لقاء لصحفيين مغاربة أفرج عنهم بعفو ملكي في مقر الجمعية المغربية لحقوق الإنسان
منظمة حقوقية بالمغرب تطالب السلطات بالتدخل لوقف حملات التشهير ضد عدد من النشطاء والإعلاميين

رسمت منظمة حقوقية مغربية صورة "قاتمة" لوضع حرية التعبير بالمملكة ودقت ناقوس خطر تزايد ما وصفته بـ"حملات التشهير" تستهدف صحفيين وناشطيين عرفوا بانتقادهم الشديد للوضع العام في البلاد.

والأربعاء، قالت الهيئة المغربية لمساندة المعتقلين السياسيين (همم)، إن حملات التشهير ضد مدافعين عن حقوق الإنسان وصحفيين مستقلين وعائلاتهم، وصلت لمستوى غير مسبوق.

كما أشارت إلى تزايد حالات الاعتقال والمتابعات القضائية بسبب التعبير عن الرأي، وتضييق الخناق على حرية التعبير، والتحكم في وسائل الإعلام، ومحاكمة الصحفيين وفق مقتضيات القانون الجنائي بدلًا من قانون الصحافة والنشر.

وطالبت الهيئة المغربية لمساندة المعتقلين السياسيين رئاسة النيابة العامة بالتدخل العاجل، من أجل إعمال صلاحياتها لإنفاذ القانون بخصوص هذه الحملات التشهيرية.

وكشفت الهيئة أن ناشطين وصحفيين يتعرضون للتشهير والسب والقذف والتهديد بالاعتقال، بما فيهم سليمان الريسوني وتوفيق بوعشرين، وهما صحفيين أفرج عنها العام الماضي بعفو ملكي، بعد اعتقالهم لسنوات في قضايا اعتداءات جنسية تقول منظمات حقوق الإنسان والمدافعة عن حرية الصحافة إنها "تهم سياسية" لإسكاتهم.

وحكم على الريسوني، الذي اشتهر بافتتاحياته المنتقدة للسلطات، بالسجن خمسة أعوام في قضية "اعتداء جنسي" بعد شكوى رفعها بحقه ناشط شاب من مجتمع الميم، وهي تهمة لطالما نفاها، معتبراً أنّه يُحاكم "بسبب آرائه".

وأثارت محاكمته انتقادات نشطاء حقوقيين مغاربة وأجانب ومطالب بالإفراج عنه.

 بينما اعتقل بوعشرين عام 2018 وبقي قيد المحاكمة إلى أن تمت إدانته في عام 2021 باعتداءات جنسية واتجار في البشر في حق ثماني نساء، وصدر في حقه حكم بالسجن 15 عاما.

وجاء بيان "همم" بعد ما يقول ناشطون إنها عودة لحملات التشهير، خاصة بعد خروج عدد من الصحفيين من السجن بعفو ملكي وعودتهم إلى نشاطهم الإعلامي وانتقاداتهم المستمرة للسلطات.

حملات منظمة أم حروب كلامية

ويرى الإعلامي والناشط الحقوقي، يوسف منصف، أن ما يدور في وسائل التواصل هو حرب كلامية أكثر منه "حملة" ممنهجة ضد بعض الصحفين والناشطين.

وفي حديث لموقع "الحرة" يقول منصف إن هناك "حرب كلامية بين المعتقلين السابقين وبين مناوئيهم على مواقع التواصل الاجتماعي"، مشيرا إلى أن الأمور اتخذت "منحى تنابزيا شخصيا حيث أن غالبية من نعتتهم "همم" بالمشهرين هم في الأصل زملاء للمعتقلين السابقين وإعلاميين" ومن تم يمكن القول أن المسألة بينهم "ذات أبعاد شخصية ومتعلقة بتصفية حسابات مهنية سابقة".

ويتابع منصف أن المعتقلين السابقين، بدورهم لا يدخرون جهدا في الدفاع عن وجهة نظرهم "بنفس معجم مناوئيهم بالضرب في الأعراض والأشخاص"، وهذا "سقوط أخلاقي لايليق بماضيهم الإعلامي المشرف يجب عليهم الترفع عنه".

