الاتحاد الأوروبي والجزائر وقعا اتفاقية الشراكة عام 2002 وبدأ العمل بها عام 2005
الاتحاد الأوروبي والجزائر وقعا اتفاقية الشراكة عام 2002 وبدأ العمل بها عام 2005

لم تعد اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي محل ترحيب لدى الجزائر التي تسعى إلى مراجعتها ،وفق مبدأ "رابح-رابح"، بعد 20 سنة من العمل بها.

ورغم أن الجزائر ما انفكت تؤكد أن ميزان الشراكة يميل لصالح دول الاتحاد الأوروبي، فإن الطرف الأوروبي يتهم الجزائر "بتقييد صادرات الاتحاد الأوروبي واستثماراته، منذ سنة 2021"، داعيا إلى إجراء مشاورات مع السلطات الجزائرية.

وكان الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، أعلن في اجتماع لمجلس الوزراء الأسبوع الماضي، أن بلاده تطالب بمراجعة اتفاق الشراكة مع الاتحاد دون نية في "دخول نزاع" مع الأوروبيين.

وذكر بيان مجلس الوزراء أن "مراجعة الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي ليست على خلفية نزاع، إنما دعما للعلاقات الطيبة بين الجزائر والاتحاد الأوروبي كشريك اقتصادي، وترتكز على مبدأ رابح-رابح"، مشيرا إلى أن المسعى "تفرضه معطيات اقتصادية واقعية، إذ منذ دخوله حيز التنفيذ في 2005 كانت صادرات البلاد تعتمد أساسا على المحروقات".

أرقام الاقتصاد

وعرفت الصادرات الجزائرية خارج هذا القطاع انتعاشا ملحوظا خلال السنوات القليلة الماضية، وفيما لم تتجاوز 1.8 مليار دولار قبل سنة 2020، انتقلت من 2.3 مليار دولار سنة 2020 إلى 5.0 مليار دولار في 2021، ثم ارتفعت إلى 6.6 ملايير دولار في 2022، قبل أن تستقر في حدود 5.5 ملايير دولار سنة 2023.

ووقعت الجزائر اتفاق الشراكة عام 2002، ودخل حيز التنفيذ في 2005، ويتضمن إطارا للتعاون في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية والتعاون المالي والفني والثقافي"، وفق الموقع الرسمي للاتحاد الأوربي الذي أشار إلى أن الجزائر "أعربت رسميًا في عام 2015 عن استعدادها لإعادة تقييم اتفاقية الشراكة. ومكن ذلك من المصادقة في 2017 على أولويات الشراكة لنفس السنة".

ويعد الاتحاد الأوروبي أكبر شريك للجزائر، وشكل نحو 50.6% من التجارة الدولية للبلاد عام 2023، حسب تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية، إلا أن القيمة الإجمالية لصادرات الاتحاد الأوروبي للجزائر "تراجعت بشكل مطرد من 22.3 مليار يورو (23.24 مليار دولار) عام 2015 إلى 14.9 مليار يورو (15.53 مليار دولار) عام 2023، وفقا للمفوضية الأوروبية.

كما قلصت الجزائر وارداتها من دول الاتحاد ضمن سياسة تهدف إلى حماية المنتوج المحلي من التنافس غير المتكافئ، ولجأت إلى تحديد قائمة بالمواد المستوردة وفق احتياجات السوق المحلية، إضافة إلى إجراءات استيراد الحبوب من البلدان خارج فضاء الاتحاد الأوروبي، ووضع قوانين وشروط جديدة لاستيراد السيارات والمركبات.

وتسعى الحكومة الجزائرية إلى خوض رحلة الألف ميل باتجاه مراجعة بنود اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي خلال السنة الجارية.

المراجعة و"حاجة أوروبا للطاقة"

وباعتقاد أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة الجزائر، توفيق بوقاعدة، فإن هذه الاتفاقية "لم تعد موائمة للسياسة الاقتصادية في الجزائر التي لاتقوى اليوم على تحمل خسائر إضافية لعدم وجود توازن تجاري بين الطرفين".

