سميرة بختي
سميرة بختي

في منزل صغير، في حي شعبي بمدينة الدار البيضاء، تجلس السيدة سميرة بختي أمام النافذة تتطلع إلى العالم الخارجي بقلق بالغ. خروجها إلى الشارع مغامرة محفوفة بالمخاطر.

تفكر أنها قد تطرق أبواب الاتحاد الأوروبي أو الأمم المتحدة لعرض قضيتها. طلبها بسيط.

ألا يكفل القانون الدولي والاتفاقيات بين الدول حقوق ذوي الإعاقة؟ تتساءل في حديث مع موقع الحرة.

وقع المغرب في مارس 2007 على الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وصادق عليها في أبريل 2009.

وشكلت الحكومة لجنة وزارية عام 2014 لتنفيذ سياسات تدعم حقوق ذوي الإعاقة. لكن التحديات التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية لا تزال قائمة.

وإذا كانت السيدة سميرة بختي تطالب بإنشاء مدخل خاص بذوي الإعاقة يسهل تنقلها من وإلى المنزل على كرسيها المتحرك، فإنها تنتمي لمجتمع يقدر عدد أعضائه بـ 727.833 شخصا، أي ما نسبته 5.5 في المئة من عدد السكان.

تقول السلطات المغربية إنها تبذل جهودا لتوفير الدعم الاقتصادي والتوظيف والمساواة، و"محاربة الصور النمطية" الشائعة حول ذوي الإعاقة. 

وتقول السلطات إنها تعمل على إنشاء بنية تحتية تتناسب مع احتياجاتهم.

وطالبت السيدة بختي مرارا بـ"تعديل بسيط على الرصيف ووضع علامة (ممنوع الوقوف) أمام منزلها، الواقع في عمالة سيدي البرنوصي في الدار البيضاء.

وحين يئست، توجهت بشكواها إلى مؤسسة "الوسيط"، المعنية بالدفاع عن حقوق "الفئات الهشة"، أي الفقراء والمحتاجين إلى الدعم الحكومي.

لكن الوضع بقي على حاله.

لن استسلم، تقول لـ"الحرة،" حتى لو تطلب ذلك تقديم شكوى إلى المؤسسات الحقوقية الدولية.

تعيش بختي بمفردها. ورغم استقالتها من العمل بسبب الإعاقة، تنشط في الدفاع عن حقوق النساء في وضعية الإعاقة والأطفال المعاقين.

وبوصفها رئيسة "المنظمة المغربية لحقوق النساء في وضعية إعاقة"، تطالب منذ مدة طويلة السلطات بمساعدة أسر الأطفال المعاقين على توفير مرافقين تربويين لهم وتغطية تكاليف معيشتهم.

ولا تزال وأسر الأطفال ينتظرون.

 لقمة العيش

يشترك هشام الصياح مع السيدة بختي في انتمائهما لمجتمع "الفئات الهشة"، التي طالما وعدت الحكومات المغربية المتعاقبة بمساعدتهم.

الصياح حرفي شاب فقد محله الصفيح جراء حريق دمر سوقا للحرفيين في مدينة تمارا. كان يعج بأصحاب المهن الصغيرة.

يتحدث الصياح لموقع "الحرة" باسم "جمعية النهضة والتنمية" في تمارا.

يقول اتفقنا في عام 2013 مع السلطات المحلية على إنشاء "مركب تجاري يضم 362 محلا يستوعبنا نحن المتضررين من الحريق"، بتمويل مشترك بين الحرفيين والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية والبلدية وشركة العمران.

"لكن، منذ ذلك الحين، الأمور لم تسر كما كان مخططا".

عدم تنفيذ المشروع أجبر العديد من الحرفيين على العمل في مهن لا يجيدونها، ولجأ آخرون إلى البيع المتجول، بينما غرق البعض في البطالة".

شكاوى عديدة قدموها للسلطات، وكان الجواب دائما "القضية عالقة".

