محجتون يرفعون علم الريف في مظاهرة سابقة مطالبة بالإفراج عن معتقلين بحراك الريف في المغرب
محتجة ترفع علم الريف في مظاهرة سابقة مطالبة بالإفراج عن معتقلين بحراك الريف في المغرب

في مؤشر يعكس حدة التوتر بين البلدين، استقبلت الجزائر، السبت، حدثا غير مسبوق يتمثل في تنظيم "الدورة الأولى لأيام الريف" بمشاركة نشطاء يدعون إلى "استقلال جمهورية الريف" عن المغرب.

وأثارت الخطوة غضبا واسعا على منصات التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام المغربية، وسط دعوات إلى الجزائر لـ"الكف عن دعم الحركات الانفصالية" على حد تعبير نشطاء، بينما دافع مدونون جزائريون عن فكرة تنظيم المؤتمر معتبرين أن "من حق الجزائر الدفاع عن حركات التحرر" بحسبهم.

🔴حسب فهمي المتواضع، فإنّ السّلطات في #الجزائر تُساند رسميًا انفصال منطقة الريف عن #المغرب، وتؤيد إعلان #جمهورية_الرّيف! هل هذا صحيح، أم أنّني أخطأت في فهم الموضوع ؟

Posted by Salim Salhi on Sunday, November 24, 2024

ونقلت وكالة الأنباء الجزائرية عن عضو الحزب الوطني الريفي، يوبا الغديوي، دعوته السبت في إطار "الدورة الأولى ليوم الريف" إلى "تبني موقف يعتبر الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية وجمهورية الريف آخر مستعمرتين في إفريقيا".

وذكرت الوكالة أن هذه الدورة شهدت "مشاركة الوزير المنتدب في حكومة جنوب إفريقيا  وعديد الأحزاب السياسية المساندة لقضية الريف من دولة الموزمبيق وممثلين من الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية وأحزاب سياسية من الجزائر وبرلمانيين".
 

ودعا الغديوي، وفق المصدر ذاته، إلى "الوقوف مع الشعب الريفي الذي يعاني من إبادة جماعية ممنهجة وسط صمت دولي"، مطالبا بـ "تبني موقف يعتبر الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية وجمهورية الريف كآخر مستعمرتين في إفريقيا".

منذ عقود تتواجه الرباط والجزائر حول الصحراء الغربية- صورة أرشيفية.
تفاؤل مغربي وترقب من البوليساريو.. هل يُنهي ترامب نزاع الصحراء الغربية؟
سادت وسائل الإعلام المغربية حالة من التفاؤل بفوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأميركية، وسط تساؤلات حول إذا ما كان الرئيس الأميركي الجديد يخطط للمضي قدما في ترسيخ القرار الذي تبناه في الأسابيع الأخيرة من ولايته الأولى عندما اعترف بسيادة المغرب على الصحراء الغربية.

وأثار هذا الحدث حفيظة مغاربة على المنصات الاجتماعية، كما عبرت وسائل إعلام في هذا البلد المغاربي عن رفضها لاستقبال الجزائر للحزب المذكور.

وفي هذا السياق، كتب موقع "Le 360" المغربي، الأحد، إنه "في مواجهة الصدمات الدبلوماسية المتتالية التي عصفت بأطروحة "الجمهورية الصحراوية" المفتعلة، أقدم النظام الجزائري على خطوة جديدة تنم عن فقدانه التام للبوصلة، تمثلت في دعم حركة انفصالية جديدة تحت مسمى "الجمهورية الريفية".

واعتبر أن "لجوء النظام الجزائري إلى دعم كيانات وهمية كالحزب القومي الريفي، يعكس حالة من التخبط واليأس، خصوصا بعد تراجع الاعتراف الدولي بمشروع البوليساريو أمام تزايد الدعم الدولي لمغربية الصحراء".

