احتفالات سابقة بالسنة الأمازيغية في المغرب
احتفالات سابقة بالسنة الأمازيغية في المغرب

مع حلول ليلة 13 يناير من كل سنة، يعيش المغرب على وقع احتفالات لاستقبال رأس السنة الأمازيغية الجديدة "إيض يناير"، وهي واحدة من الطقوس العريقة التي تتم ممارستها في مختلف مناطق البلاد، سواء الناطقة بالأمازيغية أو العربية.

ويمتد هذا التقليد تاريخيا إلى كل بلدان شمال أفريقيا، وحتى بين أفراد الجاليات الأمازيغية في الخارج.

وتتنوع تسميات الاحتفال برأس السنة الأمازيغية في المغرب حسب المناطق، حيث يوضح الباحث في الثقافة الأمازيغية، الحسين أيت باحسين، أنها تعرف بأسماء مثل "ئض ن ئنّاير" و"ئض ن ؤسكًّاس" و"حاكًّوزا".

ويقول: "مع دينامية الحركة الأمازيغية، أصبحت التسميات المتداولة والأكثر شيوعا هي (ينّاير) أو (ئض ن ؤسكًّاس أمازيغ) و(أسَّاس أماينو أمازيغ)، مما يعكس وحدة الهوية الثقافية بالرغم من تعدد التسميات".

ويضيف أيت باحسين في تصريح لموقع "الحرة"، أن الاحتفالات بالسنة الأمازيغية كانت تدوم قديما ما بين 3 و7 أيام، وفقا للظروف الاجتماعية والبيئية لكل منطقة.

ومع مرور الوقت، تراجعت مدة الاحتفالات في بعض المناطق إلى يوم واحد، خاصة في المدن، مما "يفسر اختلاف الاحتفال بها ليلة 11 أو 12 أو 13 يناير".

ويبرز أيت باحسين، أن رأس السنة الأمازيغية يرتبط بطقوس متنوعة، تشمل "إعداد أطباق تقليدية تختلف حسب موارد كل منطقة"، مثل "تاكًّلا" (العصيدة) و"سكسو د زكزيو" (الكسكس بسبع خضر) و"توقّيرين" (الفواكه الجافة).

كما يتميز الاحتفال بإخفاء نواة فاكهة أو بذرة في الأطباق، لاعتبار من يجدها "مسعود السنة".

ويقسّم المتحدث ذاته، الطقوس المصاحبة للاحتفال إلى 5 أنواع رئيسية، هي: 

تحضيرية تتعلق بتوفير مستلزمات الاحتفال.

تطهيرية تهدف إلى التخلص من السلبيات واستقبال العام الجديد بروح إيجابية.

غذائية تتعلق بتحضير الأطعمة والأطباق المميزة.

تجميلية، كاستخدام الحناء والكحل.

رمزية تعكس الارتباط بالهوية الثقافية، عبر ألعاب الأطفال وتنشئتهم على الموروث الاجتماعي.

"أصل الاحتفال"

ويرتبط الاحتفال بالسنة الأمازيغية الجديدة بأصل تقويمي نشأ قبل التاريخ، يعكس تنظيم الحياة وفق دورات الفصول، بحسب رئيس "التجمع العالمي الأمازيغي"، رشيد راخا.

ويتحدث راخا عن "تطور هذا التقويم مع اكتشاف الزراعة في العصر الحجري الحديث، ليصبح أداة لتحديد مواسم الزراعة والرعي، مما يبرز تفرد التقويم الأمازيغي بارتباطه الوثيق بالأرض".

كما يشير إلى أن اعتماد السنة الأمازيغية الحالية (2975) يعود إلى "تتويج الملك الأمازيغي شيشونق الأول فرعونا لمصر عام 950 قبل الميلاد، رمزا أُعيد إحياؤه في الثمانينيات"، مستدركا أن "التقويم سبق شيشونق إذ نظم المواسم الزراعية منذ آلاف السنين، ويحتفي ببداية عام زراعي جديد مرتبط بالخصوبة والإله (أنزار) إله المطر، في الميثولوجيا الأمازيغية".

