People line up against a border wall as they wait to apply for asylum after crossing the border from Mexico Tuesday, July 11,…
يسلك موريتانيون طريقا خطرة للوصول إلى الولايات المتحدة

"الحلم الأميركي لا يزال متاحا"، بهذه العبارة، تحاول مقاطع فيديو ترويجية، على تيك توك، إقناع الموريتانيين، بأن هناك طرقا أخرى لدخول الولايات المتحدة،  غير الطرق الرسمية "غير المضمونة".   

تقترح تلك المقاطع، باللغتين العربية والفرنسية، أن هناك مكاتب تساعد الراغبين في الهجرة لأميركا، بطريقة غير مباشرة، تغنيهم عن المسار العادي الذي يتطلب وقتا ووضعا قانونيا خاصا، وسلسلة من المعاملات الرسمية. 

"لا تؤجل عمل اليوم إلى الغد"

أصبحت الهجرة ممكنة من خلال طريق جديد هذا العام عبر نيكاراغوا، حيث تسمح شروط الدخول الميسرة للموريتانيين بشراء تأشيرة منخفضة التكلفة دون تقديم الكثير من الإثباتات.

ومع انتشار أخبار هذه "الطريق"، انتقلت وكالات السفر والمؤثرون على تيك توك على وجه التحديد، للترويج للحلم الأميركي، عبر اقتراح رحلات جوية من موريتانيا، عبر تركيا وكولومبيا والسلفادور، وتنتهي في ماناغوا، بنيكاراغوا. 

ومن هناك، يتم نقل المهاجرين، إلى جانب طالبي اللجوء من دول أخرى، شمالًا، بالحافلة إلى الأراضي الأميركية، وذلك بمساعدة مهربين.

فاجأ تدفق الموريتانيين، غير العادي، المسؤولين في الولايات المتحدة، حيث لم يكن بسبب كوارث طبيعية أو انقلاب، أو انهيار اقتصادي مفاجئ، "مما يشير إلى القوة المتزايدة لوسائل التواصل الاجتماعي لإعادة تشكيل أنماط الهجرة" يقول تقرير لوكالة أسوشيتد برس.

ووصل الكثير من الموريتانيين سابقا (في التسعينيات) كلاجئين بعد أن بدأت النظام العسكري هناك بمضايقة المواطنين السود.

لكن من المحتمل أن يفوق عدد الوافدين الجدد عدد المقيمين الموريتانيين في الولايات المتحدة والذين يقدرون بنحو 8000، نصفهم تقريبا في أوهايو.

أعداد معتبرة

وصل إلى أميركا بطريقة غير شرعية، عبر الحدود البرية، في الفترة من مارس إلى يونيو 2023، أكثر من 8500 موريتاني، وفقا لبيانات الجمارك وهيئة حماية الحدود الأميركية.

ويتحجج هؤلاء بقمع الدولة لهم باعتبارهم مواطنين سود.

وقال العديد منهم، ممن تحدثوا إلى أسوشيتيد برس إن الشرطة الموريتانية، تستهدفهم بسبب نشاطهم المناهض للعبودية.

وقال صو، 38 سنة، الذي وصف نفسه بأنه ناشط إن "الحياة صعبة للغاية، خاصة بالنسبة للسكان الموريتانيين السود" ثم تابع "السلطات أصبحت مهددة وقمعية".

وقال إنه أصبح من الصعب مواجهة الحكومة، لأن حياته أصبحت مهددة، وهو السبب وراء قراره الهجرة. 

وفر صو، عبر الطريق الجديد إلى سينسيناتي في أوهايو، حيث سمع أن الجالية الموريتانية الكبيرة هناك،  تساعد الوافدين الجدد.

وفي الصدد، قال عمر بال، الذي وصل إلى سينسيناتي من موريتانيا في عام 1997 وافتتح مؤخرا منزله لمواطنه صو إلى جانب أكثر من عشرة مهاجرين آخرين "منذ أربعة أشهر، أصبح الأمر جنونيا" ثم تابع "هاتفي لم يتوقف عن الرنين".

وفي السابق، كان تقديم طلب اللجوء في الولايات المتحدة، يمر عبر السفر إلى البرازيل، ثم المخاطرة في رحلة عبر غابة دارين الكثيفة، لكن الطريق الجديد عبر نيكاراغوا يتجاوز تلك المخاطر.

تكلفة باهظة

يمكن أن تكلف الرحلة ما بين 8000 إلى 10000 دولار، وهو مبلغ ضخم قد تدبره بعض العائلات فقط، عن طريق بيع الأراضي أو الماشية. 

ورغم النمو الاقتصادي البطيء، على مدى العقد الماضي، احتلت موريتانيا مرتبة ضمن البلدان ذات الدخل المتوسط، وفقا لوكالة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، لكن معدل الفقر لا يزال مرتفعا، حيث يعيش 28.2٪ تحت خط الفقر.

يسمح طريق نيكاراغوا للمهاجرين أيضا بتجنب رحلات القوارب إلى أوروبا التي قتلت عشرات الآلاف في العقد الماضي. 