ويرى بوقاعدة في حديثه لـ"الحرة" أن الاتفاق منح امتيازات للمنتجات الأوروبية، بينما حرم الجزائر من عائداتها الجبائية"، مشيرا إلى "شروط تعجيزية وضعها الاتفاق أمام المنتجات الجزائرية في الأسواق الأوروبية".

ولا يخفي المتحدث رغبة الجزائر في استغلال "الظرفية الزمنية الراهنة للضغط على الجانب الأوروبي" الذي "سيضطر" للقبول بمراجعة الاتفاق نتيجة زيادة "حاجة أسواقه للطاقة من للجزائر".

ويضيف أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، أن الاتفاق الذي حرر التجارة بين الجانبين "لم يتضمن تفصيلات كثيرة، ما كلف الاقتصاد الجزائري خسائر فادحة في البعدين الإنتاجي والتسويقي"، مرجعا ذلك إلى "نقص خبرة المفاوض الجزائري وحرفية نظيره الأوروبي الذي نجح في هندسة اتفاق رهن العلاقات التجارية لصالح أوروبا".

التوازن في العلاقات

في المقابل يرى الخبير الاقتصادي، جلول سلامة أن الجزائر تريد الذهاب إلى اتفاق شراكة "يحقق لها التكافؤ في العلاقات الاقتصادية والسياسية مع الاتحاد الأوروبي"، مضيفا أن الاتفاق تميز "بغياب التوازن في الأرباح"، مستدلا على ذلك بدخول أوروبا للسوق الجزائرية "دون أن تقدم أي دعم ملموس للتنمية الصناعية والاقتصادية".

وبخصوص شكل الإطار الذي تسعى الجزائر إلى تحديده من مراجعة اتفاقها مع الاتحاد الأوروبي يشير جلول سلامة لـ"الحرة" إلى "علاقة أكثر توازنا، قائمة على المصالح المتبادلة، بدعم مشاريع التنمية ونقل التكنولوجيا وتعزيز الاستثمارات ذات القيمة المضافة للاقتصاد الجزائري".

كما يشدد المتحدث على أهمية "احترام مبدأ السيادة"، فيما يؤكد على ضرورة أن يضع الجانب الجزائري "استراتيجية تفاوض قوية، وخطة اقتصادية فعالة لفرض شروطه على مفاوضيه الأوربيين".

محمد فوزي الكركري زعيم الطريقة الصوفية الكركرية
تطال الانتقادات الشيخ الكركري نفسه وأنه يمارس السحر والشعوذة لجذب المريدين ويعيش حياة باذخة

"رأيت المصطفى عليه الصلاة والسلام وأرشدني إلى الشيخ، وتغيرت حياتي إلى الأفضل" هكذا يتحدث محمد الجادوي، عن الطريقة الكركرية التي ظهرت في المغرب وانتشرت إلى بلدان أخرى وباتت موضع جدل كبير وسط باقي الطوائف والمذاهب.

الجادوي هو تونسي مقيم بأميركا، دكتور وباحث في مجال السرطان في جامعة "ستارفورد"، وأنا "مريد عند مولانا الشيخ" يقول الجاودي في حديثه لموقع "الحرة".

ويتابع "تغيرت حياتي للأفضل، ووجدت ما كنت أبحث عنه بعدما قادتني صلاة استخارة إلى الشيخ.

شيخ في الخمسين 

الشيخ هو محمد فوزي الكركري، زعيم الطريقة الكركرية التي تعد من الطرق الصوفية الحديثة النشأة بالمغرب، يوجد مقرها في مدينة العروي بإقليم الناظور (شمال المغرب)، ويعرف، أتباعها باسم "الفقراء" ويتميزون بردائهم المرقّع بألوان الطيف، بحيث يقومون بخياطة المرقعة بأيديهم.

بدأت الطريقة في الانتشار قبل سنوات عديدة، لكن شهرتها والجدل الذي خلقت بدأت قبل أشهر فقط عندما انتشرت صور لرجل بلحية طويلة يتخللها الشيب، ويرتدي ملابس كثيرة الألوان، فيما عدد كبير من الأشخاص يتحلقون حوله وهم يرتدون بدورهم ملابس زاهية كثيرة الألوان.

والمناسبة كانت ذكرى عيد المولد النبوي، في الأسبوع الدولي السادس للتصوف في الفترة الممتدة من 15 إلى 21 سبتمبر 2024.