هشام، 30 عاما، أب لثلاثة أطفال؛ يكافح من أجل توفير لقمة العيش لأطفاله.

"الوسيط"

مؤسسة "الوسيط"، وهي دستورية متخصصة في الدفاع عن الحقوق في نطاق العلاقات بين الإدارة والمواطنين، كشفت في تقريرها السنوي لسنة 2023 الصادر حديثا عن ارتفاع في عدد شكاوى "الفئات الهشة".

وأظهرت معطيات التقرير أن فئة الأشخاص في وضعية هشة تواصل تصدرها ترتيب الفئات بمجموع 1063 ملفًا (51%) من إجمالي ملفات الفئات المعنية بالدراسة، وبنسبة نمو ملحوظة بلغت 45.22% مقارنة مع السنة الماضية.

ويبين التقرير أن الأشخاص ذوي الأوضاع الهشة يواجهون تحديات كبرى، ما يستدعي التدخل العاجل لضمان حقوقهم وتوفير الخدمات الأساسية لهم أسوة بباقي فئات المجتمع.

ورغم الجهود المبذولة لتحسين استجابات الإدارة الحكومية لمطالب هذه الفئات، أكدت مؤسسة الوسيط استمرار بعض العوائق الإدارية والقانونية التي تتطلب إصلاحات أعمق وتفعيل آليات تكريس العدالة الاجتماعية.

وشددت "الوسيط" في تقريرها على أهمية تعزيز ثقافة الإنصاف والمساواة، داعية إلى اتخاذ إجراءات أكثر فاعلية لدعم الفئات الهشة، التي تتصدر قائمة المتضررين من التعقيدات الإدارية وضعف الخدمات.

 

وقفة سابقة بالمغرب احتجاجا على العنف ضد النساء
منظمات حقوقية تحذر من تزايد العنف ضد النساء

رجل مسن يحمل عصا وينهال ضربا على امرأة وسط صراخ طفلتها التي تحاول حمايتها، كان هذا المشهد من مقطع فيديو لا تتجاوز مدته دقيقة ونصف الدقيقة، كافيا ليشعل غضبا شعبيا وحقوقيا بالمغرب.

وفي القصة كما نقلتها وسائل إعلام مغربية، أن الرجل مسن (80 عاما) صاحب بيت يكتريه للضحية التي لم تقوى على دفع إيجار الشهر فاختار تعنيفها في الشارع أمام أنظار طفلتها الصغيرة.

ويظهر المقطع المصور في مدينة تطوان شمال البلاد قسوة شديدة من المسن تجاه الطفلة إذ لم تنفع صرخاتها وسقوطها من الدرج في أن يتوقف عن تعنيف والدتها حتى مع إدراكه أن هناك شهودا من الجيران ومنهم من كان يوثق ذلك المشهد. 

 انتشر المقطع أياما قليلة فقط بعد صدمة المغاربة تحت وقع قصة قاصر تعاني إعاقة عقلية تعرضت للاغتصاب من طرف ثلاثة رجال ما نتج عنه حمل وولادة، ما أثار استياء شعبيا وغضبا حقوقيا تجاه قضية ترى حقوقيات أن السلطات لم تنجح في ردعها.

تحرش وعنف

بعد تدخل السلطات الأمنية وإلقاءها القبض على المسن المعتدي، خرجت الضحية بتصريحات إعلامية لتقول إنها سيدة مطلقة بثلاثة أطفال، ومعنفها هو صاحب البيت الذي تكتريه رفقة أطفالها، وأن مشهد العنف هو واحد من مشاهد عنف سابقة متكررة لم توثق في مقطع فيديو كما وثق الحادث الأخير.

وتكشف الضحية أنها عجزت عن دفع ثمن إيجار البيت فما كان من الرجل إلا أن حاول استغلال ضعفها وتحرش بها جنسيا مقابل ما عجزت عن الوفاء به ماليا.

