أفادت وسائل إعلام موريتانية بسقوط جرحى في "اقتحام" نفذه الجيش المالي مصحوبا بقوات فاغنر الروسية قرية فصالة، الواقعة أقصى شرق البلاد.
وقال موقع "الأخبار" المحلي إن جريحين، لم تعرف هويتهما، أصيبا برصاص الجيش المالي وقوات فاغنر وصلا، أمس الأحد، إلى المركز الصحي في فصالة.
وأضاف نقلا عن مصادر محلية "تعرض حي، يعرف بحي أهل اسليمان غير بعيد من مدينة فصالة الحدودية، لهجوم من الجيش المالي مصحوبا بقوات فاغنر، وذلك أثناء مطاردات تشكل امتدادات لمواجهات مسلحة عرفتها المناطق القريبة من الحدود في مالي خلال اليومين الماضيين".
وبينما لم يصدر تعليق من السلطات الموريتانية حتى الآن، نشر الموقع نفسه مقطع فيديو أظهر قائدا عسكريا موريتانيا يطمئن سكان المناطق الحدودية مع مالي، قائلا "قادرون على تأمينكم ولن نتأخر عن ذلك".
وتربط موريتانيا حدود مشتركة تتجاوز ألفي كلم مع جارتها الشرقية مالي التي يشهد شمالها توترا أمنيا منذ عقود، وزادت حدته خلال الشهود الأخيرة إثر عودة الصراع المسلح بين قوات الجيش ومقاتلي أزواد المطالبين بالانفصال.
افتراضيا، دعا مدونون سكان المناطق الحدودية المجاورة لمالي إلى توخي الحذر واصطحاب أوراقهم الثبوتية في تنقلاتهم، كما اقترح آخرون غلق الشريط الحدودي المتاخم لمالي.
من جانبه، قال عمدة بلدية فصالة، شيخنا ولد عبد الله، في تصريح لـ"الأخبار"، إن المعلومات التي توصّل بها "تفيد بدخول سيارات ودراجات نارية تابعة لقوات فاغنر الروسية لقريتين موريتانيين حدوديتين تابعتين هما دار النعيم ومد الله".
وتابع أن أحد سكان قرية دار النعيم أبلغ فردا من قوات فاغنر بوقوع القرية داخل الأراضي الموريتانية وأنه بعد التحقق من المعلومة إلكترونيا "اعتذروا للسكان عن دخول القرية".
منطقة متوترة
وتفاعلا مع التطورات نفسها، يقول المحلل السياسي المتخصص في الجماعات المسلحة في منطقة الساحل، محمدن أيب، إن الحادث يعد "أول احتكاك من نوعه لقوات فاغنر الروسية مع الشريط الحدودي بين مالي وموريتانيا".
وفي روايته لتفاصيل الحادث، أوضح أيب، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، أن الاحتكاك وقع بين مدينة فصالة الموريتانية ولير المالية، "أما الأسباب التي أدت إلى دخلوهم إلى القرية الموريتانية، كما جاء على لسان قادة فاغنر الروسية، هو خطا في نظام جي بي سي وعدم معرفتهم بطبيعة المنطقة، وسبب ثان هو مطاردهم بعض الأفراد على دراجات نارية إلى القرية وأدى الأمر إلى إطلاق نار مما تسبب في إصابة شخصين".
وعزا المحلل الأممي السبب أيضا إلى تشابه العوامل الجغرافية والديمغرافية بين مالي وموريتانيا، ما يحتم على سكان المناطق الحدودية الموريتانية حمل أوراقهم الثبوتية درءا للخطر، وفق تعبيره.
وكانت السلطات الموريتانية قد أصدرت تعميما في مارس الماضي، دعت فيه رعاياها إلى استخدام 8 ممرات "إجبارية" في تنقلاتهم بين موريتانيا ومالي حرصا على سلامتهم.
"منطقة متوترة"، وفق محمدن أيب، تفرض احتياطا من سكان المناطق المجاورة لمالي لاندلاع اشتباكات متواصلة في أطراف الحدود المالية في الأشهر الأخيرة.
وتابع "شركة فاغنر قدمت اعتذارا لموريتانيا ولا أعتقد أن موريتانيا ستنجر إلى الدخول في حرب مع مالي، لذلك أعتقد أن موريتانيا ستكفي في الوقت الراهن بحماية حدودها وتكثيف الدوريات الأمنية وربما يكون هناك منطقة عازلة لحماية حدودها".
"تهديد متوقع"
بدوره، قال الكاتب الصحفي المتخصص في الشؤون الأفريقية، سلطان البان، إن حادث أمس، "تهديد متوقع" بالنظر إلى ارتفاع حدة الاشتباكات بين الحركات المسلحة في المناطق المالية المحاذية لموريتانيا.
ووصف البان، في تصريح لـ"أصوات مغاربية، الحادث بـ"الخطير جدا" لكونه "تجاوز جغرافي أمني يشير إلى اختلال كبير في ضبط الحدود الموريتانية مع جارتها مالي، كما يشير إلى عشوائية وتخبط داخل الجيش المالي وقوات فاغنر".
وتابع "عدم تأييد موريتانيا للانقلاب العسكري في مالي الذي قادته أسيمي غويتا ونأي موريتانيا بنفسها بعيدا عما عرف بفلك المناهضة التي قادتها مالي وبوركينا فاسو والنيجر ضد فرنسا هو أيضا تفسير آخر لهذه التجاوزات الخطيرة".
وفي تحليله للطريقة التي سترد بها السلطات الموريتانية على الحادث، أضاف المحلل المقيم ببريطانيا، "الرد الموريتاني سيكون حاسما وشافيا لجروح الاختراقات الجغرافية، أولا الاحتجاج بقوة لدى السلطات المالية العليا وتحذيرها من أي تكرار لمثل هذه العمليات وأنه سيتم إلى الرد عليها بالمثل داخل الأراضي المالية".
كما رجح الخبير الأمني قيام سلطات بلاده بإرسال تعزيزات أمنية إلى الشريط الحدودي ونشر آليات ومعدات عسكرية فيها، مبرزا أن "المقاربة الأمنية الموريتانية محكمة وتتبع أسلوب استخباراتي يستبق الأحداث وهي التي مكنت البلاد لسنوات من التفوق على الإرهاب رغم اشتعال خطوط التماس مع دول الجوار".
إلى جانب ذلك، رجح البان قيام السلطات الموريتانية بتشديد مراقبة المعابر الحدودية، لافتا إلى أن السلطات الموريتانية "لا يخفى عليها أن المجلس العسكري الانتقالي في مالي نفذت كل أوراقه التي تطيل عمر بقائه في السلطة وبالتالي بدأ منذ مطلع العام الجاري بالعزف على الوتر الإقليمي وهي ورقة استخدمها مع الجزائر حتى ساءت علاقتهما والآن جاء الدور على موريتانيا بهدف تأجيل الانتخابات وتسليم السلطة للمدنيين".