ويتابع راخا أن أصول هذا الاحتفال تعود إلى أزمنة بعيدة تمتد جذورها في حضارات شمال أفريقيا والصحراء الكبرى، مستشهدا بدراسات أثرية تربط الأمازيغ بحضارات البحر المتوسط القديمة، كالحضارة الفرعونية والنقوش الصخرية في منطقة تيورار (على مقربة من مدينة الصويرة المغربية)، التي تظهر كيف استخدم الأجداد هذه الرمزية للاحتفال ببداية السنة الزراعية.

ويعتبر كذلك أن "الاعتراف الرسمي بالسنة الأمازيغية من قبل المغرب والجزائر، يحمل دلالة رمزية عميقة نحو المصالحة مع هذا التراث العريق، وتأكيدا على الهوية الأمازيغية الخالدة الممتدة عبر آلاف السنين".

"إرث مشترك"

ويرى رئيس منظمة "تاضا تمغربيت"، عبد الله حيتوس، أن الاحتفال برأس السنة الأمازيغية يمثل إرثا ثقافيا عريقا يخص جميع المغاربة وليس فقط الأمازيغ.

ويؤكد أن هذا التقليد "إرث مشترك في المجتمع المغربي، وأن الاحتفالات به تتم بطرق متباينة، مثل تحضير وجبات تقليدية كالعصيدة والكسكس، في تعبير رمزي عن بداية جديدة مرتبطة بالأرض والزراعة".

وبشأن الجدل الذي يرافق طقوس الاحتفال بالسنة الأمازيغية، يوضح حيتوس في تصريح لـ"الحرة"، أنه "لا يعكس انقساما حقيقيا بقدر ما يظهر عدم تصالح بعض المغاربة مع تنوعهم الثقافي، سيما أن الاعتراف الرسمي بالسنة الأمازيغية كعطلة وطنية منذ 2023، خطوة تاريخية تدعم المصالحة مع الذات الوطنية".

ورغم ذلك، يشدد حيتوس على "أهمية تجاوز الاحتفال الرمزي نحو تعزيز التفعيل المنصف لمقتضيات القانون التنظيمي لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، لضمان الأمن الثقافي واللغوي للمغاربة كجزء من الأمن القومي للمملكة".

ويدعو الناشط الأمازيغي إلى ضرورة استثمار الزخم الحالي "لتثمين الثقافة الأمازيغية كجزء لا يتجزأ من الهوية الوطنية"، منبها إلى أن "التهاون في ذلك قد يؤدي إلى فقدان العناصر الثقافية واللغوية للأمازيغية، مما يهدد الأمن الثقافي والمتعلق بالهوية لدى المغاربة".

محمد فوزي الكركري زعيم الطريقة الصوفية الكركرية
تطال الانتقادات الشيخ الكركري نفسه وأنه يمارس السحر والشعوذة لجذب المريدين ويعيش حياة باذخة

"رأيت المصطفى عليه الصلاة والسلام وأرشدني إلى الشيخ، وتغيرت حياتي إلى الأفضل" هكذا يتحدث محمد الجادوي، عن الطريقة الكركرية التي ظهرت في المغرب وانتشرت إلى بلدان أخرى وباتت موضع جدل كبير وسط باقي الطوائف والمذاهب.

الجادوي هو تونسي مقيم بأميركا، دكتور وباحث في مجال السرطان في جامعة "ستارفورد"، وأنا "مريد عند مولانا الشيخ" يقول الجاودي في حديثه لموقع "الحرة".

ويتابع "تغيرت حياتي للأفضل، ووجدت ما كنت أبحث عنه بعدما قادتني صلاة استخارة إلى الشيخ.

شيخ في الخمسين 

الشيخ هو محمد فوزي الكركري، زعيم الطريقة الكركرية التي تعد من الطرق الصوفية الحديثة النشأة بالمغرب، يوجد مقرها في مدينة العروي بإقليم الناظور (شمال المغرب)، ويعرف، أتباعها باسم "الفقراء" ويتميزون بردائهم المرقّع بألوان الطيف، بحيث يقومون بخياطة المرقعة بأيديهم.

بدأت الطريقة في الانتشار قبل سنوات عديدة، لكن شهرتها والجدل الذي خلقت بدأت قبل أشهر فقط عندما انتشرت صور لرجل بلحية طويلة يتخللها الشيب، ويرتدي ملابس كثيرة الألوان، فيما عدد كبير من الأشخاص يتحلقون حوله وهم يرتدون بدورهم ملابس زاهية كثيرة الألوان.