وأمام رفضها لتحرشه الجنسي قرر اللجوء إلى "الأسلوب" الذي استعمله أكثر من مرة، بحسب قولها، وهو الضرب الذي وثق هذه المرة بالصوت والصورة من أحد الجيران وكان دليل إدانة للقبض عليه ومتابعته قضائيا في حال اعتقال.

وكان من المقرر عرض الرجل البالغ من العمر 80 عامًا على أنظار النيابة العامة صباح اليوم السبت من أجل الاستماع إليه رسميا لتحديد ملابسات الحادثة وتوجيه التهم إليه.

حان وقت بناء الإنسان

ترى الناشطة الحقوقية المغربية، بشرى عبدو، أن الترسانة القانونية تبقى ضرورية لردع العنف ضد النساء، لكنها غير كافية.

وتشير عبدو في حديث لموقع "الحرة" إن الوقت حان لبناء "وعي الإنسان" المغربي وتربيته على عدم التسامح مع العنف.

وتقول عبدو إن مقطع الفيديو يظهر حقدا وكرها كبيرين من المعنف تجاه ضحيته، مشيرة إلى أنه إن كان الفضل في فضح هذه الحادثة لوسائل التواصل الاجتماعي فإن مثلها الكثير  من حوادث العنف التي ترتكب يوميا ولكنها لم تخرج للعلن وتظل بدون عقاب.

ودعت الناشطة السلطات إلى العمل على تعديل مناهج التعليم بما يساعد في تربية الجيل الجديد.

ولامت عبدو في حديثها للحرة المجالس المنتخبة التي تعرف المواطن فقد عند الانتخابات لكنها "تغيب عن توعيته وتأطيره".

وفي بيان عقب الحادثة، قالت "جمعية التحدي للمساواة والمواطنة" إن الحادث الذي انتشر بشكل واسع على وسائل التواصل الاجتماعي، كشف عن استمرار ظاهرة العنف ضد النساء في المغرب.

وأكدت الجمعية أن هذا الاعتداء يعكس غياب التغيير الجذري في التعامل مع العنف داخل المجتمع، مشيرة إلى أن السياسات الزجرية المعتمدة تظل عاجزة عن مواجهة الظاهرة بشكل فعال.

وأضافت الجمعية أن غياب سياسات عمومية حقيقية لتغيير العقليات التي تطبع مع العنف كحل للنزاعات يجعل النساء في دائرة الخطر المستمر.

وفي آخر الأرقام الرسمية حول العنف ضد النساء بالمغرب سجلت رئاسة النيابة العامة معالجة حوالي 84.822 شكاية تتعلق بالعنف ضد النساء، توبع بشأنها ما يناهز 21.898 شخصًا وفتح لهم 17.822 ملفًا.

اغتصاب جماعي لطفلة

وجاء الحادث أياما قليلة عن تفجر فضيحة تعرض طفلة قاصر تعاني من إعاقة عقلية لاغتصاب جماعي متكرر من طرف ثلاثة رجال، وأسفرت هذه الجريمة عن حمل الطفلة وولادتها عبر عملية قيصرية مؤخرا.

وينظر القضاء المغربي بمدينة مراكش، الأربعاء المقبل، في قضية الاغتصاب، فيما يأمل أب الضحية في تحقيق العدالة وإنصاف ابنته، ويقول "أطالب بحق ابنتي وبمعاقبة هؤلاء المعتدين، وأريد أن أُثبت نسب الطفل وأحميه من وصمة العار".

وعلى عكس أب ضحية الاغتصاب الذي قرر خوض معركة القضاء حتى تحقيق العدالة، قررت ضحية العنف بتطوان التنازل عن شكايتها أمام الأمن، ووجهت رسالة لكل من تعاطف معها وغضب لأجلها مفادها أنها لا تريد تعويضا. وقالت في تلك الرسالة "لا أريد تعويضا.. أريد فقط الأمان".