الرجل في الخمسينيات من العمر، يدعى محمد فوزي الكركري، فيما أتباعه ممن تحدثت معهم "الحرة" يتحدثون عنه بصفة "الشيخ المربي سيدي محمد فوزي الكركري قدس الله سره".

ولد بقبيلة تمسمان المغربية عام 1974، وخرج سائحا في أرض المغرب وزار مدنا عديدة، ودامت غربته عشر سنوات، عاد بعدها إلى مسقط رأسه، وفق ما تقول عنه الصفحة الرسمية للطريقة على الإنترنت.

خلف عمه في مشيخة الطريقة في 2007، وارتبط اشتهارها به حتى بات لها وجود في عدد من البلدان كالجزائر ومصر وممثلين لها في كندا وأميركا.

وفي 2017، خلّف شريط فيديو لمؤذن جزائري وهو يحكي عن تجربته ضمن "الطريقة الكركرية"، جدلا واسعا بالجزائر، جعل عددا من رجال الدين في البلاد يهاجمون هذه الطريقة التي وصفت الزاوية بأنها طائفة لا تمت بصلة للمذهب المالكي، وتريد أن تفتن الناس.

كما دشن أتباع الطريقة الكركرية المغربية في مصر، فرع للطريقة الكركرية في محافظة الإسماعيلية.

أما في تونس، فتعرف الطريقة نفسها بأنها "طريقة صوفية متصلة السند برسول الله، مالكية المذهب أشعرية العقيدة جنيدية المسلك".

ويتباهى فرع الطريقة في تونس على صفحته الرسمية بعدد ممن "أخذو البيعة من الشيخ".

 ويدافع التونسي الجادوي في حديثه للحرة أن المذهب المالكي يشير إلى "ضرورة الشيخ لكي يقودك إلى الله" وأن " التصوف شيء عادي في الإسلام".

متصوف غارق في الملذات

لكن الطريقة لا تواجه فقط تهمة ابتعادها عن الدين بل تطال الانتقادات الشيخ الكركري نفسه وأنه يمارس السحر والشعوذة لجذب المريدين ويعيش حياة باذخة.

وتنتشر صور للشيخ تظهر حياة بذخ، فمن صوره وهو نائم في يخت في عرض البحر إلى صوره مستلقيا وسط البحر على متن قارب، إلى صوره يستمتع بالثلوج في كندا ويداعب مفاتيح البيانو.  

ويستغرب البعض كيف يعيش الشيخ هذه الحياة فيما اعتاد أتباع الطريقة الكركرية، على ارتداء الملابس الملونة والمرقعة، حيث يعتبرون ذلك من آداب الزهد والتقشف.   

مدافعا عن الشيخ، يقول الجادوي، إن الشيخ لم يسرق مال الناس، ولم يخالف الشرع في صرف أمواله "والشرع سمح لكل إنسان بصرف ماله بما يحب".

ونفى متحدث باسم الشيخ للحرة كل الاتهامات الموجهة إليه، وأكد صحة ممارساته الدينية وعن أسلوب حياته الذي لا يخالف الدين، بحسب تعبيره.

الشيخ الكركري يلقي محاضرات في أميركا

يزور الكركري الولايات المتحدة الأميركية، وبعدما ألقى محاضرة في جامعة شيكاغو الأسبوع الماضي، يلقى ، السبت، محاظرة في جامعة إنديانا قبل أن يتوجه إلى جامعة "ستافورد".

ويقول متحدث باسم الشيخ للحرة إن ذلك يأتي في سياق سلسلة الدورات والأنشطة العلمية التي تنظمها مؤسسة الكركري للدراسات الصوفية.

وتركز هذه المحاضرات بحسب المتحدث على محاور السير والسلوك الروحي وأبعاده النفسية والعقلية والجسدية.

وفيما تطال الشيخ وطريقته الانتقادات، يقول أتباعه إنها تقويهم أمام معارضيهم، ينتشر التصوف في المغرب وتحظى بعض الطرق برعاية رسمية،  ويردد منتقدون إن الزوايا والطرق الصوفية بالمغرب تقوم بأداء دور "فزاعة" دينية تنصبها الدولة لتقزيم باقي التيارات الإسلامية التي قد تنازعها شرعيتها الدينية.