طفلان في إحدى الورش الحرفية في مدينة فاس، أرشيف
طفلان في إحدى الورش الحرفية في مدينة فاس، أرشيف

سلّطت منظمة هيومن رايتس ووتش المعنية بمراقبة حقوق الإنسان الضوء مجددا على قضية عمالة الأطفال وبالأخص خادمات البيوت في المغرب.

وبالرغم من إقرار المنظمة الحقوقية الدولية بالتقدم الذي حققته الرباط في حماية تلك الفئة من الشعب المغربي، إلا أنها طالبت سلطات المملكة ببذل المزيد من الجهود.

وكشف تقرير من 73 صفحة عن عمالة الأطفال في المغرب أعدته المنظمة التي تتخذ من نيويورك مقرا لها عن وضع مزر تعيشه تلك الفئة وخصوصا الفتيات اللائي صرحت بعضهن للمنظمة بأنهن يتعرضن للضرب والإساءة الشفهية فضلا عن الحرمان من التعليم والطعام الكافي أحيانا.

وأفاد التقرير الذي يحمل عنوان الخدمة في العزلة، بأن عددا من هؤلاء الأطفال يعملون 12 ساعة يوميا طيلة الأسبوع مقابل أجر متدن لا يتعدى في بعض الحالات 11 دولارا شهريا.
ودافعت النائبة نزهة الصقلي، التي شغلت منصب وزيرة التنمية الاجتماعية والطفولة في الحكومة السابقة، في لقاء مع الزميل يوسف الدازي عن سجل المغرب في حماية الأطفال، وقالت "هناك مجموعة من البرامج لمجانية الحقيبة المدرسية، وبناء دار الطالبة، ومجموعة من الإجراءات الكبيرة التي أدت إلى نسبة عالية جدا من تمدرس الأطفال في السنة الدراسية الأولى، وهذا هو الحل الحقيقي العميق لمحاربة تشغيل الأطفال بصفة عامة".
 
ولا تنكر هيومن راتس ووتش جهود الحكومة المغربية في محاربة عمالة الأطفال، إذ أشارت إلى أن العدد تقلص من حوالي نصف مليون طفل إلى 123 ألفا، إلا أنها قالت إن المغرب "لا يتعامل بالجدية الكافية مع ظاهرة عمالة الأطفال".
 
وقالت الصقلي لـ"راديو سوا" إن الحكومة تبذل كل ما في وسعها لتدارك ذلك وإن المعركة الآن هي تشديد العقوبات الجنائية خصوصا بشأن الانتهاكات ضد خادمات المنازل من الأطفال.
 
وتابعت "القانون الحالي فعلا يفرض التمدرس حتى سن 15 سنة، ولكن لا بد من التعامل مع من يخرق هذا القانون بطريقة جد قاسية وهذا من أجل ردع كل من تسوّل له نفسه أن يتّجر بتشغيل الفتيات كخادمات بيوت".
 
وأردفت قائلة إن "هناك مشروع قانون تم تبنيه من طرف الحكومة السابقة والآن هناك مشروع قانون وضع على أنظار مجلس الحكومة لكن لم يصل بعد إلى البرلمان".
 
وبحسب تقرير هيومن رايتس ووتش فإن عدد الفتيات من خادمات البيوت في المغرب يتراوح ما بين 66 ألفا و86 ألفا، وأن غالبيتهم يحصلن على راتب شهري لا يتجاوز 61 دولارا في الشهر مقابل العمل 100 ساعة في الأسبوع.
 
وقد أقرت الصقلي بتردي وضع فئة خادمات البيوت مؤكدة أن هناك عزما لمعاقبة المتسببين فيه، حسب قولها.
 
وأضافت "نعطي أهمية كبيرة جدا إلى وضع قوانين جذرية تعاقب بشدة كل المتدخلين في تشغيل الفتيات كخادمات بيوت من المشغلين، من وسائط وسماسرة، وكذلك الآباء الذين يتخلون عن مسؤوليتهم تجاه الأطفال".
 
ووقَّع المغرب على اتفاقية المنظمة الدولية للعمل المعنية بظروف العمل اللائقة لخادمي المنازل. لكن هيومن رايتس ووتش تقول إن الحكومة المغربية لم تصادق عليها بعد، مما يجعلها غير معنية بتطبيق بنودها.
 
ودافعت نزهة الصقلي عن موقف الحكومة وبررت تقاعسها عن تطبيق تلك الاتفاقية الدولية بالقول "هناك وعي كبير بحقوق الإنسان عامة في بلادنا، وهناك تشبث قوي للمجتمع المدني وللحركة الديموقراطية من أجل احترام حقوق الإنسان، وأكيد أن الحكومة ستمضي على هذه الخطوة لكن ربما أن الرزمانة السياسية مليئة جدا ولا بد علينا أن نضغط من أجل أن يكون انضمام المغرب من ضمن الأولويات الملحّة لبلادنا".
 
ودعت المنظمة الحقوقية الحكومة المغربية إلى احترام التزاماتها الدولية بشأن عمالة الأطفال وضمان حقوقهم القانونية والمالية، وأوصت وزارة العدل المغربية ببدء ملاحقات قضائية ضد الأفراد المسؤولين تحت طائلة القانون الجنائي المغربي عن أعمال عنف أو مخالفات أخرى جنائية ضد عاملات منازل قاصرات.

