ولم تنجح الإجراءات القانونية التي تم اتخاذها من قبل السلطات في السنوات القليلة الماضية، ومن أبرزها مدونة السير التي لقيت اعتراض كثير من المواطنين، في الحد أو التقليص من حوادث السير التي تكبد المملكة خسائر تقدر قيمتها بـ11 مليار درهم كل عام.
فحسب إحصاءات اللجنة الوطنية للوقاية من حوادث السير؛ أسفرت حوادث المرور خلال سنة 2012 عن سقوط 4222 قتيل بينما أصيب 12500 بإصابات خطيرة في حين أن 100 ألف ضحية أخرى أصيبوا بجراح طفيفة. وكشفت اللجنة عن ارتفاع في الحوادث المرورية بنسبة 12 في المئة مقارنة بسنة 2010.
وكشف عبد الصادق معرفة المسؤول الإعلامي في اللجنة الوطنية للوقاية من حوادث السير في اتصال مع موقع "راديو سوا" عن أن آخر الأرقام الخاصة بالأشهر العشرة الأخيرة من سنة 2012 تشير إلى أنه وبالرغم من ارتفاع عدد الحوادث المرورية إلا أن عدد القتلى تراجع بنسبة بلغت ثمانية في المئة وكذلك الأمر بالنسبة للمصابين بجروح بليغة إذ انخفضت نسبة هؤلاء ما بين ثمانية وتسعة في المئة.
أسباب الحوادث
وقال معرفة إن انعدام السلامة الطرقية مشكلة عويصة في المغرب تتداخل فيها مجموعة من العناصر من بينها العامل البشري والبنية التحتية ونوعية السيارات، إلا أنه أشار إلى أن الدراسات تكشف أن أبرز الأسباب التي تؤدي بشكل مباشر إلى وقوع حوادث السير هي العامل البشري خصوصا عدم احترام مستعملي الطرق قوانين السير والسلامة الطرقية.
وكان عزيز رباح وزير النقل والتجهيز قد اتهم في تصريحات تلفزيونية عديدة الأخطاء البشرية وحملها مسؤولية 80 في المئة من حوادث المرور في المملكة، كما ربطت وسائل الإعلام المغربية بين ارتفاع حوادث السير وضعف وتقادم البنية التحتية للطرق والحالة الميكانيكية المتردية للسيارات.
وخلال احتدام الجدل بشأن حادثة "تيزي نتيشكا" التي راح ضحيتها 43 شخصا، حمّل وزير النقل المغربي مسؤولية الحادث للأشخاص الضالعين فيه بدءا من السائق وصولا إلى صاحب شركة النقل.
وحسب المنظمة العربية لأمن الطرقات فإن 13 شخصا يلقون حتفهم يوميا في حوادث السير في المغرب، فيما يصاب شخص واحد بجروح خطيرة كل سبع دقائق.
جهود ومبادرات
وتحاول السلطات المغربية ومنظمات المجتمع المدني توعية المواطنين وتطلب مساعدتهم للحفاظ على سلامة مستخدمي الطرقات. وفي هذا الإطار، قالت زهور المرصاوي وهي عضو في جمعية فاس للسلامة الطرقية لـ"راديو سوا" على هامش مشاركتها في ندوة تحت عنوان "فاس ورهان التنقل" نظمت في الرابع من الشهر الجاري "كلنا مسؤولون حتى لا نلقي المسؤولية على جهة معينة لذلك فإن الندوة جمعت بين المواطنين والمسؤولين والمنتخبين حتى نتغلب على هذه الآفة".
وأكدت أن جهود التوعية والندوات الخاصة بالسلامة الطرقية ليست رفاهية بل واجب لحماية صحة وحياة الإنسان نظرا "لأن الظاهرة أصبحت خطيرة جدا" وأضافت قائلة "نتألم عندما نسمع يوميا في وسائل الإعلام عن حوادث مفجعة على المستوى البشري والاقتصادي والاجتماعي تخلف عددا من المعاقين واليتامى".
وأشارت المرصاوي إلى أن من بين المشاكل التي تؤرق الجمعية ما أسمته بـ"احتلال الملك العام"، وأردفت قائلة "نحن لسنا ضد الربح المادي للمقاهي أو للباعة المتجولين ولكن الرصيف احتل وأصبح الإنسان يمشي على قارعة الطريق" مما يشكل خطرا على الراجلين خصوصا المسنين والأطفال والنساء الحوامل ما يؤدي إلى وقوع حوادث السير.
هل ينجح المجتمع المدني في وقف "حرب" الطرقات؟
وأوضح عبد الصادق معرفة المسؤول الإعلامي في اللجنة الوطنية للوقاية من حوادث السير إن حملات التوعية تظل عملا جزئيا في ظل استراتيجية شاملة لمنظومة السير وسلامة الطرق، وأضاف "حملات التوعية هي عمليات تواكب مجهودا خاصا بالمراقبة والتكوين ومجهودا خاصا بالبنيات الطرقية ومجهودا خاصا بالإسعاف إلى آخره من الجهود".
وأوضح أن العمل الذي تقوم به اللجنة الوطنية للوقاية من حوادث السير يندرج في إطار خطة استراتيجية شاملة تسعى للحد من حوادث السير أو على الأقل التقليص مما أسماه بالآفة التي تنخر المجتمع المغربي.
لكن ما السبيل إلى الوصول إلى أكبر عدد من المغاربة وحثهم على احترام قواعد السلامة الطرقية؟
أشار معرفة إلى أن الجهات المختصة تسعى إلى تطبيق مخطط استراتيجي يعتمد على تفعيل مجموعة من العمليات الوسائطية التي تعتمد على الوصلات التلفزية والإذاعية للتوعية، مضيفا أن هناك برنامجا كبيرا جدا مع كافة القنوات المغربية بالإضافة إلى عمليات التواصل المباشر مع المواطنين.
كما كشف المسؤول المغربي عن أن المحور الثاني الخاص بالتربية على السلامة الطرقية "يستهدف مختلف الفئات بالإضافة إلى انفتاحنا على مكونات المجتمع المدني وعلى كافة الشركاء والمهنيين إلى جانب إنجاز دراسات تقنية وتقييمية لعملنا التواصلي".
ويقول مراقبون إن وقف "النزيف الدموي" على طرق المغرب أمر صعب لكن تضافر جهود الجهات المعنية وتعاون المواطنين وإصرارهم على إحداث التغيير المطلوب، هو الحل الوحيد لمحاربة هذه الظاهرة التي تقض مضجع المغاربة وتجعل بعضهم يخاف من ركوب سيارته أو سياقتها على الطريق السريع.