مقابلة الحرة مع اشرف طريبق

رأى خبراء مغاربة أن الجانب الرسمي لا يزال يرى بضرورة الحل السلمي لقضية "الصحراء الغربية" ويصر على فكرة "الحكم الذاتي" التي اقترحها أثناء المفاوضات في جنيف في ديسمبر ومارس الماضيين، وذلك ردا على زعيم جبهة البوليساريو الذي طالب بحق "الشعب الصحراوي" في "تقرير مصيره" من خلال استفتاء حر ونزيه.   

وفي مقابلة خاصة مع "الحرة" أكد الأمين العام لجبهة البوليساريو ابراهيم غالي رفض مقترح الحكم الذاتي الذي قدمه الجانب المغربي، بشدة. مشيرا إلى أن "التعنت المغربي الأعمى وعدم احترامه للشرعية الدولية سيفرض على الشعب الصحراوي وجبهة البوليساريو امتشاق الأسلحة من جديد".

وبينما أثارت المقابلة ردود فعل في الشارع المغربي "واحتجاجا إعلاميا وضجة"، بحسب الإعلامي المغربي حفيظ زرزان، رأى رئيس مركز هسبريس للدراسات والإعلام أشرف طريبق أن تصريحات جبهة البوليساريو "خارجة عن الإرادة أو النية الحسنة التي يجب أن يبديها كل طرف مشارك في الحوار".

​​وقال طريبق لـ"الحرة": "لا يمكن أن تشارك في الحوار على مائدتين وتعتبر أن الحوار هو الحل الأساسي لمشكلة الصحراء ثم تأتي وتقول إن السلاح هو خيار مفروض".

وأضاف "السلاح ليس خيارا مفروضا والدولة المغربية تطرح مبادراتها بكل جرأة وشجاعة، وتمثلت في الحكم الذاتي، إذا كان غالي يرفض الحل الذاتي ويدّعي أنه لا يمكن أن يكون هو الحل للمشكلة فهذا شأنه. لكنْ هناك أطراف عدة في الحوار، وأعتقد أن الأطراف مسؤولة عن طبيعة الخيارات التي تختارها".

وبعد ستّ سنوات من انقطاع الحوار، بين المغرب وجبهة البوليساريو، نجحت بعثة الأمم المتحدة في جمع الأطراف المعنية حين عقد اجتماعان في سويسرا، في ديسمبر 2018 ومارس الفائت شارك فيهما كل من المغرب وجبهة تحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب (بوليساريو) والجزائر وموريتانيا.

وفي نهاية الاجتماع الثاني، لم تعط بوليساريو سوى أمل ضئيل لتحقيق تقدم في تسوية هذا النزاع القديم مؤكدة أن "المغرب لم يبد أي رغبة في الالتزام بعملية جدية للمفاوضات".

ومن حينها لم يحدد موعد بعد لجولة ثالثة من المفاوضات.

ويعتقد طريبق أن استقالة مبعوث الأمم المتحدة "يأتي في إطار أن هناك تعنتا لجبهة البوليساريو في مقابل مقترحات حقيقية على الأرض تتمثل في الحكم الذاتي".

وفي مايو الماضي أعلنت الأمم المتّحدة الأربعاء أنّ مبعوثها إلى الصحراء الغربية الرئيس الألماني الأسبق هورست كولر (76 عاماً) استقال من منصبه "لدواع صحية"، لكنها لم تحدد طبيعة المشكلات الصحية التي دفعته لترك منصبه.

​​وقال طريبق: "ما يمكن التأكيد عليه أن الأطراف الراعية للمفاوضات التي جرت بين المغرب والبوليساريو والجزائر وموريتانيا تعي حقيقة الوضع وأن أي اضطراب في هذه المنطقة يمكن أن يؤدي إلى مخاطر أخرى مثل مخاطر الإرهاب والهجرة السرية وشبكات التهريب والمخدرات وكلها لا تصب في محاولة البحث عن نزاع خارج الحلول السلمية لإشكالية الصحراء".

الإعلامي المغربي حفيظ زرزان قال من جانبه إن الحكومة المغربية لم ترد بشكل رسمي على تهديد الأمين العام لجبهة البوليساريو بحمل السلاح، موضحا أن الخارجية المغربية تؤكد ضرورة الحل السلمي والحكم الذاتي في ظل مفاوضات بين الطرفين.

ويضيف أن القضية عبارة عن "ملف سياسي كبير دخلت عليه عدة أطراف دولية، معتقدا أن الجميع في النهاية سيذهب إلى حل ديمقراطي".

المغرب يملك 70 بالمئة من احتياطات الفوسفات العالمي (أرشيف)
المغرب يملك 70 بالمئة من احتياطات الفوسفات العالمي (أرشيف)

ظهر المغرب كـ "فائز غير متوقع من التوترات الأميركية الصينية"، بعد أن أصبح نقطة الوصل بالنسبة للشركات الصينية الراغبة في خدمة أسواق أوروبا والولايات المتحدة، حسبما ذكرت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية. 

