ومحترفين آمنوا بدور المسرح وتفرقوا أيادي سبأ لكي يكون للمسرح دوره في بناء الأمة وترسيخ قيم النبل والصدق والأمانة".

وتابع "أغلب التجارب المسرحية في العالم العربي وجدت نوعا من الاهتمام والرعاية من المسؤولين عنها، بينما كان المسرح الموريتاني وليدا شرعيا للرجال والجمعيات التي رسمت بما يساقط من إنتاجها ربيع المسرح الموريتاني وأجمل فصوله".

وزاد النشاط المسرحي في البلاد خلال تسعينيات وبداية الألفية الثالثة، حيث ظهرت فرق جديدة وظهر ممثلون شباب تابع بعضهم تكوينات في المسرح خارج البلاد.

في تسعينات القرن الماضي، كانت فرقة المسرح الموريتاني تتلألأ كنجمة في سماء الفن المسرحي، حيث كانت لها بصمة خاصة ومكانة مرموقة في قلوب الجماهير.. كانت تلك أيام الإبداع والتميز، حيث كان الفن المسرحي يحمل رسائل هادفة وعميقة، وكان الممثلون يتحولون إلى فنانين مبدعين يصقلون مواهبهم ويعبرون عنها ببراعة فائقة. ولكن، للأسف، جرفتهم أمواج الحياة والضغوطات إلى سواحل غير مألوفة، حيث فقدوا الاتجاه وتشتتت طاقاتهم في وسط تحديات الحياة واكراهاتها المتزايدة.. ولكن يبقى ماضيهم الفني الجميل يشكل ذكرى جميلة للعصر الذهبي للفن المسرحي، ويبقى الأمل في أن تعود تلك الروح الإبداعية لتنير سماء الفن مرة أخرى بأعمال فنية تترك بصمة لا تُنسى.

Posted by ‎سيدي عثمان محمد صيكه‎ on Saturday, March 23, 2024

ورافق هذه الدينامية الثقافية تأسيس رابطة التواصل التي يرجع إليها البعض الفضل في وضع المسرح الموريتاني على سكة الاحتراف، ليس فقط بمسرحياتها بل أيضا بإشرافها على تكوين جيل صاعد من الشباب الموهوبين.

وعلى نقيض الشعر والنثر، لم يقبل الموريتانيون على الكتابة المسرحية، حيث يجمع المتابعون لهذا الفن على قلة الكتاب المتخصصين في هذا الفن، كما يجمعون أيضا على قلة المتخصصين في فنون إخراجه.

من آرشيف المسرح الشعبي الموريتاني.. #تابعونا شوف انواذيبو

Posted by ‎شوف انواذيبو‎ on Thursday, August 15, 2024

وفي عام 2011 شهد "أبو الفنون" نقلة نوعية أخرى في موريتانيا بانطلاق المهرجان الوطني للمسرح، والذي شكل أيضا فرصة مهمة لدعم وتشجيع المبدعين، كما لعب أيضا دورا مهما في تقريب هذا الفن من الجهور العريض.

ومع توالي السنوات، تقبل الموريتانيون هذا الفن، لكنه في المقابل، ظل فنا "هامشيا" يعاني محترفوه من قلة فضاءات العرض ومن ضعف الدعم الحكومي.

Posted by ‎محمد مولاي مولاي ارشيد‎ on Thursday, January 12, 2023

في هذا السياق، يقول باب ميني في حوار مع قناة "صحراء 24" المحلية، "موريتانيا بكل أسف لم تعط اهتماما للمسرح (...) هذه الأجيال المتعاقبة تشتغل دون دعم رسمي، حتى أن الممثل قد يفضل بيع النعناع على احتراف المسرح لأنه يعلم أن المسرح لن يؤمن له قوت يومه".

وأضاف "أدعو لتفعيل معهد الفنون الجميلة وأرجو تفعيل جائزة رئيس الجمهورية للفنون، كما أرجو أن تكون لنا صالتين عرض حتى يتسنى لمحترفي هذا الفن التمرن على مسرحياتهم حتى ينافسوا بها خارج البلاد".

