باتت حوادث السير (التي يطلق عليها إرهاب الطرقات) مصدر قلق عميق بين الجزائريين, بعد أن خلفت عشرات الآلاف بين قتيل وجريح خلال سنة 2024.
وبين من يحمل المسؤولية للعامل البشري، وبين من يرجعها لأسباب تقنية, فإن الإحصائيات التي نشرتها الحماية المدنية الجزائرية، الأربعاء، تشير إلى مقتل 1959 شخصا، وإصابة 76.800 آخرين بجروح متفاوتة الخطورة، في حوادث مرور عبر طرق الجمهورية.
وسجلت ذات الهيئة 64.261 حادث مرور خلال السنة المنتهية، وهي في الغالب الحوادث التي تدخلت عقبها مصالح الحماية المدنية (دون احتساب حصيلة المصالح المكلفة بأمن الطرقات).
وتوفي 2963 شخصا، وأصيب 13394 آخرين بجروح على إثر وقوع 8054 حادثا مروريا، وفق حصيلة سنوية للدرك الوطني خلال 2023، دون احتساب الحوادث التي رصدتها مصالح الشرطة.
ولقي 3409 شخصا مصرعهم وأصيب 30 ألفا و777 آخرين بجروح متفاوتة الخطورة في 22 ألفا و980 حادث مرور خلال سنة 2022 لوحدها.
ويمثل "العنصر البشري" 96 بالمئة من العوامل المتسببة في حوادث السير بالجزائر، كما أن "التمرد على القوانين المرورية ظاهرة سلبية"، وفق حوار سابق أدلى به المكلف بتسيير المندوبية الوطنية للأمن عبر الطرق (حكومية)، لحسن بوبكة.
العامل البشري.. وعناصر أخرى
في تعليقه على هذا الملف، يرجع عضو الجمعية الجزائرية للوقاية من حوادث المرور، رشيد بختاوي، ارتفاع حصيلة حوادث المرور إلى عوامل عدة، أبرزها "عدم احترام قانون المرور" من طرف السائقين، مضيفا أن وضعية غالبية الطرق التي تتعرض "للتدهور"، بما في ذلك الطريق السيار شرق غرب "تتسبب في العديد من الحوادث المميتة".
ويشير رشيد بختاوي في حديثه لـ"الحرة" إلى أن العامل البشري "ليس وحده" السبب في تزايد خطورة إرهاب الطرقات، بل تتداخل عناصر في ذلك من بينها السيارات التي تبقى بحاجة للتجديد، وارتفاع أسعار قطع الغيار الأصلية وانتشار المستعملة والمقلدة.
وتبعا لذلك يدعو المتحدث إلى "مراجعة الأسباب التي تؤدي إلى حوادث المرور على النحو المسجل في الجزائر"، وذلك "بفتح ورشات لمختصين وتحديدها قبل البدء في العمل على تحييدها" حفاظا على الأمن المروري.
تعديل قانون المرور
وتبلغ الكلفة السنوية لحوادث المرور في الجزائر نحو 750 مليون دولار، حسب المصدر نفسه، وهو ما يعتبر تكلفة كبيرة لهذه الحوادث التي أطلق عليها اسم "إرهاب الطرقات" نظرا لخطورتها، ولحجم الخسائر التي تخلفها سنويا.
وللتقليل من الخسائر في المادية والبشرية يرى رئيس الأكاديمية الوطنية لأمن الطرقات، علي شقيان أنه يتعين على السلطات "إعادة النظر كليا في قانون المرور الحالي الذي تجاوزته التطورات الحاصلة في المجال التكنولوجي، مع تضمين القانون نظام مراقبة المرور باستعمال الكاميرات".
ويقول على شقيان في حديثه لـ "الحرة" إن "الوقت حان لوضع إطار قانوني أكثر فعالية وصرامة، بعد مراجعة القانون الحالي"، متوقعا أن يؤدي تجديد حظيرة السيارات بعد فتح الاستيراد وبدء الإنتاج المحلي للمركبات إلى "التقليص من حجم الخسائر".
ويشير المتحدث إلى أن الحكومة سبق لها قبل سنتين أن استعرضت قرار تعديل قانون المرور، الذي "تنتظره الجمعيات المهنية ومدارس تعليم السياقة لحسم ظاهرة الإرهاب المروري المسجل يوميا عبر طرقات الجمهورية دون أن تجد له السلطات حلا لكبحه".