الراية المغربية قبالة جيب سبتة

شهدت مدينة الفنيدق، شمالي المغرب، حالة استنفار أمني غداة محاولة المئات من الشباب تنظيم عمليات هجرة جماعية نحو مدينة سبتة الإسبانية.

ونقل موقع "لكم" المغربي أن الفنيدق شهدت ليلة السبت/الأحد مطاردات أمنية لمئات الشباب وسط أحياء المدينة، قائلة إن "جموعا من الشباب القادمين من جميع أنحاء المغرب تجمعوا في هوامش المدينة منتظرين يوم 15 سبتمبر، لكنهم صدموا بعسكرة مناطق العبور، مما اضطرهم للدخول إلى وسط أحياء المدينة التي شهدت مطاردات واعتقالات بالجملة قصد إعادتهم لمدنهم وسط المغرب".

وكانت دعوات تحولت إلى "ترند" على منصات التواصل الاجتماعي لتنظيم عمليات هجرة جماعية نحو إسبانيا، وحدد تاريخها ليلة السبت، ووصفها نشطاء بـ"ليلة الهروب الكبير".

وكشف الموقع الإخباري نفسه أنه، منذ عشية السبت، بدأ مئات الشباب والقاصرين يتدفقون بشكل منظم في محاولة للوصول إلى مدينة سبتة سباحة، كما جرى في محاولات سابقة، موضحا أنه "رغم الإجراءات الأمنية المشددة التي فرضتها السلطات في مدينتي المضيق والفنيدق والنواحي طوال الأسبوع، تمكن العديد من الراغبين في الهجرة غير النظامية من الوصول إلى المدينتين الحدوديتين".

وأضاف أن مدينة الفنيدق، التي تبعد بأقل من 7 كيلومترات عن سبتة، عرفت "حالة من الكر والفر بين الشباب والقوات العمومية، التي كثفت حضورها على طول الشاطئ لمنع محاولات الهجرة غير الشرعية. وأظهرت مقاطع فيديو، مجموعات صغيرة من الشباب وهم يتجهون نحو سبتة، بينما كانت التشكيلات الأمنية على أهبة الاستعداد للتدخل".

 عمليات ترحيل

وتزامن تطور الوضع في شمال المغرب مع عمليات ترحيل مهاجرين جرى إحباط محاولات تسللهم إلى سبتة.

ونقلت صحيفة "هسبريس"، عن مصادر وصفتها بالمسؤولة، أنه تم ترحيل 600 من القاصرين الراغبين في الوصول إلى الثغر الإسباني نحو مدن مختلفة داخل المملكة.

وفي الأيام الثلاثة الأخيرة، رحلت قوات الأمن المغربية نحو 2400 شخص من "المرشحين المحتملين للهجرة في إطار الدعوات التي لاقت انتشارا واسعا في الشبكات الرقمية"، حسب الموقع.

وقال محمد بنعيسى رئيس مرصد الشمال لحقوق الانسان "يتعلق الأمر بأكبر إنزال أمني شهدته الفنيدق، كما تعمل السلطات بشكل استباقي عن طريق وضع سدود قضائية في الطرقات المؤدية لشمال المغرب".

وأضاف "تم نقل المئات من الراغبين في الهجرة السرية بعيدا عن الفنيدق"، وفق ما نقلت "رويترز".

ومعظم المهاجرين من الشبان المغاربة، وانضم إليهم عدد أقل من المهاجرين من منطقة أفريقيا جنوب الصحراء.

وتم ترحيل القاصرين، الذين تم توقيفهم في الفنيدق، نحو مدن بني ملال وبنجرير وخنيفرة وغيرها من المدن البعيدة عن سبتة.

وقالت الصحيفة إن مدينة الفنيدق تعيش وسط أجواء من الحذر والترقب الشديدين.

علاقات البلدين متوترة منذ عقود
علاقات الجزائر والمغرب متوترة منذ عقود

كشف الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون أن قرار بلاده فرض التأشيرة على المغاربة جاء بسبب "علاقة المغرب مع إسرائيل".

