المغرب لم يحسن ترتيبه في مؤشرات إدراك الفساد لسنوات
المغرب لم يحسن ترتيبه في مؤشرات إدراك الفساد لسنوات

بعد سنوات من التقارير الدولية والمحلية التي تضع المغرب في مراتب متأخرة عالميا في مجال تفشي الفساد المالي، لم تنجح الرباط في إحراز أي تقدم في هذا المجال، وفقا محمد بشير الراشدي، رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها.

وكشف الراشدي أمام لجنة مراقبة المالية العامة بمجلس النواب المغربي، إن المملكة لم تحسن ترتيبها في مؤشرات مدركات الفساد على مدى العقدين الماضيين، مشيرا إلى أن "تطور وضعية الفساد بالمغرب يؤكد استمرار الوضع غير المُرْضي".

غياب الشفافية

ويقول الناشط الحقوقي، الكبير الميلودي، لموقع "الحرة" إن كل التقارير، وبيانات المجتمع المدني وبعض الهيئات النقابية والسياسية التي تشير إلى الفساد المستشري في المغرب لم تحل دون وجود المغرب في ذيل قائمة مدركات الفساد في العالم.

ويستمر الوضع، بحسب الميلودي، رغم وجود "التنصيص الدستوري على أهمية وجود بعض الهيئات، كمجلس المنافسة وهيأة النزاهة و الوقاية من الرشوة، في دستور 2011، ورغم أن المغرب وقع على الاتفاقية الأممية لمحكافحة الفساد في أول يوم عرضت فيه للتوقيع في 9 ديسمبر 2003".

ويشير عضو المكتب المركزي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان إلى أن المغرب لم يقطع ولم يتخل عن ظاهرة الفساد، ولم يتحسن ترتيبه ضمن التقارير ذات الصلة لأن الظاهرة بنيوية ومرتبطة بطبيعة النظام القائم على عدم الفصل بين السلط وعلى انعدام الديمقراطية وغياب الشفافية ومبدأ عدم الإفلات من العقاب.

الشهر الماضي، كشف تقرير رسمي مغربي ارتفاع حالات الاشتباه في جرائم غسل الأموال في المملكة بزيادة كبيرة مقارنة بمخرجات آخر تقرير يعود لعام 2020.

وقدمت الهيئة الوطنية للمعلومات المالية تقريرها السنوي لرئيس الحكومة، عزيز أخنوش، وكشفت تلقيها، خلال عام 2021، ما مجموعه 3409 تصاريح بالاشتباه بحالات مرتبطة بغسل الأموال وتمويل الإرهاب.

ويشير التقرير إلى أن العام 2112 شهد ما مجموعه 3363 تصريحا مرتبطا بغسل الأموال، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 59 في المئة مقارنة مع سنة 2020.

وتذهب المحللة المغربية، شريفة لومير، إلى أنه "من غير المفاجئ ما تم الكشف عنه من طرف رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة بمجلس النواب".

وتقول لومير لموقع "الحرة" إن استمرار الوضع يرجع للاستراتيجية التي تنهجها الدولة في مواجهة هذه الظاهرة والتي لم تستطع الحد من استفحالها.

وتشير لومير إلى أن محاربة الفساد بالمغرب بحاجة إلى تبني مقاربة جديدة تقوم على المحاسبة والعقاب، لأن الاستمرار في رصد أرقام وتقارير بخصوص هذه الظاهرة لن يغير شيء، على العكس اليوم بلغنا مرحلة التعايش بحيث لم تعد الظاهرة دخيلة على المجتمع، ما أفقد المواطن الثقة في مؤسسات الدولة، بحسب قولها.

وسبق لمنظمة الشفافية الدولية في المغرب أن انتقدت في 2020 "تقاعس" البرلمان المغربي في تبني مشروع قانون يجرم الإثراء غير المشروع للموظفين المكلفين بمهام رسمية، داعية إلى ضرورة تضمينه عقوبات بالسجن في حق الأشخاص الذين يثبت اختلاسهم أموالا عمومية.

وكشفت دراسة للمنظمة غير الحكومية التي تعنى بمحاربة الرشوة في تقرير سابق، أن 74 في المئة من المستجوبين يعتبرون أن الحكومة لم تقم بعمل جيد لمكافحة الفساد في سنة 2019، بينما لم تكن هذه النسبة تزيد عن 64 بالمئة في 2015.

ويبدي محمد المسكاوي، من الشبكة الوطنية لحماية المال العام، أسفه في حديث لموقع "الحرة" لتراجع المغرب بنقطة في مؤشر الشفافية الدولية الأخير من الرتبة 39 في 2021 إلى الرتبة 38 في آخر تقرير.

وبحسب المسكاوي فهذا الترتيب يعد متأخرا لأن الترتيب المتوسط على الأقل هو 50، ما يعني تراجع المؤشرات لصالح الفساد في المغرب.

ويلوم المسكاوي الحكومة لأنها لم تبادر بإجراءات لمكافحة الظاهرة، فرئيس الحكومة "منذ توليه منصبه لم يجتمع مع رئيس اللجنة الوطنية لمكافحة الفساد التي يترأسها بحكم القانون"، وعلى المستوى القانوني أيضا ليس هناك تشريع قانوني لتجويد محاربة الفساد، بحسب تعبيره.