ويرى منصف أن من يرى نفسه ضحية تشهير عليه التوجه إلى القضاء قصد إنصافه، سيما وأن المتنابزين يقذفون بعضهم البعض بوجوه مكشوفة وعلى مواقع التواصل الاجتماعي بحسابات غير وهمية، والقانون الجنائي كما هو الأمر في قانون الصحافة والنشر يجرم القذف والتشهير ويرتب عن ذلك جزاءات جنائية.

وردا على انتقادات نشطاء حقوقيين مغاربة وأجانب إزاء ملاحقة هؤلاء الصحفيين، تؤكد السلطات المغربية أنهم حوكموا في قضايا لا علاقة لها بحرية الصحافة، مشددة على استقلالية القضاء.

بالنسبة للباحث في التاريخ السياسي بالمغرب، إبراهيم الحياني، فلا يتردد في توصيف ما يجري بأنه "آلة ومنظومة متكاملة للتشهير".

ويقول الحياني في حديث لموقع "الحرة" إن الأمر لا يتعلق بمجرد حالات فردية أو معزولة، والأنكى أنه يتم توفير موارد وإمكانات هامة من المال العام بشكل مباشر أو غير مباشر.

ويأسف المتحدث أنه يتم توظيف واستغلال مؤسسات رسمية منها مؤسسات أمنية حساسة من المفترض بل من الضروري أن تكون في منأى كلي عن أي تجاذبات أو تصفية حسابات في سياق "مسلسل التشهير والابتزاز المتواصل لكل الأصوات المختلفة مع رواية التوجه الرسمي".

ويرى الحياني أن ما يجعل الأمور تأخذ منحى خطيرا ومهددا لصورة الدولة والثقة في المؤسسات هو انجرار وتواطؤ جهات سيادية مع مثل هذه "الوسائل القذرة والتي تنم عن أي انعدام لروح المسؤولة كما هو الحال بتسريب مواد مشمولة بالسرية التامة خلال التحقيقات أو الأبحاث القضائية والتي لايمكن لأي جهة غير الجهات الأمنية المعنية بالتحقيق التحصل عليها".

ووفق آخر تصنيف عالمي لحرية الصحافة نشرته منظمة مراسلون بلا حدود، يحتل المغرب المرتبة 129 من بين 180 دولة شملها التصنيف.

وتتهم منظمات حقوقية مثل منظمة هيومن رايتس ووتش غير الحكومية السلطات المغربية بتوجيه "تهم جنائية" ضد المعارضين والإعلاميين الناقدين.

وفي مواجهة هذه الاتهامات، تؤكد السلطات المغربية مرارا أن الأمر يتعلق بقضايا حق عام لا علاقة لها بحرية الصحافة، مشددة على "استقلالية القضاء" و"حقوق الضحايا"، ومنددة بما تسميه "تدخلات أجنبية".

وقفة سابقة بالمغرب احتجاجا على العنف ضد النساء
منظمات حقوقية تحذر من تزايد العنف ضد النساء

رجل مسن يحمل عصا وينهال ضربا على امرأة وسط صراخ طفلتها التي تحاول حمايتها، كان هذا المشهد من مقطع فيديو لا تتجاوز مدته دقيقة ونصف الدقيقة، كافيا ليشعل غضبا شعبيا وحقوقيا بالمغرب.

وفي القصة كما نقلتها وسائل إعلام مغربية، أن الرجل مسن (80 عاما) صاحب بيت يكتريه للضحية التي لم تقوى على دفع إيجار الشهر فاختار تعنيفها في الشارع أمام أنظار طفلتها الصغيرة.

ويظهر المقطع المصور في مدينة تطوان شمال البلاد قسوة شديدة من المسن تجاه الطفلة إذ لم تنفع صرخاتها وسقوطها من الدرج في أن يتوقف عن تعنيف والدتها حتى مع إدراكه أن هناك شهودا من الجيران ومنهم من كان يوثق ذلك المشهد. 

 انتشر المقطع أياما قليلة فقط بعد صدمة المغاربة تحت وقع قصة قاصر تعاني إعاقة عقلية تعرضت للاغتصاب من طرف ثلاثة رجال ما نتج عنه حمل وولادة، ما أثار استياء شعبيا وغضبا حقوقيا تجاه قضية ترى حقوقيات أن السلطات لم تنجح في ردعها.

تحرش وعنف

بعد تدخل السلطات الأمنية وإلقاءها القبض على المسن المعتدي، خرجت الضحية بتصريحات إعلامية لتقول إنها سيدة مطلقة بثلاثة أطفال، ومعنفها هو صاحب البيت الذي تكتريه رفقة أطفالها، وأن مشهد العنف هو واحد من مشاهد عنف سابقة متكررة لم توثق في مقطع فيديو كما وثق الحادث الأخير.

