ظاهرة التنمر انتشرت بشكل لافت في المدارس التونسية
العنف أصبح يطبع العلاقة بين التلاميذ والإطار التربوي في تونس. صورة تعبيرية (AFP)

شهدت منطقة الشابة من محافظة المهدية في شرق تونس، حادثة مأساوية أثارت الرأي العام، واستوجبت تدخل النيابة العمومية، التي أعلنت اليوم أنها فتحت تحقيقاً في ملابسات وفاة أستاذ لمادة التربية إسلامية على خلفية قضية تنمر مدرسي.

وكانت وسائل إعلام محلية قد تناقلت، الخميس، خبر وفاة، فاضل الجلولي، أستاذ التربية الإسلامية الذي أضرم النار في جسده داخل منزله، بعد أن تم نقله إلى مستشفى الحروق البليغة في بن عروس قرب تونس العاصمة، في اليوم السابق.

وعقب ذلك، قام المدرسون في منطقة الشابة بتنفيذ إضراب عن العمل في كافة المؤسسات التربوية بالجهة، احتجاجاً على تردي أوضاع العمل في قطاع التعليم.

وتعود تفاصيل القضية إلى تعرض فاضل الجلولي، كان يعمل مدرساً لمادة التربية الإسلامية بالمدرسة الإعدادية ابن شرف، بمنطقة الشابة، لحملة تنمر على وسائل التواصل الاجتماعي، تضمنت نشر صور وأشرطة فيديو قصيرة على موقع فيسبوك، يظهر فيها وهو يرد على  استفزازه من قبل مجموعة من التلاميذ.

من جهته قال كاتب عام نقابة التعليم الثانوي بمحافظة المهدية، عمر نصر، في تصريح لوسائل إعلام محلية، إن وفاة الجلولي كانت نتيجة "سياسة التغاضي المتبعة على المستوى الجهوي، أمام ما تعرّض إليه من تنمّر وهرسلة داخل المدرسة وخارجها".

وضع مأساوي

وأكد نصر أن قطاع التعليم يشهد وضعاً مأساوياً، وأنه رغم تنبيه الإدارة حول خطورة ما كان يتعرض له الأستاذ من مضايقات، من بعض التلاميذ، وحتى من أشخاص من خارج المؤسسة التربوية، تعمدوا التلفظ بكلمات بذيئة، وسلوكاً غير أخلاقي، إلا أن إدارة المؤسسة التربوية لم تحرك ساكناً، حسب قوله.

وكانت نقابة التعليم الثانوي بمنطقة الشابة قد أعلنت، الخميس، عن زيارة وفد من وزارة التربية للمدرسة الإعدادية ابن شرف، التي كان الجلولي يزاول عمله بها.

وتأتي هذه الواقعة في سياق ارتفاع مستوى العنف في المؤسسات التعليمية التونسية، إذ تكررت بشكل لافت حالات اعتداء طلبة أو تلاميذ على مدرسين أو أساتذة خلال السنوات الأخيرة. وصرحت رئيسة الإدارة الفرعية للوقاية الاجتماعية، أنه تم إحصاء 2231 قضية عدلية تتعلق بمظاهر العنف المدرسي في تونس خلال سنة 2023.

وجاء انتحار الأستاذ الجلولي بعد أقل من اسبوع من إعلان كاتب الدولة لدى وزير الداخلية في تونس، أن "مظاهر العنف المدرسي أصبحت سمة أساسية تطبع العلاقات بين التلاميذ والإطارات التربوية والإدارية.

تتهم دول مغاربية إيران بمحاولة التغلغل فيها
تتهم دول مغاربية إيران بمحاولة التغلغل فيها

فجأة، باتت الخطوط الجوية الرابطة بين طهران والعواصم المغاربية تشهد حركة غير مسبوقة، بعد خفوت علاقات دام سنوات ووصل في بعض الأحيان لحد القطيعة.

الأسبوع الماضي لوحده شهد تحركات إيرانية وزيارات رسمية واتصالات هاتفية مع بلدان مغاربية بشكل متزامن، وسط العزلة التي تعرفها إيران دوليا بسبب سياساتها المريبة وتأثيراتها على استقرار بلدان الشرق الأوسط.

