خيمة مؤقتة لأحد المتضررين من الزلزال بقرية إجوكاك بإقليم الحوز
خيمة مؤقتة لأحد المتضررين من الزلزال بقرية إجوكاك بإقليم الحوز

"نعيش حياة مزرية بكل معنى الكلمة، فالناس ما زالوا يقيمون تحت خيام من أغطية بلاستيكية، ولا يستطيعون تحمل قسوة هذه الظروف".

كلمات تصف الحال، تحدث بها رشيد بناصر، أحد المتضررين من زلزال الحوز الذي ضرب المغرب قبل نحو عام، بينما يصف الأوضاع حاليا في منطقته.

يتذكر بناصر، من حيث يقيم ببلدة تحناوت (جنوب مراكش)، أن الحرارة في الصيف كانت لا تطاق".

ولكن الآن.. "مع برد الشتاء القارس، أصبح الوضع أكثر مأساوية، إذ يعاني الأطفال والنساء الحوامل والمسنون بشكل كبير، ولا يمكن للإنسان أن ينام أو يعيش تحت البلاستيك في هذه الأجواء".

ويحذر بناصر، في تصريحات للحرة، من وقوع وفيات في الأيام المقبلة إذا استمر الوضع على ما هو عليه، لاسيما مع انتشار داء الحصبة في صفوف الأطفال.

بناصر أحد آلاف الضحايا الذين ضرب منازلهم الزلزال الغادر، ولا يزال يواجه تعثر جهود إعادة الإعمار في مناطق زلزال الحوز بالمغرب، التي باتت تواجه موجة من الانتقادات مع دخول فصل الشتاء.

رغم مرور أكثر من عام على الكارثة التي خلفت دمارا واسعا في عدد من أقاليم المملكة لا تزال آلاف الأسر تعيش في خيام مؤقتة، وسط ظروف صعبة تفاقمها الأمطار والثلوج.

الزلزال الذي وقع في 8 سبتمبر 2023، وأسفر عن مقتل نحو 3 آلاف شخص وإصابة آلاف آخرين، تسبب في 59647 انهيارا بستة أقاليم مغربية، وأعلنت البلاد عن برنامج لإعادة الإيواء يشمل في مرحلة أولية نحو 50 ألف مسكن دمره الزلزال، إضافة إلى "مبادرات لإعادة الإعمار".

يرى بناصر  أن "الدعم الذي يقدم للمتضررين لا يكفي لبناء منزل في المناطق الجبلية بسبب غلاء المواد التي يتم جلبها من مراكش"، مضيفا أن أغلب المتضررين استفادوا فقط من الدعم المخصص لانهيار جزئي رغم انهيار منازلهم بالكامل.

ويضيف قائلا: "لم نعد نطلب الكثير، فقط بيت أو غرفتين يأويان أطفالنا ويحفظان كرامتنا"، داعيا المسؤولين إلى زيارة ميدانية إلى المناطق المتضررة للوقوف على "الواقع مأساوي في المناطق الجبلية التي تعاني من العزلة وغياب الدعم الكافي".

وتداول نشطاء منصات التواصل الاجتماعي صورا ومقاطع فيديو توثق استمرار معاناة متضرري الزلزال الذين يعيشون وسط الخيام بسبب أحوال الطقس البارد وتساقط الثلوج في الجبال، معربين عن استيائهم لما آلت إليه ظروفهم.

وطالب حزب التقدم والاشتراكية (معارض) داخل البرلمان، بتشكيل مهمة استطلاعية مؤقتة حول "ظروف وسير عمليات إعادة الإيواء والإعمار وتأهيل مناطق زلزال الحوز"، مسجلا "تعثرات البرنامج وصعوبات التمويل وانعكاس ذلك على حياة العديد من الأسر المتضررة التي لا تزال تعيش في ظروف قاسية".

وفي هذا السياق، يتحدث عدد من المتضررين والنشطاء عن واقع إعادة الإعمار، مبرزين الاختلالات التي تعترض سير العملية، ومطالبين بتدخل عاجل يراعي كرامة الإنسان وحقوقه الأساسية.

"غياب المراقبة"

من جانبه، يصف محمد أيت الحاج لحسن، وهو متضرر آخر من زلزال إقليم الحوز بقرية مولاي إبراهيم الجبلية جنوب وسط المغرب، الأوضاع في منطقته بأنها صعبة، خاصة في جانب الإيواء.

ويقول لحسن في تصريح لـ"الحرة"، "هناك أناس استفادوا من الدعم وتمكنوا من بناء منازلهم، لكن الغالبية العظمى ما زالت تعيش في الخيام أو في مساكن مؤقتة، فيما بقي آخرون يعانون من ظروف قاسية في الجبال".