وقال الرئيس الجزائري، في لقائه الإعلامي الدوري، الذي جرى السبت ونقلته وسائل إعلام رسمية، إن القرار جاء نتيجة "التعاون الأمني" بين المملكة المغربية وإسرائيل و"الكشف عن وجود خلايا تجسس".

وبشأن مصير المغاربة المقيمين بالجزائر، قال تبون "الشعب المغربي شعب شقيق، وطرد المغاربة من الجزائر كلام فارغ، ومرحبا بهم، يعيشون وسط الشعب الجزائري ويعملون في السوق الجزائرية"، مضيفا "لا يمكن أن نطرد أي مغربي من الجزائر وفرض التأشيرة جاء لدواعي أمنية بحتة".

وقررت الجزائر، قبل أسبوعين، "إعادة العمل الفوري" بفرض تأشيرات دخول على حاملي جوازات السفر المغربية، واتهمت السلطات الجزائرية حينها المغرب بكونه "أساء استغلال غياب التأشيرة بين البلدين" و"انخرط، وللأسف الشديد، في أفعال شتى تمس باستقرار الجزائر وبأمنها الوطني"، منها "نشر عناصر استخباراتية" إسرائيلية "من حملة الجوازات المغربية للدخول بكل حرية للتراب الوطني".

ويأتي القرار الجزائري في سياق استمرار أزمة حادة بين البلدين، اندلعت منذ قطعت الجزائر علاقاتها الدبلوماسية مع الرباط في أغسطس 2021.

واتهمت الجزائر حينها المغرب بـ"ارتكاب أعمال عدائية منذ استقلال الجزائر" في 1962، فيما أعرب المغرب يومها عن "أسفه" لهذا القرار، ورفض "مبرراته الزائفة".

وتعمق التوتر بين البلدين منذ اعتراف الولايات المتحدة بسيادة الرباط على هذا الإقليم المتنازع عليه أواخر العام 2020، في مقابل تطبيع المغرب علاقاته الدبلوماسية مع إسرائيل.

قضية التجسس

وسجلت توترات بين البلدين منذ ذلك الحين، كان آخرها إعلان النيابة العامة الجزائرية في تلمسان (غرب) في الأول من سبتمبر توقيف أشخاص عدة، بينهم 4 مغاربة، بتهمة الانتماء إلى "شبكة تجسس".

وعلق الرئيس تبون في المقابلة على هذه القضية قائلا إن لسلطات بلده معطيات بشأن دخول "عملاء وجواسيس" لإسرائيل إلى الجزائر بـ"جوازات سفر مغربية"، مضيفا "ما الذي يدفع هؤلاء لزيارة أماكن حساسة مثل الموانئ؟"، كما أكد أنه "ستتم محاكمة المغاربة علنا ممن تم إلقاء القبض عليهم في إطار تحريات أمنية قادتنا لفرض التأشيرة".

ولم يصدر على الفور أي تعليق رسمي على هذه القضية في الرباط، بينما سبق للعاهل المغربي الملك محمد السادس أن دعا في خطابات خلال الأعوام الأخيرة إلى تطبيع العلاقات بين الجارين.

كذلك، سبق له أن دعا إلى فتح الحدود البرية بين البلدين، وهي مغلقة منذ عام 1994.

وتوقفت الرحلات الجوية بين البلدين منذ قرار الجزائر في سبتمبر 2021 إغلاق مجالها الجوّي أمام جميع الطائرات المدنية والعسكرية المغربية.

ظل نزاع الصحراء

وظلت علاقات الجزائر والمغرب متوترة قبل ذلك بعدة أعوام بسبب النزاع بشأن الصحراء الغربية.

كما شهدت العلاقات بين الجزائر وباريس فتورا جديدا بعد أن أعلنت باريس، في نهاية يوليو، دعمها لخطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء الغربية المتنازع عليها، في حين تدعم الجزائر جبهة بوليساريو المطالبة باستفتاء لتقرير مصير هذه المنطقة.

وفي مقابلته الإعلامية السبت، طالب تبون فرنسا بـ"احترام" قرارات الأمم المتحدة في قضية الصحراء الغربية.