في مؤشر يعكس حدة التوتر بين البلدين، استقبلت الجزائر، السبت، حدثا غير مسبوق يتمثل في تنظيم "الدورة الأولى لأيام الريف" بمشاركة نشطاء يدعون إلى "استقلال جمهورية الريف" عن المغرب.
وأثارت الخطوة غضبا واسعا على منصات التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام المغربية، وسط دعوات إلى الجزائر لـ"الكف عن دعم الحركات الانفصالية" على حد تعبير نشطاء، بينما دافع مدونون جزائريون عن فكرة تنظيم المؤتمر معتبرين أن "من حق الجزائر الدفاع عن حركات التحرر" بحسبهم.
ونقلت وكالة الأنباء الجزائرية عن عضو الحزب الوطني الريفي، يوبا الغديوي، دعوته السبت في إطار "الدورة الأولى ليوم الريف" إلى "تبني موقف يعتبر الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية وجمهورية الريف آخر مستعمرتين في إفريقيا".
وذكرت الوكالة أن هذه الدورة شهدت "مشاركة الوزير المنتدب في حكومة جنوب إفريقيا وعديد الأحزاب السياسية المساندة لقضية الريف من دولة الموزمبيق وممثلين من الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية وأحزاب سياسية من الجزائر وبرلمانيين".
ودعا الغديوي، وفق المصدر ذاته، إلى "الوقوف مع الشعب الريفي الذي يعاني من إبادة جماعية ممنهجة وسط صمت دولي"، مطالبا بـ "تبني موقف يعتبر الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية وجمهورية الريف كآخر مستعمرتين في إفريقيا".
وأثار هذا الحدث حفيظة مغاربة على المنصات الاجتماعية، كما عبرت وسائل إعلام في هذا البلد المغاربي عن رفضها لاستقبال الجزائر للحزب المذكور.
وفي هذا السياق، كتب موقع "Le 360" المغربي، الأحد، إنه "في مواجهة الصدمات الدبلوماسية المتتالية التي عصفت بأطروحة "الجمهورية الصحراوية" المفتعلة، أقدم النظام الجزائري على خطوة جديدة تنم عن فقدانه التام للبوصلة، تمثلت في دعم حركة انفصالية جديدة تحت مسمى "الجمهورية الريفية".
واعتبر أن "لجوء النظام الجزائري إلى دعم كيانات وهمية كالحزب القومي الريفي، يعكس حالة من التخبط واليأس، خصوصا بعد تراجع الاعتراف الدولي بمشروع البوليساريو أمام تزايد الدعم الدولي لمغربية الصحراء".
من جهتهم، عبر مغاربة على السوشل ميديا عن رفضهم للخطوة الجزائرية الأخيرة، قائلين إن الهدف منها "التشويش على الدبلوماسية المغربية"، وفق تعبيرهم.
وفي هذا السياق، كتب مدون يدعى "عماد با" أن "الجزائر ترى الإيقاع السريع الذي تمشي عليه الدبلوماسية المغربية في معالجة قضية الصحراء، وتعلم يقينا أننا دخلنا المنعرج الأخير والحاسم لهذا الصراع، وهي غير قادرة عمليا على إيقاف التوهج المغربي أو تعطيل مساره".
وأضاف أن "الكرة خرجت من ملعب الجزائر، وأصبحت طرفا مشاهدا لا فاعلا، وبالتالي فمن مصلحتها جر المغرب لحلبة صراع جديدة، من أجل خلط الأوراق وربح مزيد من الوقت".
وتابع أن "الغرض من تلويح الجزائر بورقة دعم انفصال الريف هو التشويش على وضوح الرؤية الذي تتمتع به الدبلوماسية المغربية، وأيضا هو محاولة لدفع المغرب إلى تشتيت قواه على عدة جبهات، عوض التركيز على ملف واحد".
في المقابل، عبر جزائريون على منصات التواصل الاجتماعي عن دعمهم لفكرة "استقلال الريف عن المغرب".
وفي هذا الإطار، كتب حساب على منصة إكس باسم "ابراسطيف" أن "لبنات استعادة جمهورية الريف استقلالها وأمجادها تترسخ يوم بعد يوم انطلاقا من أرض الجزائر وبحضور ثلة من أحرار القارة الإفريقية والعالم"، مضيفا "نتمنى التوفيق لأهل الريف لاستعادة أمجادهم".
وكتبت زينة على إكس قائلة إن "جمهورية الريف موجودة منذ زمن"، في حين ذكر مدون آخر "طالما (كانت) الجزائر قبلة الأحرار وداعمة لحركات التحرر في العالم".
وتعود فكرة "جمهورية الريف" إلى بدايات عشرينيات القرن الفائت، عندما انتفض سكان منطقة الريف بقيادة عبد الكريم الخطابي على الاحتلال الإسباني معلنين الاستقلال عن إسبانيا.
وقاد الخطابي العديد من المعارك ضد الإسبان الذين تحالفوا مع الفرنسيين ضده ليتم إخضاعه ونفيه.
والخطابي، المعروف باسم "أسد الريف"، هو واحد من أبرز الشخصيات في شمال إفريقيا التي قاومت الاستعمار، قبل أن يقوم الفرنسيون بنفيه إلى جزيرة"لارينيون" في المحيط الهندي.
واستمر نفي الخطابي في الجزيرة النائية نحو عقدين من الزمن، ليتمكن أثناء ترحيله إلى مارسيليا الفرنسية من الهرب إلى مصر حيث عاش بقية حياته.