سباق محتدم بين الحزبين في انتخابات 8 نوفمبر
سباق محتدم بين الحزبين في انتخابات 8 نوفمبر

توقعت مؤسسة بحثية متخصصة أن تصبح الانتخابات النصفية، التي ستعقد في نوفمبر المقبل، الأعلى تكلفة بتاريخ الانتخابات "غير الرئاسية" في الولايات المتحدة.

وحسب AdImpact، وهي شركة أبحاث مقرها فيرجينيا، سيتم إنفاق نحو 9.7 مليار دولار، بزيادة قدرها 144% عن الرقم القياسي السابق لتكلفة الانتخابات النصفية للكونغرس، المسجل عام 2018. بل أن نفقات الانتخابات المقبلة قد تتجاوز نظيرتها الخاصة بالانتخابات الرئاسية الأخيرة عام 2020، مما قد يجعلها، في تلك الحالة، الانتخابات الأكثر تكلفة على الإطلاق.

لماذا الأكثر تكلفة على الإطلاق؟

ترى مجلة "إيكونوميست" أن ما وصفتها بـ"التوقعات" بسيطرة الحزب الجمهوري على مجلس النواب، والصراع المحتدم بمجلس الشيوخ يفرض إنفاقا باهظا، بهدف حسم مقاعد قليلة قد تفصل الحزب المنتصر عن الخاسر.

ويتوقع أن تجتذب 4 سباقات على مقاعد مجلس الشيوخ، في ولايات أريزونا وجورجيا ونيفادا وبنسلفانيا، أكثر من 200 مليون دولار. ولتوضيح قيمة هذا الرقم، تشير الصحيفة إلى أن سباقين فقط بمجلس الشيوخ بانتخابات 2018 النصفية، قد تجاوزا حاجز الـ 100 مليون دولار.

وحسب "إيكونوميست" فقد أدى الاستقطاب الحزبي إلى ترسيخ أهمية اللعبة السياسة، إذ يمكن لمجموعات المصالح أن تعتمد على ما سيقدمه أحد المرشحين، إذا تم انتخابه، في الترويج لمصالحها، بينما قد توجه لها سهام  الهجوم من مرشح، أو عضو آخر بالكونغرس.

من جهة أخرى، باتت عملية الإنفاق على الانتخابات أسهل، عقب قرار المحكمة العليا عام 2010 بالسماح للشركات ومجموعات المصالح الخارجية، بإنفاق أموال غير محدودة على الانتخابات.

وأظهر تحليل أجرته شركة الأبحاث OpenSecrets أنه خلال السنوات العشر التي أعقبت قرار المحكمة العليا في قضية Citizens United  ضد اللجنة الفيدرالية للانتخابات، ساهمت مجموعات المصالح المستقلة (غير الأحزاب السياسية) بمبلغ 4.5 مليار دولار في الإنفاق المرتبط بالانتخابات، أي أكثر بست مرات من العقدين الماضيين معا.

وفي الانتخابات المقبلة في نوفمبر، ساهمت مجموعات خارجية، بما في ذلك المنظمات غير الساعية للربح، وأخرى لا يتعين عليها الكشف عن مانحيها، بمبلغ 1.6 مليار دولار.

وقد أدت التكنولوجيا الجديدة كذلك إلى تسريع حركة دوران الأموال بالانتحابات، فقد سهّلت برامج مثل منصة Actblue للديمقراطيين ونظام WinRed للجمهوريين إجراء عمليات التبرع.

وساهم المانحون الصغار، أي الذين قدموا 200 دولار أو أقل، بمبلغ 1.14 مليار دولار بهذه الدورة الانتخابية، وهو تقريبا ضعف ما ساهموا به عام 2018.

كما أن المانحين الكبار، المدعومين بأسواق أوراق مالية كانت مزدهرة لفترة طويلة، كانت لهم إسهاماتهم الواضحة أيضا، وعلى سبيل المثال، تورد "إيكونوميست"، أن الملياردير، الحاكم الديمقراطي الحالي لولاية إلينوي، جي بي بريتزكر، أنفق أكثر من 130 مليون دولار من أمواله على حملته لإعادة انتخابه.

وبشكل عام، يتوقع أيضا أن يتضاعف الإنفاق على انتخابات حكام الولايات هذا العام، مقارنة بما جرى عام 2018.

ويبدو من المؤكد أن حجم الإنفاق على الانتخابات سيستمر في الزيادة، خلال الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في عام 2024، وما يليها.

وإذا كان الاستقطاب السياسي يتزايد، فإن تنوع وتأثير وسائل الإعلام يزداد أيضا، الأمر الذي يؤدي إلى تأسيس المزيد من المنصات التي يمكن لفرق الحملات الانتخابية استغلالها لاستمالة انتباه الناخبين.

وتجرى الانتخابات النصفية، المقررة في 8 نوفمبر، لتجديد جميع مقاعد مجلس النواب الـ435، وثلث مقاعد مجلس الشيوخ (35 من 100)، كما سيتم انتخابات للحكام بـ36 ولاية من الولايات الخمسين.

منافسة بين السيناتور الديمقراطي رافاييل وارنوك والجمهوري هيرشل ووكر
منافسة بين السيناتور الديمقراطي رافاييل وارنوك والجمهوري هيرشل ووكر

انطلقت في ولاية جورجيا الأميركية، الثلاثاء، جولة الإعادة في الانتخابات على مقعد مجلس الشيوخ، الذي يتنافس عليه السيناتور الديمقراطي، رافاييل وارنوك، الذي يسعى لإعادة انتخابه، والجمهوري هيرشل ووكر، لاعب كرة القدم الأميركي السابق المدعوم من الرئيس السابق، دونالد ترامب.