من جهتهم، عبر مغاربة على السوشل ميديا عن رفضهم للخطوة  الجزائرية الأخيرة، قائلين إن الهدف منها "التشويش على الدبلوماسية المغربية"، وفق تعبيرهم.

وفي هذا السياق، كتب مدون يدعى "عماد با" أن "الجزائر ترى الإيقاع السريع الذي تمشي عليه الدبلوماسية المغربية في معالجة قضية الصحراء، وتعلم يقينا أننا دخلنا المنعرج الأخير والحاسم لهذا الصراع، وهي غير قادرة عمليا على إيقاف التوهج المغربي أو تعطيل مساره".

 

وأضاف أن "الكرة خرجت من ملعب الجزائر، وأصبحت طرفا مشاهدا لا فاعلا، وبالتالي فمن مصلحتها جر المغرب لحلبة صراع جديدة، من أجل خلط الأوراق وربح مزيد من الوقت".

الجزائر تستفز المغرب بمؤتمر عن انفصال الريف التفاصيل أول تعليق...

Posted by ‎هنا الصحراء‎ on Saturday, November 23, 2024


وتابع أن "الغرض من تلويح الجزائر بورقة دعم انفصال الريف هو التشويش على وضوح الرؤية الذي تتمتع به الدبلوماسية المغربية، وأيضا هو محاولة لدفع المغرب إلى تشتيت قواه على عدة جبهات، عوض التركيز على ملف واحد".

في المقابل، عبر جزائريون على منصات التواصل الاجتماعي عن دعمهم لفكرة "استقلال الريف عن المغرب".

عندما تناقش النخبة الجزائرية ملف القبايل ومطلب سكانها في الانفصال، تسقط باستمرار بقصد أو بغير قصد في خطأ التشبيه بين...

Posted by Az-eddine Esserifi on Saturday, November 23, 2024

وفي هذا الإطار، كتب حساب على منصة إكس باسم "ابراسطيف" أن "لبنات استعادة جمهورية الريف استقلالها وأمجادها تترسخ يوم بعد يوم انطلاقا من أرض الجزائر وبحضور ثلة من أحرار القارة الإفريقية والعالم"، مضيفا  "نتمنى التوفيق لأهل الريف لاستعادة أمجادهم".

وكتبت زينة على إكس قائلة إن "جمهورية الريف موجودة منذ زمن"، في حين ذكر مدون آخر  "طالما (كانت) الجزائر قبلة الأحرار وداعمة لحركات التحرر في العالم".

وتعود فكرة "جمهورية الريف" إلى بدايات عشرينيات القرن الفائت، عندما انتفض سكان منطقة الريف بقيادة عبد الكريم الخطابي على الاحتلال الإسباني معلنين الاستقلال عن إسبانيا.

وقاد الخطابي العديد من المعارك ضد الإسبان الذين تحالفوا مع الفرنسيين ضده ليتم إخضاعه ونفيه.

والخطابي، المعروف باسم "أسد الريف"، هو واحد من أبرز الشخصيات في شمال إفريقيا التي قاومت الاستعمار، قبل أن يقوم الفرنسيون بنفيه إلى جزيرة"لارينيون" في المحيط الهندي.

واستمر نفي الخطابي في الجزيرة النائية نحو عقدين من الزمن، ليتمكن  أثناء ترحيله إلى مارسيليا الفرنسية من الهرب إلى مصر حيث عاش بقية حياته.

قضية الصحراء فرضت توتراً مستمراً في المغرب العربي
قضية الصحراء فرضت توتراً مستمراً في المغرب العربي. (AFP)

رخصت الحكومة المغربية، بداية نوفمبر الفارط، توريد كميات من زيت الزيتون، لسد النقص في هذه المادة التي توصف بالأساسية في المطبخ المغربي. لكن على عكس ما جرت عليه العادة، فإن الكميات المستوردة ومن ضمنها نحو 10 آلاف طن من البرازيل، غاب عنها هذه السنة زيت الزيتون التونسي.

