الشرطة أوقفت المدرس بتهمة التحريض على الإرهاب - أرشيفية
الشرطة أوقفت المدرس بتهمة التحريض على الإرهاب - أرشيفية

أعلنت الأجهزة الأمنية المغربية، الثلاثاء، توقيف مدرس بتهمة "التحريض على ارتكاب أفعال إرهابية" ضد سائحات أجنبيات يزرن المغرب للقيام بأعمال تطوعية.

وقالت المديرية العامة للأمن الوطني، في بيان، إن المشتبه به يبلغ من العمر 26 سنة، مشيرة إلى أنه تم توقيفه في أعقاب نشره تدوينة على موقع فيسبوك.

وأضاف البيان أن الموقوف أشاد في التدوينة"بأعمال إرهابية"، وحرض "على ارتكاب أفعال إجرامية خطيرة في حق سائحات أجنبيات يقمن بأعمال تطوعية".

وأكدت المديرية العامة للأمن الوطني أن التدوينة تتضمن "جرائم مرتبطة بقضايا الإرهاب والتطرف".

وأشار البيان إلى مصادرة حاسوب محمول وهاتف نقال في منزل المشتبه به، الذي يعمل مدرسا في المرحلة الابتدائية وأوقف مساء الاثنين بمدينة القصر الكبير (شمال).

وأكدت وسائل إعلام محلية أن الأمر يتعلق بتدوينة تحرض ضد بلجيكيات قدمن للقيام بأعمال تطوعية في قرية بنواحي مدينة تارودانت (جنوب)، بشراكة مع جمعية محلية.

ونقل موقع العمق المغربي عن المسؤول بهذه الجمعية، حسن آيت عدي، قوله "نستقبل كل سنة متطوعين بشراكة مع جمعية بلجيكية للقيام بإصلاح السواقي والطرق.. ونسعى لتحقيق التبادل الثقافي وقيم التسامح والتعايش وحقوق الإنسان".

وأثارت صور المتطوعات البلجيكيات تعليقات تشيد بروحهن التطوعية وتضامنهن مع سكان القرية، لكن تعليقات أخرى انتقدت ظهورهن بملابس "غير محتشمة".

وأعلنت السلطات المغربية في السنوات الأخيرة مرارا تفكيك خلايا يشتبه في موالاتها لتنظيم الدولة الإسلامية. كما تتبنى منذ عدة سنوات سياسة لمواجهة الخطابات المتطرفة وإشاعة خطاب ديني وسطي معتدل.

وحكم القضاء المغربي في يوليو بإعدام ثلاثة أشخاص دينوا بقتل سائحتين اسكندنافيتين أواخر العام الماضي، باسم تنظيم الدولة الإسلامية. كما دين 21 متهما آخرا بأحكام راوحت بين المؤبد والسجن خمس سنوات.

وقتلت الطالبتان الدنماركية لويزا فيسترغر يسبرسن (24 عاما) والنروجية مارين أولاند (28 عاما) ليل 16-17 ديسمبر 2018، في منطقة جبلية غير مأهولة في ضواحي مراكش في جنوب المغرب حيث كانتا تمضيان إجازة.

وتبدأ محاكمة هؤلاء المتهمين أمام الاستئناف في 4 سبتمبر.

فتاة تحمل شمعة وصورة رجل  خلال حفل إحياء الذكرى أمام معسكر تازمامارت
المعتقلين الذين بقوا أحياء أفرج عنهم في 1991

بعد أكثر من عقد من الزمن على إنهاء مأساة معتقل تازمامارت السري، قرر المغرب السماح بإجراء تحاليل الحمض النووي لتحديد هويات من ماتوا في واحد من أكثر المعتقلات سوءًا في تاريخ المملكة خلال النصف الثاني من القرن العشرين.

ومن شأن الخطوة أن تسمح بتحديد هويات الضحايا والسماح لعائلاتهم أخيرا بطي صفحة أحلك فترة لانتهاكات حقوق الإنسان بالمغرب في عهد الملك الراحل الحسن الثاني. 

ومعتقل تازمامارت، سَجن فيه العاهل المغربي الراحل، الحسن الثاني، العسكريين المتهمين بالتورط في محاولتين انقلابيتين فاشلتين ضده في أوائل السبعينات.

