مزارع القنب الهندي بالمغرب
أقر المغرب عام 2021 تقنين زراعة القنب الهندي لاستعمالات طبية وصناعية

يستعد مزارعو القنب الهندي في شمال المغرب لموسم الحصاد الثاني بعد التشريع التدريجي لهذه الزراعة لأغراض طبية وصناعية، وذلك وسط أجواء إيجابية عقب استفادة آلاف المُلاحقين قضائيا منهم، من عفو ملكي.

وأفاد عدد من الحقوقيين والفاعلين المدنيين في منطقة الريف، حيث تُزرع هذه النبتة، بأن موسم الحصاد الحالي يأتي في مناخ مفعم بالأمل، إذ إن القرار الذي استفاد منه آلاف المدانين أو المتابعين أو الفارين من العدالة، من شأنه إنهاء سنوات من المشاكل الاجتماعية والقانونية التي لاحقت هؤلاء المزارعين.

"تصحيح المسار"

عبد اللطيف درويش، عضو تنسيقية "أبناء بلاد الكيف" (القنب الهندي)، يقول إن القرار الملكي الأخير أدخل السعادة والراحة إلى قلوب آلاف الأسر في المنطقة، مشيرا إلى أنه "تعبير عن مصالحة وتصحيح للمسار بعد خطوة التقنين".

ورغم اعتماد ما يقارب 80 إلى 120 ألف أسرة على عائدات هذه الزراعة، وفقا لتقديرات رسمية، فإن آلافا من مزارعي القنب الهندي واجهوا لعقود ملاحقات قضائية، وعاشوا تحت وطأة "الخوف والتخفي" باعتبار الزراعة غير قانونية.

ويصف درويش، في تصريحات لموقع "الحرة"، معاناة مئات من المزارعين  بـ"المأساة الإنسانية"، لافتا إلى أن حياة كثيرين تحولت على مدى سنوات إلى سجن مفتوح.

ويضيف أن الأسوأ من ذلك، أن كثيرين منهم "تحولوا إلى أشباح مجتمع، من دون وثائق رسمية". وامتد هذا الحرمان ليطال أبناءهم، إذ آثر البعض عدم تسجيل ولادات أطفالهم أو إلحاقهم بالمدارس، في سبيل البقاء متوارين عن الأنظار.

وأصدر العاهل المغربي، محمد السادس، قبل نحو أسبوعين، عفوا عن أكثر من 4800 من مزارعي القنب الهندي ممن أدينوا أو يلاحقون بتهم تتعلق بهذه الزراعة التي تسعى الدولة إلى قوننتها تدريجيا.

ورغم حظره قانونيا منذ عام 1954، استمرت زراعة القنب الهندي عمليا في جبال الريف في شمال المملكة، حيث يُستخرج منه مخدر الحشيش الذي يُهرّب بشكل رئيسي إلى أوروبا، مما جعل المغرب من أكبر منتجي هذا المخدر في العالم.

وابتداء من عام 2021، شرع المغرب في تقنين هذه الزراعة للاستخدامات الصناعية والطبية، فيما لا يزال استخدام "الحشيش" لأغراض ترفيهية محظورا قانونيا في المملكة.

"صفحة جديدة"

وبعد عقود من المعاناة والعيش على الهامش، منحت خطوة القوننة في ثلاثة أقاليم شمالي البلاد، آلاف المزارعين فرصة ممارسة مهنتهم بصورة شرعية، متحررين أخيرا من قيود الخوف والملاحقة القانونية.

رئيس مرصد الشمال لحقوق الإنسان، محمد بنعيسى، يقول "إن المسارات الجديدة في ملف زراعة القنب الهندي، بدءاً من القوننة ووصولا إلى العفو الملكي، تمثل نقطة تحول طال انتظارها"، مشيرا إلى "أنها تفتح صفحة جديدة من الأمل والكرامة لهؤلاء المزارعين وعائلاتهم".

ويضيف بنعيسى في تصريح لموقع "الحرة" أن هذه الخطوات تلبي مطالب المجتمع المدني منذ عقود لرفع الظلم عن منطقة عانت العزلة والتهميش منذ الاستقلال".

ويتابع الناشط الحقوقي، "نحن الآن أمام إعادة الاعتبار للمنطقة رمزيا وحقوقيا. لكن يجب أن يتبع ذلك إعادة الاعتبار تنمويا من خلال برامج موجهة للسكان المحليين".

وأضاف بنعيسى أن "العفو الملكي سيمكّن آلافا ممن كانوا في حالة فرار من تسوية أوضاعهم والحصول على حقوقهم وحقوق أبنائهم، مما سيحل مشاكل اجتماعية واقتصادية معقدة".

