أثارت فتوى تبيح الاختلاط بين النساء والرجال في المغرب عاصفة من ردود الفعل المتباينة.
فقد قالت أسماء لمرابط رئيسة "مركز الدراسات والأبحاث في القضايا النسائية في الإسلام"، إنه من المباح أن تكون المساجد مختلطة بين الرجال والنساء، باعتبار أنه في عهد الرسول كانت المساجد مختلطة.
واعتبرت الباحثة والناشطة النسائية أن المسجد كمكان ليس مقدسا بل الصلاة هي المقدسة، واعترفت أن النساء هن أول من يعارض حينما يتعلق الأمر بحق من حقوقهن، وذلك بسبب "القهر الذي يعشنه".
وأكدت لمرابط في حوار مع مجلة "تيل كيل" المغربية الناطقة بالفرنسية، أن ثقافة المساواة يجب أن تبدأ منذ الطفولة، و"اليوم من الصعب التراجع عن تربية جعلت المرأة تقبل اللامساواة".
الاختلاط نعم.. لكن المرأة وراء الرجل
أوضحت الباحثة المغربية أسماء المرابط أن إباحة اختلاط المرأة بالرجل في المساجد لا يعني أن يقف الرجل للصلاة بجانب المرأة، بل القصد منه "ما تواتر في عهد الرسول ودلت عليه سيرته وسيرة الخلفاء الراشدين من بعده، حيث كانت النساء يصلين خلف الرجال في مسجد واحد ودون أن يكون بين صفوفهم حاجز".
واستدلت المرابط في حوار لها مع مجلة "رابطة علماء المغرب" التي تصدر في المغرب، بما رواه مسلم في صحيحه عن فاطمة بنت قيس التي قالت"فلما انقضت عدتي سمعت المنادي ينادي: الصلاة جامعة، فانطلقت فيمن انطلق من الناس فكنت في الصف المقدم من النساء وهو يلي المؤخر من الرجال".
وانتقدت عضوة رابطة العلماء المغاربة، وهي مؤسسة رسمية، مستوى التعليم الديني في الدول الإسلامية، ووصفته بـ"الكارثة الحقيقية"، إذ يتم فيها تلقين "التقليد والتبعية للآخرين"، ولا يدرس فيها سوى "كتب عصر الانحطاط" ما بعد القرن العاشر، فيما المفكرون المنفتحون أمثال الفارابي وابن رشد والرازي مغيبون عن البرامج التعليمية في هذه المدارس الدينية.
الاختلاط "فتنة وحرام"
ولا يتفق كثير من علماء الدين مع رأي لمرابط سواء في المغرب أو غيره من الدول العربية، ويقولون إن صلاة المرأة في بيتها أفضل بكثير من صلاتها في المسجد، ولو كان المسجد الحرام.
وأصحاب هذا الرأي يستندون على حديث أم سلمة عن النبي حينما قال "خير مساجد النساء قعر بيوتهن".
وقد أصدرت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء برئاسة عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ مفتى المملكة العربية السعودية، فتوى بتحريم الاختلاط بين الرجال والنساء سواء كان ذلك بخلوة أو بدونها.
وجاء هذا التحريم في بلاغ للجنة، إذ قالت إن الشريعة الإسلامية جاءت لتحريم الاختلاط بين الرجال والنساء ومنعه والتشديد فيه، كالاختلاط في مجالات التعليم والعمل، وكل ما يفضي إلى الاختلاط، وذلك عملا بالآية 53 الواردة بسورة الأحزاب من القرآن "وإذا سألتموهن متاعا، فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن".
واعتبرت اللجنة أن الحكم الوارد في هذا الاختلاط سيبقى "ملزما للنساء المسلمات إلى يوم القيامة".
ولذلك، حسب مجموع فتاوى اللجنة الدائمة بالسعودية-المجلد السادس عشر الخاص بالعقيدة، جعل النبي صلاة المرأة في بيتها خيراً لها من صلاتها في المسجد. فقد روى الإمام أحمد في كتابه "المسند" عن أم حميد زوجة أبي حميد الساعدي، أنها جاءت النبي وقالت "يا رسول الله، إني أحب الصلاة معك. قال: قد علمت أنك تحبين الصلاة معي، وصلاتك في بيتك خير من صلاتك في حجرتك، وصلاتك في حجرتك خير من صلاتك في دارك".
فقامت المرأة ببناء قاعة للصلاة في أقصى دارها وأظلمتها، وبقيت تصلي فيها حتى ماتت.
المرأة "عورة" ولا للاختلاط بها حتى في العمل
أما محمد بن إبراهيم المفتي السابق للمملكة السعودية، فاعتبر أن الرجال خلقوا "أقوياء ويميلون إلى النساء، وأن النساء خلقن ميالات للرجال مع ضعفهن وعدم قدرتهن على التحكم في أنفسهن، فإذا حصل الاختلاط نشأ عن ذلك آثار تؤدي إلى حصول أشياء سلبية لأن النفس أمارة بالسوء، والشيطان يأمر بالفحشاء والمنكر".
وزاد المفتي بأن جعل المرأة "عورة"، ويجب عليها "التستر في جميع بدنها، لأن كشف ذلك أو شيء منه يؤدي إلى النظر إليها، والنظر إليها يؤدي إلى تعلق القلب بها، ثم تبذل الأسباب للحصول عليها"، وكل هذا بسبب الاختلاط حتى لو كان في المسجد، حسب رأيه.
وعممت اللجنة الدائمة فتوى التحريم لتشمل كل مجالات الحياة. فقد صدر عنها بلاغ يقول إنه لا يجوز أن تعمل المرأة مع الرجال، كأن تكون "سكرتيرة لمكتب الرجال، أو في الاستقبال لمكان غير خاص بالنساء أو عاملة في خط إنتاج مختلط أو محاسبة في مركز أو محل تجاري أو صيدلية أو مطعم يختلط فيه العاملون من الرجال والنساء لما يترتب على ذلك من آثار سيئة على الأسرة والمجتمع".
واختلفت آراء المعلقين على فتوى الباحثة المغربية بين رافض لها بدعوى أنها غير مؤهلة للإفتاء في أمور كهذه، وأن مثل هذه الآراء "مخربة وستؤدي إلى الإنفلات والفتنة في المجتمعات العربية"، وهناك من تقبل الفكرة واعتبر التحديث في العقليات والأفعال ضروري من أجل التقدم نحو الديمقراطية والحداثة.
وهذه تغريدة تقبل فكرة الاختلاط في المساجد وتعتبره شيئا مباحا:
لو الاختلاط بين الرجال والنساء حرام فلماذا يختلطوا في البيت الحرام وأمام الكعبة في الحج
— Monakareem (@karmonan) 16 mars 2013
وهذه تغريدة أخرى تحرم الاختلاط بشكل نهائي:
الاختلاط بين الرجال والنساء فتنة نبه عليها الرسول صلى الله عليه وسلم احرقت قيم الاسرة في الغرب والان تتوجه لبلاد المسلمين.
— د.احمد سالم باهمام (@Drbahmamm) 14 mars 2013