والحسن الثاني الذي قاد مرحلة تحديث البلاد بعد الاستقلال عن فرنسا خلفا لوالده محمد الخامس. كان يتمتع بشعبية كبيرة، لكن شاب عهده انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان خلال ما يعرف بـ"سنوات الرصاص" بين 1970 و1999، حسب منظمات حقوقية.

وفي 1991، دشّن الملك الراحل انفتاحا سياسيا بدأ بالإفراج عمن تبقى من المعتقلين الأحياء من سجن تازمامارت السري جنوب شرق البلاد، لكن رفات بعض من مات هناك ظلت مجهولة الهوية.

وعلى مدى السنوات الماضية، طالب أهالي الضحايا، السلطات السماح بإجراء تحاليل الحمض النووي لتحديد هويات الضحايا الذين ماتوا في المعتقل قبل أن تستجيب الرباط أخيرا.

واتصل المجلس الوطني لحقوق الإنسان في المغرب ببعض عائلات ضحايا سجن تازمامارت. 

وكشفت جمعية ضحايا تازمامارت وأصدقاؤهم أن "المجلس الوطني لحقوق الإنسان ربط الاتصال ببعض عائلات ذوي الحقوق ... بإجراء التحاليل الجينية (DNA) الخاصة بالشهداء الذين قضوا نحبهم داخل المعتقل ظلما وعدوانا"، حسب تعبير بيان الجمعية.

واستجاب المجلس الوطني لحقوق الإنسان أخيرا لهذا المطلب بشكل مفاجىء.

وأكدت جمعية ضحايا تازمامارت أنها "الممثل الشرعي والوحيد للضحايا وذوي الحقوق، والناطق باسمهم، والحاملة لهمومهم وطموحاتهم ومطالبهم".

وثمنت الجمعية "استجابة المجلس الوطني لحقوق الإنسان لهذا المطلب، غير أنها جاءت متأخرة بعقدين من الزمن، والمتمثلة في إجراء التحاليل الجينية للشهداء أولا ولذوي الحقوق ثانيا".

والمجلس الوطني لحقوق الإنسان مؤسسة شبه رسمية تعنى بمراقبة وضعية حقوق الإنسان ونشر ثقافتها، كما تعني بتتبع تطبيق توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة التي عملت منذ سنة 2004 على تعويض وجبر الضرر عن ضحايا ما يعرف بـ"سنوات الرصاص" في عهد الحسن الثاني.

"تهميش الضحايا"

أحمد المرزوقي، أحد المعتقلين السابقين في تازمامارت، أشاد بالقرار، مستغربا توقيته المفاجئ.

وفي حديث لموقع "الحرة" قال المرزوقي إنها خطوة إيجابية كنا نطالب بها منذ سنوات، لكنهم كانوا يرفضونها بشدة.

وقال المرزوقي إن عائلات الضحايا كانت تطالب بذلك منذ سنوات وكانت السلطات تتعلل بأن ذلك غير مهم في تحديد هوية الضحايا قبل أن تستجيب بشكل مفاجىء.

والخطوة تهدف إلى تحديد هوية الضحايا لكي تمنح لعائلاتهم فرصة "للترحم عليهم وزيارة قبورهم" بعد سنوات من عدم تحديد رفات كل ضحية بشكل محدد، وفق المتحدث.

ويقول المرزوقي، الذي دون تجربته في السجن في مذكرات بعنوان "تازمامارت، الزنزانة رقم 10" إن بعض المعتقلين صدرت في حقهم أحكام لا تتجاوز ثلاث سنوات قبل أن يقضوا أكثر من 17 عاما في المعتقل الشهير وبعد خروجهم تم منحهم مبلغا لا يتجاوز مليوني درهم.

وقرر الملك محمد السادس بعد توليه العرش إطلاق آلية للعدالة الانتقالية لطي ماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي حصلت في عهد والده الراحل خلال ما سمي بـ"سنوات الجمر والرصاص". وبذلك تأسست هيئة الإنصاف والمصالحة في 2004 برئاسة المعتقل السياسي الراحل إدريس بنزكري لتكمل عمل هيئة التحكيم المستقلة للتعويض التي استحدثت سنة 1999.

وفي نهاية تحقيقاتها وضعت اللجنة تقريرا شاملا دعت فيه إلى تعويض ضحايا الانتهاكات، ماديا ونفسيا، وإقرار حزمة إصلاحات في مجالات الأمن والعدالة والتشريع، وهي توصيات كلف المجلس الوطني لحقوق الانسان بالإشراف على تطبيقها.