قبل إقرار القانون كان نشاط هؤلاء المزارعين أشبه "بالعيش في غابة وفوضى"
قبل إقرار القانون كان نشاط هؤلاء المزارعين أشبه "بالعيش في غابة وفوضى"

بعد العيش لعقود في أجواء من "الخوف والسرية" أصبح المزارع المغربي عبد السلام إيشو يمارس زراعة القنب الهندي "في وضح النهار" للعام الثاني على التوالي، مستفيدا من التشريع التدريجي لهذه الزراعة لأغراض طبية وصناعية.

ورغم منعها منذ 1954، ظلت هذه النبتة تزرع بشكل غير قانوني في جبال الريف بشمال المملكة، ليستخرج منها مخدر الحشيشة الذي يهرّب خصوصا نحو أوروبا، إذ يعد المغرب من أكبر منتجيها في العالم.

لكن مزارعي تلك القرى الفقيرة باتوا قادرين على ممارسة هذه الزراعة بشكل قانوني في ثلاثة من أقاليم جهة الريف، بعدما أقرت المملكة في العام 2021 قانونا ينظم الاستخدامات الطبية والصناعية للقنب الهندي.

ويقول عبد السلام البالغ 48 عاما لوكالة فرانس برس "لم أكن أتخيل يوما أننا سنزرع +الكيف+ (القنب الهندي) من دون خوف ولا قلق من الاعتقال، أو التعرض للسرقة أو عدم التمكن من بيع المحصول"، وهو يعيش في قرية المنصورة بإقليم شفشاون (حوالي 300 كيلومتر شمال الرباط).

ويهدف هذا الاتجاه إلى مكافحة الاتجار بالمخدرات وحجز موقع في السوق الدولية للاستعمالات الصناعية للقنب الهندي، فضلا عن إنماء منطقة الريف حيث تعيش 80 إلى 120 ألف أسرة على عائدات زراعته غير القانونية بحسب التقديرات الرسمية.

والعام الماضي بلغ مجمل المحصول القانوني 296 طنا، وفق الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي. ويختلف عن المحاصيل التي تحول إلى حشيشة، باحتوائه نسبة جد منخفضة من المادة المخدرة (تي إش سي).

وقبل إقرار القانون كان نشاط هؤلاء المزارعين أشبه "بالعيش في غابة وفوضى، أما اليوم فصرنا نعمل بحرية وكرامة"، كما يقول عبد السلام مستعرضا بفخر حقل القنب الهندي الأخضر.

واستطاع العام الماضي جني "محصول قياسي من حوالي 8 أطنان في حقل مساحته هكتار واحد"، على ما يوضح.

وقد باع هذا المحصول في مقابل 80 درهما للكيلوغرام (حوالي 8 دولارات) إلى شركة مغربية تستعمله في إنتاج مكملات غذائية.

وعند دخول القانون حيز التنفيذ العام 2023 كان عبد السلام إيشو المزارع الوحيد في قريته الذي انخرط في المشروع، بينما صار عددهم الآن نحو 70 مزارعا، على ما يؤكد.

وينطبق هذا الأمر إجمالا على قرى الأقاليم الثلاثة المرخص فيها بزراعة القنب الهندي وهي الحسيمة وشفشاون وتاونات (شمال)، حيث ارتفع عدد المزارعين المنخرطين في الزراعة القانونية من 430 إلى 3000، وفق الوكالة المختصة.

ومن بين هؤلاء التحق المزارع سعيد الكدار، البالغ 47 عاما، بتعاونية تضم نحو 10 مزارعين، رغم "كثير من المخاوف والتساؤلات في البداية"، لكنها على ما يقول "تبددت شيئا فشيئا لأن التقنين في نهاية المطاف هو الطريق الصحيح الذي يجب اتباعه".

كذلك، ارتفعت المساحة المزروعة قانونا 10 مرات، لتنتقل من 286 هكتار في العام 2023 إلى 2700 هكتار هذا العام.

لكنها تبقى بعيدة كثيرا عن مساحة 55 ألف هكتار كانت تغطيها الزراعة غير القانونية للقنب الهندي العام 2019.

