أحيت الانتخابات البلدية الليبية، التي جرت يوم 16 نوفمبر الفائت، الآمال في إجراء انتخابات عامة خلال العام المقبل لإنهاء حالة التشرذم التي يعيشها هذا البلد المغاربي منذ الإطاحة بنظام العقيد معمر القذافي عام 2011.
وفي ظل التحركات التي تجريها القائمة بأعمال رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، ستيفاني خوري، تُطرح تساؤلات عن إمكانية الاتفاق على تنظيم انتخابات جديدة لوضع حد للانقسامات السياسة والعسكرية.
وتدير ليبيا حكومتان، مقر الأولى في العاصمة طرابلس ويرأسها عبد الحميد الدبيبة وتحظى باعتراف دولي، بينما تتمركز الحكومة الثانية برئاسة أسامة حماد في الشرق، ويساندها البرلمان والمشير خليفة حفتر.
بارقة أمل
في حدث اعتبر "بارقة أمل" وهو الأول من نوعه، في غضون عقد كامل، نظمت ليبيا، الشهر الفائت، انتخابات لاختيار أعضاء 58 مجلسا بلديا، على أن تجرى المرحلة الثانية في 59 بلدية مطلع العام المقبل.
وحظيت تلك الانتخابات بترحيب دولي واسع، إذ دعت سفارات الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا وإيطاليا وألمانيا والمملكة المتحدة، إلى استغلال هذه "الخطوة المهمة" من أجل "تطوير خارطة طريق موثوقة" لإجراء "انتخابات وطنية ناجحة، كجزء من عملية تسيرها الأمم المتحدة".

وعقب سقوط نظام معمر القذافي الذي حكم البلد لأزيد من 4 عقود، جرت في ليبيا في صيف 2012 انتخابات لاختيار 200 عضو للمؤتمر الوطني العام (البرلمان)، قبل تنظيم انتخابات بلدية خريف 2013.
وفي صيف عام 2014، عقدت ليبيا انتخابات برلمانية لم تشهد مشاركة واسعة نتيجة لتفشي العنف آنذاك.
ومع حلول العام 2021، ترقب الليبيون إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية، كان يعقدون عليها الآمال لإنهاء الانقسامات، لكن العملية الانتخابية أُجلّت مرار بسبب الخلافات الحادة بين القادة المحليين.
ومنذ ذلك الوقت، يحاول المجتمع الدولي حث الأطراف المتنازعة على التوصل لاتفاق ينتهي بوضع خارطة طريق لإجراء انتخابات جديدة.
حافز الانتخابات البلدية
ودعا رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي، السبت، إلى إجراء انتخابات وطنية عام 2025 وفق قوانين لجنة القوانين الانتخابية، المشكلة من مجلسي النواب والأعلى للدولة، وذلك بعد حسم المواد الخلافية.
وقال المنفي على "إكس" إن "التجربة الناجحة للانتخابات البلدية تحفزنا لإجراء انتخابات وطنية العام 2025 وفق قوانين لجنة 6+6 بعد حسم المواد الخلافية، وذلك بمنح صلاحيات أوسع للجنة العسكرية 5+5 ومديريات الأمن، وبإشراف قضائي كامل ورقابة دولية".
وجدد المنفي دعمه لجهود بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا لكسر الجمود السياسي، وتفعيل حوار بين المؤسسات الليبية، كمعيار واضح ووحيد يضمن الملكية الوطنية للحوار ومخرجاته".

والسبت، التقت خوري ممثلين عن أحزاب سياسية لمناقشة "العناصر الرئيسية للعملية السياسية التي تيسرها بعثة الأمم المتحدة بهدف التغلب على الجمود الحالي، وتمهيد الطريق للانتخابات وتوحيد مؤسسات الدولة"، وفق بيان لبعثة الأمم المتحدة على فيسبوك.
كما أجرت خوري، الأسبوع الفائت، لقاءات بمسؤولين أمنيين وسياسيين كبار، بينهم وزير الداخلية بحكومة الوحدة الوطنية عماد الطرابلسي، ورئيس الأركان العامة للجيش الليبي، الفريق أول محمد الحداد لمناقشة العملية السياسية وتوحيد المؤسسات.
هل تنتهي حالة الجمود السياسي؟
لإجابة هذا السؤال، يرى المحلل السياسي الليبي إسماعيل الرملي أن "الشعب الليبي يأمل في تحقيق استقرار في الفترة المقبلة لكن ذلك غير ممكن مع وجود مؤسسات غير شرعية لا هم لها إلا البحث عن استمرار مصالحها".
وأفاد الرملي أن "الملف السياسي في ليبيا ليس ملكا لليبيين، فقد تداول على بعثة الأمم المتحدة 9 رؤساء دون التوصل لنتيجة تذكر"، مشيرا إلى أن "اهتمامات الغرب في ليبيا تنحصر أساسا في ملفات الطاقة والهجرة ومكافحة الإرهاب".
مع ذلك لا يستبعد الرملي في تصريح لموقع "الحرة" "حدوث تغيير حقيقي وإجراء انتخابات خصوصا مع تغير الإدارة الأميركية، ووجود رغبة محلية في تبنى دستور وإجراء انتخابات عامة".
من جانبه، يؤكد المحلل السياسي الليبي عز الدين عقيل، أن "مهمة القائمة بأعمال رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا ستيفاني خوري توشك على نهايتها، وبالتالي فإنها لن تكون قادرة على تقديم مشروع لحل أزمة ليبيا".
وأشار، بحسب وجهة نظره، إلى "إمكانية عقد اتفاق بين واشنطن وموسكو بعد وصول ترامب إلى البيت الأبيض في يناير المقبل على مواصلة خوري لمهامها في ليبيا".
وشدد عقيل في تصريح لموقع "الحرة" على أن "الملف الليبي مُجمّد كليا في الوقت الراهن، في انتظار قرار مجلس الأمن الدولي بشأن البعثة الأممية في نهاية يناير من العام المقبل".