المصدر: الحرة

مدخل قصر المشور في مدينة تلمسان غرب الجزائر

تعتبر تلمسان من أعرق المدن الجزائرية، وإضافة إلى كونها عاصمة الدولة الزيانية لعدة قرون (1235-1554)، فإن جمالها وتنوع معالمها التاريخية، جعلها تكتسب اسم "الجوهرة" التي أنجبت كوكبة من القادة والزعماء ومشاهير العلوم والأدب والفن في البلاد.

ودفع الكاتب الفرنسي الجزائري، بوعلام صنصال، بتلمسان (غرب) إلى الواجهة عقب إدلائه بتصريحات لقناة فرنسية في أكتوبر الماضي، أشار فيها إلى "مغربية" عدد من مناطق الغرب الجزائري، من بينها "وهران، تلمسان ومعسكر"، وهو ما اعتبرته الجزائر "تجاوزا للخطوط الحمر، ووصفت الكاتب بـ"محترف التزييف" بعد اعتقاله في مطار الجزائر العاصمة في نوفمبر الماضي.

"المنارة" إرث من حصر تلمسان

يقف بومدين بلعطار مسؤول وكالة سياحية ومهتم بتاريخ المدينة، أمام منارة منصورة التاريخية التي بناها السلطان أبو يعقوب المريني عام 1303 خلال حصار قواته لمدينة تلمسان.

ويذكر المتحدث أن تاريخ المدينة "لم يبدأ من هنا، بل يطول إلى العهد الروماني عندما أقام القائد الأمازيغي صيفاكس ملك ماسيسيليا في غرب نوميديا عاصمة مملكته بجوارها خلال الربع الأخير من القرن الثالث قبل الميلاد".

ويشير بومدين إلى أن منارة منصورة "تحولت إلى أيقونة سياحية تبرز ثراء المدينة التي تعرضت لحصار مرير على يد المرينيين".

بدأ حصار المرينيين لمملكة تلمسان سنة 1299 وتواصل إلى غاية 1307، ورغم "ما سخروه من إمكانيات فقد أنهكته مقاومة الزيانيين"، مثلما يقول الباحث في تاريخ الجزائر، محمد بن ترار، الذي أضاف أن "مقتل السلطان يوسف بن يعقوب يوم 3 مايو 1307دفع بالمرينيين إلى رفع الحصار والعودة للديار".

ويوضح بن ترار لـ "الحرة" أن النزاع بين الزيانيين والمرينيين حول النفوذ في المنطقة "تحول إلى صراع مستمر ومتواصل أظهر فيه المرينيون أطماعا للاستيلاء على تلمسان".

عاصمة التعايش

ظلت تلمسان حاضنة لمختلف الطوائف الدينية والإثنية، وترحب بالتنوع الديني والعرقي، ويمثل حي قباسة الأرض التاريخية التي لجأ إليها العديد من اليهود سنة 1392 قادمين من شبه الجزيرة الأيبيرية، يتقدمهم الحاخام أفريم بن كاوا (1359/ 1442)، لاجئا إلى المغرب ثم تلمسان، بعد أن سمح لهم سلطانها بالدخول والاستقرار فيها.

لا زالت معالم الطائفة اليهودية في تلمسان حاضرة، حيث قبر الحاخام إفرايم بن كاوا الذي حج إليه مئات اليهود من مختلف أصقاع العالم سنة 2006 بترخيص حكومي، كما لا زالت أكبر أزقة وسط المدينة تحمل اسم "درب اليهود" إلى يومنا هذا قرب الكنيس التاريخي.

وتُعرف الموسوعة اليهودية، الحاخام بن كاوا، بأنه "الطبيب والحاخام، والكاتب اللاهوتي، ومؤسس الطائفة اليهودية في تلمسان وشمال أفريقيا، وحسب الأسطورة المتداولة، فإنه فر من محاكم التفتيش الإسبانية وهناك فقد والده وأمه".

وفي نفس المدينة يرقد سيدي بومدين الغوث الأندلسي (1126- 1198) أحد أهم أقطاب الصوفية في العالم الإسلامي، الذي تحول ضريحه إلى مزار سنوي لمريديه من داخل الجزائر وخارجها.