ويضيف أن المشكلة الأساسية تكمن في قلة العمالة وغياب الدعم الكافي ووجود اختلالات في تنفيذ عمليات إعادة الإعمار.

وفي هذا السياق، يكشف لحسن أن هناك مقاولين "يستغلون الوضع، ويطلبون بمبالغ كبيرة ويختفون بعد استلام المال دون إتمام العمل، والعديد من السكان تعرضوا للاحتيال في هذه العملية، ولا توجد رقابة صارمة على هذه الأنشطة"، لافتا إلى أن الناس بالقرية بسطاء ويحاولون بكل جهدهم بناء مساكن لكن غياب التنظيم والمراقبة يزيد من معاناتهم.

ورغم ذلك، يوضح أن بعض الأمور قد تحسنت قليلا مثل إصلاح الطرق وعودة المدارس إلى العمل، لكنه يصر على أن الإيواء يظل المشكلة الأهم.

"تدخل ملكي وشيك"

يؤكد الناشط الحقوقي خالد البكاري، أن المأساة الحالية التي يعيشها سكان الأقاليم المتضررة من الزلزال تكشف غياب الأولوية للإنسان في السياسات العمومية، موضحا أن حل مشكلة إعادة الإيواء لا يتطلب موارد ضخمة لكنه يفتقر إلى التخطيط، إذ يعتمد التعامل مع الكوارث على إمكانيات وخبرات محدودة دون تطوير أنظمة دائمة على مستوى العمالات أو وزارة الداخلية.

ويشير البكاري في تصريح لـ"الحرة"، إلى "وجود اختلالات وفساد أثرا سلبا على جهود إعادة الإيواء، بما في ذلك تضخيم أعداد المتضررين وإدراج مستفيدين غير مستحقين"، منتقدا غياب منظومة رقابية فعالة على المستويين المحلي والمركزي، مما أدى إلى ترتيب عشوائي للملفات.

وفي هذا الصدد، يتوقع الناشط الحقوقي تدخلا ملكيا في الشهور المقبلة لتصحيح مسار برنامج إيراء المتضررين من الزلزال ، مؤكدا أن الملك سبق وأعلن أنه سيتابع تنفيذ البرنامج بشكل شخصي.

ويذكر المصدر ذاته أن "إعادة الإيواء كجزء من مشروع إعادة الإعمار الشامل، كان ينبغي أن يتحقق بدرجة كبيرة خلال الفترة الماضية، لكنه يسير ببطء".

ويضيف أن هذا الملف أثار حتى انتقادات وسائل إعلام دولية داعمة للمغرب، مما يعكس خطورة الوضع، وضرورة تدخل القيادة لتسريع تنفيذ البرنامج.

احتفالات سابقة بالسنة الأمازيغية في المغرب
احتفالات سابقة بالسنة الأمازيغية في المغرب

مع حلول ليلة 13 يناير من كل سنة، يعيش المغرب على وقع احتفالات لاستقبال رأس السنة الأمازيغية الجديدة "إيض يناير"، وهي واحدة من الطقوس العريقة التي تتم ممارستها في مختلف مناطق البلاد، سواء الناطقة بالأمازيغية أو العربية.

ويمتد هذا التقليد تاريخيا إلى كل بلدان شمال أفريقيا، وحتى بين أفراد الجاليات الأمازيغية في الخارج.

وتتنوع تسميات الاحتفال برأس السنة الأمازيغية في المغرب حسب المناطق، حيث يوضح الباحث في الثقافة الأمازيغية، الحسين أيت باحسين، أنها تعرف بأسماء مثل "ئض ن ئنّاير" و"ئض ن ؤسكًّاس" و"حاكًّوزا".

ويقول: "مع دينامية الحركة الأمازيغية، أصبحت التسميات المتداولة والأكثر شيوعا هي (ينّاير) أو (ئض ن ؤسكًّاس أمازيغ) و(أسَّاس أماينو أمازيغ)، مما يعكس وحدة الهوية الثقافية بالرغم من تعدد التسميات".

ويضيف أيت باحسين في تصريح لموقع "الحرة"، أن الاحتفالات بالسنة الأمازيغية كانت تدوم قديما ما بين 3 و7 أيام، وفقا للظروف الاجتماعية والبيئية لكل منطقة.

ومع مرور الوقت، تراجعت مدة الاحتفالات في بعض المناطق إلى يوم واحد، خاصة في المدن، مما "يفسر اختلاف الاحتفال بها ليلة 11 أو 12 أو 13 يناير".

ويبرز أيت باحسين، أن رأس السنة الأمازيغية يرتبط بطقوس متنوعة، تشمل "إعداد أطباق تقليدية تختلف حسب موارد كل منطقة"، مثل "تاكًّلا" (العصيدة) و"سكسو د زكزيو" (الكسكس بسبع خضر) و"توقّيرين" (الفواكه الجافة).

