تحدث الناشط الحقوقي والمعارض المغربي فؤاد عبد المومني، لموقع "الحرة"، عن ملابسات توقيفه الأسبوع الماضي، وتفاصيل التحقيق معه ومتابعته بسبب تدوينة له على إحدى منصات التواصل الاجتماعي علق فيها على بعض ملامح الوضع العام بالمغرب وعلاقته بفرنسا.
وتحدث المومني عن تعرضه لتهديدات تمس حياته الخاصة، بما في ذلك التجسس على هاتفه وتهديده بنشر فيديوهات شخصية، ورغم ملاحظته لبعض التحسينات في ظروف الاحتجاز بالمغرب.
ويؤكد المعارض المغربي، الذي تعرض للسجن مرتين في سبعينيات وثمانينات القرن الماضي، أن "الدولة لا تزال متمسكة بسياسة القمع وتقييد حرية التعبير"، ساعية لترهيب الأصوات الناقدة وردعها عبر التهديد بالتهم الثقيلة والإجراءات القانونية.
نص المقابلة:
- ما تعليقكم حول السياق الذي جاء فيه توقيفكم الأخير؟
لابد من التذكير أنه قبل اعتقالي مؤخرا، كنت أتلقى ضغوطا وتهديدات مستمرة على مدار سنوات وعقود بسبب مواقفي السياسية وانتقاداتي العلنية، وأؤكد أن هذا الضغط لم يتوقف عند هذا الحد، إذ تعرض هاتفي للاختراق، كما تم تهديدي بنشر فيديوهات شخصية تتعلق بحياتي الخاصة، وتم تهديد كل من يتعامل معي بأمور فظيعة وحتى أسرتي تم الاتصال بها وتهديدها بالتصفية.
وكانت جهات موثوقة أبلغتني أن هاتفي تعرض للتجسس، وتم إخباري بذلك في أكتوبر 2019 ثم في فبراير 2020، كما سُربت فيديوهات تتعلق بحميميتي، ويأتي اعتقالي الأخير ضمن سياق هذه الضغوطات، وجاء عقب منشور لي على حسابي في إحدى منصات التواصل الاجتماعي.
- ما هي تفاصيل وظروف هذا الاعتقال؟
تم توقيفي أو بالأحرى اختطافي خلال الأسبوع الماضي وبالضبط في 30 أكتوبر من الشهر المنصرم، وذلك عندما كنت على وشك ركوب سيارتي، حيث اعترضني أربعة أشخاص ونادوني باسمي، وقدموا لي أنفسهم على أنهم من مصالح الأمن القضائي بمدينة تمارة (المجاورة للعاصمة المغربية الرباط) حيث كنت طلبت منهم وثيقة تثبت هويتهم ومأموريتهم، لكنهم رفضوا وأصروا على أن أرافقهم.
وبعد أن رفضت مرافقتهم إلا بعد توضيح السبب، أجبروني على الصعود إلى سيارتهم وانطلقوا، وبعدها بقليل أخبروني بأنهم ليسوا من الأمن القضائي بتمارة كما قالوا، بل من الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، وأن لديهم أمرا من النيابة العامة لمرافقتهم إلى مقر عملهم بالدار البيضاء واستجوابي حول أمور محددة.
وطلبت منهم تسليم هذا الأمر لي واطلاعي على بطاقاتهم المهنية، لكنهم رفضوا كلا الطلبين، وعندما سألتهم عما إذا كنت في حالة اعتقال، أجابوا بالنفي.
وبعد مرور ساعات أي من الرابعة والنصف إلى الثامنة والنصف مساء، قرروا إخضاعي للحراسة النظرية وسمحوا لي بإجراء أول اتصال بأختي التي تقطن بالدار البيضاء، وتم الاحتفاظ بي ليومين قبل الإفراج عني في فاتح نوفمبر الجاري، ومتابعتي في حالة سراح، إذ تسلمت استدعاء لحضور أول جلسة من محاكمتي بتاريخ ثاني ديسمبر المقبل بمحكمة عين السبع بالدار البيضاء.
- كيف مر التحقيق وما هي التهم التي وجهت لكم؟
كان الاستماع والتحقيق معي حول ما جاء في تدوينة محددة نشرتها مؤخرا على فيسبوك، حيث عِيب على هذا المنشور بأنه يصف "معتقلي حراك الريف" بأنهم معتقلون بسبب التظاهر السلمي من أجل مطالب اجتماعية، واعتُبرت هذه الكلمات إهانة للقضاء الذي أدانهم وحكم عليهم بعقوبات سجنية مشددة وبتهم ثقيلة جدا. كما اعتبر المحققون أن وصفي للدولة المغربي في التدوينة بأنها "هزيلة" يشكل طعنا فيها وبالتالي جريمة.
أما حديثي عن التجسس، فقد طلب المحققون مني إما أن يكون مشفوعا بإثبات مادي يمكنني تقديمه فورا، وإلا عُدّ ذلك وشاية بجريمة خيالية أعلم بعدم وقوعها. وهذه هي العناصر الثلاث موضوع التهم التي وجهت إلي.
- ما هو تعليقكم على هذا التوقيف والتهم الموجهة لكم؟
أرى أن الدولة المغربية لا زالت لا ترضى أن يعبر المواطنون عما يخالج صدورهم وعن أفكارهم وقناعاتهم، وتحاول إسكات الأصوات المغايرة أو المنتقدة بخلق الفزع لدى عموم المواطنين من التجرأ وما قد ينتج عنه من متابعات وربما أكثر من متابعات.
- هل ستحضرون أولى جلسات محاكمتكم في بداية ديسمبر؟
نعم، أنوي أن أحضرها، لكن الآن هناك إضراب مفتوح للمحامين ولا أدري متى سينتهي، لكنني آمل أن يتم حل هذه المسألة قبل بدء المحاكمة في ديسمبر.
- عقب خروجكم من الحراسة النظرية صرحتم أن هناك تغيرا في السجون المغربية، هل هو مؤشر نحو الانفراج في حرية التعبير؟
خلال مدة حراستي النظرية، لاحظت أن هناك العديد من الأمور الأساسية تمت معالجتها كالتعذيب والاختطاف وعدم تمتيع المعتقل من حقوقه الدنيا أو السراح المؤقت وفي الاتصال بالأهل والكرامة والإقامة في حدود إنسانية دنيا، فهذه أمور أعتقد أنها في غالبها الآن عولجت وهذا ما لا يمكن إلا أن نحتفل به.
لكن جوهر إرادة التحكم ورفض تمكين المواطنين من الرأي الحر والتعبير عنه والحق في التظاهر والتنظيم فهذه لا زالت هي السمة الغالبة لسياسة الحاكمين في المغرب.
وأود التأكيد أن حالتي لحسن الحظ، حظيت بتفاعل إيجابي قوي، لكنها ليست سوى نقطة في بحر من القمع يتعرض له الكثيرون من الأشخاص والمجموعات المعرضة للقمع والتنكيل، مثل شباب "حراك الريف" الذين يقبعون في السجون منذ سبع سنوات، وكذلك المحامي النقيب محمد زيان، الذي يمضي نحو سنتين في السجن، وهي حالات لا يمكن أن يرضى بها الضمير البشري وتحتاج معالجة استعجالية لها، كما تحتاج معالجة بنيوية لتعامل الدولة مع الحريات ومع المواطنات والمواطنين.
المصدر: الحرة