وتكشف الضحية أنها عجزت عن دفع ثمن إيجار البيت فما كان من الرجل إلا أن حاول استغلال ضعفها وتحرش بها جنسيا مقابل ما عجزت عن الوفاء به ماليا.

وأمام رفضها لتحرشه الجنسي قرر اللجوء إلى "الأسلوب" الذي استعمله أكثر من مرة، بحسب قولها، وهو الضرب الذي وثق هذه المرة بالصوت والصورة من أحد الجيران وكان دليل إدانة للقبض عليه ومتابعته قضائيا في حال اعتقال.

وكان من المقرر عرض الرجل البالغ من العمر 80 عامًا على أنظار النيابة العامة صباح اليوم السبت من أجل الاستماع إليه رسميا لتحديد ملابسات الحادثة وتوجيه التهم إليه.

حان وقت بناء الإنسان

ترى الناشطة الحقوقية المغربية، بشرى عبدو، أن الترسانة القانونية تبقى ضرورية لردع العنف ضد النساء، لكنها غير كافية.

وتشير عبدو في حديث لموقع "الحرة" إن الوقت حان لبناء "وعي الإنسان" المغربي وتربيته على عدم التسامح مع العنف.

وتقول عبدو إن مقطع الفيديو يظهر حقدا وكرها كبيرين من المعنف تجاه ضحيته، مشيرة إلى أنه إن كان الفضل في فضح هذه الحادثة لوسائل التواصل الاجتماعي فإن مثلها الكثير  من حوادث العنف التي ترتكب يوميا ولكنها لم تخرج للعلن وتظل بدون عقاب.

ودعت الناشطة السلطات إلى العمل على تعديل مناهج التعليم بما يساعد في تربية الجيل الجديد.

ولامت عبدو في حديثها للحرة المجالس المنتخبة التي تعرف المواطن فقد عند الانتخابات لكنها "تغيب عن توعيته وتأطيره".

وفي بيان عقب الحادثة، قالت "جمعية التحدي للمساواة والمواطنة" إن الحادث الذي انتشر بشكل واسع على وسائل التواصل الاجتماعي، كشف عن استمرار ظاهرة العنف ضد النساء في المغرب.

وأكدت الجمعية أن هذا الاعتداء يعكس غياب التغيير الجذري في التعامل مع العنف داخل المجتمع، مشيرة إلى أن السياسات الزجرية المعتمدة تظل عاجزة عن مواجهة الظاهرة بشكل فعال.

وأضافت الجمعية أن غياب سياسات عمومية حقيقية لتغيير العقليات التي تطبع مع العنف كحل للنزاعات يجعل النساء في دائرة الخطر المستمر.

وفي آخر الأرقام الرسمية حول العنف ضد النساء بالمغرب سجلت رئاسة النيابة العامة معالجة حوالي 84.822 شكاية تتعلق بالعنف ضد النساء، توبع بشأنها ما يناهز 21.898 شخصًا وفتح لهم 17.822 ملفًا.

اغتصاب جماعي لطفلة

وجاء الحادث أياما قليلة عن تفجر فضيحة تعرض طفلة قاصر تعاني من إعاقة عقلية لاغتصاب جماعي متكرر من طرف ثلاثة رجال، وأسفرت هذه الجريمة عن حمل الطفلة وولادتها عبر عملية قيصرية مؤخرا.

وينظر القضاء المغربي بمدينة مراكش، الأربعاء المقبل، في قضية الاغتصاب، فيما يأمل أب الضحية في تحقيق العدالة وإنصاف ابنته، ويقول "أطالب بحق ابنتي وبمعاقبة هؤلاء المعتدين، وأريد أن أُثبت نسب الطفل وأحميه من وصمة العار".

وعلى عكس أب ضحية الاغتصاب الذي قرر خوض معركة القضاء حتى تحقيق العدالة، قررت ضحية العنف بتطوان التنازل عن شكايتها أمام الأمن، ووجهت رسالة لكل من تعاطف معها وغضب لأجلها مفادها أنها لا تريد تعويضا. وقالت في تلك الرسالة "لا أريد تعويضا.. أريد فقط الأمان".