ويضيف سعيد "لدي الكثير من الأمل"، مؤكدا أن حياته الجديدة "لا يمكن إلا أن تكون أفضل من العيش في حالة من عدم الاستقرار والسرية".

وكان يحضر بذور قنب هندي مستوردة من الخارج لتنمو تحت غطاء بلاستيكي، في انتظار حصادها في أكتوبر.

السلطات تدرك أن تنظيم هذا المجال يتيح "بناء اقتصاد موثوق"

ويقول عبد السلام إيشو انه سيتم حصاد محاصيل من بذرة القنب الهندي المحلية، المعروفة باسم "البلدية"، للمرة الأولى بشكل قانوني أغسطس، في حين اقتصرت محاصيل العام الماضي على البذور المستوردة.

ويوضح قائلا: "القنب الهندي موجود في كل مكان لكن البذرة +البلدية+ ميزة بالنسبة لنا علينا تثمينها إلى أقصى حد".

ولتحقيق ذلك استطاع إقناع 58 مزارعا بتشكيل تعاونية متخصصة في زراعة القنب الهندي محلي الأصل.

وبموازاة ذلك، أصدرت الوكالة المختصة أكثر من 200 ترخيص لشركات تعمل في تصنيع منتجات القنب الهندي، أو في تصديرها أو استيراد بذور النبتة.

وفي بلدة باب برد قرب شفشاون استغل عزيز مخلوف هذه الفرص ليفتتح مصنعا، يوظف 24 عاملا، ينتج مواد مختلفة من القنب الهندي، تشمل الزيوت ومستحضرات التجميل ودقيقا ومكملات غذائية.

ويعرب مخلوف عن تفاؤله قائلا "يمكن استخلاص عدة أشياء من القنب الهندي، إنه قطاع جذاب".

لكن السلطات تدرك أن تنظيم هذا المجال يتيح "بناء اقتصاد موثوق قادر على الصمود، بشكل تدريجي"، كما يوضح مدير الوكالة المختصة بالتقنين محمد الكروج لوكالة فرانس برس.

ويشدد على أن "الهدف الأول تحسين مستوى عيش المزارعين".

وبحسب دراسات رسمية يمكنهم أن يحققوا ما يعادل 12 بالمئة من إيرادات القطاع المنظم، في مقابل "4 بالمئة فقط من السوق غير القانونية"، التي يسيطر عليها المهربون.

ويختم الكروج مؤكدا أن الأهم هو تمكين المزارعين "من الخروج من الظل إلى النور".

واعترفت الأمم المتحدة في عام 2020 بالفائدة الطبية للقنب الذي كان مدرجا سابقا ضمن المواد الأفيونية القاتلة والمسببة للإدمان، بما في ذلك الهيروين، التي لها أغراض علاجية ضئيلة أو معدومة، بحسب ما أوردت "فرانس برس".

مدخل محكمة مغربية - AFP

شهدت محكمة الاستئناف بمراكش، وسط المغرب، يوم الأربعاء، جلسة جديدة لمحاكمة المتهمين الثلاثة في قضية اغتصاب جماعي تعرضت لها طفلة قاصر تعاني من إعاقة عقلية ولا يتجاوز عمرها 13 سنة بمنطقة العطاوية، مما نتج عنه حمل وولادة طفل خلال الشهر الجاري.

تعد هذه الجلسة الرابعة في هذه القضية التي أثارت موجة استياء وغضب في المجتمع المغربي، حيث استنكرت منظمات حقوقية ونسائية ومدنية الواقعة، ووصفتها بأنها "بشعة ومروعة"، مشددة على ضرورة إنصاف الضحية وحماية حقوقها.

تأجيل الجلسة

يوضح محامي الضحية، عبد الإله تاشفين، أن الجلسة التي انعقدت اليوم شهدت حضور المتهمين الثلاثة أمام غرفة الجنايات الابتدائية بمحكمة الاستئناف بمراكش. وقد تم تأجيلها إلى الخامس من فبراير المقبل بناءً على طلبه، لتمكين الدفاع والجمعية المغربية لحقوق الإنسان، التي نصّبت نفسها طرفًا مدنيًا في القضية، من إعداد مرافعاتهم بالشكل اللازم.

