نشر مستخدمون عبر وسائل التواصل صور لانهيار جبلي في إقليم الحوز وسط المغرب
نشر مستخدمون عبر وسائل التواصل صور لانهيار جبلي في إقليم الحوز وسط المغرب

شهدت منطقة تابعة لجماعة "أجوكاك" بإقليم الحوز (وسط المغرب)، مساء أمس الأربعاء، انهيارا جبليا نتيجة السيول، ما أدى إلى ردم سيارة للنقل المزدوج، كانت تقل ما بين 14 و24 شخصا، وفق ما نقلته مواقع محلية.

وقد أدى الحادث وفق بعض المواقع المحلية إلى "مقتل" عدد من الأشخاص، في حين لم تورد المصادر الرسمية أية معطيات بذلك الشأن وذلك لاستمرار عملية إزاحة الأوحال والأتربة عن السيارة المذكورة.

موقع "le360" أورد أن "24 شخصا لقوا مصرعهم بينهم نساء وأطفال، إثر انقلاب سيارة للنقل المزدوج التي كانت تقلهم".

وأضاف المصدر نفسه نسبة إلى مستشار بجماعة تيزي نتاست بإقليم تارودانت أن "الحادث نجم عن انهيار جبل بالمحاذاة مع واد تمر منه وسائل النقل، بسبب الأمطار الغزيرة التي تعرفها المنطقة"، مشيرة إلى أنه قد تم "انتشال 18 جثة".

من جانبه، نقل موقع القناة الثانية "دوزيم" أن الانهيار الجبلي أدى إلى طمر سيارة لنقل المسافرين، وأشارت نسبة إلى أحد أقارب السائق إلى "وجود 14 شخصا راكبا داخل السيارة التي لا تزال الجهود متواصلة لإخراجها من تحت الأتربة المتراكمة وإنقاذ الركاب العالقين داخلها".

​​ونفى مصدر من وزارة الصحة المغربية في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، المعلومات المتداولة بشأن عدد الضحايا، مشيرا إلى أن عمليات البحث عن مفقودين إثر الحادث ما تزال متواصلة.

وكالة الأنباء الرسمية، ذكرت في قصاصة لها قبل قليل، نسبة إلى السلطات المحلية لإقليم الحوز، أن "التساقطات الرعدية الغزيرة التي عرفها الإقليم، مساء أمس الأربعاء، أسفرت عن ارتفاع منسوب مياه بعض الشعاب والمجاري المائية وإحداث سيول أدت إلى انجراف كميات هائلة من الأتربة والأوحال بالنقطة الكيلومترية 230 على الطريق الوطنية رقم 7، على مستوى دوار توك الخير، جماعة إجوكاك، قيادة ثلاث نيعقوب، دائرة أسني، وطمر سيارة للنقل المزدوج تحتها".

وأوضح المصدر أنه "فور إشعارها من طرف أحد الأشخاص الذي كان يتواجد بعين المكان حين وقوع الحادث، تعبأت كل من السلطات المحلية والأمنية ومصالح الوقاية المدنية وفرق المديرية الإقليمية للتجهيز والنقل واللوجيستيك والماء لاتخاذ الإجراءات اللازمة"، مضيفا أن "الأشغال لازالت متواصلة لإزاحة الأوحال والأتربة التي يناهز علوها 20 متر تقريبا، لانتشال السيارة وركابها المحتملين واستعادة حركة السير بهذا المقطع الطرقي".

الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية، مصطفى الخلفي، بدوره، أوضح خلال الندوة التي أعقبت اجتماع المجلس الحكومي، بعد زوال اليوم الخميس، أنه لا توجد أرقام محددة حول عدد ضحايا الحادث، مبرزا أن "الجهود مازالت مستمرة لانتشال السيارة والركاب المحتملين".

