قادة الدول المغاربية
خلافات بين قادة دول مغاربية تؤثر على مستقبل الاتحاد المغاربي

أحيى حديث الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون الأحد عن ملف الصحراء الغربية وموقف الرئيس الفرنسي الذي دعم المقترح المغربي بمنح الإقليم المتنازع عليه حكما ذاتيا، النقاش بشأن واقع اتحاد المغرب العربي ومستقبله، وذلك أياما قليلة على الذكرى 36 لإعلان تأسيسه في 17 فبراير 1989.

وقال الرئيس تبون في مقابلة مع  صحيفة "لوبينيون" الفرنسية الأحد  "حذرت الرئيس ماكرون من أنه سيرتكب خطأ فادحا في قضية الصحراء الغربية".

في مقابل ذلك، ارتفع نسق إنشاء تكتل مغاربي موازي بين تونس والجزائر وليبيا، وقد تكثفت المشاورات بين البلدان الثلاثة في الشهور الأخيرة بشأن التحديات الأمنية والاقتصادية التي تعيشها المنطقة المغاربية.

وشكلت ملفات أمن الحدود المشتركة ومكافحة الهجرة غير الشرعية وإطلاق مشاريع استثمارية كبرى تخص الطاقة وإنتاج الحبوب وتحلية مياه البحر والتحديات المناخية محاور تنسيق بين تونس والجزائر وليبيا تعززت بعقد قمة ثلاثية في أبريل 2024 في تونس بحضور كل من الرئيس التونسي قيس سعيد ونظيره الجزائري عبد المجيد تبون ورئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد يونس المنفي.

من جانبه، يؤدي المكلف بتسيير وزارة الخارجية والتعاون الدولي لدولة ليبيا، الطاهر الباعور، الاثنين، زيارة عمل إلى تونس، وذلك بعد نحو أسبوع من زيارة وزير الخارجية التونسي محمد علي النفطي إلى الجزائر.

المشاورات الثلاثية بين تونس والجزائر وليبيا قابلتها حالة "عطالة" لأكثر من 30 عاما لاتحاد المغرب العربي والذي يضم إلى جانب هذا الثلاثي كلا من المغرب وموريتانيا، وسط استمرار النقاش بشأن أسباب هذه "العطالة" وما إذا كانت الخلافات قد "قبرت" هذا الاتحاد رغم ثقل التحديات الإقليمية والدولية التي تواجهها المنطقة المغاربية.

الصحراء.. جرح غائر في جسد الاتحاد

في تعليقه على هذا الموضوع، يرى المحلل السياسي الليبي عز الدين عقيل أن الخلاف بين الجزائر والمغرب في قضية الصحراء الغربية هو بمثابة خنجر يقتل اتحاد المغرب العربي ويجعله "جسدا مسجيا ميتا في قبر"، مشيرا إلى أن هذا الصراع يشكل غيمة سوداء مخيفة تلقى بظلالها على الاتحاد وتهدد استمراريته.

وقال عقيل في حديثه لموقع "الحرة" إن العمق التاريخي للعلاقة بين البلدين كان في أفضل ما يمكن حتى أن بينهما دماء مشتركة في مجابهة الاستعمار الفرنسي والبرتغالي والإسباني، لكن قضية الصحراء الغربية عمقت الصراع بينهما وأفضت إلى غلق الحدود وقطع العلاقات الدبلوماسية بين الجزائر والمغرب.

وتابع بأن من مضاعفات هذا الخلاف "حالة الفتور" التي باتت عليها العلاقة بين تونس والمغرب، وذلك في أعقاب استقبال الرئيس التونسي قيس سعيد لزعيم جبهة البوليساريو إبراهيم غالي الذي دعي للمشاركة في القمة اليابانية الأفريقية للتنمية التي احتضنتها تونس في 2022.

وكردّ على هذه الخطوة آنذاك، قرر المغرب عدم المشاركة في قمة "تيكاد" بتونس واستدعاء سفيرها بالبلد للتشاور، فيما أعربت الخارجية التونسية عن "استغرابها الشديد" من هذا الموقف واستدعت سفيرها لدى الرباط للتشاور.

وعن ذلك، أكد عقيل أن الجزائر والمغرب أصبحتا تتخذان موقفا من كل من يتخذ موقفا من الصراع بينهما وأصبح هذا الخلاف سببا في تعطيل اتحاد المغرب العربي.

من جانبه، يتفق أستاذ العلوم السياسية الجزائري، حسام حمزة، مع الآراء المجمعة على أن الأزمة بين الجزائر والمغرب ألقت بظلالها على اتحاد المغرب العربي، إلى حالة التنافر هذه ناتجة عما اعتبرها "اختلاف التصورات الاستراتيجية تجاه قضية الصحراء الغربية".

"تجربة اندماج قبرت"

واعتبر المحلل السياسي الجزائري أن تجربة اندماج البلدان المغاربية في كيان موحّد "قد قبرت"، في ظل غياب أي مؤشرات لاحتمالية إعادة إحياء اتحاد المغرب العربي، وذلك بسبب ما يراه "تمسك المغرب بسياستها التوسعية وإلحاح الجزائر على موقفها مما يجري على حدودها مع الجانب المغربي".

