طيف سوريا وحوار موعود.. هل تتحقق آمال الجزائريين في انفتاح سياسي؟
تفاعل جزائريون بشكل واسع مع سقوط نظام الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد، وعبر كثيرون من خلال منصات التواصل الاجتماعي عن آمال ومطالب بشأن انفتاح أكثر لحكومة بلدهم على الحريات والتعددية السياسية والإعلامية.
ورغم تباين الآراء واختلافها حول مستقبل سوريا، فإن النقاش في الجزائر سار نحو بناء المستقبل التعددي على ضوء التطورات في الشرق الأوسط، وتأثيرات ذلك على البلاد.
واندلع حراك شعبي في الجزائر في فبراير 2019 دام أكثر من سنة، احتجاجا على ترشح الرئيس الجزائري السابق عبد العزيز بوتفليقة لعهدة خامسة بعد 20 سنة من الحكم (1999/2019)، ورغم استقالته من منصبه في أبريل من نفس السنة تحت ضغط الشارع، فإن الحراك تواصل إلى ما بعد إجراء انتخابات رئاسية يوم 12 ديسمبر 2019، انتهت بفوز المرشح المستقل عبد المجيد تبون.
وقاد الرئيس الجزائري سلسلة من الإصلاحات التشريعية مست دستور البلاد وقوانين الانتخابات والإعلام، كما نظم انتخابات تشريعية ومحلية مسبقة، ومست الإصلاحات قطاعات مختلفة، إلا أن ذلك لم يمنع من بقاء صوت الحراك في الشارع الجزائري وعلى منصات التواصل الاجتماعي، للمطالبة بتكريس حوار وانفتاح سياسي وإعلامي حقيقي.
وفي لقاء مع الصحافة المحلية في أكتوبر الماضي، وعد الرئيس تبون، بأنه سيتم "إرساء حوار وطني جاد لتحصين الجزائر من التدخلات الأجنبية، والقضاء على محاولات زرع الفتنة بين أبناء الشعب".
وأضاف تبون أن هذا الحوار الوطني "سيجري مع نهاية سنة 2025 أو بداية 2026"، مشيرا إلى أنه يتعين التحضير له، لكونه "يتصل بمستقبل الأجيال الصاعدة"، ويرمي إلى "تحصين الجزائر من التدخلات الأجنبية والقضاء على محاولات زرع الفتنة".
وأوضح الرئيس الجزائري أن الحوار سيكون "مسبوقا بجملة من الأولويات المتصلة بالاقتصاد الوطني وجعل الجزائر في مأمن ومناعة من التقلبات الاقتصادية والسياسية التي يشهدها العالم، ليتم المرور بعد ذلك الى مرحلة بناء الديمقراطية الحقة".
الحريات هي صمام الأمان
وتعليقا على الآمال المعلقة على انفتاح أكثر في جوانبه السياسية والإعلامية والحقوقية بالجزائر، يرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة الجزائر، توفيق بوقاعدة أن الأحداث الأخيرة في سوريا وما تلاها من الأخبار والشهادات المتداولة عن القمع الذي عاش تحته الشعب السوري، أعاد النقاش في الجزائر حول "أهمية الحريات لحماية البلاد".
ويؤكد بوقاعدة في حديثه لـ"الحرة" أنه لا يمكن حماية الوطن "بالتضييق على حرية التعبير والحريات العامة لأن هذه المعايير والقيم هي الصمام الآمن للجزائر".
ويشدد المتحدث على أن "تعزيز اللحمة الوطنية لمواجهة مختلف المؤامرات والدسائس التي تهدد البلاد لا يمكن أن تتم بتكريس مشاعر الاغتراب والتخوف من المشاركة في الحياة السياسية والعامة في البلاد".
ويعتقد بوقاعدة أن الحوار الوطني الذي وعد به الرئيس تبون "أصبح ملحا في الزمن
والموضوع"، مشيرا إلى أنه "سيسمح بإعادة ترتيب المشهد الوطني العام، عبر فتح نقاش موسع حول آليات إدارة الدولة التي يتوافق عليها الجزائريون"، داعيا إلى "عدم احتكار الرأي والوطنية وإقصاء الرأي الآخر والتشكيك في وطنية كل مخالف".
طموحات وآمال مشروعة
في المقابل فإن هذه الآمال "مشروعة"، بالنسبة للناشط في حركة المجتمع المدني (جمعيات مستقلة)، حسين بابا، الذي يرى أن الانفتاح أكثر على الحريات بمختلف ميادينها "طموح يتقاطع ووعود رئيس الجمهورية التي قطعها عقب انتخابة لولاية رئاسية ثانية في السابع سبتمبر الماضي".
ويؤكد حسين بابا في حديثه لـ"الحرة" أن الجزائر "كانت تخطو دوما خطوات استباقية من خلال التجربة السياسية والإعلامية والاقتصادية التي خاضتها عقب انتفاضة 5 أكتوبر 1988"، مشيرا إلى أن فترة التسعينات "الأليمة لا يجب أن تكون مبررا للتراجع عن الديموقراطية الحقيقية ".
ولا يستبعد المتحدث أن تلجأ الحكومة إلى القيام بخطوات "تكرس انفتاحا سياسيا جديدا ومسبقا"، خلال السنة القادمة عوضا الانتظار إلي نهايتها أو مطلع سنة 2026، "نظرا لمتطلبات المرحلة التي تفرضها تداعيات الأوضاع في العالم العربي".