المصدر: أصوات مغاربية

خلال مظاهرة ضد الفساد بالمغرب (أرشيف)
خلال مظاهرة ضد الفساد بالمغرب (أرشيف)

لا تزال مكافحة الفساد في المغرب تثير الجدل بشأن أسباب تفشيه وآثاره على البنية السياسية والاقتصادية، بعد أن خلص مشاركون في ندوة حزبية عن "مبادرات لمحاربة الفساد"، إلى أن المجتمع بات "يُطبّع" مع الفساد وأن بعض الأحزاب تستغل محاربته كشعار انتخابي.

واعتبر رئيس "الجمعية المغربية لحماية المال العام"، محمد الغلوسي، أن ⁠الفساد في المغرب ظاهرة بنيوية تستخدم لضبط المجتمع وترسيخ السلطوية، مؤكدا أن غياب الديمقراطية وضعف المحاسبة يساهمان في تعميمه، مما يضمن استمرار مصالح النخب النافذة على حساب التنمية والإصلاح.

وأشار الغلوسي إلى وجود تضييق على القوى الديمقراطية والصحافة، بينما تعزز قوى الفساد نفوذها عبر تشريعات تعرقل المساءلة، لافتا إلى "استغلال بعض النخب لإضفاء شرعية على الفساد، مما يحوّل مؤسسات الرقابة إلى هيئات صورية".

وذكرت النائبة البرلمانية عن حزب فيدرالية اليسار الديمقراطي، فاطمة الزهراء التامني، أن "تفشي الفساد في المغرب أدى إلى تكريس سياسة الإفلات من العقاب، وتعطيل عمل المؤسسات، وتقويض ثقة المواطنين في الدولة، بل وبات يهدد الاستقرار السياسي والاجتماعي"، مشددة على غياب الإرادة السياسية الحقيقية لمكافحته.

"نتيجة تراكمية"

وفي تعليقه على القضية، يشير الخبير الاقتصادي، عضو منظمة "ترانسبرانسي المغرب"، عز الدين أقصبي، إلى أن تطبيع المجتمع مع الفساد هو نتيجة تراكمية لمتابعة الوضع منذ عقود، ردفا "فرغم الجهود المدنية والتشريعية، فإن المغرب تراجع في مؤشرات الفساد الدولية، ما يعكس غياب إرادة سياسية حقيقية لمكافحته".

ويتابع أقصبي حديثه لموقع "الحرة"، أن الفساد في المغرب بنيوي ويمس قطاعات حيوية كالقضاء والصحة والأمن. مؤكدا أن ضعف القوانين وعدم تطبيقها يعزز الإفلات من العقاب ويجعل الفساد آلية لضبط السلطة، خاصة مع اقتصاد ريعي يعمّق هيمنة النخب النافذة".

ويربط أقصبي بين غياب الديمقراطية وتفشي الفساد، موضحا أن "المؤسسات الرقابية ضعيفة والمحاكم غير فعالة والصفقات العمومية تفتقر للشفافية والإصلاحات المعلنة شكلية، حيث تفتقد آليات التنفيذ، مما يكرس الوضع القائم بدلا من تغييره".

ويؤكد المتحدث ذاته، أن الحلول التقنية موجودة، لكن المشكلة سياسية بالأساس. مسجلا أن تطبيق قوانين الشفافية، مثل التصريح بالممتلكات يبقى محدودا، فيما يهيمن تضارب المصالح على دوائر القرار.

"غياب إرادة سياسية"

ويقول رئيس مركز شمال أفريقيا للدراسات والأبحاث وتقييم السياسات العمومية، رشيد لزرق، إن "الأحزاب تستغل ملف الفساد كشعار انتخابي أكثر من كونه مشروعا حقيقيا للإصلاح"، موضحا أن "الفساد متجذر في المنظومة الحزبية نفسها التي تستفيد منه للحفاظ على نفوذها، مما يمنحه حصانة سياسية تحول دون مكافحته بجدية".

ويضيف لزرق في تصريح لموقع "الحرة"، أنه بعد دستور 2011، صدرت نصوص قانونية مهمة لمكافحة الفساد، لكنها لم تُفعّل بسبب غياب الإرادة السياسية. 