لماذا كثفت إيران تحركاتها في المنطقة المغاربية الآن بالضبط؟ ما علاقة ذلك بوضع إيران الدولي حاليا؟ وهل سيؤدي إلى تغلغل إيراني أكبر في الشؤون المغاربية إلى تحويل المنطقة إلى بؤرة توتر؟

تحركات إيرانية

أنهى رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بمجلس الشورى الإيراني، إبراهيم عزيزي، السبت، زيارة إلى تونس التقى خلالها كبار المسؤولين البرلمانيين والسياسيين في هذا البلد المغاربي.

ووصل عزيزي إلى تونس قادما من الجزائر التي التقى فيها وزير الشؤون الخارجية أحمد عطاف ومسؤولين آخرين بينهم عميد جامع الجزائر محمد المأمون القاسمي الحسني.

وكانت تونس قد قررت، في يونيو الفائت، إعفاء الإيرانيين من تأشيرة الدخول، في خطوة سبقتها زيارة من الرئيس قيس سعيّد هي الأولى إلى طهران منذ 1979، للمشاركة في تشييع الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي، الذي قتل في حادث تحطم طائرة.

إيران تتقرب من المغرب.. لماذا الآن؟
بعد سنوات من التوترات التي وصلت إلى قطع العلاقات الدبلوماسية بسبب اتهام المغرب لإيران بدعم جبهة البوليساريو، أعادات التصريحات الأخيرة للمتحدث باسم الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، إثارة تساؤلات حول محاولات طهران في التقرب من الرباط وتحسين العلاقات بين البلدين.

وجاءت هذه الزيارات بعد أيام من تصريح أسال حبرا كثيرا في المغرب، أدلى به المتحدث باسم الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي وقال فيه إن بلاده "ترحب دائما بتحسين وتوسيع العلاقات مع دول الجوار ودول المنطقة والدول الإسلامية"، مضيفا "تاريخ علاقاتنا مع المغرب واضح".

وكان المغرب قد قطع علاقاته مع إيران في العام 2018، متهما طهران بدعم جبهة البوليساريو.

وتزامنا مع ذلك كله، استقبل وزير الخارجية الموريتاني محمد سالم ولد مرزوك، في الـ23 من شهر نوفمبر الفائت، سفير إيران بموريتانيا، جواد أبو علي أكبر، من أجل "استعراض علاقات التعاون بين البلدين وسبل تعزيزها وتطويرها"، حسب وكالة الأنباء الموريتانية.

نفوذ بتكلفة منخفضة

وتثير هذه التحركات تساؤلات حول الأهداف التي تسعى طهران إلى تحقيقها في المنطقة المغاربية، وهل تسعى إلى إنشاء منطقة نفوذ على مقربة من السواحل الأوروبية.

إجابة على هذه الأسئلة، يقول الباحث الإيطالي في مجموعة الأزمات الدولية ريكاردو فابياني، في تصريح لموقع "الحرة"، إنه "لا يمكن الحديث عن استراتيجية إيرانية واضحة في هذه المنطقة، التي تظل بعيدة عن المصالح الأساسية لطهران، والتي تتركز بشكل رئيسي في الشرق الأوسط".

ويرى فابياني، الذي يدير مشروع شمال إفريقيا في المجموعة، أن "إيران تسعى حاليا إلى استغلال الفرص لتوسيع علاقاتها ونفوذها بتكلفة منخفضة، نظرًا للقيود الاقتصادية التي تواجهها والضغوط التي تتعرض لها في الشرق الأوسط".

نفى الرئيس التونسي التضييق على ترشح منافسيه في الانتخابات المقبلة - صورة أرشيفية.
تونس تفتح أبوابها لإيران.. ماذا يريد قيس سعيّد؟
قررت تونس، إعفاء الإيرانيين من تأشيرة الدخول، في خطوة سبقتها زيارة من الرئيس قيس سعيّد، هي الأولى إلى طهران منذ الثورة الإسلامية عام 1979، للمشاركة في تشييع الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، الذي قتل في حادث تحطم طائرة مايو الماضي.

بناء أو إعادة بناء العلاقات في شمال إفريقيا، حسب فابياني، "يمكن أن يكون مفيدًا لإيران في أوقات الحاجة؛ ففي حال تعرض إيران لهجوم من إسرائيل أو ضغوط كبيرة من إدارة ترامب المقبلة، قد تكون العلاقات مع دول أخرى مفيدة على الصعيدين الدبلوماسي والاقتصادي من حيث التجارة أو التهريب، على سبيل المثال".