وأشار في حديثه لـ"الحرة" أن أسبابا عديدة تحول دون عودة هذا الاتحاد، من ضمنها "عدم إخفاء المغرب لنيتها التوسع في الصحراء الغربية وبعض الأقاليم الجزائرية، وهو ما ترفضه الجزائر"، فضلا عن مسألة التطبيع والشراكة مع إسرائيل التي انتهجتها المغرب والتي ترفضها باقي الدول المغاربية.

وبخصوص التحديات التي تطرح على الدول الثلاث، تونس والجزائر وليبيا، أكد محدث "الحرة" أن التواصل الجغرافي المباشر بينها يستدعي التنسيق الدائم لمجابهة التحديات الاقتصادية والأمنية ومجابهة الضغوط الأوروبية لتحويل دول الجنوب الساحلي إلى حارس بوابة لحدود أوروبا. 

وشدد في هذا السياق على أن وعي النخب السياسية في البلدان الثلاثة بـ "أهمية التفكير في منطقة واحدة حتى داخل المجموعة المغاربية" هو الذي يفسر التنسيق المشترك والمكثف بينهم في الفترة الأخيرة.

 

ورغم أن الدستور التونسي الجديد الصادر في العام 2022 ينصّ في مادته السابعة على أن " الجمهوريّة التونسية جزء من المغرب العربي الكبير تعمل على تحقيق وحدته في نطاق المصلحة المشتركة فإن السؤال الذي يطرح اليوم هو ماهي السبل الكفيلة بإعادة إحياء دور اتحاد المغرب العربي؟

ترتيب الأولويات

في إجابة عن هذا السؤال، أكد الدبلوماسي التونسي السابق عبد الله العبيدي أن البلدان المغاربية تحتاج في مرحلة أولى إلى تحقيق استقرار داخلي يحقق وحدتها ويفتح المجال أمام نخبها السياسية لترتيب أولوياتها حسب مقتضيات المرحلة التي يعيشها كل بلد.

وأوضح العبيدي لـ "الحرة" أن السياسة الخارجية التونسية كانت سابقا تعتمد على الحياد في القضايا ذات البعد المغاربي لترك المجال للتوسط وجسر الهوّة بين الفرقاء وتقريب وجهات النظر وهو ما لم يعد ممكنا اليوم، فضلا عن احتدام الصراع في ليبيا، وتقارب المغرب مع الاتحاد الأوروبي في مقابل تزايد حدة توتر علاقاتها مع الجزائر.

وتابع أن الوحدة المغاربية تحتاج إلى انفتاح سياسي يتعزز بتبادل الزيارات وتوحيد المواقف بشأن الرهانات الإقليمية والدولية وتجاوز كل أسباب التنافر الحاصل منذ العام 1994 ودعم السلم الأمني مع دول الجوار، وفقه.

يشار إلى أن مساحة دول اتحاد المغرب العربي تفوق ٦ مليون متر مربع تبلغ  فيما يتجاوز  عدد سكان البلدان المغاربية مجتمعة  100 مليون نسمة 80 في المئة منهم يعيش في المغرب والجزائر.

ليبيا- انتخابات
من مظاهرة سابقة في ليبيا داعية إلى تنظيم انتخابات

كشف استطلاع رأي في ليبيا، نُشرت نتائجه السبت، أن أكثر من نصف مواطني البلد يعتقدون أن تصحيح الوضع يتوقف على تنظيم انتخابات جديدة.

ووفق الاستطلاع الذي أعده المركز الليبي للدراسات ورسم السياسيات، تراوحت نسب من تبنوا الانتخابات كحل لأزمة ليبيا بين 55 و56 و57 في المئة من الليبيين المستجوبين والموزعين على غرب وشرق وجنوب البلاد التي تخضع لتسيير ونفوذ فرقاء مختلفين.

ولم ير أن البلاد بحاجة لثورة جديدة سوى 2 في المئة من المستوجبين في غرب ليبيا و3 في المئة بشرقها و4 في المئة في جنوبها.

بينما بلغت نسبة سكان شرق البلاد الخاضعة لنفوذ المشير خليفة حفتر، قائد الجيش الوطني الليبي، الذين يعتقدون أن حل أزمة البلاد يمكن أن يتحقق بانقلاب وحكم عسكري 9 في المئة من المستجوبين، مقابل 7 في المئة من الغرب الخاضع لحكومة الوحدة، والجنوب الذي تسيطر القبائل على جزء كبير منه.

الاستطلاع أظهر تقاربا في نسب الراضين وغير الراضين عن الوضع العام في البلد، مع تسجيل مستوى عدم رضى أكبر في الشرق.

كما أوضح أن 47 في المئة من الليبيين يرون أن النزاع السياسي والازمة الاقتصادية والوضع الأمني أبرز أسباب أزمة ليبيا.