وقال "الإصلاحات المطلوبة تشمل تجريم الإثراء غير المشروع ومحاربة تضارب المصالح وتعزيز آليات الشفافية، لكنها تواجه مقاومة من داخل المنظومة الحزبية ذاتها".

ويعتبر لزرق أن المؤسسات الرقابية تعاني من ضعف فعاليتها ليس بسبب القوانين، ولكن بسبب الأشخاص الذين يديرونها. مشيرا إلى تعيين العديد منهم عبر الأحزاب السياسية، مما يقوض استقلاليتهم ويجعلهم جزءا من شبكة المصالح التي تعرقل أي جهود حقيقية لمكافحة الفساد.

ويؤكد لزرق أن المشكلة الأساسية ليست في النصوص القانونية بل في غياب الإرادة السياسية لمكافحة الفساد داخل الأحزاب والمؤسسات. ويرى أنه "طالما بقيت الأحزاب تستفيد من الوضع القائم، فإن أي إصلاحات ستظل شكلية، وستظل المحاسبة غائبة، ما يعزز ثقافة الإفلات من العقاب".

"ثقب أسود"

ويرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاضي عياض بمراكش، عبد الرحيم العلام، أن "المجتمع المغربي لا يطبع مع الفساد، بل يرفضه بطبيعته، كما يتضح من رفع الأحزاب السياسية لشعار محاربته خلال الانتخابات، مستدركا "لكن بعض الفئات تضطر إلى التعامل معه بسبب الحاجة، وهو لا يعني قبوله بل يعكس ضعف البدائل المتاحة".

ويعتقد العلام في تصريح لموقع "الحرة"، أن الأحزاب التي ترفع شعار مكافحة الفساد خلال الحملات الانتخابية غالبا ما تتبنى إجراءات ضعيفة بعد وصولها إلى السلطة. ويعزو ذلك إلى "مقاومة اللوبيات المستفيدة، أو غياب الإرادة السياسية الحقيقية، مما يجعل الفساد مستمرا".

ويؤكد العلام أن الفساد "ثقب أسود" يستنزف ميزانيات ضخمة ويحرم البلاد من فرص استثمارية مهمة.

ويضيف أن مكافحة الفساد تتطلب إجراءات متعددة، من بينها تشديد العقوبات ضد المفسدين، ودعم الجمعيات الحقوقية، وتشجيع المواطنين على التبليغ عن الفساد. مشددا على أهمية التربية المجتمعية، بدءا من المدرسة والأسرة، لتعزيز ثقافة النزاهة ورفض تقديم التنازلات أمام الفساد.

"إجراءات ملموسة"

وفي المقابل، تدافع الحكومة المغربية على التزامها بمحاربة الفساد من خلال استراتيجيات واضحة وإجراءات، موضحة أن الاستراتيجية الوطنية لمحاربة الفساد (2016-2025) حققت إلى غاية الشهر الأول من السنة الجارية 76٪ من أهدافها، مشيرة تقدم محرز في تعزيز الشفافية والحكامة الجيدة.

وكان الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بايتاس، أكد مؤخرا، أن الحكومة قامت بعدة إجراءات لتحسين الإدارة العمومية، كإصدار ميثاق المرافق العمومية وقانون تبسيط المساطر الإدارية ومرسوم الصفقات العمومية،

واعتبر بايتاس، أن ذلك "يمنح ضمانات أكبر للحد من استغلال المال العام بطرق غير مشروعة وتعزيز النزاهة في التدبير العمومي".

و⁠أبرز المسؤول الحكومي أن التحول الرقمي يعد ركيزة أساسية في مكافحة الفساد، حيث تعمل الحكومة على رقمنة الخدمات العمومية لتسهيل ولوج المواطنين إليها بشفافية أكبر. داعيا إلى تضافر جهود مختلف الفاعلين، سواء الدولة أو المجتمع المدني والهيئات الرقابية، لتحقيق نتائج فعالة في مكافحة الفساد.