وللمرة الثانية خلال عامين، يذهب الناخبون إلى صناديق الاقتراع في هذه الولاية الجنوبية الهامة لاختيار عضو مجلس الشيوخ في انتخابات الإعادة، بعد فشل أي منهما في الحصول على 50 في المئة المطلوبة من الأصوات.

وكان وارنوك قد حصل على نسبة 49.4 في المئة من الأصوات في انتخابات الثامن من نوفمبر، فيما حصل ووكر على 48.5 في المئة، والمرشح الليبرالي، تشيس أوليفر، على 2.1 في المئة من الأصوات.

ووفق النظام الانتخابي المعمول به في ولاية جورجيا، يفوز المرشح في جولة الإعادة الذي يحصل على أكبر عدد من الأصوات.

وتظهر استطلاعات الرأي أن المنافسة بين المرشحين الديمقراطي والجمهوري محتدمة، فيما يتوقع ألا تعلن النتائج النهائية قبل عدة أيام. 

وقد صوت نحو 1.9 مليون شخص من أصل سبعة ملايين ناخب مسجل في وقت مبكر، وفق فرانس برس.

وقالت "سي أن أن" إن نحو ثلي الناخبين الذين صوتوا مبكرا من السود، وأكثر من ربع المصوتين هم دون سن الـ50.

وبلغ عدد الناخبين الذين صوتوا يوميا حوالي 300 ألف ناخب، وهي أكبر نسبة إقبال على التصويت المبكر في يوم واحد في تاريخ الولاية، وفق "سي أن أن".

وقال الرئيس الأميركي، جو بايدن، الاثنين، إن هذه الانتخابات "أساسية حقا"، داعيا الناخبين في جورجيا إلى التوجه بأعداد كبيرة إلى صناديق الاقتراع.

وانتخابات هذا العام تمثل الحملة الرابعة لوارنوك خلال عامين، وقد ترشح عام 2020 ضد سيدة الأعمال الجمهورية، كيلي لوفلر، وانتهى هذا السباق بجولة إعادة في يناير 2021، فاز بها وارنوك. 

ومنح فوز وارنوك وكذلك السيناتور الديمقراطي عن جورجيا، جون أوسوف، الديمقراطيين السيطرة على مجلس الشيوخ في عام 2021.

وفاز ووكر بسهولة بترشيح الحزب الجمهوري، وبينما ساعد تأييد ترامب له في الحصول على هذا الترشيح، لم يطلق الرئيس السابق حملة لدعمه في جولة الإعادة وسط مخاوف من تأثير ذلك على تصويت المستقلين ونساء الضواحي، وهما كتلتان حاسمتان في الولاية.

ونتيجة جولة الإعادة لن تؤثر على تحديد الحزب الذي سيهيمن على مجلس الشيوخ للفترة الجديدة بعد أن تم حسم هذا الأمر بحصول الديمقراطيين على 50 مقعدا من أصل 100 مقعد، إلا أنهم بفوزهم بهذا المقعد سيعززون هذه الأغلبية.

ورغم أنه تم تحديد ميزان القوى في واشطن بهيمنة الديمقراطيين على مجلس الشيوخ والجمهوريين على مجلس النواب إلا أن انتخابات هذه الولاية التي تضم عددا كبيرا من السكان من أصل أفريقي تعتبر حاسمة بالنسبة لما تبقى من ولاية بايدن، وفق فرانس برس.

ويرى الجمهوريون أن هذا المقعد يمكن أن يوفر لهم فرصة لزيادة قوتهم وقدرتهم على عرقلة سياسات الرئيس الديموقراطي، فمع بقاء 700 يوم قبل الانتخابات الرئاسية المقبلة، تأمل المعارضة الجمهورية في تحطيم زخم بايدن الذي كان أداؤه أفضل بكثير مما كان متوقعا في نوفمبر.

وعلى الجانب الديمقراطي، سيؤدي الفوز بهذا المقعد إلى تعزيز الأغلبية الضئيلة للحزب في مجلس الشيوخ، ما يسمح له بممارسة تأثير أكبر في اللجان التشريعية الأساسية.

وسعيا إلى الفوز، استعان الديمقراطيون بشخصيات الحزب المؤثرة مثل الرئيس السابق، باراك أوباما، الذي يعتبر أحد أكثر الشخصيات شعبية في الحزب، والذي شارك في الحملة في أتلانتا الأسبوع الماضي. 

وما يعكس أهمية هذه الانتخابات، تم ضخ ما يقرب من 400 مليون دولار فيها، لكن من الصعب التنبؤ بنتيجتها.

وجورجيا المحسوبة تاريخيا للجمهوريين، فاجأت أميركا بتفضيلها بايدن على ترامب في الانتخابات الرئاسية لعام 2020 قبل أن تنتخب اثنين من الديمقراطيين إلى مجلس الشيوخ بعد ذلك بشهرين (وارنوك وأوسوف)

وتجد الولاية نفسها من جديد في قلب مواجهة محتدمة مع مرشحين غير نمطيين، إذ دخل الجمهوري ووكر، الذي يُعتبر من كبار اللاعبين في تاريخ كرة القدم الجامعية، السياسة في وقت متأخر من حياته. 

ويسعى الرجل البالغ من العمر 60 عاما لانتزاع المقعد من وارنوك الذي كان قبل أن يصير عضوا في مجلس الشيوخ عن جورجيا في عام 2021 قسا في الكنيسة التي خدم فيها مارتن لوثر كينغ في أتلانتا. 

لكن حملة المرشح المؤيد لترامب شابها العديد من الانتقادات، فقد اتُهم ووكر، المعروف بمواقفه المناهضة للإجهاض، بتمويل عمليات إجهاض عدد من رفيقاته السابقات.