والمناسبة كانت ذكرى عيد المولد النبوي، في الأسبوع الدولي السادس للتصوف في الفترة الممتدة من 15 إلى 21 سبتمبر 2024.

الرجل في الخمسينيات من العمر، يدعى محمد فوزي الكركري، فيما أتباعه ممن تحدثت معهم "الحرة" يتحدثون عنه بصفة "الشيخ المربي سيدي محمد فوزي الكركري قدس الله سره".

ولد بقبيلة تمسمان المغربية عام 1974، وخرج سائحا في أرض المغرب وزار مدنا عديدة، ودامت غربته عشر سنوات، عاد بعدها إلى مسقط رأسه، وفق ما تقول عنه الصفحة الرسمية للطريقة على الإنترنت.

خلف عمه في مشيخة الطريقة في 2007، وارتبط اشتهارها به حتى بات لها وجود في عدد من البلدان كالجزائر ومصر وممثلين لها في كندا وأميركا.

وفي 2017، خلّف شريط فيديو لمؤذن جزائري وهو يحكي عن تجربته ضمن "الطريقة الكركرية"، جدلا واسعا بالجزائر، جعل عددا من رجال الدين في البلاد يهاجمون هذه الطريقة التي وصفت الزاوية بأنها طائفة لا تمت بصلة للمذهب المالكي، وتريد أن تفتن الناس.

كما دشن أتباع الطريقة الكركرية المغربية في مصر، فرع للطريقة الكركرية في محافظة الإسماعيلية.

أما في تونس، فتعرف الطريقة نفسها بأنها "طريقة صوفية متصلة السند برسول الله، مالكية المذهب أشعرية العقيدة جنيدية المسلك".

ويتباهى فرع الطريقة في تونس على صفحته الرسمية بعدد ممن "أخذو البيعة من الشيخ".

 ويدافع التونسي الجادوي في حديثه للحرة أن المذهب المالكي يشير إلى "ضرورة الشيخ لكي يقودك إلى الله" وأن " التصوف شيء عادي في الإسلام".

متصوف غارق في الملذات

لكن الطريقة لا تواجه فقط تهمة ابتعادها عن الدين بل تطال الانتقادات الشيخ الكركري نفسه وأنه يمارس السحر والشعوذة لجذب المريدين ويعيش حياة باذخة.

وتنتشر صور للشيخ تظهر حياة بذخ، فمن صوره وهو نائم في يخت في عرض البحر إلى صوره مستلقيا وسط البحر على متن قارب، إلى صوره يستمتع بالثلوج في كندا ويداعب مفاتيح البيانو.  

ويستغرب البعض كيف يعيش الشيخ هذه الحياة فيما اعتاد أتباع الطريقة الكركرية، على ارتداء الملابس الملونة والمرقعة، حيث يعتبرون ذلك من آداب الزهد والتقشف.   

مدافعا عن الشيخ، يقول الجادوي، إن الشيخ لم يسرق مال الناس، ولم يخالف الشرع في صرف أمواله "والشرع سمح لكل إنسان بصرف ماله بما يحب".

ونفى متحدث باسم الشيخ للحرة كل الاتهامات الموجهة إليه، وأكد صحة ممارساته الدينية وعن أسلوب حياته الذي لا يخالف الدين، بحسب تعبيره.

الشيخ الكركري يلقي محاضرات في أميركا

يزور الكركري الولايات المتحدة الأميركية، وبعدما ألقى محاضرة في جامعة شيكاغو الأسبوع الماضي، يلقى ، السبت، محاظرة في جامعة إنديانا قبل أن يتوجه إلى جامعة "ستافورد".

ويقول متحدث باسم الشيخ للحرة إن ذلك يأتي في سياق سلسلة الدورات والأنشطة العلمية التي تنظمها مؤسسة الكركري للدراسات الصوفية.

وتركز هذه المحاضرات بحسب المتحدث على محاور السير والسلوك الروحي وأبعاده النفسية والعقلية والجسدية.

وفيما تطال الشيخ وطريقته الانتقادات، يقول أتباعه إنها تقويهم أمام معارضيهم، ينتشر التصوف في المغرب وتحظى بعض الطرق برعاية رسمية،  ويردد منتقدون إن الزوايا والطرق الصوفية بالمغرب تقوم بأداء دور "فزاعة" دينية تنصبها الدولة لتقزيم باقي التيارات الإسلامية التي قد تنازعها شرعيتها الدينية.