منشآت نفطية تابعة لشركة سوناطراك الجزائرية
منشآت نفطية تابعة لشركة سوناطراك الجزائرية

وقعت الجزائر الأربعاء اتفاقا مع شركة شيفرون الأميركية العملاقة للطاقة بهدف تقييم موارد النفط البحرية المحتملة في البحر الأبيض المتوسط، بحسب وزارة الطاقة في البلاد.

وأعلنت الوزارة في بيان أن الشراكة أبرمت بين الوكالة الوطنية لتثمين موارد المحروقات "النفط" وشيفرون شمال أفريقيا.

وأضاف البيان أن الاتفاق الذي سيستمر عامين ينص على "إنجاز دراسة معمقة لتقييم الموارد النفطية في المنطقة البحرية الجزائرية".

وقد يمهد الاتفاق "الطريق لمشاريع استكشاف وتطوير مستقبلية تهدف إلى تثمين موارد المحروقات الوطنية".

ويأتي هذا في إطار جهود وكالة "النفط" في "جذب استثمارات نوعية وتعزيز القدرات التقنية في مجال الاستكشاف البحري"، بحسب ما قال رئيسها مراد بلجهم في البيان.

في عام 2018، وقعت شركة سوناطراك المملوكة للدولة للمحروقات اتفاقيتين مع شركة توتال الفرنسية وإيني الإيطالية لتقييم احتياطيات النفط البحرية المحتملة.

وتعد الجزائر أكبر مصدّر للغاز الطبيعي في إفريقيا وعضو في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، وتحتوي صحراؤها الشاسعة على معظم احتياطاتها الكبيرة المؤكدة والبالغة نحو 4,504 تريليون متر مكعب من الغاز الطبيعي و12200 مليون برميل من النفط الخام.

تشكّل عائدات المحروقات ثلاثة أخماس دخل الدولة الموجّه لدعم البنزين والكهرباء والخدمات الصحية والاجتماعية، والسلع الأساسية.

والجزائر مورّد حيوي للغاز إلى الاتحاد الأوروبي عبر خطي أنابيب رئيسيين، هما ترانس ميد الذي يمتد إلى إيطاليا عبر تونس، وميدغاز إلى إسبانيا.

وتحاول الجزائر التي تقلّ أعمار 45 في المئة من سكانها عن 25 عاما، تنويع اقتصادها لتلبية احتياجات مواطنيها.

ومن أجل تقليل اعتمادها على الطاقة، تعمل الجزائر على تشجيع النشاط التجاري والاستثمار الأجنبي والزراعة، وهو القطاع الذي يعوقه التصحر.

المغرب لا يزال يعاني من آثار زلزال سبتمبر 2023 المدمر
المغرب لا يزال يعاني من آثار زلزال سبتمبر 2023 المدمر

تتزايد الهواجس في بلدان مغاربية من تداعيات تنامي النشاط الزلزالي في البحر الأبيض المتوسط، وهي مخاوف عززها إعلان تركيا عن خطة طوارئ استراتيجية وتمديد اليونان إغلاق المدارس في إجراء احترازي، ردا على التقلبات التكتونية والهزات التي ضربت المنطقة.

وتأثرت أنحاء متفرقة من المغرب بزلزال قوته 5.2 درجة على مقياس ريختر، مساء الاثنين، وذلك قبل أيام من تسجيل منطقة المكناسي بمحافظة سيدي بوزيد وسط غربي تونس لهزتين أرضيتين وصلت إحداها إلى 4.6 درجة بمقياس ريختر.

هذه الزلازل والهزات، أثارت مخاوف بشأن طبيعتها وعلاقتها بالتقلبات التكتونية في البحر الأبيض المتوسط وتداعياتها على الدول المغاربية، بما في ذلك تونس والمغرب والجزائر وليبيا وموريتانيا.

وتعليقا على هذا الموضوع، قال الخبير الجيولوجي رئيس الجمعية التونسية للإعلام الجغرافي الرقمي، محمد العياري، إن البلدان المغاربية تقع على منطقة نشطة جيولوجيا بسبب تفاعل الصفائح التكتونية الرئيسية وهو ما يجعلها عرضة للزلازل ذات التأثير الكبير.

تصادم الصفيحة الأفريقية والأوراسي

وقال العياري، لموقع "الحرة"، إن المنطقة المغاربية تقع عند إلتقاء الصفيحة الأفريقية بالصفيحة الأوراسية، مبرزا أن الصفيحة الأفريقية تتحرك شمالا بمعدل من 4 إلى 5 مليمتر سنويا، والتصادم بين الصفيحتين مسؤول عن تكوين سلسلة جبال الأطلسي الممتدة من المغرب إلى تونس.