ويشير أيضا إلى أن العفو "جاء ليضع حدا للمقاربة السابقة التي كانت توظف ورقة المتابعات  القضائية للضبط والتحكم في المنطقة"، ويسترسل قائلا: "الآن، على الجميع البحث عن حلول حقيقية لمشاكل زراعة القنب الهندي".

"الدفع نحو النشاط القانوني"

وتهدف خطوة التقنين التي اتخذتها السلطات المغربية، قبل عامين، إلى مكافحة الاتجار بالمخدرات وحجز موقع في السوق الدولية للاستعمالات الصناعية للقنب الهندي، فضلا عن تنمية منطقة الريف.

كريم محساني، مدير تعاونية "مزارع أزرزو"، وهي واحدة من حوالي  200 شركة حصلت على ترخيص للعمل في تصنيع منتجات القنب الهندي، أو تصديرها أو استيراد بذور النبتة، يقول بدوره، إن العفو "يمثل تثمينا لخطوة القوننة التي كان "وقعها إيجابيا"، مشيراً إلى أنه "سيشجع باقي المزارعين على ممارسة النشاط بشكل قانوني".

وفي الأقاليم الثلاثة المرخصة فيها زراعة القنب الهندي وهي الحسيمة وشفشاون وتاونات، ارتفع عدد المزارعين المنخرطين في الزراعة القانونية من 430 إلى 3000، وفقا للوكالة المشرفة.

ويؤكد المتحدث ذاته أن "العفو من شأنه أن يدفع عددا أكبر من المزارعين إلى الانتقال والانخراط في الزراعة القانونية، بعد أن كان هذا الأمر صعبا بالنسبة للعديد منهم"، وخاصة الذين كانوا ملاحقين منهم.

ويثمّن محساني دور الوكالة المشرفة على القوننة، معتبرا أنها "تعمل على معالجة الصعوبات التي واجهتهم  في بدايات التجربة".

وفي العام الماضي، بلغ مجمل المحصول القانوني 296 طنا، وفقا للوكالة، ويختلف هذا المحصول عن الإنتاج الذي يحوَّل إلى حشيش، باحتوائه على نسبة منخفضة جداً من المادة المخدرة (تي أتش سي).

كذلك، اتسعت المساحة المزروعة قانونيا عشرة أضعاف، لتنتقل من 286 هكتاراً في عام 2023 إلى 2700 هكتار هذا العام، إلا أن هذا الرقم لا يزال بعيدا بشكل كبير عن مساحة 55 ألف هكتار التي كانت تغطيها الزراعة غير القانونية للقنب الهندي.

ووفقا للدراسات الرسمية، يمكن للمزارعين أن يحققوا ما يعادل 12 بالمئة من إيرادات القطاع المنظم، مقابل "4 بالمئة فقط من السوق غير القانونية" التي يسيطر عليها المهربون.

وفي مقابل هذه التوقعات الإيجابية، يقول الناشط المحلي، عبد اللطيف درويش، إن الأوضاع بعد القوننة "لم يكن لها تأثير ملموس على السكان، بل على العكس تزداد تدهورا".

ويضيف أن السلطات "تضيّق على النشاط غير المشروع لكن في غياب خطوات واضحة في ما يتعلق بالنشاط المقونن".

ويشير درويش إلى أن مزارعي المنطقة ينتظرون الخروج من "منطقة الظل والضبابية" للعمل في المجالات الزراعية المشروعة، موضحا أن "الحكومة لم تحدد بدقة مناطق الزراعة المشروعة"، كما أن توسيع الزراعة نحو مناطق أخرى انعكس سلبا على الإقليم حيث تمثل هذه الزراعة مورد عيش رئيسي للسكان.

من جانبه، يقول بنعيسى إن "هناك غموضا بشأن آثار قوننة القنب الهندي على السكان المحليين إلى حدود هذه اللحظة"، مضيفا أنه "غالبا ما تعودنا على أن هناك مشاريع مهمة في المنطقة لم يحظ السكان المحليون إلا بالنزر القليل من فوائدها"، على حد تعبيره.

مدخل محكمة مغربية - AFP

شهدت محكمة الاستئناف بمراكش، وسط المغرب، يوم الأربعاء، جلسة جديدة لمحاكمة المتهمين الثلاثة في قضية اغتصاب جماعي تعرضت لها طفلة قاصر تعاني من إعاقة عقلية ولا يتجاوز عمرها 13 سنة بمنطقة العطاوية، مما نتج عنه حمل وولادة طفل خلال الشهر الجاري.

