تحقيق كشف أن نحو 50 ألف شخص حول العالم تعرضوا للتجسس
تحقيق كشف أن نحو 50 ألف شخص حول العالم تعرضوا للتجسس

بعد تسعة عشرا شهرا من تفجر قضية "التجسس" عبر برنامج "بيغاسوس"، عاد المغرب لشن "هجوم مضاد"، وفق توصيف مجلة فرنسية، بعد عدم تقديم أي دليل ضده خلال هذه الفترة.

ونقلت "جون أفريك" أنه "بينما يواصل البرلمان الأوروبي التحقيق مع العديد من الدول المتهمة بالتجسس على شخصيات تستخدم برامج تجسس إسرائيلية، فإن المغرب، وهو إحدى الدول المعنية، يقاوم".

وأوضحت المجلة أن محامي الرباط قال، الجمعة، في ندوة صحفية في العاصمة الفرنسية، إن ملف الاتهام "فارغ، وأنه بعد 19 شهرا لم تقدم الجهات التي اتهمته أي دليل يدينه".

وكانت وسائل إعلام دولية نشرت تحقيقا، بناء على تقرير المنظمة الحقوقية الدولية، يتهم الرباط باستعمال البرمجية الإسرائيلية لاستهداف هواتف صحفيين ونشطاء وسياسيين في المغرب وأيضا في فرنسا، بينهم الرئيس، إيمانويل ماكرون. 

لكن الحكومة المغربية نفت بشدة هذه الاتهامات، ورفعت دعاوى قضائية ضد ناشريها في فرنسا.

هل من حق المغرب مقاضاة متهميه؟

بالنسبة لأستاد العلوم الدستورية المغربي، رشيد لزرق،  فإن مثل هذه الأمور مكفولة قانونيا، لذلك من "حق الدولة المغربية مقاضاة كل من يساهم في التشهير بها".

ويوضح لزرق في حديث لموقع "الحرة" "أن من المتعارف عليه قانونيا، "أن التهم والإدانة تكون على أساس إثباتها، وهو ما عجز عنه القضاء في إثبات استخدام المغرب لبرنامح بيغاسوس".

وندد، لي أوليفييه باراتيلي، محامي الرباط، في باريس بـ"تلاعب كبير بالمعلومات" وبحملة "استهدفت المغرب".

وتم تقديم 10 استدعاءات مباشرة إلى محكمة باريس الجنائية بتهمة التشهير، ومن المتوقع أن يصدر القضاء الفرنسي أحكامه في 12 أبريل القادم.

واستشهد محامي الرباط بما قاله رئيس الوزراء الفرنسي آنذاك، جان كاستكس، بأن هاتف الرئيس، إيمانويل ماكرون، لم يتعرض للتجسس.

وقال المحامي "التقينا مع المدعي العام، وقوينا قضيتها بأدلة علمية داعمة تكشف أنه كان من المستحيل على المملكة "استخدام البرنامج".

واستأنف المغرب أمام القضاء الفرنسي بعد رفض قبول 15 شكوى تقدم بها للمحاكم الفرنسية بتهم التشهير، وفق ما نقلت إذاعة فرنسا الدولية.

وجاء رفض قبول الشكاوى بناء على قرار صادر عن محكمة التمييز الفرنسية يقضي بأنه "لا يمكن لدولة أن تباشر ملاحقات قضائية بتهم التشهير لكونها ليست "جهة خاصة"، وفق ما نقل موقع "LEDESK" المغربي.

وعن عودة الجدل الآن، تقول المحللة السياسية المغربية، شريفة لومير، في حديث لموقع "الحرة" إن الوقت "حان لوقف الاتهامات خاصة بعد نشر الاستخبارات الإسرائيلية لائحة الدول والمنظمات والأجهزة الأمنية. التي اقتنت البرنامج والتي لم تتضمن  اسم المملكة"، بحسب تعبيرها.

وترى لومير أن "الاستمرار في هذه الاتهامات هي محاولة للتشويش على المغرب".

وفي يوليو 2021، نشرت مجموعة مؤلفة من 17 وسيلة إعلام دولية تحقيقا كشف أن نحو 50 ألف شخص حول العالم (نساء وسياسيون وصحفيون ونشطاء حقوقيون وغيرهم) تعرضوا للتجسس من بعض الحكومات، ومن بينها الحكومة المغربية، باستخدام برمجية بيغاسوس التي طورتها شركة "إن إس أو غروب" الإسرائيلية.

أرشيفية لمستشفى مغربي  (صورة تعبيرية)
أرشيفية لمستشفى مغربي (صورة تعبيرية)

أثار إيقاف عملية جراحية حساسة لمريضة تعاني من ورم دماغي، بعد وضعها تحت التخدير الكامل وربطها بجهاز التنفس الاصطناعي في مدينة وجدة، موجة من الجدل والاستنكار في الأوساط الحقوقية والطبية بالمغرب.

وندد المركز المغربي لحقوق الإنسان بهذه الواقعة، معتبرًا أن إيقاف العملية دون مبرر طبي مشروع ونقل المريضة إلى قسم الإنعاش رغم عدم وجود أسباب طبية كافية، يشكل انتهاكًا خطيرًا لحقوق الإنسان ومخالفة صريحة للدستور المغربي، الذي يكفل الحق في الحياة باعتباره أول وأسمى الحقوق لكل إنسان، وفقًا لما ورد في الفصل 20 من الدستور.

وأوضح المركز في بيان رسمي أن هذا الإجراء يتنافى مع القوانين المنظمة للقطاع الصحي، ومن بينها القانون رقم 131.13 المتعلق بممارسة مهنة الطب، والقانون رقم 34.09 الخاص بالمنظومة الصحية وعرض العلاجات، اللذين ينصان على ضرورة احترام حقوق المرضى واستقلالية القرار الطبي عن أي تدخلات إدارية أو مصالح شخصية.

كما أشار البيان، الذي نشره موقع "هسبريس" المحلي إلى أن الواقعة تمثل خرقًا للمواثيق الدولية، مثل المادة 25 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، التي تؤكد على حق كل فرد في الحصول على الرعاية الصحية الكافية.

ويشكل خرقا للمادة 12 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، التي تنص على حق كل شخص في التمتع بأعلى مستوى ممكن من الصحة البدنية والعقلية.

وطالب المركز المغربي لحقوق الإنسان بفتح تحقيق عاجل ومستقل، تحت إشراف الجهات الصحية والرقابية المختصة، للكشف عن الجهات المتورطة في هذا القرار الذي وصفه بـ"المشين"، ومحاسبة كل من يثبت تورطه في انتهاك حقوق المريضة واتخاذ الإجراءات التأديبية والقضائية المناسبة.

كما دعا المركز وزارة الصحة والحماية الاجتماعية إلى التدخل الفوري لضمان احترام أخلاقيات مهنة الطب، ومنع أي تدخل إداري غير مشروع في القرارات الطبية، مع ضرورة إصلاح شامل للمنظومة الصحية لضمان استقلالية الأطباء وتعزيز الرقابة على التجاوزات.

كما شدد على أهمية تشكيل لجنة مستقلة تضم خبراء في الطب والقانون الصحي، لدراسة هذه الانتهاكات، واقتراح حلول ملموسة لضمان عدم تكرارها مستقبلاً.