وتتجنب الشركات الصينية أو تؤجل الاستثمارات المباشرة في الولايات المتحدة وأوروبا بسبب الأوضاع الجيوسياسية، والانتظار الطويل للحصول على التصاريح، حسبما حذر أحد أكبر منتجي مواد البطاريات في العالم، بعد الإعلان عن استثمار بقيمة 2 مليار دولار في المغرب.

والأسبوع الماضي، قالت شركة "سي إن جي آر أدفانس ماتيريال" الصينية، إنها ستبني مصنعا لمواد الكاثود (المستخدمة في صناعة بطاريات الليثيوم) في المغرب، لتزويد الأسواق الأميركية والأوروبية بالبطاريات.

وقال الرئيس التنفيذي لشركة "سي إن جي آر أدفانس ماتيريال" في أوروبا، تورستن لارس، لصحيفة "فايننشال تايمز"، إن المغرب "أصبح مكانا مثاليا للمنتجين الصينيين الراغبين في خدمة الولايات المتحدة وأوروبا".

ويقع المغرب في أقصى الشمال الغربي لقارة أفريقيا ويطل على البحر المتوسط بالقرب من سواحل أوروبا، والمحيط الأطلسي حيث السواحل الشرقية للولايات المتحدة في الطرف الآخر.

والعام الماضي، وقعت الرباط وبكين "خطة التنفيذ المشترك" لمشاريع اقتصادية، ضمن مبادرة "الحزام والطريق" الصينية، التي تهدف إلى تعزيز الحضور الاقتصادي للعملاق الآسيوي في عدة دول من بينها المغرب.

تقارب مغربي مع الصين.. هل يؤثر على العلاقات من الولايات المتحدة؟
تظهر الأرقام والمعطيات أن الصين باتت حليفا جديدا للمغرب، وسط مخاوف من أن يؤثر التقارب مع الصين إلى توتر علاقات الرباط مع القوى الغربية خاصة الولايات المتحدة الأميركية التي اعترفت العام الماضي بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية.

وذكرت وكالة الأنباء المغربية، أن الاتفاقية تهدف إلى "تعزيز الولوج إلى التمويل الصيني (...) لإنجاز مشاريع كبرى في المغرب"، و"تتعهد الحكومة الصينية بموجبها تشجيع الشركات الصينية الكبرى على التموقع أو الاستثمار" في المملكة.

وكان المغرب قد انضم في 2017 إلى مبادرة "الحزام والطريق"، التي أطلقها الرئيس الصيني، شي جين بينغ، عام 2013.

وتقضي المبادرة ببناء حزام بري يربط الصين، ثاني قوة اقتصادية عالميا، بأوروبا الغربية عبر آسيا الوسطى وروسيا، إضافة إلى طريق بحري للوصول إلى أفريقيا وأوروبا عبر بحر الصين والمحيط الهندي.

وأشار لارس إلى أنه "يمكن بناء المصانع بشكل أسرع في المغرب مقارنة بالأسواق المستهدفة، التي تتطلب عمليات ترخيص طويلة".

كما أن المملكة الأفريقية تمثل احتمالا استثماريا "أقل خطورة"، بحسب الصحيفة، لأنها "يمكن أن تتحول إلى التصدير إلى أماكن أخرى إذا طبقت الولايات المتحدة أو أوروبا سياسات حمائية جديدة". 

وحصل المغرب على دفعة أخرى، الأحد، بعد أن قالت "إل جي كيم" الكورية الجنوبية، و"هوايو كوبالت" الصينية، إنهما ستبنيان مصفاة لتكرير الليثيوم ومصنعا لمواد الكاثود في البلاد.

ولأن المغرب يملك اتفاقية تجارة حرة مع الولايات المتحدة، فإن مواده الخام يتم احتسابها ضمن أهداف المصادر المطلوبة للسيارات الكهربائية المباعة في أميركا لتلقي إعانات تصل إلى 7500 دولار بموجب قانون الرئيس الأميركي، جو بايدن، للحد من التضخم.

وكانت إندونيسيا، الدولة الرئيسية الغنية بموارد معادن البطاريات التي تمكنت من جذب استثمارات المعالجة والبطاريات ومصانع السيارات الكهربائية، لكن المغرب يوفر طريقا مفيدا للشركات الصينية للوصول إلى الأسواق الأميركية والأوروبية.

ويمتلك المغرب، الذي يتمتع أيضا بعلاقات تجارية قوية مع أوروبا، 70 بالمئة من احتياطيات العالم من الفوسفات، وهو عنصر رئيسي في إنتاج البطاريات الأرخص التي تهيمن الصين على إنتاجها العالمي.