وشنت السلطات الموريتانية والإسبانية حملة على القوارب التي تعبر المحيط الأطلسي بجزر الكناري الإسبانية، حيث يتم اعتراض المهاجرين بشكل متزايد.

في المقابل، يعد السفر إلى نيكاراغوا قانونيا و"آمنا"، وهو ما جذب إليه مزيدا من الراغبين في الهجرة إلى الولايات المتحدة.

مخاطر

ومع ذلك، يقول بعض الذين اتبعوا طريق نيكاراغوا إنهم تعرضوا للتضليل بشأن المخاطر المحتملة والمستقبل الذي ينتظرهم في الولايات المتحدة.

وقالت سال، وهي ممرضة موريتانية، تبلغ 23 عاما، إنها سُلبت ما تبقى من نقودها في حافلة في المكسيك، من قبل رجال كانوا يرتدون زي ضباط الشرطة. 

وبعد عبورها الحدود، تم نقلها مباشرة إلى المستشفى بسبب الجفاف الذي عانته من طول الرحلة والعطش.

وقالت: "يقولون هذا ليس صعبا، هذا ليس صحيح، نحن واجهنا الكثير من الألم على طول الطريق".

ويدخل العديد من الموريتانيين الولايات المتحدة عبر يوما، بولاية أريزونا، حيث ينزل المهربون بعضهم على طريق مكسيكي سريع لنحو ساعتين سيرا على الأقدام، وذلك، عبر نهر عميق، ثم يسلكون طريقا بصخور صحراوية وعرة، قبل أن يستلمهم حرس الحدود في يوما، حيث ينتظرون دراسة ملفات لجوئهم.

وبعد فترة من الاحتجاز والفحص، قد تستغرق ساعات أو أيام، يدخلون البلاد في انتظار موعد المحكمة، وهي عملية قد تستغرق سنوات. 

في المقابل، يظل آخرون رهن الاحتجاز لأسابيع، أو يتم وضعهم على متن رحلات جوية تعيدهم إلى موريتانيا.

ودعت جماعات حقوق الإنسان إدارة الرئيس، جو بايدن، إلى منح الحماية المؤقتة للموريتانيين، بعد ورود تقارير عن انتهاكات ضد السكان السود.

في غضون ذلك، يتم ربط أولئك الذين تمكنوا من الدخول لأميركا بمجموعة من المدافعين الأميركيين عن حقوق الإنسان، والموريتانيين المقيمين الذين يساعدونهم في تدبير السكن.

الركاب أبحروا من غامبيا وأمضوا سبعة أيام في البحر
الركاب أبحروا من غامبيا وأمضوا سبعة أيام في البحر

قضى 25 شخصا على الأقل في غرق مركب كان يقل مهاجرين، الاثنين، قبالة نواكشوط، وفق ما أفادت، الأربعاء، وكالة الأنباء الموريتانية الرسمية.

وأوردت الوكالة الموريتانية للأنباء نقلا عن قائد المنطقة الجنوبية لخفر السواحل الموريتانيين العقيد الشيخ ماء العينين سيدي هيبه قوله إنه تم "إنقاذ حياة 103 مهاجرين غير شرعيين وانتشال 25 جثة، جراء غرق قاربهم قبالة سواحل العاصمة نواكشوط".

وكانت حصيلة سابقة لمنظمة الهجرة الدولية أفادت بمصرع 15 شخصا على الأقل.

وقالت المنظمة الدولية للهجرة في بيان، الأربعاء، إن خفر السواحل الموريتاني أنقذ 120 شخصا نُقل عشرة منهم على وجه السرعة إلى المستشفيات بينما تتواصل الجهود للعثور على المفقودين.

وأضافت أن الركاب أبحروا من جامبيا وأمضوا سبعة أيام في البحر قبل أن يغرق القارب.

وذكر إبا سار، وهو بائع بسوق سمك في نواكشوط، لرويترز أن الرياح القوية في اليومين الماضيين دفعت الجثث قرب الشاطئ، وأنه رأى انتشال نحو 30 جثة.

ويعد الطريق عبر المحيط الأطلسي من ساحل غرب أفريقيا إلى جزر الكناري، والذي يستخدمه عادة المهاجرون الأفارقة في سبيل الوصول إلى إسبانيا، أحد أخطر طرق الهجرة في العالم.

وفصل الصيف عادة هو أكثر الفترات الزمنية ازدحاما على ذلك الطريق.

وقالت المنظمة الدولية للهجرة إن أكثر من 19700 مهاجر وصلوا إلى جزر الكناري باستخدام الطريق عبر المحيط الأطلسي في الفترة من أول يناير إلى 15 يوليو تموز 2024 بزيادة 160 في المئة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.

وقالت مجموعة "ووكينج بوردرز" المدافعة عن حقوق المهاجرين في يونيو إن عددا غير مسبوق من المهاجرين بلغ نحو خمسة آلاف مهاجر لاقوا حتفهم في البحر في أول خمسة أشهر من عام 2024 خلال محاولتهم الوصول إلى الأرخبيل الإسباني.