وأضاف أن الفوالق النشطة (شقوق كبيرة داخل الصفيحة) في المنطقة خاصة في المغرب والجزائر كانت مصدرا لزلازل قوية ومدمرة، غير أن هذه الفوالق كانت أقل فاعلية وتأثيرا في تونس وليبيا.

وبخصوص تداعيات النشاط الزلزالي في البحر الأبيض المتوسط، شدد المتحدث على أن البلدان المغاربية تبقى عرضة للهزات الزلزالية فضلا عن التأثر بانعكاساتها الجيولوجية المتمثلة في تغيرات في التضاريس وتشوه دائم في القشرة الأرضية والانهيارات والتشققات الكبرى بها، إلى جانب إحداث تغيرات في الموارد المائية الجوفية والموارد المعدنية.

ولفت إلى أنه بعد ملايين السنين سيختفي البحر الأبيض المتوسط وتلتصق القارة الأفريقية بالقارة الأوروبية نتيجة التصادم المستمر بين الصفائح التكتونية.

وكان بحر إيجه بالقرب من جزيرة سانتوريني اليونانية ومحطيها قد شهد مطلع فبراير عشرات الهزات الأرضية، وسط تحذيرات من إمكانية حدوث تسونامي بالمنطقة.

وامتدت الهزات الأرضية لتشمل بعض البلدان المغاربية، على غرار تونس والمغرب دون تسجيل خسائر بشرية أو مادية.

المغرب أكثر عرضة لخطر الزلازل

واتفق الخبير الجيولوجي المغربي، عبد الهادي والي، مع أراء الجيولوجيين التي تذهب إلى اعتبار المغرب، أكثر البلدان المغاربية عرضة لخطر الزلازل المدمرة.

وقد سبق للمغرب أن شهد زلزالا عنيفا في عام 2023 أوقع نحو 3000 قتيل وأكثر من 5000 مصاب وخسائر مادية سوت مناطق بأكملها بالأرض.

وعن ذلك، قال الوالي، في حديثه لموقع "الحرة"، إن المغرب يقع على خط زلزالي نشيط يمتد من البرتغال مرورا بالمحيط الأطلسي وهو ما يعكس شدة الزلازل التي شهدها هذا البلد المغاربي في الأعوام الماضية خاصة في مدينة مراكش. 

وشدد على أنه في حال حدوث تسونامي ستكون تداعياته خطيرة على البلد أكثر من باقي الدول المغاربية لانفتاحه على المحيط الأطلسي.

وقلّل في المقابل من هواجس الشعوب المغاربية من حدوث تسونامي بالمنطقة، مستبعدا حدوث ذلك.

وقال إن المنطقة المغاربية لم تشهد "منذ آلاف السنين حدوث تسونامي، و ما يحدث في بحر إيجة بين اليونان وتركيا مختلف عن المنطقة المغاربية، لكن مع ذلك يجب توخي الحذر والحيطة".

في السياق ذاته، أكد الأستاذ المتخصص في علم الرسوبيات بالجامعة المغربية الصفروي، بدر، لموقع "الحرة"، أن المناطق الساحلية للدول المغاربية قد تشهد تأثيرات مثل أمواج تسونامي إذا كان الزلزال قويّا وحدث تحت البحر، خاصة في المغرب والجزائر.

وأضاف أن الزلازل التي تضرب منطقة البحر المتوسط يمكن أن تؤثر على المنطقة المغاربية بدرجات متفاوتة، وذلك اعتمادا على موقع الزلزال وقوته وعمقه، بالإضافة إلى العوامل الجيولوجية.

تونس وليبيا وموريتانيا أقل خطرا

وفي ما يتعلق بباقي البلدان المغاربية، أوضح الصفراوي أن تونس أقل عرضة للزلازل مقارنة بالمغرب والجزائر، ولكنها ليست محصنة تماما، مشيرا إلى أن هذه الزلازل في البحر المتوسط قد تسبب اهتزازات خفيفة إلى متوسطة في المناطق الشمالية، خاصة في تونس العاصمة والمناطق المجاورة. 

وبشأن ليبيا، فقد أوضح المتحدث أن لديها نشاط زلزالي أقل نسبيا، ولكن المناطق الشمالية القريبة من البحر المتوسط قد تتأثر بالزلازل القوية في المنطقة، لافتا إلى أن التأثيرات عادة ما تكون محدودة، ولكن قد تشهد بعض المناطق مثل طرابلس وبنغازي اهتزازات خفيفة.

في مقابل ذلك، يرى أن موريتانيا بعيدة نسبيا عن منطقة النشاط الزلزالي في البحر المتوسط، لذا فإن تأثير الزلازل عليها يكون ضئيلا أو معدوما في معظم الحالات.

ويجمع الخبراء على ضرورة متابعة الأوضاع وأخذ الاحتياطات اللازمة لتفادي أي تداعيات أو خسائر بشرية ومادية تنجم عن حدوث الزلازل في البلدان المغاربية.