مدخل محكمة مغربية - AFP

شهدت محكمة الاستئناف بمراكش، وسط المغرب، يوم الأربعاء، جلسة جديدة لمحاكمة المتهمين الثلاثة في قضية اغتصاب جماعي تعرضت لها طفلة قاصر تعاني من إعاقة عقلية ولا يتجاوز عمرها 13 سنة بمنطقة العطاوية، مما نتج عنه حمل وولادة طفل خلال الشهر الجاري.

تعد هذه الجلسة الرابعة في هذه القضية التي أثارت موجة استياء وغضب في المجتمع المغربي، حيث استنكرت منظمات حقوقية ونسائية ومدنية الواقعة، ووصفتها بأنها "بشعة ومروعة"، مشددة على ضرورة إنصاف الضحية وحماية حقوقها.

تأجيل الجلسة

يوضح محامي الضحية، عبد الإله تاشفين، أن الجلسة التي انعقدت اليوم شهدت حضور المتهمين الثلاثة أمام غرفة الجنايات الابتدائية بمحكمة الاستئناف بمراكش. وقد تم تأجيلها إلى الخامس من فبراير المقبل بناءً على طلبه، لتمكين الدفاع والجمعية المغربية لحقوق الإنسان، التي نصّبت نفسها طرفًا مدنيًا في القضية، من إعداد مرافعاتهم بالشكل اللازم.

صدمة في المغرب بعد ولادة جراء اغتصاب.. ووالد الضحية يروي التفاصيل
في حادثة مروعة شهدتها إحدى القرى بمنطقة العطاوية ضواحي مراكش بجنوب المغرب، تعرضت طفلة قاصر تعاني من إعاقة عقلية لاغتصاب جماعي متكرر من طرف ثلاثة رجال، وأسفرت هذه الجريمة عن حمل الطفلة وولادتها عبر عملية قيصرية مؤخرا.

وأضاف المحامي، في تصريح لموقع "الحرة"، أن الضحية، وهي تلميذة في المستوى الخامس ابتدائي، لم تتمكن من حضور الجلسة بسبب وضعها الصحي الناتج عن الصدمة التي تعرضت لها. وأشار إلى أنها تواجه صعوبات نفسية منذ وقوع الحادث، ما دفع عائلتها إلى تغيير مكان إقامتها والابتعاد عن المنطقة التي شهدت الواقعة.

وشدد المحامي على أن "مطالب الدفاع تتركز على المطالبة بعقوبات صارمة ضد المتهمين، لتكون عبرة لكل من تسوّل له نفسه ارتكاب جرائم مشابهة تمس الطفولة المغربية"، داعيًا إلى توفير دعم نفسي ومواكبة خاصة للضحية بسبب الإعاقة العقلية التي تعاني منها.

ظروف قاسية

قال والد الطفلة، الشكدالي بوزضاض (41 سنة)، إن الأسرة لا تزال بانتظار الكشف عن نتائج الاختبارات الطبية التي أجريت على الطفلة بعد خروجها من المستشفى قبل أسبوع، لتحديد نسب المولودة التي أنجبتها بالنظر إلى تعدد المتهمين في القضية. وأكد أن الجلسة المقبلة ستشهد حضور ابنته في المحكمة ومواجهة المتهمين.

وأشار بوزضاض، في حديثه لموقع "الحرة"، إلى الظروف القاسية التي يمر بها، حيث اضطر للتخلي عن عمله كعامل في حمام شعبي (كسّال) بسبب مرافقته لابنته في المستشفى واهتمامه بوضعها الصحي.

كما ذكر أنه فقد مصدر رزقه وأصبح عاطلًا عن العمل حاليًا، مشيرًا إلى تأثير القضية على استقراره الشخصي واضطراره إلى إخلاء محل كان يستغله، مما فاقم من معاناته المالية والاجتماعية. وقال: "أملي أن يتم إنصاف ابنتي وتحقيق العدالة في القريب العاجل".

انتهاك جسيم

أكدت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان فرع العطاوية-تملالت حضورها لجلسة اليوم بمحكمة الاستئناف بمراكش لمؤازرة الضحية وأسرتها. وشددت، في بلاغ لها، على ضرورة إجراء الخبرة الجينية لتحديد نسب المولود الناتج عن جريمة الاغتصاب الجماعي.

وطالبت الجمعية بـ"تشديد العقوبات على جميع المتورطين في هذا الانتهاك الجسيم لحقوق طفلة قاصر تعاني من إعاقة ذهنية"، مشيرة إلى أهمية توفير الرعاية الصحية والنفسية للضحية، مع متابعة مستمرة لضمان تجاوزها للآثار النفسية والاجتماعية العميقة التي خلفتها الجريمة.

وأعربت الجمعية عن أسفها الشديد لاضطرار أسرة الضحية إلى تغيير مكان إقامتها تحت ضغط "الحكرة" والنظرة المجتمعية الدونية التي عانوا منها. وأشارت إلى أن هذه القضية تندرج ضمن جهود الجمعية الرامية إلى وضع حد للإفلات من العقاب في جرائم الاغتصاب والانتهاكات الجسيمة لحقوق الأطفال.