أما بالنسبة للمحلل السياسي التونسي، عبد الجليل معالي، فيفسر في تصريح لموقع "الحرة"، ما يعتبره "تصويبا من إيران لاهتماماتها نحو مناطق لا تجمعها بها مشتركات دينية ومذهبية كثيرة" بتراجع حضورها في العالمين العربي والإسلامي خصوصا بعد الضربات التي تلقاها حزب الله في لبنان وحماس في غزة، إضافة إلى التحديات المحيطة بالميليشيات العراقية "ذات الهوى الإيراني". 

نشر الفوضى

وفي ظل التوترات الأمنية التي تعيشها ليبيا ودول الساحل القريبة منها، تبرز إلى الواجهة أسئلة حول إذا ما كانت إيران تسعى إلى زرع الفوضى في شمال إفريقيا، قرب حدود أوروبا.

ويجيب فابياني على السؤال بالقول إنه حتى لو كانت طهران تسعى لذلك بالفعل، فإنها تفتقر إلى الموارد والقدرات اللازمة لنشر الفوضى في شمال إفريقيا.

أعلام الجزائر والمغرب والعلم الذي تستخدمه جبهة البوليساريو
البوليساريو والمسيرات الإيرانية.. مسؤول صحراوي يرد واتهامات جزائرية مغربية متبادلة
أثارت تصريحات السفير المغربي لدى الأمم المتحدة، عمر هلال، بشأن امتلاك جبهة "بوليساريو"، مسيرات إيرانية الصنع وتدريب عناصر الجبهة على يد قوات إيرانية وأخرى تابعة لحزب الله اللبناني، حالة من الجدل في الأوساط السياسية، بين تأكيد لتلك الاتهامات التي طالت "الجزائر" أيضا، ونفي على جانب آخر وحديث عن "إدعاءات باطلة".

ويضيف أن منطقة شمال إفريقيا "بعيدة جدًا عن إيران، وموارد طهران محدودة للغاية في الوقت الحالي، وهي تحت ضغوط خارجية كبيرة تجعلها عاجزة عن إحداث الفوضى في هذه المنطقة".

من جهته، يرى أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس بالرباط، خالد يايموت، أنه "لو كان لإيران القدرة على إحداث الفوضى في شمال إفريقيا لكانت قد قامت بذلك خلال الفترة الفاصلة بين 2011 و2017"، في إشارة إلى السنوات التي عقبت اندلاع ثورات بدول مغاربية كليبيا وتونس، بالتزامن مع احتجاجات "الربيع العربي" في بقية بلدان المنطقة.

ويعتبر يايموت في تصريح لموقع "الحرة" أن "إيران الآن أضعف حاليا مما كانت عليه سواء تعلق الأمر بالوضع الداخلي أو التأثير الخارجي".

هل ترضخ الدول المغاربية؟

يستبعد الباحث المصري في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، عماد جاد، رضوخ الدول المغاربية لرغبة إيران في إقامة علاقات على نحو أوسع.

ويقول جاد في تصريح لموقع "الحرة" إن الدول العربية "عادة ما تتحفظ من الانفتاح الكبير على إيران لطالما أنها تتبنى مبدأ تصدير الثورة وتفتح مراكز ثقافية للتشيع".

ويرجح الباحث المصري أن تكون الدول المغاربية "شديدة الحرص على عدم وجود تعاون كبير"، إذ ستأخذ دول كتونس والمغرب العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة على إيران بعين الاعتبار.

أما في ما يتعلق بالجزائر، فيشير جاد إلى أن هذا البلد قد يرحب بتوسيع التعاون مع إيران، لكنه "يخشى أيضا من التشيع والمراكز الثقافية الإيرانية والتدخل الإيراني في الشؤون الداخلية للدول".

ويردف أن "المشكلة الأساسية لإيران هي عملها بمبدأ تصدير الثورة وتدخلها في الشؤون الداخلية للدول وقد حصل ذالك في لبنان والعراق وسوريا واليمن"، متابعا أن "إيران لا تقيم علاقات طبيعية مع الدول حيث أن علاقاتها مع مصر مثلا مازالت مقطوعة، إذ تقيم علاقات مع جماعات إرهابية سنية وشيعية".

من جانبه، يضع الأستاذ بالجامعة المغربية خالد يايموت تحركات إيران الراهنة في المنطقة المغاربية في سياق "محاولة لخلق نفس جديد في شمال إفريقيا هدفه استعادة المحيط العربي الذي يبدأ من الخليج وينتهي عند المغرب وموريتانيا".