علمي الجزائر والمغرب
علاقات الجزائر مع جارتها المغرب تشهد أزمة دبلوماسية متواصلة

انقلابات مزعومة وأزمات غذاء مفترضة وسياسة ورياضة، هكذا هي صورة المغرب في وسائل إعلام بالجزائر وصفحات مستخدمين جزائريين لمواقع التواصل، وهي نفس الصورة تماما للجزائر في بعض وسائل الإعلام بالمغرب وصفحات المؤثرين المغاربة، فيما يصفه مراقبون بـ"حرب المعلومات المضللة" بين البلدين ضمن نزاعهما الأكبر بشأن الصحراء الغربية.

ويرى دبلوماسي سابق أن الحملات المضللة من البلدين متعمدة وتقف وراءها أطراف تختلق القصص والأخبار الوهمية وبعضها قد يكون بإيعاز من الجهات الرسمية.

ورسمت صحيفة "الخبر" الجزائرية، صورة لحرب أهلية تدور في المملكة، في مقال بعنوان "بيت محمد السادس يحترق!" وقالت إن هناك اشتباكات دامية بين الحرس الخاص لـ"مولاي رشيد" وحرس ولي العهد، على خلفية من تكون له خلافة الملك الذي تزعم أنه مصاب، منذ سنوات، بمرض مزمن.

وفي ذات المقال تدعي الصحيفة أن الجيش ومختلف مصالح الأمن المغربي تشهد "تصدعا حادا في صفوف الضباط والجنود، وتصاعد وتيرة الفرار من الخدمة العسكرية وإعلان العصيان بسبب بطش نظام المخزن" بحسب تعبيرها.

ويتابع المقال سرديته بالقول "آلة التمرد والعصيان انتقلت أيضا إلى صفوف قوات الأمن المغربية التي تشهد ثورة غير مسبوقة، برفضها قمع الاحتجاجات الشعبية اليومية التي تشهدها المدن المغربية، بفعل موجة الغضب على الظروف الاجتماعية والمهنية المزرية".

ولم يصدر أي شيء في المغرب عن السلطات أو وسائل الإعلام المغربية عما ذكرته الصحيفة الجزائرية.

والصورة التي رسمتها الصحيفة الجزائرية للمغرب هي نفس الصورة التي يتم بها رسم الجزائر في المغرب، إذ بالموازة مع الحديث الجزائري عن انقلاب مغربي، انتشر مقطع فيديو على صفحات مؤثرين مغاربة يدعي حدوث انقلاب في الجزائر.

ونشرت صفحة مغربية المقطع وأرفقته بعنوان "ماذا يقع في الجزائر، أنباء تتحدث عن انقلاب يقوده جنرال وإطلاق نار قرب قصر الرئاسة".

وقبل يومين، نشر موقع مغربي أن مخميات تندوف فوق التراب الجزائري صارت تحت رحمة الجنرال السعيد شنقريحة وأن زعيم البوليساريو، إبراهيم غالي، أصبح مجرد دمية بسبب التوتر هناك.

يرى الدبلوماسي الجزائري السابق، محمد العربي زيتوت، أن النظامين معا لهما جيوش إلكترونية وأتباع رسميين يقومون بتبادل السب والشتم والمعلومات المضللة وملء وسائل التواصل الاجتماعي بكل ماهو سيئ عن كل بلد منهما.

ويقول زيتوت في حديث لموقع "الحرة" إن الناشطين أو المؤثرين يقومون بنشر المعلومات المضللة لجلب المتابعين، وهؤلاء يقومون بدور "قذر جدا" لأنهم يعمقون الخصومة رغم أن ما يقومون به ليس بتكليف من جهة رسمية ما.

ويرى الدبلوماسي السابق المقيم بلندن أن المعلومات المضللة يكون أحيانا مصدرها خارجي من جهات تهدف إلى زيادة التوتر بين البلدين وتصعيد الخلاف في منطقة شمال أفريقيا.

وانتقل الخلاف المغربي الجزائري إلى مجال الرياضة بعد أزمة قمضان نهضة بركان المغربي التي تظهر خارطة المغرب شاملة للصحراء الغربية وهو ما أثار غضب الجزائر، وفي انسحاب فريق اتحاد العاصمة من مباراتي ذهاب وإياب الدور نصف النهائي لبطولة كأس الكونفدرالية الأفريقي لكرة القدم.

