المسلسل يحقق نسبة مشاهدة كبيرة
الحملة ادعت وجود مخطط أفريقي لتغيير ديمغرافية شمال أفريقيا

تحت غطاء "حماية الهوية" أطلق ناشطون مغاربة حملة على وسائل التواصل الاجتماعي ضد زواج المغاربة من المهاجرين القادمين من جنوب الصحراء الذين يعيشون بالمملكة.

وانتشر هاشتاغ "مغاربة ضد توطين أفارقة جنوب الصحراء في المغرب" يطالب من خلاله أصحابه بعدم زواج المغربيات من المهاجرين من دول أفريقيا جنوب الصحراء، بسبب لون بشرتهم.

وطالب أصحاب الحملة بعدم توطين هؤلاء المهاجرين "خوفا من من انتشارهم داخل النسيج المجتمعي".

"فاشية جديدة"

ووصف الباحث والناقد المغربي، عز الدين بوركة، الحملة بأنها "فاشية جديدة".

وتعليقا على الحملة يقول بوركة في حديث لموقع "الحرة" إن كل حديث باسم الهوية عن "محاربة" الاختلاط بالأفارقة بسبب لون بشرتهم والزواج بهم، يعد ضربا "من الفاشية الجديدة والقومية الزائفة، التي لن تقود سوى إلى العنصرية والكراهية، وخلق أنظمة شعبوية تتغذى على كره الآخر وتمقت الاختلاف والتنوع، بحجة الانتماء إلى الشبيه. وهي نظرة سلفية المذهب بكل المعاني".

ويتابع بوركة أنه لا يحق لأي أحد أن يخبر الآخر بمن عليه أن يتزوج به، لأنه أمر مكفول بالدستور والقانون والحريات الشخصية، ومثل هذه الخطابات والحملات "الحمقاء" لن تؤدي إلا إلى الانغلاق وخلق مجتمع عنصري، مجتمع يلقي بكل فشله على الآخر.

وكانت السلطات المغربية باشرت منذ عام 2014 عملية لتسوية أوضاع نحو 50 ألف مهاجر غير نظامي، معظمهم من أفريقيا جنوب الصحراء.

ويعزو بعض من أصحاب الحملة نشاطهم إلى ما يقولون إنه محاربة فكرة "المركزية الأفريقية" التي يروج لها بعض الأفارقة.

وانتشرت خطابات على وسائل التواصل تدعي أن هناك حركة لـ"الأفارقة من جنوب الصحراء تعمل ضمن مخطط يسعى إلى طرد العرب والأمازيغ من غير أصحاب البشرة السوداء من دول شمال إفريقيا".

ولم يتردد الناشط الحقوقي، محمد عبد الوهاب رفيقي، في وصف الحملة بالعنصرية.

ويقول رفيقي في حديث لموقع "الحرة" لا يمكن إلا إدانة مثل هذه الحملات لأنها تتعارض مع قيم التعايش والتنوع.

ويشير رفيقي أن الاختلاط بين الأعراق هو نوع من الثراء لأي أمة، فضلا على "أنه لا يمككنا التدخل في اختيارات الناس".

ويتابع أن هذا التمييز إضافة إلى أنه "عنصرية"، فيه نوع من الاحتقار لعرق معين، مشيرا إلى أن "المغرب بلد أفريقي".

وأطلق تحالف منظمات حقوقية في المغرب في عام 2014 أول حملة لمكافحة العنصرية تجاه المهاجرين من جنسيات دول جنوب الصحراء ورفعوا شعار "لا تدعوني أزي (لا تلقبني بالأسود)".

وفي المغرب، تمت تسوية أوضاع 50 ألف شخص منذ عام 2014 غالبيتهم من دول جنوب الصحراء.

وتقدر منظمات غير حكومية عدد الأشخاص من جنسيات أفريقية (من خارج دول المغرب) بأنه يتجاوز 200 ألف في الجزائر وبعشرات الآلاف في المغرب وتونس في ظل غياب إحصاءات رسمية.

الجزائر قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع الرباط في أغسطس 2021
الحدود بين البلدين مغلقة

وسط خطاب عدائي متبادل بين السلطات وعلى وسائل التواصل الاجتماعي مع سباق تسلح لا يتوقف، تبدو فرص حصول أي تهدئة أو تحسن في العلاقات بين المغرب والجزائر ضئيلة جدا.