تعد هذه الجلسة الرابعة في هذه القضية التي أثارت موجة استياء وغضب في المجتمع المغربي، حيث استنكرت منظمات حقوقية ونسائية ومدنية الواقعة، ووصفتها بأنها "بشعة ومروعة"، مشددة على ضرورة إنصاف الضحية وحماية حقوقها.

تأجيل الجلسة

يوضح محامي الضحية، عبد الإله تاشفين، أن الجلسة التي انعقدت اليوم شهدت حضور المتهمين الثلاثة أمام غرفة الجنايات الابتدائية بمحكمة الاستئناف بمراكش. وقد تم تأجيلها إلى الخامس من فبراير المقبل بناءً على طلبه، لتمكين الدفاع والجمعية المغربية لحقوق الإنسان، التي نصّبت نفسها طرفًا مدنيًا في القضية، من إعداد مرافعاتهم بالشكل اللازم.

صدمة في المغرب بعد ولادة جراء اغتصاب.. ووالد الضحية يروي التفاصيل
في حادثة مروعة شهدتها إحدى القرى بمنطقة العطاوية ضواحي مراكش بجنوب المغرب، تعرضت طفلة قاصر تعاني من إعاقة عقلية لاغتصاب جماعي متكرر من طرف ثلاثة رجال، وأسفرت هذه الجريمة عن حمل الطفلة وولادتها عبر عملية قيصرية مؤخرا.

وأضاف المحامي، في تصريح لموقع "الحرة"، أن الضحية، وهي تلميذة في المستوى الخامس ابتدائي، لم تتمكن من حضور الجلسة بسبب وضعها الصحي الناتج عن الصدمة التي تعرضت لها. وأشار إلى أنها تواجه صعوبات نفسية منذ وقوع الحادث، ما دفع عائلتها إلى تغيير مكان إقامتها والابتعاد عن المنطقة التي شهدت الواقعة.

وشدد المحامي على أن "مطالب الدفاع تتركز على المطالبة بعقوبات صارمة ضد المتهمين، لتكون عبرة لكل من تسوّل له نفسه ارتكاب جرائم مشابهة تمس الطفولة المغربية"، داعيًا إلى توفير دعم نفسي ومواكبة خاصة للضحية بسبب الإعاقة العقلية التي تعاني منها.

ظروف قاسية

قال والد الطفلة، الشكدالي بوزضاض (41 سنة)، إن الأسرة لا تزال بانتظار الكشف عن نتائج الاختبارات الطبية التي أجريت على الطفلة بعد خروجها من المستشفى قبل أسبوع، لتحديد نسب المولودة التي أنجبتها بالنظر إلى تعدد المتهمين في القضية. وأكد أن الجلسة المقبلة ستشهد حضور ابنته في المحكمة ومواجهة المتهمين.

وأشار بوزضاض، في حديثه لموقع "الحرة"، إلى الظروف القاسية التي يمر بها، حيث اضطر للتخلي عن عمله كعامل في حمام شعبي (كسّال) بسبب مرافقته لابنته في المستشفى واهتمامه بوضعها الصحي.

كما ذكر أنه فقد مصدر رزقه وأصبح عاطلًا عن العمل حاليًا، مشيرًا إلى تأثير القضية على استقراره الشخصي واضطراره إلى إخلاء محل كان يستغله، مما فاقم من معاناته المالية والاجتماعية. وقال: "أملي أن يتم إنصاف ابنتي وتحقيق العدالة في القريب العاجل".

انتهاك جسيم

أكدت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان فرع العطاوية-تملالت حضورها لجلسة اليوم بمحكمة الاستئناف بمراكش لمؤازرة الضحية وأسرتها. وشددت، في بلاغ لها، على ضرورة إجراء الخبرة الجينية لتحديد نسب المولود الناتج عن جريمة الاغتصاب الجماعي.

وطالبت الجمعية بـ"تشديد العقوبات على جميع المتورطين في هذا الانتهاك الجسيم لحقوق طفلة قاصر تعاني من إعاقة ذهنية"، مشيرة إلى أهمية توفير الرعاية الصحية والنفسية للضحية، مع متابعة مستمرة لضمان تجاوزها للآثار النفسية والاجتماعية العميقة التي خلفتها الجريمة.

وأعربت الجمعية عن أسفها الشديد لاضطرار أسرة الضحية إلى تغيير مكان إقامتها تحت ضغط "الحكرة" والنظرة المجتمعية الدونية التي عانوا منها. وأشارت إلى أن هذه القضية تندرج ضمن جهود الجمعية الرامية إلى وضع حد للإفلات من العقاب في جرائم الاغتصاب والانتهاكات الجسيمة لحقوق الأطفال.