كما يتميز الاحتفال بإخفاء نواة فاكهة أو بذرة في الأطباق، لاعتبار من يجدها "مسعود السنة".

ويقسّم المتحدث ذاته، الطقوس المصاحبة للاحتفال إلى 5 أنواع رئيسية، هي: 

تحضيرية تتعلق بتوفير مستلزمات الاحتفال.

تطهيرية تهدف إلى التخلص من السلبيات واستقبال العام الجديد بروح إيجابية.

غذائية تتعلق بتحضير الأطعمة والأطباق المميزة.

تجميلية، كاستخدام الحناء والكحل.

رمزية تعكس الارتباط بالهوية الثقافية، عبر ألعاب الأطفال وتنشئتهم على الموروث الاجتماعي.

"أصل الاحتفال"

ويرتبط الاحتفال بالسنة الأمازيغية الجديدة بأصل تقويمي نشأ قبل التاريخ، يعكس تنظيم الحياة وفق دورات الفصول، بحسب رئيس "التجمع العالمي الأمازيغي"، رشيد راخا.

ويتحدث راخا عن "تطور هذا التقويم مع اكتشاف الزراعة في العصر الحجري الحديث، ليصبح أداة لتحديد مواسم الزراعة والرعي، مما يبرز تفرد التقويم الأمازيغي بارتباطه الوثيق بالأرض".

كما يشير إلى أن اعتماد السنة الأمازيغية الحالية (2975) يعود إلى "تتويج الملك الأمازيغي شيشونق الأول فرعونا لمصر عام 950 قبل الميلاد، رمزا أُعيد إحياؤه في الثمانينيات"، مستدركا أن "التقويم سبق شيشونق إذ نظم المواسم الزراعية منذ آلاف السنين، ويحتفي ببداية عام زراعي جديد مرتبط بالخصوبة والإله (أنزار) إله المطر، في الميثولوجيا الأمازيغية".

ويتابع راخا أن أصول هذا الاحتفال تعود إلى أزمنة بعيدة تمتد جذورها في حضارات شمال أفريقيا والصحراء الكبرى، مستشهدا بدراسات أثرية تربط الأمازيغ بحضارات البحر المتوسط القديمة، كالحضارة الفرعونية والنقوش الصخرية في منطقة تيورار (على مقربة من مدينة الصويرة المغربية)، التي تظهر كيف استخدم الأجداد هذه الرمزية للاحتفال ببداية السنة الزراعية.

ويعتبر كذلك أن "الاعتراف الرسمي بالسنة الأمازيغية من قبل المغرب والجزائر، يحمل دلالة رمزية عميقة نحو المصالحة مع هذا التراث العريق، وتأكيدا على الهوية الأمازيغية الخالدة الممتدة عبر آلاف السنين".

"إرث مشترك"

ويرى رئيس منظمة "تاضا تمغربيت"، عبد الله حيتوس، أن الاحتفال برأس السنة الأمازيغية يمثل إرثا ثقافيا عريقا يخص جميع المغاربة وليس فقط الأمازيغ.

ويؤكد أن هذا التقليد "إرث مشترك في المجتمع المغربي، وأن الاحتفالات به تتم بطرق متباينة، مثل تحضير وجبات تقليدية كالعصيدة والكسكس، في تعبير رمزي عن بداية جديدة مرتبطة بالأرض والزراعة".

وبشأن الجدل الذي يرافق طقوس الاحتفال بالسنة الأمازيغية، يوضح حيتوس في تصريح لـ"الحرة"، أنه "لا يعكس انقساما حقيقيا بقدر ما يظهر عدم تصالح بعض المغاربة مع تنوعهم الثقافي، سيما أن الاعتراف الرسمي بالسنة الأمازيغية كعطلة وطنية منذ 2023، خطوة تاريخية تدعم المصالحة مع الذات الوطنية".

ورغم ذلك، يشدد حيتوس على "أهمية تجاوز الاحتفال الرمزي نحو تعزيز التفعيل المنصف لمقتضيات القانون التنظيمي لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، لضمان الأمن الثقافي واللغوي للمغاربة كجزء من الأمن القومي للمملكة".

ويدعو الناشط الأمازيغي إلى ضرورة استثمار الزخم الحالي "لتثمين الثقافة الأمازيغية كجزء لا يتجزأ من الهوية الوطنية"، منبها إلى أن "التهاون في ذلك قد يؤدي إلى فقدان العناصر الثقافية واللغوية للأمازيغية، مما يهدد الأمن الثقافي والمتعلق بالهوية لدى المغاربة".