هذا الغياب يعد مظهراً جديداً يدل على فتور العلاقات بين الرباط وتونس، منذ الأزمة الدبلوماسية التي اندلعت بين البلدين، في صيف عام 2022، عقب استقبال الرئيس التونسي، قيس سعيد، لرئيس جبهة البوليساريو، إبراهيم غالي، على هامش اجتماعات الدورة الثامنة لندوة طوكيو الدولية للتنمية في أفريقيا، "تيكاد"، التي انعقدت في تونس.

واعتبرت الرباط حينها أن الخطوة التونسية "عدائية وغير مبررة"، وبادرت إلى سحب سفيرها كخطوة احتجاجية، قابلتها تونس بخطوة مماثلة، وسحب سفيرها لدى المغرب هي الأخرى.

حادث دبلوماسي

يقول أستاذ القانون الدستوري في جامعة محمد الخامس بالرباط، الدكتور رشيد لزرق، إن المغرب اختار أن يكون معيار علاقاته الخارجية مدى احترام الفاعلين الدوليين لوحدته الترابية، وأن اختياراته التجارية لا تشذ عن هذه القاعدة، وبالتالي فإن اعتراف الفاعلين الدوليين بسيادة الرباط على الصحراء الغربية، هو من أبرز محددات العلاقات الخارجية للمغرب، إن لم يكن أهمها.

ويرى لزرق في حديث للحرة أن الأزمة الاقتصادية التي تمر بها تونس في السنوات الأخيرة، جعلتها "مضطرة لأن ترضخ" لطلبات جارتها الجزائر، حسب قوله. وهو ما يعتبر خروجاً عن تقاليد السياسة الخارجية التونسية، ليس فقط بشأن النزاع في الصحراء الغربية، بل بحكم التطور التاريخي لكل منهما، والذي اتسم باتباعهما تجربة ليبرالية عقب الاستقلال، وهو ما لم يحدث في الجزائر.

ويضيف لزرق أن الموقف التونسي كان نتيجة "قلة الخبرة السياسية للرئيس سعيد، الذي لم يفهم طبيعة العلاقات بين البلدين، وكذلك طبيعة شخصيته التي جعلته يتعامل بمزاجية مع هذا الموضوع الحساس بالنسبة للمغرب، حسب قوله. لكنه يرى أن هذه العلاقات مرشحة للتطور في ضوء التحديات الدولية القادمة.

أما الباحث والمحلل السياسي التونسي، منذر ثابت، الذي تحدث إلى الحرة، فيرى أن كلاً من تونس والمغرب ينتميان إلى نفس المجال الجيوسياسي، وذلك بحكم انتمائهما إلى العالم الحر، ومعاداة المعسكر الاشتراكي، عقب الاستقلال في خمسينيات القرن الماضي.

وبخصوص قضية الصحراء الغربية، فيرى ثابت أنه رغم "الحادث" الدبلوماسي الذي رافق لقاء الرئيس سعيد بزعيم البوليساريو، فإنه لا يوجد دليل على أي توجه رسمي للاعتراف بها، وأن الموقف التونسي لا يزال بصدد التشكل، وهو ما يفسر البطء الذي اتسمت به الدبلوماسية التونسية مؤخراً.

لكن في المقابل، يرى ثابت أن العلاقات التونسية مع جارتها الجزائر، لا يمكن اختزالها في المستوى الاقتصادي فقط، لأنها تشمل كذلك جملة من الملفات الساخنة على المستوى الإقليمي، مثل مكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية، والتنسيق بشأن الأوضاع في ليبيا، التي تشهد تدخل عدد من الفاعلين الدوليين مثل مصر وتركيا وروسيا.

