بعد أسابيع على وفاة مراهقة إثر عملية إجهاض سرية، يعتزم البرلمان المغربي مناقشة قضية الإجهاض في أولى جلساته للدورة الخريفية الاثنين القادم، في خطوة يرى مراقبون إنها مهمة لكن غير كافية للحد من المآسي الناتجة عن تجريم إسقاط الجنين إلا في نطاق ضيق.
ومنتصف سبتمبر الماضي، اهتزت البلاد على وقع وفاة فتاة في الـ 14 من العمر، في قرية بوميا في محافظة ميدلت جنوب شرقي المغرب.
وقال ائتلاف الجمعيات النسوية المغربية "ربيع الكرامة" في بيان إن "الإجهاض تم في منزل شاب استغل الضحية جنسيا".
وبعد المأساة، اعتقلت قوات الدرك الملكي "والدة الضحية وممرضة وصاحبة المنزل الذي تم فيه الإجهاض السري".
وتحل وزيرة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة المغربية، عواطف حيار، في أول جلسة استماع في مجلس النواب بعد افتتاح الدورة الخريفية للرد على أسئلة النواب بخصوص ملف الإجهاض، وفق ما نقل موقع le360 المغربي.
ويشهد المغرب منذ 2015 نقاشا موسعا حول ضرورة لتعديل التشريعات في مواجهة مئات من عمليات الإجهاض السرية التي تتم كل يوم في ظروف صحية كارثية في بعض الأحيان.
تشريعات حبيسة البرلمان
وفي عام 2015 أوصت لجنة مكونة من وزير العدل والحريات ووزير الأوقاف والشؤون الإسلامية ورئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، بالسماح بالإجهاض في "بعض حالات القوة القاهرة" لا سيما في حالة الاغتصاب أو وجود تشوهات خطرة. لكن لم تتحول هذه التوصيات التي يدعمها بقوة المدافعون عن حقوق المرأة إلى قانون.
وتشيد الناشطة، فاطمة الزهراء أمزكار، بطرح قضية الإجهاض في البرلمان، لكنها لا ترى الخطوة كافية بحد ذاتها. وتقول في حديث لموقع الحرة "خطوة جيدة بخصوص طرحه في البرلمان لكنها ليست كافية ما دام أننا ليست لنا الجرأة في تكييف الدين مع الواقع".
والحل بالنسبة للناشطة أمزكار هو فتح نقاش داخل المجتمع بهدف " الخروج باجتهادات دينية، وكذا توعية المجتمع وتبسيط المفاهيم لكي يقتنع بضرورة الإجهاض في بعض الحالات".
وفي ظل تجريمه، تقول أمزكار، إن الإجهاض "يكلفنا أروحا كل يوم".
ويتسبب تجريم الإجهاض في القانون المغربي بمئات من عمليات الإجهاض السرية، بحسب تقديرات نشطاء حقوقيين، تجري يوميا في ظروف صحية كارثية في بعض الأحيان.
تابو مسكوت عنه
وتفسر الناشطة المحللة شريفة لومير في حديث مع موقع "الحرة" أن الإجهاض في المغرب من التابوهات المسكوت عنها، لذلك يتم التعامل معها بمنطق "وكم من حاجة قضيناها بتركها" أي بتجاهلها.
وترى لومير إن طبيعة المجتمع المغربي المحافظة من أهم العوامل التي جعلت "مشاريع القوانين المقترحة في هذه القضية تبقى حبيسة البرلمان".
ودفعت حادثة وفاة الطفلة مريم الناشطات النسويات إلى التظاهر في 28 سبتمبر بالرباط دفاعا عن حق المرأة في الإيقاف الطوعي للحمل، عبر إسقاط القوانين التي تجرمه.
وينبه الفريق البرلماني الاشتراكي في سؤاله للحكومة إلى ما يصفه بـ"الواقع الكارثي الذي تعيش فيه العديد من النساء من مختلف الأعمار بلجوئهن لإسقاط الحمل غير المرغوب فيه في ظروف غير آمنة"، وفق ما ينقل موقع LE360.
وتقول لومير لموقع "الحرة" إن الفصل 453 من القانون الجنائي الذي يسمح بالإجهاض تحت طائلة المحافظة على صحة الأم "يضيّق من نطاق الحق في الإجهاض".
وفي 2016 قُدم مشروع قانون يوسع مجال السماح بالإجهاض ليشمل استثناءات ثلاثة وهي الحمل الناتج عن اغتصاب، والحمل الناتج من زنا المحارم، والحمل بجنين مصاب بتشوهات خلقية أو بأمراض خطيرة، لكن تم سحب المشروع لاحقا، وفق شريفة لومير.
ويعاقب القانون المغربي الحالي على الإنهاء الطوعي للحمل بالسجن من ستة أشهر إلى خمس سنوات، وينص على عقوبات لكل من المرأة التي أجهضت بالسجن (بين ستة أشهر وسنتين) وكذلك الذين يمارسون العملية بالسجن (من سنة إلى خمس سنوات).