ويتابع أن الحكومة سحبت مشروع قانون يضم في بنوده تجريم الإثراء غير المشروع.

ويربط المسكاوي بين الفساد وموجة الغلاء التي يشهدها المغرب، ويشير في حديثه إلى أن على الحكومة أن تقوم حاليا بإجراءات للتحكم في الأسعار لأنه تبين أن الغلاء بسبب الوسطاء والمضاربين وهو نوع من أنواع الفساد.

والعام الماضي، طمئن مصطفى بايتاس، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالعلاقات مع البرلمان، الناطق الرسمي باسم الحكومة، المغاربة بخصوص محاربة الفساد، واختار قضية إحالة 19 شخصا يشتبه في تورطهم في اختلالات شابت صفقات لوزارة الصحة على السجن، كدليل "على أن الحكومة تحارب الفساد".

وبحسب تقرير صادر عن منظمة الشفافية الدولية حول إدراك الفساد، فإن المغرب فقد 7 نقط في سنة 2022 بالمقارنة بـ 2021، و فقد 14 نقطة بالمقارنة بـ 2019. يعني انتقل من المرتبة 80 سنة 2019، إلى المرتبة 87 سنة 2021 إلى الصف 94 سنة 2022 من بين 180 دولة التي يشملها التقرير.

الصحراء الغربية مستعمرة إسبانية سابقة يسيطر المغرب على 80 في المئة من مساحتها
الصحراء الغربية مستعمرة إسبانية سابقة يسيطر المغرب على 80 في المئة من مساحتها

قالت وزارة الخارجية المغربية، الجمعة، إنها "غير معنية بتاتا" بقرار محكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي الذي أبطل اتفاقين تجاريين مبرمين بين الرباط والاتحاد الأوروبي بشكل نهائي.

وذكر بيان صادر عن وزارة الخارجية المغربية، وأوردته الوكالة الرسمية أن "المغرب ليس طرفا في هذه القضية، التي تهم الاتحاد الأوروبي من جهة والبوليساريو من جهة أخرى".

وتابع البيان أن "مضمون القرار تشوبه العديد من العيوب القانونية الواضحة وأخطاء في الوقائع محل شبهات".

وطالبت وزارة الخارجية المغربية في بيانها "المجلس والمفوضية الأوروبية والدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي باتخاذ التدابير اللازمة من أجل احترام التزاماتها الدولية والحفاظ على مكتسبات الشراكة".

وقالت أيضا إن المغرب "يجدد التأكيد على موقفه الثابت إزاء عدم الالتزام بأي اتفاق أو وثيقة قانونية لا تحترم وحدته الترابية والوطنية".

وكانت محكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي أصدرت، الجمعة، قرارا لصالح الانفصاليين الصحراويين من جبهة بوليساريو عبر إبطال اتفاقين تجاريين مبرمين بين المغرب والاتحاد الأوروبي بشكل نهائي.

هذان الاتفاقان اللذان يعودان للعام 2019 ويتعلقان بالصيد والزراعة، أبرما في "تجاهل لمبادئ تقرير المصير" للشعب الصحراوي كما اعتبرت أعلى هيئة قضائية للاتحاد الأوروبي في حكمها الصادر في لوكسمبورغ.

وكانت موافقة الشعب الصحراوي على إبرام هذين الاتفاقين أحد الشروط لسريانهما.

لكن المحكمة اعتبرت انه حتى لو تم استطلاع أراء السكان بهذا في الصحراء الغربية، المستعمرة الإسبانية السابقة الخاضعة بشكل تام لسيادة المغرب، فانها لم تكن لتعني موافقتهم.

وكان من الممكن الأخذ بهذه الموافقة لو كان تطبيق هذين الاتفاقين قد أعطى "فوائد محددة وملموسة وجوهرية" وهو ما لم يكن يحصل على ما أفادت المحكمة.

نتيجة لذلك، تم رفض طلبات إلغاء قرار المحكمة الأوروبية المتخذ في المحكمة الابتدائية عام 2021. وكانت محكمة الاتحاد الأوروبي ألغت آنذاك الاتفاقين التجاريين المبرمين بين الاتحاد والمغرب.

لكن قرار المحكمة الصادر الجمعة ليس له أي عواقب على المدى القصير. فمدة اتفاق الصيد انتهت في يوليو 2023 فيما مددت المحكمة لسنة اعتبارا من الجمعة تطبيق الاتفاق المتعلق بالمنتجات الزراعية.

ويسيطر المغرب على 80% من مساحة الصحراء الغربية التي تعتبرها الأمم المتحدة من "الأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي"، فيما تطالب جبهة بوليساريو المدعومة من الجزائر والتي تخوض نزاعا مع الرباط منذ 1975، بالسيادة عليها.

في نهاية 2020 اعترفت الولايات المتحدة في ظل إدارة دونالد ترامب، بسيادة المغرب على هذه المستعمرة الإسبانية السابقة، لتخرق بذلك التوافق الدولي على الوضع الحالي لهذه المنطقة المتنازع عليها.