وكان منتخبا الجمباز وكرة اليد الجزائريان قد انسحبا أيضًا خلال الفترة الأخيرة، من منافسات بطولة أفريقيا للجمباز بمراكش، والبطولة العربية لكرة اليد للشباب في الدار البيضاء.

وتشهد علاقات الجزائر مع جارتها المغرب أزمة دبلوماسية متواصلة منذ قطع الأولى علاقاتها مع الرباط صيف 2021، متهمة الأخيرة باقتراف "أعمال عدائية" ضدها، في سياق النزاع بين البلدين حول الصحراء الغربية، وتطبيع المغرب علاقاته مع إسرائيل في مقابل اعتراف الولايات المتحدة بسيادته على هذا الإقليم المتنازع عليه.

مبعوث الأمم المتحدة للصحراء الغربية ستافان دي ميستورا في لقاء سابق مع زعيم البوليساريو
دي ميستورا سافر إلى المنطقة عدة مرات للقاء مختلف أطراف النزاع

عقد مبعوث الأمم المتحدة للصحراء الغربية، ستافان دي ميستورا، الخميس، لقاءات مع مسؤولين من جبهة البوليساريو بعدما وصل إلى مخيمات اللاجئين الصحراويين في تندوف في الجزائر، حسبما أفادت وكالة الأنباء الصحراوية.

وتقع الصحراء الغربية على ساحل المحيط الأطلسي ويحدها المغرب وموريتانيا والجزائر وتعتبرها الأمم المتحدة من "الأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي".ويسيطر المغرب على 80% من مساحة الصحراء الغربية.

وطرحت الرباط خطة عام 2007 تقترح فيها منح المستعمرة الإسبانية السابقة حكما ذاتيا تحت سيادتها، فيما تطالب جبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر والتي تخوض نزاعا مع الرباط منذ 1975، بالسيادة عليها، وتدعو إلى إجراء استفتاء لتقرير المصير برعاية الأمم المتحدة نصّ عليه اتفاق لوقف إطلاق النار مبرم في العام 1991.

وسيلتقي دي ميستورا زعيم جبهة البوليساريو إبراهيم غالي.

وتأتي زيارة دي ميستورا "في إطار تحضيره للإحاطة" التي سيقدمها أمام مجلس الأمن في 16أكتوبر، حسبما أفاد ممثل جبهة البوليساريو بالأمم المتحدة محمد سيدي عمار وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية.

ومطلع أغسطس الماضي، أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن "قلق عميق" إزاء تدهور الوضع في الصحراء الغربية، وذلك في تقرير أعدّه حول هذه المنطقة بطلب من الجمعية العامة للأمم المتحدة، داعيا إلى "تجنّب أيّ تصعيد إضافي".

وكتب غوتيريش أن "استمرار الأعمال العدائية وغياب وقف لإطلاق النار بين المغرب وجبهة البوليساريو يمثّلان انتكاسة واضحة في البحث عن حلّ سياسي لهذا النزاع طويل الأمد".

وهذا التقرير الذي يغطي الفترة من 1 يوليو 2023 ولغاية 30 يونيو 2024، أُعدّ قبل أن تعلن فرنسا في نهاية يوليو تأييدها للخطة التي اقترحها المغرب لمنح الصحراء الغربية حكماً ذاتياً باعتبارها "الأساس الوحيد" لحلّ النزاع.

وأثار قرار باريس غضب الجزائر التي تدعم البوليساريو في هذا النزاع. والصحراء الغربية غنية بالأسماك والفوسفات ولها إمكانات اقتصادية كبيرة.

وبعد نحو 30 عاما من وقف إطلاق النار، تعمق التوتر بين الجزائر والمغرب منذ اعتراف الولايات المتحدة بسيادة الرباط على هذا الاقليم المتنازع عليه أواخر العام 2020، في مقابل تطبيع المغرب علاقاته الدبلوماسية مع إسرائيل.

وعيّن دي ميستورا في منصبه في أكتوبر 2021، وسافر إلى المنطقة عدة مرات للقاء مختلف أطراف هذا النزاع من دون التوصل إلى استئناف العملية السياسية.