تونس والجزائر وقعتا اتفاقية شراكة في مجال الكهرباء - صورة تعبيرية (رويترز)

وقعت تونس والجزائر الخميس، اتفاقيتي شراكة في مجال الكهرباء بهدف "مزيد تعزيز الشراكة الاقتصادية والاجتماعية بين الطرفين إضافة إلى تبادل المعرفة والخبرات الفنية"، وفق بيان لوزارة الصناعة والطاقة والمناجم التونسية.

وأوضحت الوزارة، في البيان، أنه "وقع التطرق إلى مزيد تطوير التعاون المشترك في القطاع الطاقي وتعزيز الربط الكهربائي الثلاثي بين تونس والجزائر وليبيا قصد مواجهة جملة من التحديات الطاقية خاصة فيما يتعلق بالاستجابة لذروة استهلاك الكهرباء خلال فصل الصيف وتخفيف الضغط على شبكات النقل والتوزيع".

يأتي ذلك في ظرف تواجه فيه تونس عجزا طاقيا بلغ نحو 3 مليار دولار في معضلة لاتزال تلقي بظلالها على اقتصاد البلاد. 

وارتفع عجز الميزان التجاري الطاقي في تونس مع نهاية شهر سبتمبر الماضي وعلى أساس سنوي بنحو 29 بالمائة ليصل إلى ما يناهز 2.9 مليار دولار خلال الأشهر الـ9 الأولى من 2024، مقابل 2.2 مليار دولار في نفس الفترة من سنة 2023.

الاتفاقيات الثنائية بين تونس والجزائر في مجال الكهرباء، فتحت النقاش في الأوساط التونسية بشأن أفق هذا التعاون ومدى مساهمة الجزائر في تخفيف معضلة توفير الطاقة في تونس.

حلول ظرفية

في تعليقه على هذا الموضوع، يرى الخبير المختص في مجال الطاقة، غازي بن جميع، أن توجه تونس نحو إبرام اتفاقيات مع الجزائر لسد احتياجاتها في توفير الطاقة يبقى من الحلول الوسيطة والظرفية، طالما هناك إنفاق بالعملة الصعبة رغم ما توفره الجزائر من تسهيلات في الدفع للجانب التونسي.

ويقول بن جميع، لموقع "الحرة"، إن أكثر من 96٪ من احتياجات تونس الطاقية تتمثل في الغاز الطبيعي الذي شهد تراجعا حادا من حيث الانتاج المحلي، في مقابل ارتفاع أسعاره في السوق العالمية، وذلك في ظل المخاوف من اضطراب الإمدادات جراء التوترات الدولية والإقليمية.

وبخصوص مساعي تونس لمجابهة ضغوط تزايد الطلب على الغاز والمحروقات، يشدد الخبير في مجال الطاقة على أن الاستمرار في سياسة الاستيراد الطاقي ليست الطريقة الأفضل على اعتبار أن إنتاج الكهرباء من الغاز ترافقه تكلفة باهظة في وقت يراهن فيه العالم على الطاقات المتجددة باعتبارها أقل كلفة.

وتبعا لذلك، يدعو السلطات التونسية إلى التسريع في إنجاز المشاريع المتعلقة بالطاقات المتجددة، معتبرا أنها "الحل الأنسب والأنجع لتجاوز معضلة العجز الطاقي المتفاقم في البلاد".

وترتبط تونس بخط كهربائي مشترك مع الجزائر يتم من خلاله دعم الشبكة الكهربائية في تونس بقدرات تتراوح بين 400 و600 ميغاوات خلال أوقات الذروة في الصيف.

في المقابل، تشير إحصائيات رسمية إلى تقلص رخص الاستكشاف في هذا البلد المغاربي من 50 رخصة سنة 2010 إلى 16 رخصة في العام 2024، وهي التي تمثل نشاط الاستكشاف، وذلك في ظرف تعتمد فيه تونس على الاستيراد من الخارج لتلبية أكثر من نصف احتياجاتها الطاقية.

تخفيف العبء الطاقي

من جانبه، يرى الخبير في الاقتصاد، ماهر بلحاج، أن تكريس التعاون بين تونس والجزائر في المجال الطاقي يعد "خطوة إيجابية" في اتجاه مجابهة الضغوط المتعلقة بتوفير المحروقات وتخفيف العبء الطاقي الذي تواجهه البلاد منذ سنوات، واصفا الجزائر بـ "المنقذ وقت الأزمات".