أما بخصوص اختيارات الرئيس التونسي، فيرى ثابت أن نظرته الإيديولوجية تتركز على مبدأ احترام السيادة الوطنية، لذلك لم يصدر أي تعليق سلبي من تونس بخصوص اختيار المغرب الانخراط في اتفاقيات أبراهام، والتطبيع الكامل لعلاقاته مع إسرائيل، واعتبر ذلك أمراً سيادياً، رغم الحساسية الكبيرة التي تكتسيها هذه المسألة وارتباطها بالأمن القومي للمنطقة.

ويقول ثابت إن المعيار الذي يعتمده الرئيس سعيّد في تحديد سياسته الخارجية، هو ما سماه "رفض الإملاءات والإسقاطات"، والبحث عن "نظام عالمي عادل"، فيما يمكن اعتباره إعادة إحياء لفكرة "تيار العالم الثالث".

تحديات تفرض تطوير العلاقات

يرى الدكتور، رشيد لزرق، أن هناك استحقاقات هامة على المستوى الدولي، تفرض على دول المنطقة تطوير علاقاتها، وأنه حتى بعد سحب السفراء من عاصمتي البلدين، فإن المبادلات التجارية لا تزال قائمة، وأن الوضع الراهن هو حالة شاذة في تاريخ العلاقات بين البلدين.

وبالعودة إلى عدم توريد زيت الزيتون التونسي، يقول لزرق إن المرآة العاكسة لمدى تحسن العلاقات بين الرباط وتونس ستكون العلاقات التجارية، وإن زيت الزيتون التونسي أقرب إلى مذاق المستهلك المغربي، لكن التغيير المطلوب لتطوير العلاقات بين البلدين يجب أن يأتي من تونس.

ويشرح لزرق أن المعنى المقصود بكلمة التغيير، هو التغيير "الماكروسياسي" القادم في العلاقات الدولية، في ظل التغيرات الجيوسياسية التي طرأت في الأشهر القليلة الماضية، ولعل أبرزها عودة دونالد ترامب إلى سدة الرئاسة في الولايات المتحدة. لذلك فإن طي ملف الصحراء قد يعطي دفعة لاتحاد المغرب العربي.

ويقول لزرق إن الإدارة الأميركية الجديدة سيكون لسياستها تأثير كبير على منطقة المغرب العربي والساحل والصحراء، وأن ترامب من المتوقع أن يدفع بطموحات اقتصادية وتجارية في هذه المنطقة، في مواجهة التمدد الصيني.

من جهته يرى المحلل السياسي التونسي، منذر ثابت، أنه من خلال الخبرة والتجربة التي تكونت خلال إدارة ترامب الأولى، خصوصاً فيما يتعلق باختياراته السياسية، في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والتي اتسمت بعدم مساندة الربيع العربي، وجعل الاصطفاف الواضح إلى جانب الولايات المتحدة أولوية في سياسته الخارجية، فإنه يتوقع تأثيراً كبيراً للإدارة الجديدة في البيت الأبيض على المنطقة.

ويضيف ثابت أنه يوجد نوع من الترقب لتطور الموقف بين المغرب والجزائر، ومدى انخراط دول عربية جديدة في التطبيع مع إسرائيل، كما أن إرساء وعي شعبي داعم لسياسة الولايات المتحدة في تونس، لا يمكن أن يتم إلا عبر دعم الخيارات الواقعية على المستوى المحلي، ما يمكن من بناء وعي براغماتي، حسب قوله.

أما الأولوية في تونس، حسب ثابت، فهي إعادة ترتيب البيت الداخلي، لذلك لم تصدر إشارات قوية بعد، تجاه الرباط أو غيرها من العواصم العربية والدولية، لكن ذلك لا يعني أن هناك قطيعة بين البلدين. 

ويضيف أنه من المفارقات أن المستفيدين من الحدود التي رسمت أثناء الفترة الاستعمارية، هم الذين يزايدون على بقائها، رغم أن الاندماج في فضاء أكبر مثل اتحاد المغرب العربي، يزيل الإشكالات القائمة.