المغرب لا يعترف بسيادة إسبانيا على مليلية
المغرب لا يعترف بسيادة إسبانيا على مليلية

نشر موقع سفارة المغرب لدى العاصمة الإسبانية، مدريد، قبل بضعة أيام خريطة للمملكة تشمل مدينتي مليلية وسبتة المتمتعتين بالحكم الذاتي في إسبانيا ما أثار جدلا في الداخل الإسباني.

وتزامنت خطوة السفارة المغربية مع استمرار مشاورات تشكيل حكومة إسبانية بعد الانتخابات، في يوليو الماضي، والتي تصدَّرها الحزب الشعبي دون أن يحصل على عدد المقاعد الضرورية لتأليف حكومة بمفرده.

وسارع رئيس مدينة مليلية، الجمعة، إلى الرد على الخطوة المغربية واعتبرها "عدوانا عدائيا آخر" للمغرب على إسبانيا وطالب الحكومة بتقديم احتجاج رسمي على الخريطة، وفق ما نقلت صحيفة "إلفارو دي مليلية".

وقال رئيس مليلية، خوان خوسيه إمبرودا، إن المدينة لها تاريخ إسباني يصل، في 17 سبتمبر القادم، إلى 526 سنة متواصلة، أي 459 عاما قبل تواجد المغرب، بحسب تعبيره.

من حيث المبدأ، سيكون هذا سببا كافيا لعدم الخوف على إسبانية مليلية. سبب آخر هو أن كل من يعيش في المدينة تقريبا يشعر بأنه إسباني ويفكر ويتصرف مثل مواطنيها.

وتكرر الحكومة المركزية في مدريد في كل المناسبات أن المدينتين إسبانيتان مثل أي إقليم إسباني آخر، وأنها لا تنوي التخلي عنهما للمغرب.

وفي المغرب، توصف المدينتان بأنها مغربيتان محتلتان.

رسالة لإسبانيا بعد الانتخابات

يرى الإعلامي المحلل، يوسف منصف، أن نشر السفارة المغربية بمدريد لخريطة تضم مدينتي سبتة ومليلية هو إشارة واضحة من المغرب على عمق تشبثه بالثغرين المحتلين وإيفاد رسالة صريحة لإسبانيا بشأن ملف المدينتين التي تحاول مدريد دائما تجاهله.

ويقول منصف، في حديث لموقع "الحرة"، إن خطوة السفارة المغربية هي رسالة لإسبانيا عشية الانتخابات التشريعية والتي فاز بها الحزب الشعبي اليميني.

وهي تذكير أيضا من الرباط للحكام الجدد الإسبان بالحفاظ على الموقف الايجابي السابق لحكومة بيدرو سانشيز بشأن جدية مقترح الحكم الذاتي.

ورغم مواقف الحزب الشعبي من المغرب، والذي ينتمي له رئيس مليلية، يرى منصف، أن الحزب لن يغامر بالتزامات الحكومة السابقة في ملف الصحراء، لا سيما وأن المغرب قد يستدعي أوراقا حساسة لإسبانيا ومن خلفها الاتحاد الأوروبي، مثل ورقتي الصيد البحري والهجرة غير الشرعية التي تقض مضجع الإسبان.

وتطمح إسبانيا في موافقة المغرب على إعادة فتح مكتب الجمارك في مليلية وإنشاء مكتب جديد في سبتة، وذلك لأن ذلك يعني اعتراف المغرب بإسبانيّة المدينتين.

بالنسبة لأستاذ العلوم الدستورية، رشيد لزرق، فإن قضية مدينتي سبتة ومليلية من الملفات الشائكة والأكثر حساسية في علاقات البلدين، إذ في الوقت الذي لا يعترف فيه المغرب بأي حدود برية بينه وبين إسبانيا، تتمسك مدريد بإسبانيّة المدينتين.

ويقول لزرق في حديث لموقع "الحرة" إن المغرب متمسك بأن "عودة المدينتين المحتلتين هو مسألة وقت، لأن تسليم جبل طارق من إنكلترا إلى إسبانيا، يعني تخلي الأخيرة عن سبتة ومليلية، لكون القوى الكبرى لن تقبل سيطرة إسبانيا على مدخل البحر الأبيض المتوسط".

