لم يعد العنف ضد النساء في المغرب يقتصر على الأماكن العامة والخاصة، بل تعدى ذلك إلى الفضاء الإلكتروني، وفق ما كشف عنه تقرير رسمي مغربي صدر الأربعاء، قال إن 1.5 مليون مغربية تعرضن ما بين 2020 و 2022 للعنف الإلكتروني.
وقال محللون لموقع "الحرة" إن الأرقام التي كشف عنها التقرير "مفزعة" وتدق ناقوس الخطر.
وفي تقرير حديث بمناسبة اليوم العالمي للمرأة 8 مارس، قالت المندوبية السامية للتخطيط، وهي مؤسسة رسمية، إن العنف الإلكتروني بات يمثل 19 في المئة من مجموع أشكال العنف ضد النساء في المغرب.
وأضافت المندوبية إن ما يقرب من 1.5 مليون امرأة مغربية هن ضحايا للعنف الإلكتروني بواسطة الرسائل الإلكترونية أو المكالمات الهاتفية أو الرسائل النصية.
ناقوس الخطر
الناشطة، بشرى عبدو، تلفت إلى أن العنف الرقمي هو من أخطر أنواع "العنف الممارس على النساء"، مشيرة إلى أن أرقام المندوبية "واقعية".
وتقول مديرة جمعية التحدي للمساواة والمواطنة في حديث لموقع "الحرة" إن منظمتها تستقبل نساء فكرن أو حاولن الانتحار بسبب العنف السبراني، وهناك "نساء فقدن العمل وفتيات فقدن كرسي الدراسة ونساء يحاولن تبديل زيهن في الشارع للهروب من ذلك".
وتتابع الناشطة إن هذه الأرقام "تدق ناقوس الخطر للمسؤولين لمحاربة هذا النوع من العنف الذي يحمل تأثيرا نفسيا واجتماعيا واقتصاديا على النساء".
وكشفت أن جمعيتها وضعت تطبيقا ضد العنف يمكن لأي ضحية أن تملأ استمارة إليكترونية من أجل توفير الدعم النفسي والقانوني لها.
وتقول المندوبية المغربية إن نسبة التعرض للعنف الإلكتروني ترتفع من 19 إلى 34% لدى الفتيات المتراوحة أعمارهن بين 15 و19 سنة، وإلى 28% لدى النساء المتراوحة أعمارهن بين 20 و24 سنة.
وبحسب الأرقام الرسمية يزداد خطر التعرض لهذا النوع من العنف بشكل أكبر عند نساء المدن في المغرب.
وتقول المندوبية في تقريرها إن هذا الشكل من العنف في 73% من الحالات يُرتَكب من طرف رجل غريب؛ بينما ترجع باقي حالات العنف الإليكتروني لأشخاص لهم علاقة بالضحية مثل الشريك، أو عضو من العائلة، أو زميل في العمل.
أما عن المعتدين عن النساء، فتقول الناشطة بشرى عبدو، إن الأمر لا يقتصر على المجهولين بل يشمل أيضا الأقارب.
أما المحللة، شريفة لومير، فتقول في حديث لموقع "الحرة" إن السلطات باتت مطالبة بتغيير طريقتها في التعامل مع العنف ضد النساء بعد سنوات من مقاربة توعوية للحد من هاته الظاهرة.
وتقول لومير "اليوم ومع النسبة التي صرحت بها المندوبية السامية يتضح بجلاء فشل الاستراتيجية التي تتبناها الدولة، وأصبح لزاما عليها تبني مقاربة جديدة بآليات قانونية رادعة للعنف الذي لازالت تتعرض له المرأة المغربية".
ويأتي تقرير المندوبية بالتزامن مع نقاش في المملكة حول تغيير قانون الأسرة ومنح النساء حريات أكبر والتشديد في العقوبات ضد الاعتداءات الجنسية.
ويشكل الخوف من الوصم الاجتماعي والأحكام السلبية، في الغالب، عوائق تمنع النساء ضحايا الاعتداءات الجنسية من الكلام، وأيضا من تقديم شكاوى قضائية، وذلك رغم تبني المغرب قبل بضعة أعوام قانونا يشدد العقوبات ضد التحرش الجنسي.