ويشير بلحاج، في حديثه لموقع "الحرة"، إلى أن تونس تسلمت من الجزائر أواخر ديسمبر المنقضي شحنة بنحو 5 آلاف طن من الغاز الموجه للاستخدام المنزلي لمجابهة موجة البرد التي تجتاح البلاد، فضلا عن اعتمادها على الجزائر لسد احتياجاتها من الكهرباء خلال ذروة الاستهلاك في فصل الصيف.

وسبق لتونس أن أعلنت أن 14٪ من استهلاك البلاد للكهرباء منذ مطلع العام 2024 وحتى نهاية سبتمبر من نفس السنة تم توريدها من الجزائر وليبيا.

وفي هذا السياق، يؤكد الخبير الاقتصادي ماهر بلحاج أن تركيز تونس على الجزائر في سد احتياجاتها الطاقية يأتي في سياق الراوبط التاريخية التي تجمع البلدين، فضلا عن القرب الجغرافي الذي يساهم في سرعة نقل وتأمين الطلبات التي توجهها السلطات التونسية لنظيرتها الجزائرية.

ويبرِزُ في المقابل، أن تونس تعتزم تشغيل خط ربط كهربائي بحري مع إيطاليا في أفق 2028 بقدرة 600 ميغاوات وتكلفة تتجاوز 700 مليون يورو يتحملها الجانبان مناصفة، إلى جانب توجهها إلى إرساء مشاريع عديدة تتعلق بإنتاج الطاقات البديلة والمتجددة، مشددا على أنها ستخفف بشكل هام في العجز في الميزان التجاري الطاقي.

استراتيجية جديدة

تخطط تونس في إطار الاستراتيجية الوطنية الطاقية في أفق سنة 2030 إلى إنتاج 35 بالمائة من الكهرباء من الطاقات المتجددة والتخفيض في حدود 46 بالمائة من انبعاث الكربون.

ووقعت في مايو 2024 على اتفاقيتين لإنجاز محطتين لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية الفولطاضوئية بكل من محافظتي قفصة (وسط غرب) وتطاوين (جنوب) بقدرة 300 ميغاوات.

كما يسعى هذا البلد المغاربي في إطار في هذه الاستراتيجية، إلى خفض نسبة الطلب على الطاقة الأولية بـ 30٪ في 2030 و37٪ في عام 2035 فضلا عن تسريع برنامج الطاقة المتجددة من خلال تركيب طاقة متجددة تبلغ 8350 ميغاوات بحلول عام 2035.

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والمشير خليفة حفتر
زيارة حفتر للقاهرة تأتي قبل أشهر من إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية

استقبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، السبت في القاهرة، المشير خليفة حفتر، الرجل القوي في شرق ليبيا، لأول مرة منذ سبتمبر 2021 وبحث الطرفان عددا من القضايا المتصلة بالشأن الليبي والوضع الإقليمي.

وقالت الرئاسة المصرية في بيان إن السيسي أكد "حرص مصر على ضمان وحدة وتماسك المؤسسات الوطنية الليبية".

وشدد السيسي وفق البيان على "أهمية التنسيق بين جميع الأطراف الليبية لبلورة خارطة سياسية متكاملة تؤدي إلى إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية" المنتظرة في البلاد.

وأكد الرئيس المصري، السبت، "ضرورة منع التدخلات الخارجية" في ليبيا "وإخراج جميع القوات الأجنبية والمرتزقة من الأراضي الليبية".

وفي ليبيا، دعم مرتزقة روس المشير حفتر ضد حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة ومقرها طرابلس، والتي تعترف بها الأمم المتحدة وتدعمها تركيا.

وتأتي زيارة حفتر الأخيرة للقاهرة قبل أشهر من إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية الوطنية، والتي أرجئت مرارا بسبب الخلافات حول إطارها القانوني.

وتحاول ليبيا، التي تشترك في حدودها الشرقية مع مصر، التعافي من سنوات من الصراع في أعقاب الانتفاضة التي دعمها حلف شمال الأطلسي في عام 2011 وأنهت أربعة عقود من حكم معمر القذافي.

مواقف متباينة

وكان الرئيس السيسي من الداعمين الرئيسيين للمشير حفتر في ما مضى، لكنهما اتخذا مواقف متعارضة في الحرب في السودان، على الحدود الجنوبية للبلدين.

ودعمت القاهرة الجيش السوداني بقيادة رئيس الأركان عبد الفتاح البرهان، في حين يقول محللون إن خليفة حفتر نقل الوقود والأسلحة والمقاتلين إلى قوات الدعم السريع شبه العسكرية لحساب الإمارات العربية المتحدة.

ونفت أبوظبي، وهي حليف رئيسي للرئيس السيسي والمشير حفتر، إمداد قوات الدعم السريع بالأسلحة.