ويرى لزرق أن "تأجيل طرح موضوع المدينتين هو صبر استراتيجي من طرف الرباط".

ويستبعد لرزق وقوع أزمة بين البلدين بسبب الخريطة، ويقول إنه "رغم  الأزمات المتتالية التي مرت بها العلاقات بين البلدين، فإن العلاقات تتطور على أكثر من مجال، إذ تعتبر إسبانيا الشريك التجاري الأول للمملكة منذ عام 2012".

وفي يونيو الماضي، احتجت إسبانيا على رسالة بعثها المغرب إلى المفوضية الأوروبية يحتج فيها على وصف مدينتي سبتة ومليلية بالإسبانيتين وأنهما حدود الاتحاد الأوروبي في القارة الأفريقية.

وفي فبراير الماضي، وقع المغرب وإسبانيا مذكرات تفاهم ثنائي في عدة مجالات تعزيزا "لشراكتهما الاستراتيجية" في اجتماع وزاري رفيع المستوى، بعدما طوى البلدان أزمة دبلوماسية حادة بسبب قضية الصحراء الغربية وعلى الرغم من انتقادات في مدريد "لتنازلات" رئيس الحكومة، سانشيز.

 وقائع الجريمة تعود إلى العام الماضي حين تعرضت الطفلة لاغتصاب متكرر 

في حادثة مروعة شهدتها إحدى القرى بمنطقة العطاوية ضواحي مراكش بجنوب المغرب، تعرضت طفلة قاصر تعاني من إعاقة عقلية لاغتصاب جماعي متكرر من طرف ثلاثة رجال، وأسفرت هذه الجريمة عن حمل الطفلة وولادتها عبر عملية قيصرية مؤخرا.

الشكدالي بوزضاض (41 سنة) وهو أب لخمسة أطفال من بينهم ابنته الوسطى التي تعرضت للاغتصاب، يعيد رواية تفاصيل هذه الحادثة لموقع "الحرة". 

ويقول بوزضاض "عرفنا بالحمل في شهر سبتمبر الماضي خلال بداية الدخول المدرسي، حيث كنت أعمل "كسّالا" (مدلك ومنظف) في حمام شعبي بالدار البيضاء وتلقيت اتصالا من عائلتي بأن الأطفال في المدرسة يتحدثون عن حمل ابنتي التي تدرس في المستوى الخامس ابتدائي".

يضيف الشكدالي أنه في ذلك اليوم عاد بسرعة إلى بيته في قرية "أولاد عراض"، وأخذ ابنته من المدرسة وسألها عما قيل لكنها كانت تبكي وتنفي بشدة وهي تقول له "بابا ماكاين والو".

وبعد أيام من الشكوك والمعاناة، قرر الأب المكلوم اصطحاب ابنته إلى المستشفى يوم عيد المولد النبوي (16 سبتمبر)، ليفاجأ بعد الفحص أن ابنته حامل منذ خمسة أشهر ونصف، "كيف ومتى، لم أصدق ولم أفهم شيئا"، يقول الأب بصوت مختنق بالألم.

الأب لم يستوعب الموقف في البداية، لكنه توجه في نفس اليوم إلى الدرك الملكي بالعطاوية، وهناك بدأت القصة تتكشف.  

"قلت لهم إن ابنتي حامل، وأعطيتهم ورقة الفحص الطبي، وعندما سألوها، ذكرت لهم أسماء المعتدين الثلاثة، وكلهم رجال تم القبض عليهم تتراوح أعمارهم بين 54 و70 عاما، وكلهم جيراننا في الدوار وقد اعترفوا بجريمتهم التي ارتكبوها مرات كثيرة".

يحكي الأب كيف كانت ابنته تعاني في صمت تحت وطأة التهديد والخوف، ويشير إلى أنها لم تخبره بالاعتداءات المتكررة عليها بسبب مخاوفها من تهديدات المعتدين الذين كانوا يستغلون إعاقتها ويهددونها بأنها ستفقد والدها إذا أفشت السر.

وقال: "قالت لي، بابا خفت عليك. أنت اللي كاتخدم علينا وتمشي للحبس بسببهم".