صدمة في المغرب بعد ولادة جراء اغتصاب.. ووالد الضحية يروي التفاصيل
في حادثة مروعة شهدتها إحدى القرى بمنطقة العطاوية ضواحي مراكش بجنوب المغرب، تعرضت طفلة قاصر تعاني من إعاقة عقلية لاغتصاب جماعي متكرر من طرف ثلاثة رجال، وأسفرت هذه الجريمة عن حمل الطفلة وولادتها عبر عملية قيصرية مؤخرا.

وأضاف المحامي، في تصريح لموقع "الحرة"، أن الضحية، وهي تلميذة في المستوى الخامس ابتدائي، لم تتمكن من حضور الجلسة بسبب وضعها الصحي الناتج عن الصدمة التي تعرضت لها. وأشار إلى أنها تواجه صعوبات نفسية منذ وقوع الحادث، ما دفع عائلتها إلى تغيير مكان إقامتها والابتعاد عن المنطقة التي شهدت الواقعة.

وشدد المحامي على أن "مطالب الدفاع تتركز على المطالبة بعقوبات صارمة ضد المتهمين، لتكون عبرة لكل من تسوّل له نفسه ارتكاب جرائم مشابهة تمس الطفولة المغربية"، داعيًا إلى توفير دعم نفسي ومواكبة خاصة للضحية بسبب الإعاقة العقلية التي تعاني منها.

ظروف قاسية

قال والد الطفلة، الشكدالي بوزضاض (41 سنة)، إن الأسرة لا تزال بانتظار الكشف عن نتائج الاختبارات الطبية التي أجريت على الطفلة بعد خروجها من المستشفى قبل أسبوع، لتحديد نسب المولودة التي أنجبتها بالنظر إلى تعدد المتهمين في القضية. وأكد أن الجلسة المقبلة ستشهد حضور ابنته في المحكمة ومواجهة المتهمين.

وأشار بوزضاض، في حديثه لموقع "الحرة"، إلى الظروف القاسية التي يمر بها، حيث اضطر للتخلي عن عمله كعامل في حمام شعبي (كسّال) بسبب مرافقته لابنته في المستشفى واهتمامه بوضعها الصحي.

كما ذكر أنه فقد مصدر رزقه وأصبح عاطلًا عن العمل حاليًا، مشيرًا إلى تأثير القضية على استقراره الشخصي واضطراره إلى إخلاء محل كان يستغله، مما فاقم من معاناته المالية والاجتماعية. وقال: "أملي أن يتم إنصاف ابنتي وتحقيق العدالة في القريب العاجل".

انتهاك جسيم

أكدت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان فرع العطاوية-تملالت حضورها لجلسة اليوم بمحكمة الاستئناف بمراكش لمؤازرة الضحية وأسرتها. وشددت، في بلاغ لها، على ضرورة إجراء الخبرة الجينية لتحديد نسب المولود الناتج عن جريمة الاغتصاب الجماعي.

وطالبت الجمعية بـ"تشديد العقوبات على جميع المتورطين في هذا الانتهاك الجسيم لحقوق طفلة قاصر تعاني من إعاقة ذهنية"، مشيرة إلى أهمية توفير الرعاية الصحية والنفسية للضحية، مع متابعة مستمرة لضمان تجاوزها للآثار النفسية والاجتماعية العميقة التي خلفتها الجريمة.

وأعربت الجمعية عن أسفها الشديد لاضطرار أسرة الضحية إلى تغيير مكان إقامتها تحت ضغط "الحكرة" والنظرة المجتمعية الدونية التي عانوا منها. وأشارت إلى أن هذه القضية تندرج ضمن جهود الجمعية الرامية إلى وضع حد للإفلات من العقاب في جرائم الاغتصاب والانتهاكات الجسيمة لحقوق الأطفال.