ووفق تحليل من مؤسسة "أوكسفورد أناليتيكا" فإن ضبط النفس المتبادل حاليا من البلدين هو ما يمنع أي مواجهة عسكرية، لكن سباق التسلج والخطاب العدائي يبقي التوتر على أعلى مستوى.

وعلى الرغم من أن كلا الجانبين سعى لتجنب الحرب. يتواصل الجاران مع الحكومات في الساحل وأوروبا من خلال تقديم الاستثمار والشراكات الأمنية والعلاقات الدبلوماسية لتسجيل نقاط على بعضها البعض.

اختلال التوازن العسكري

يرى التحليل أن هناك تفاوتا في القدرات العسكرية بين البلدين.

فالجيش الجزائري أكبر بكثير من نظيره المغربي، سواء من حيث عدد الأفراد أو المعدات العسكرية. تمتلك الجزائر 520 ألف عنصر نشط في قواتها المسلحة، مقابل 200 ألف للمغرب، كما أن ميزانية دفاعها بلغت 18.3 مليار دولار في عام 2023، مقارنة بـ 5.2 مليارات دولار فقط للمغرب.

وحسب مؤشر "غلوبال فاير باور" لتصنيف جيوش العالم من حيث القوة، فإن الجيش الجزائري يحتل المرتبة 26 عالميا متجاوزا الجيش المغربي الذي يحتل المرتبة 59.

ورغم هذا التفوق العددي، فإن المغرب يستفيد من عمليات شراء الأسلحة المنتظمة من الولايات المتحدة، وتعاونه العسكري مع إسرائيل، إلى جانب تقدمه التكنولوجي في مجالات مثل الطائرات المسيّرة وأنظمة الدفاع الجوي.

ويقول التحليل إنه في حال اندلاع حرب، يمكن للمغرب الحصول على دعم طارىء من الولايات المتحدة وإسرائيل وفرنسا، بينما تعتمد الجزائر بشكل أساسي على روسيا.

حرب محدودة

ومن المحتمل أن تكون الحرب بين البلدين محدودة في الحجم والمدة ولكن لا يزال من الممكن أن تعطل الأمن الإقليمي بشكل كبير.

وفي الوقت الحالي يعتمد استقرار العلاقات بين البلدين على ضبط النفس، لأن السلطات في البلدين تدركان أن الحرب قد تدمر شرعيتهما وتعزز عدم الاستقرار الداخلي.

وفي ظل التغيرات السياسية العالمية، يطرح التحليل سيناريوهين محتملين للسياسة الأميركية في عهد دونالد ترامب: إما أن تنسحب واشنطن تماما من المنطقة كما فعل ترامب خلال ولايته السابقة أو تدعم المغرب بشكل علني كما حدث عندما اعترف ترامب بسيادة الرباط على الصحراء في 2020. إضافة إلى مواقف وزير الخارجية ماركو روبيو، عندما كان سيناتورا واتخذ مواقف  علنية داعمة للمغرب ومعادية للجزائر بسبب تعاونها العسكري مع روسيا.

وتشهد علاقات الجارين أزمة دبلوماسية متواصلة منذ قطع الجزائر علاقاتها مع الرباط صيف العام 2021، متهمة الأخيرة باقتراف "أعمال عدائية" ضدها، في سياق النزاع بين البلدين حول الصحراء الغربية.

والصحراء الغربيّة مستعمرة إسبانية سابقة مطلة على المحيط الأطلسي تصنفها الأمم المتحدة ضمن "الأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي" ويسيطر المغرب على 80 بالمئة من أراضيها الغنية بالفوسفات والأسماك.

في نهاية أكتوبر 2024، جدد مجلس الأمن الدولي دعوة المغرب وبوليساريو والجزائر وموريتانيا إلى "استئناف المفاوضات" للتوصّل إلى حلّ "دائم ومقبول" من طرفي النزاع.

لكن المغرب يشترط التفاوض فقط حول مقترح الحكم الذاتي، بينما تطالب بوليساريو بتنظيم استفتاء لتقرير المصير وفق ما تم الاتفاق عليه بعد وقف إطلاق النار في 1991.