وبشأن إعاقتها، يوضح الأب أن سلطات الدرك الملكي عندما نقلتهم في اليوم الموالي إلى قلعة السراغنة لعرض الطفلة على مركزين صحيين تم للتأكد من حالة حملها بالإضافة إلى اكتشاف أنها في نفس الوقت تعاني من خلل عقلي خفيف.

وفي رده عن عدم عرض ابنته لعملية إجهاض طفلها، كان رده حاسما "لم أستطع أن أقتل نفسا بريئة. هذا الطفل جزء من عائلتي، وأنا مستعد لتحمل مسؤوليته مهما كان. لدي خمسة أطفال، وقد ربيتهم بتعب وشقاء عبر عملي، ولن أترك هذا الطفل يعاني بسبب ذنب لم يرتكبه".

عانت الأسرة كثيرا بعد الواقعة، حيث اضطر الأب لمغادرة قريته بحثا عن حياة جديدة بعيدا عن نظرات الناس وكلامهم. 

يقول: "لم أعد أستطيع البقاء هناك، نظرات الناس وكلامهم كانا يزيدان من ألمي. تركت منزلي وانتقلت إلى مكان آخر، والآن، أعيش حياة صعبة".

وحاليا، تنتظر العائلة جلسة جديدة لمحكمة الاستئناف بمراكش يوم الأربعاء المقبل، بعد أن تم تأجيل ثلاث جلسات بسبب غياب الضحية التي لم تتوصل بإشعار الحضور نظرا لتنقلات الأسرة. 

ويأمل الأب في تحقيق العدالة وإنصاف ابنته، ويقول "أطالب بحق ابنتي وبمعاقبة هؤلاء المعتدين، وأريد أن أُثبت نسب الطفل وأحميه من وصمة العار".

غضب حقوقي

خلفت هذه الواقعة موجة غضب واسعة داخل المجتمع المغربي، ودفعت منظمات حقوقية إلى إصدار بيانات تستنكر "جريمة الاغتصاب الجماعي لطفلة من حاملي الإعاقة عمرها 13عاما نتج عنه حمل وولادة"، داعية إلى تشديد العقوبات.

في هذا السياق، رفعت "الجمعية المغربية لحقوق الإنسان – فرع العطاوية تملالت"، رسالة إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بمراكش، تطالب فيها باتخاذ أقوى درجات الردع القانوني ضد الجناة. 

وأكدت أن "الأفعال الصادرة عن هؤلاء الأشخاص انتهاكات فظيعة لحقوق الطفل وجرائم قد ترقى إلى الاتجار في البشر وممارسة التعذيب والايذاء البدني والنفسي".

ويقول سعيد الفاضلي، رئيس فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بالعطاوية – تملالت، في تصريح لمقوع "الحرة"، إنه من المقرر إجراء فحص الحمض النووي لتحديد الأب البيولوجي للمولود. 

وأكد أن الجمعية قد نصبت نفسها كطرف مدني في القضية، وستواصل دعم الضحية وعائلتها لضمان محاكمة عادلة وكشف جميع خيوط هذه الجريمة البشعة.

وبدورها، اعتبرت "المنظمة المغربية لحقوق النساء في وضعيات إعاقة"، في بيان، أن الجريمة تكشف على هشاشة وضعية النساء والفتيات ذوات الإعاقة في المغرب. 

وتقول إنها "حادثة ليست معزولة بل جزء من مشكلة أوسع تتمثل في العنف ضد المرأة والفتاة وتقاطعها مع الإعاقة".

ودعت  المنظمة الحقوقية إلى تقديم الدعم النفسي والاجتماعي للضحية وأسرتها، وتعزيز الوعي المجتمعي حول مخاطر التمييز والإهمال الذي تتعرض له هذه الفئة.

وأعادت هذه الجريمة إل الأذهان قضايا مشابهة سبق أن أثارت جدلا داخل المجتمع المغربي، من بينها قضية الطفلة سناء.

وكانت سناء تعرضت لاغتصاب جماعي من ثلاثة رجال في ضواحي مدينة تيفلت، وقضت محكمة الاستئناف بالرباط في حق المتهمين أحكاما تتراوح ما بين 20 و10 سنوات سجنا نافذا.