معاهدة لالة مغنية

ظلت تلمسان مركزا حضاريا قويا إلى أن ضعف جسمها مع بدء الإسبان هجماتهم على وهران (غرب)، واضطر ملوكها للتحالف معهم ضد العثمانيين، الذين تمكنوا من دخولها سنة 1553 وطرد الإسبان منها، وبعد احتلال الجزائر من قبل الفرنسيين سنة 1830، تعرضت المدينة لعدة هجمات تصدى لها جيش الأمير عبد القادر إلى غاية 1844 تاريخ سقوطها.

ولترتيب بيت مستعمرتها الجديدة لجأت الحكومة الفرنسية إلى إبرام معاهدة على أرض تلمسان في 18 مارس 1845 لترسيم الحدود بين الجزائر المستعمرة والمملكة المغربية، وعرفت منذ ذلك الوقت بـ"معاهدة لالة مغنية" نسبة إلى المدينة الجزائرية المحاذية للمغرب.

كما حملت "مجموعة تلمسان" اسم المدينة، ويشير  أستاذ التاريخ الجزائري، عبد الرحمان قدوري، أنه كان "نسبة لقادة الجيش والثورة الذين قدموا من المغرب عشية الاستقلال، في يوليو 1962، وعقدوا اجتماعهم في تلمسان، قبل الزحف على الجزائر العاصمة وتولي الحكم، عوضا عن الحكومة الجزائرية المؤقتة".

و"لم تتوقف الخلافات بين الجزائر والمغرب بعد الاستقلال، ولم تهدأ مرحلة التوتر إلا بدخول المملكة السعودية على خط المصالحة"، مثلما يذكر قدوري لـ"الحرة"، الذي أضاف أن "الملك فهد بن عبد العزيز تقاربا بين الرئيس الجزائري الشاذلي بن جديد والعاهل المغربي الحسن الثاني في قمة احتضنتها مدينة مغنية بولاية تلمسان على مقربة من الحدود بين البلدين".

نجوم السياسة والطب والأدب والفن

سطعت أسماء لامعة من تلمسان في سماء السياسة بالجزائر، فقد انحدر منها الزعيم الوطني الشهير مصالي الحاج،  وأحمد بن بلة، أحد مفجري الثورة الجزائرية وأول رئيس للبلاد بعد الاستقلال، فضلا عن الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة.

وكان محمد بن رحال التلمساني أول جزائري حائز على البكالوريا عام 1874. وأنجبت هذه الولاية أشهر الأطباء من بينهم إلياس زرهوني المدير السابق لمعاهد الصحة الطبية الأميركية خلال الفترة ما بين 2002/ 2008.

وفي الأدب يقول المؤلف المسرحي على عبدون لـ"الحرة"": "يعتبر الكاتب الجزائري المعروف محمد ديب والروائي واسيني الأعرج، وأمين الزاوي، وعمار بلحسن، وبلقاسم بن عبد الله، من أبرز ما أنجبت تلمسان".

ويشير المتحدث إلى أن تلمسان اشتهرت أيضا بكونها "عاصمة الموسيقى الأندلسية من خلال كوكبة من الفنانين من أمثال عبد الكريم دالي، والحاج الغفور والعربي بن صاري".

أميرات الأندلس

كانت تلمسان عاصمة للثقافة الإسلامية لسنة 2011، واحتضنت التظاهرة بعد اختيارها من قبل المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة، باعتبارها أشبه بالمتحف المفتوح، بمعالمها التاريخية البالغ عددها 48 معلما مصنفا ومحميا، أشهرها قصر المشور وأبواب المدينة ومنارة منصورة.

كما اشتهرت تلمسان بلباس أميرات الأندلس المعروف بـ"الشدة التلمسانية"، وفي عام 2012 صنفته منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "اليونيسكو" تراثا غير مادي للإنسانية، لقيمته التاريخية والحضارية والجمالية.

ويتشكل زي الشدة التلمسانية من "اِثنيْ عشر قطعة متناسقة تم تصنيفها جميعا، فيما بينها، ومن بين هذه القطع، نجد: البلوزة، القفطان، الحايك، الشاشية والمجوهرات"، حسب تعريف وزارة الثقافة والفنون له.

أما مطبخ تلمسان فلا يقل شهرة عن ألبستها، فهو يزخر بأطباق الحريرة التلمسانية والحلو (زبيب وبرقوق ولحم بمذاق حلو) وطاجين الزيتون والكسكس، وحلويات المقروط والقرويش والكعك التلمساني.